ليس من باب المجازفة، وليس اعتباطا أن نجري حوارا على صفحات الإتحاد الإشتراكي مع محمد الوحداني، رئيس بلدية سيدي إيفني، مباشرة بعد تشكيل مكاتب المجالس البلدية والقروية في الأسبوعين الأخيرين ،ولكن الإستثناء الذي طبع الإنتخابات الجماعية بسيدي إيفني،هوالذي قادنا إلى ذلك،خاصة أن الفائزين فيها من المستشارين الجماعية يبقون دائما من أعضاء السكرتارية المحلية لسيدي إيفني وأيت باعمران،حتى ولو أنهم ترشحوا للإنتخابات الجماعية لسنة2009،بإسم الحزب الإشتراكي. أضف إلى ذلك أن السكرتارية فازت بمعظم المقاعد،وترشح لهذه الإنتخابات أعضاء السكرتارية المفرج عنهم مؤخرا،بعدما قضوا وراء القضبان أكثرمن عشرة أشهر على إثر أحداث سيدي إيفني الأخيرة،مثل محمد الوحداني الرئيس الحالي للمجلس البلدي لسيدي إيفني،وأحمد فهيم وخديجة زيان نائبيه في المكتب وغيرهم. كما أن معركة الإنتخابات قد حسمت منذ البداية،منذ أن أعلن أعضاء السكرتارية الترشح،بعدما حسموا معركة المطالب الخمسة لصالحهم ،حين تم الإعلان عن إحداث عمالة لأيت باعمران.وحسموها ميدانيا من خلال التجمعات والمسيرات المنددة للإستفزازات والخروقات التي مارستها السلطات في أحداث 7يونيو2008 . فالإلتفاف الجماهيري حول أعضاء السكرتارية، سواء قبل اعتقالهم أوبعده،وتنظيم مسيرات سلمية وقافلات تضامنية معهم،هوما أعطى لأعضاء السكرتارية الجدد كذلك،قوة وعزيمة للدخول في تجربة التسييرالجماعي ومُباشرةِ تنفيذ تلك المطالب عن قرب،بعدأن أصبحوا مسؤولين جماعيين. وبشأن هذه النقلة النوعية من مجال العمل في المجتمع المدني،ومن ثقافة المطالبة بالحقوق الإجتماعية والإقتصادية إلى تحمل المسؤولية في تسيير بلدية سيدي إيفني، وكذا الكشف عن البرنامج الهيكلي التنموي ،الذي وضع إلى حد الآن كتصور،من أجل إخراج المدينة من التهميش والفقروالعزلة، والكشف عن إمكانيات البلدية ومواردها المالية القارة القمينة بتقديم خدمات للمواطنين على مستوى الإنارة العمومية والنظافة والطرق وخدمات أخرى اجتماعية وتربوية وثقافية ورياضية... قادتنا الرغبة لإجراء هذا الحوارمع رئيس المجلس البلدي لمدينة سيدي إيفني محمد الوحداني الباحث/المعطل،ومنسق السكرتارية المحلية لسيدي إيفني وأيت باعمران،والمعتقل السابق. في البدء ،كيف أحسستم عندما انتقلتم من مجال العمل الجمعوي ومطالبة المسؤولين بالمجلس البلدي وعمالة إقليمتزنيت بتنفيذ المطالب الخمسة المشهورة،إلى مجال التسييرللشأن المحلي وتحمل مسؤولية تدبيرالمدينة. أود في البداية أن أشكر جريدة الإتحاد الإشتراكي على هذه المبادرة الإعلامية، التي من شأنها أن تتيح لنا الفرصة للتواصل وتوضيح مجموعة من الأمورالملتبسة فيما يخص عملنا الجديد. أما بخصوص المسألة التي أشرت إليها،فهي ليست بهذه الحدة كما طرحتها،فليس في الأمر قطيعة أونقلة نوعية كما قد يتبادرللبعض ،ذلك أن ما نحن بصدده الآن،كان دائما في صلب اهتماماتنا داخل السكرتارية المحلية كجمعية تنموية تعنى أساسا بالحقوق الإجتماعية والإقتصادية وغيرها،وكنّا نسلط الضوء على ما تعيشه المدينة من خصاص مهول في عدة مرافق ثقافية واجتماعية ورياضية،وخصاص في الخدمات التي تقدمها البلدية للمواطنين،وغيرها من الأمورالتي كانت ولازالت محط انتقاداتنا للمسؤولين المحليين والإقليميين والمركزيين، لأنه نتيجة لذلك الخصاص،عانت المدينة لمدة طويلة من فقر وتهميش وخصاص كبير. وبالتالي فدخولنا في التجربة،هوتكليف من المواطنين الذين صوتوا علينا بكثافة وبأغلبية ساحقة،حتى نكون في مستوى انتظارات السكان،من خلال برمجة مشاريع تنموية كبيرة،خاصