منذ ما يقرب من سنتين ونصف، كنا قد نشرنا مقالا صحفيا بجريدة الإتحاد الإشتراكي تحت عنوان/ سؤال:« متى تحظى حاضرة برشيد بقرار إداري ترابي جديد؟». عدد8287 بتاريخ 30 يونيو2006 وهو المقال/السؤال الذي بسطنا فيه جملة من المعطيات المونوغرافية وفق مقاربة سوسيومجالية تشاركية واندماجية قمينة بلفت الإنتباه إلى ضرورة التعجيل بإخراج قرار إداري ترابي جديد يعلن عن إحداث عمالة برشيد، متجاوزين في ذلك، كل وجهات النظر الاختزالية، والسجالات السياسوية الضيقة والمزايدات أو الدعايات الانتخابوية العقيمة، التي حاولت الركوب على الموضوع لتحقيق ما يشبه السبق السياسوي الانتخابي بإخراج عمالة برشيد إلى حيز الوجود الإداري؛ ومركزين النظر والرؤية على أهمية ربح الوقت لتجاوز اختلالات الماضي والتحكم في المستقبل، من أجل ربح رهانات الحكامة المحلية الجيدة والتنمية البشرية المستدامة. واليوم، وبعد مدة قصيرة، جاءنا الجواب المنتظر من خلال القرار الملكي السامي بإحداث عمالة برشيد ضمن مجموعة من العمالات الجديدة بالمملكة...وهو القرار الرشيد الذي نزل بردا وسلاما على ساكنة المدينة.. ليس فقط، لأنه قرار منصف من الناحية الإدارية، الترابية والمجالية وكذا من الناحية السياسية والتنموية فحسب، بل لأنه قرار مشجع ومحفز من الناحية المعنوية أوالسيكوسيولوجية للساكنة المحلية، وللموارد البشرية والفعاليات السوسيواقتصادية بهذه المدينة الفتية والواعدة والضاحية الغنية والشاسعة من تراب الجهة والمملكة المغربية. اليوم، وبعد القرار الملكي السامي، يبدو لنا أنه من الواجب أن نعيد تبيان وبسط بعض المعطيات المونوغرافيةالتشخيصية والمؤشرات المحلية الأساسية، كمساهمة منا في توطين هذا القرار الإداري على صعيد التراب المحلي وترسيخ مقوماته الإدارية وهياكله التنظيمية محليا، بما يضمن الانسجام بين المكونات المجالية والتناغم بين الوحدات الإدارية وتحقيق النجاعة الإقتصادية والفعالية على مختلف مستويات التنمية البشرية المستدامة. وذلك بالنظر إلى أهمية هذا القرار الترابي الإيجابي، وعلاقته القوية بالحكامة الجيدة المنشودة على صعيد أكثر من إقليم أودائرة ترابية، من أجل تعبئة شاملة ومستدامة لمختلف الموارد والخصوصيات بهذا المجال الترابي، الذي يزخر بالكثير من المؤهلات الطبيعية والبشرية والسوسيواقتصادية والعمرانية والإيكولوجية، وتتطلع ساكنته المهمة إلى المزيد من المتاحات التنموية والبنيات التحتية والخدمات الأساسية ذات الجودة والفاعلية. عمالة برشيد: الوحدات الترابية والإمكانيات السوسيواقتصادية... بدون شك أن المجال الترابي لعمالة برشيد، بامتداداته الجغرافية الشمالية منها والجنوبية والغربية والشرقية، بإمكانه أن يكون الفضاء السوسيولوجي الحيوي لاحتضان وإعداد وتجريب سياسة ترابية ذات استراتيجية وأولويات تنموية شاملة، تسمح بتأهيل المنطقة وتقوية نسيجها أمام مختلف التحديات الإقتصادية والاجتماعية الكبرى، وتحقيق التوازن ما بين الوسطين القروي والحضري لمواجهة نزوحات أو تدفقات الهجرة القروية نحو المدن الكبرى، ووتيرة الزحف التعميري السريع الذي يتم على حساب أكثر الأراضي الفلاحية خصوبة بالشاوية والمملكة، مع ما يصاحب ذلك من اختلالات ومشاكل اجتماعية وبيئية حادة. من الناحية الجغرافية، فنحن نتواجد بعمالة تمتد، بحكم طبيعتها الإيكولوجية وتاريخها البشري والقبلي، على مساحة 2800 كلم مربع هذا إذا اعتمدنا فقط، علاوة على دائرة برشيد، ضم دائرتي الكارة والسوالم، دون دائرة ابن أحمد، إلى تراب هذه العمالة المحدثة بساكنة محلية تقارب 300 ألف نسمة. عمالة تحدها شمالا ولاية الدارالبيضاء الكبرى لا تبعد عنها إلا ب30 كلم وعمالة بنسليمان، ومن الجنوب والشرق عمالة سطات، وغربا إقليمالجديدة والمحيط الأطلسي. وهكذا، فمن المفترض وبحكم الطبيعة الجغرافية والإدارية والسوسيولوجية أن تضم عمالة برشيد عشرين (20) جماعة محلية، منها ست بلديات، بكل من برشيد، والكارة، والدروة، والسوالم، وسيدي رحال الشاطئ، وأولاد عبو، علاوة على أربعة عشر (14) جماعة قروية بكل من: سيدي المكي، والساحل أولاد حريز الغربية، والغنيميين، وزاوية سيدي بن حمدون، وسيدي عبد الخالق، وبنمعاشو، وجاقمة، والمباركيين، والحساسنة، وارياح، والفقرة أولاد عمرو، وقصبة بن مشيش، وأولاد صباح، وأولاد زيدان. وعلى سبيل المقارنة، تبدو هذه المعطيات الترابية شبيهة إلى حد ما بمعطيات تراب عمالة بنسليمان بجهة الشاوية ورديغة، والتي تضم تسعة عشر(19) جماعة محلية منها (17) جماعة قروية وبلديتان، واحدة بمدينة بنسليمان والأخرى بمدينة بوزنيقة، وذلك لتأطير ساكنة تناهز 250 ألف نسمة. وتعتبر مدينة برشيد مقر العمالة المحدثة تجمعا سكانيا مهما بحوالي 120ألف نسمة على مساحة تقدر ب25 كلم مربع، بعدما لم تكن سوى مجرد مركز إداري مستقل تابع لإقليمسطات منذ سنة 1969 ، لا يزيد سكانها عن 20 ألف نسمة، يستقرون فوق مساحة تقدر ب250 هكتارا. وقد شكلت هذه المدينة الفتية عبر تاريخها الحديث ولا تزال، مركزا تجاريا مهما لترويج وتسويق المنتوجات والمعدات والآليات الفلاحية، لدائرة سكانية شاسعة يعيش أغلب سكانها بالوسط القروي، من بينهم حوالي 60 ألف فلاح يمارسون الزراعة والرعي وتربية الماشية والدواجن، فوق حوالي 220 ألف هكتار من الأراضي الخصبة والصالحة للزراعة (منها 200 ألف هكتار للزراعة البورية وما يزيد عن 15 ألف هكتار مسقية بوسائل صغرى ومتوسطة). وتتنوع المنتوجات بالمنطقة ما بين الأغنام(150ألف رأس) والأبقار(70 ألف رأس) بالإضافة إلى الدجاج والديك الرومي والأرانب..والأسماك (ما يزيد عن50 قارب صيد). أما المحاصيل الزراعية فتتوزع ما بين الحبوب، وخاصة القمح الطري (حوالي مليون و700 ألف قنطار سنويا) والقمح الصلب (حوالي مليون و300 ألف قنطار سنويا) والشعير( حوالي مليون و100 ألف قنطار)، بالإضافة إلى القطاني، وخاصة منها الذرة والحمص والعدس والفاصوليا؛ ثم الخضراوات، وخاصة منها البطاطس والجزر والطماطم...وحسب أرقام مستقاة من وكالة القرض الفلاحي ببرشيد، فإن القيمة المالية المتوسطة للإنتاج السنوي بالنسبة للزراعة التسويقية بدائرة برشيد تبلغ ما يقارب مليار سنتيم سنويا، وبالنسبة للحوم بالمنطقة ما يزيد عن 260 مليون درهم، وبالنسبة للحليب ومشتقاته ما يقارب 80 مليون درهم، وبالنسبة للصوف ما يقرب من 10 ملايين درهم. وهو ما يخلق رواجا تجاريا وتسويقا محليا داخل عدد لا يستهان به من الأسواق الأسبوعية المعروفة على صعيد تراب المنطقة، كأسوااق: حد السوالم، وحد أولاد زيان/ الدروة، واثنين برشيد، وثلاثاء الغنيميين، وخميس الكارة، وجمعة ارياح، وسبت العسيلات بالساحل أولاد حريز الغربية... تنضاف إلى هذه المعطيات الجغرافية والسوسيواقتصادية المهمة بعمالة برشيد، عدة معطيات مونوغرافية أخرى متعلقة بالمناطق الحيوية والمجالات الإيكولوجية الظاهرية منها والباطنية المحيطة بالمدينة مقر العمالة. وهو ما يوضح أكثر أهمية وحيوية ترقية برشيد إلى مستوى ترابي جديد. علاوة على ما سبق، يزخر المجال القروي المحيط ببرشيد بعدة مؤهلات طبيعية ومعدنية من شأنها الرفع من موارد الإقليم، وفي مقدمتها معامل استخراج وصنع الإسمنت بكل من الخيايطة الساحل؛ هذا بالإضافة إلى الفرشة المائية بأولاد زيان المقدرة سعتها ما بين 40 و60 مليون متر مكعب من المياه الطبيعية، وهي الفرشة التي تمتد شرقا على مساحة 114 كلم مربعا مشتملة على احتياطي مائي يقدر بحوالي ملياري متر مكعب. وكذا الفرشة المائية الساحلية الممتدة غربا من الوادي المالح في اتجاه وادي أم الربيع جنوبا على مساحة تقدر ب180 كلم مربعا وعرض يترواح ما بين 15 و20 كلم. هذا علاوة على الشريط الساحلي الهائل والجميل لسيدي رحال الشاطئ الذي يعتبر امتدادا طبيعيا وسياحيا لشواطئ مدينة الدارالبيضاء (عين الذئاب، دار بوعزة، طماريس)؛ وهو ما يعد معطى سياحيا وترفيهيا مهما في تنمية المنطقة وجلب الإستثمارات السياحية العالمية إليها. وإذا كان الطابع الفلاحي والزراعي، ببنياته التقليدية وأساليبه الكلاسيكية، مع نسبة متوسطة من العصرنة والمكننة، يهيمن على النشاط الاقتصادي لضواحي برشيد؛ فإن الطابع الصناعي والقطاع التجاري ما فتئ يتبلور ويتطور شيئا فشيئا بعدد من المراكز القروية وشبه الحضرية المهمة بالمنطقة، وفي مقدمتها مدينة برشيد التي بإمكانها بمجموع المناطق الصناعية المحيطة بها ( سيدي المكي ب21 هكتارا، الخيايطة ب70هكتارا، الساحل، السوالم ب70هكتارا، علاوة على المناطق الصناعية المجاورة كتامدروست ب100 هكتار، وأولاد صالح ب115 هكتارا، والنواصر..)،أن تشكل نواة أساسية للصناعات الغذائية والكيماوية بحكم الطبيعة الفلاحية للمجالات الشاسعة المحيطة بها. وتكفي الإشارة هنا إلى أن مدينة برشيد، مقر العمالة المحدثة، بموقعها الجيوستراتيجي الحيوي والفريد(15 كلم عن مطار محمد الخامس الدولي، و35 كلم عن ميناء الدارالبيضاء، و80 كلم عن ميناء الجرف الأصفر بالجديدة)، وبمشروع تصميم تهيئتها الذي يبلغ 2459 هكتارا، من بينها 1700 هكتار خاضعة للتعمير؛ تتوفر لوحدها على منطقة صناعية جد مهمة بمساحة 120 هكتارا مع 280 هكتارا كاحتياط عقاري لتوسيع المنطقة، وبما يزيد عن 100وحدة صناعية في الصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية التي تمثل نسبة 45% تليها الصناعة الميكانيكية، فالصناعة الفلاحية والغذائية، ثم صناعة النسيج والجلد التي تمثل 19%، والصناعات الكهربائية والإلكترونية. وعلى سبيل المقارنة، إذا كان إقليمسطات يمثل لوحده 80% من الإنتاج الصناعي بجهة الشاوية ورديغة، فإن حوالي 70% من هذه النسبة تعود للمنطقة الصناعية لبرشيد التي تمثل 58% من الإستثمارات بإقليمسطات، وتشغل لوحدها حوالي 60% من اليد العاملة بالقطاع الصناعي في الإقليم (ما يزيد عن 10 آلاف عامل وعاملة بتكلفة أجور تقدر ب35 مليار سنتيم سنويا). وتدلنا المؤشرات الإحصائية الجديدة برسم الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004 على أن القطاع الخاص ببرشيد يشغل حوالي 50% من مجموع الساكنة النشيطة بالمدينة، التي تقدرب33954 نشيطا؛ وأن حوالي 14% من هذه الساكنة تزاول أنشطة تجارية مستقلة، قارة وغير قارة (كثرة الباعة المتجولين) وذلك أمام شدة النزوح القروي نحو برشيد وارتفاع نسبة العمل المؤقت، بحيث إن مدينة برشيد تشكل حوضا هجريا كثيفا، إذ إن 36% من سكانها هم مهاجرون إليها، إما من جماعات قروية محيطة بنسبة10%، أو من مدينة الدارالبيضاء بنسبة11%، أو من مدينة سطات بنسبة 3,5%، أو من باقي جهات المملكة بنسبة6%، ولا زالت مدينة برشيد، على الرغم من تنامي وتيرة التعمير بها، حيث بلغت سنة 1998 ما نسبته 30% مقابل 54% بالنسبة للتراب الوطني؛ لا زالت تتوفر على إمكانات هائلة لتقوية نسيجها الإقتصادي والصناعي، من خلال العمل على توسيع الوعاء العقاري الصناعي بالمدينة، وخاصة من الجهة الغربية بمحاذاة خط السكة الحديدية، لإنشاء منطقة صناعية جديدة، بمواصفت إيكولوجية سليمة، فوق مساحة 260 هكتارا تخصص لاستقبال مشاريع استثمارية جديدة في مجال الصناعات الكبرى المتخصصة، كاللوجيستيك والأوفشورينغ..والقطاعات الخدماتية والإنتاجية الخفيفة، والتي من شأنها إعطاء قيمة مضافة للمدينة والإقليم، وجعلهما منطقة جاذبة وإدماجية للعالم القروي، وأرضية أساسية للتصدير والانفتاح على العالم الخارجي والاندماج في السوق العالمية بكل تكتلاتها الجهوية والإقليمية والدولية. وعلاقة بذلك، يمكن لبرشيد أن تكون قطبا تكوينيا وتأهيليا في مهن المستقبل، وتصدير الموارد البشرية المؤهلة في المجالات التقنية والتكنولوجيا العالية، والتسويق والتجارة والإعلاميات والتواصل والمحاسبة وتسيير المقاولات، وذلك بشراكة مع مختلف مدارس ومعاهد التكوين المهني المتواجدة بها، كالمدرسة العليا للتكنولوجيا والمعهد العالي لتقنيات الإعلاميات والتجارة والتسيير، وكذا مع الجامعات القريبة منها كجامعة الحسن الثاني بالبيضاء وجامعة الحسن الأول بسطات، التي تم خلق نواة منها بمدينة برشيد منذ سنة 2007. وهكذا يمكن لبرشيد والسوالم والدروة والكارة والساحل وأولاد عبو...أن تساهم في تخفيف العبء الثقيل على ميتروبول الدارالبيضاء الناتج عن تكدس الأنشطة الصناعية المختلطة وغير المنظمة، وذلك عبر تجريب سياسة ترابية انتقائية في هذا المجال، سياسة تراهن على توطين صناعات جديدة متخصصة وذات علاقة وطيدة بخصوصية هذه المناطق الفلاحية والسياحية، سياسة تقرن التعليم والتكوين المهني بخصوصيات ومتطلبات سوق الشغل والمقاولات المحلية المتخصصة في مجالات التغذية والتسمين والأعلاف والأسمدة والجلد والخشب والألبسة...لامتصاص الهجرة نحو المدن الكبرى، وخلق مناصب شغل لليد العاملة المؤهلة. عود على بد: التشخيص من أجل التخطيط التشاركي والتعاقد التنموي على ضوء ماسبق، نؤكد مرة أخرى على أن قرار ترقية برشيد إلى مستوى عمالة ترابية، سيكون لا محالة ذا قيمة مضافة في مجال السياسة الترابية الجديدة المبنية على أسس الحكامة المحلية الجيدة، الرامية إلى تحقيق الأهداف التنموية المستقبلية والمستدامة؛ وذلك من حيث كون هذا القرار الإداري الترابي سيعول عليه كثيرا في معالجة بعض اختلالات وتناقضات المجال الموجود بضواحي العاصمة الإقتصادية للبلاد، وبالتالي إعادة التوازنات الطبيعية والجغرافية والاقتصادية والبشرية والعمرانية والبيئية بين الأقاليم والمناطق المحيطة بجهة الدارالبيضاءالكبرى، من خلال توفير وتأهيل كافة شروط وبنيات الإقلاع الإقتصادي الجهوي، الرامية إلى تقوية وتدعيم قدراتنا التنافسية الوطنية ضمن مدارات العولمة الزاحفة، قصد تحقيق النجاعة الإقتصادية والتنمية المجتمعية الشاملة. فالمجال عملة جد نادرة يجب معرفة كيفية إعدادها وتدبيرها، ليس فقط من خلال مبدأ المحافظة على الموارد الطبيعية والبشرية والصناعية، ولكن أيضا من خلال حسن تدبيرها وتوجيهها وترشيدها بإدماج عامل الزمن والبعد البيئي في مسارها. وبالعمل على كافة أصعدة هذا المجال، من قرى ومدن وشريط ساحلي، وميتروبول دولي. ذلك أن الرفع من التنوع أو التنويع السوسيواقتصادي هو أحد عناصر التنمية المستدامة. ولسنا مغالين إذا قلنا من منظور مبدأ التشخيص التشاركي للتراب المحلي إن عمالة برشيد تتوفر اليوم على حد أدنى من المقومات والبنيات الأساسية التي تضمن لها الموارد المالية الكفيلة بتغطية مجالات تدخلها بقصد التنمية المحلية والإقليمية، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار والحسبان كل المؤهلات الاقتصادية الاجتماعية لمجالها الترابي الواسع والخصب، من مناطق الأنشطة الصناعية والفلاحية منها والخدماتية والتكوينية؛ وإذا ما استحضرنا الخصائص الإثنوغرافية القبلية المشتركة للساكنة المحلية، بكل خلفياتها التاريخية والثقافية وحمولاتها القبلية التضامنية، وأبعادها الإيكولوجية والطبيعية؛ وذلك بالنظر إلى أهمية تضافر كل هذه العوامل في تحقيق التنمية المجالية المستديمة والمندمجة على صعيد مجموع التراب المحلي والجهوي والوطني. وهي العوامل والأبعاد التي على كافة الأطراف المعنية أوالفعاليات المتدخلة، من إدارات عمومية وهيئات منتخبة وسلطات محلية ومقاولات اقتصادية وخدماتية وجمعيات مدنية وبيئية وفعاليات اجتماعية وثقافية وجامعية وإعلامية...استحضارها دائما من أجل العمل سويا، وفق مبدأ التخطيط الإستراتيجي التشاركي والتعاقدي، على ترسيخ أسس الحكامة الجيدة وقواعد الديمقراطية المحلية، الهادفة إلى الإلتقائية والإشراك والتشارك أو التعاقد، قصد مواءمة الإطار الترابي الجديد مع التحولات الديمغرافية والسوسيواقتصادية، من أجل النجاح في معركة تأهيل المجال الترابي المحلي بتوفير أكثر وأوسع لممكنات ومتاحات الولوج إلى الخدمات الأساسية، من شغل وسكن، وماء وكهرباء، وتعليم وصحة، ونقل وترفيه وتثقيف، التي غدت بمثابة المؤشرات الحقيقية لجودة الحياة وللتنمية البشرية، خاصة وأن حوالي 90% من الأطر العاملة بالمناطق الصناعية المحلية تنتقل يوميا بين برشيد والسوالم والدارالبيضاء، مما يفوت على المدينة والعمالة فرص الإستفادة من مواردها المالية والبشرية لتنمية نسيجها السوسيواقتصادي، كما هو الحال بالنسبة لأقطاب صناعية جد دينامية كطنجة وأكادير والرباط مثلا. باحث في الإتصال والسوسيولوجيا الحضرية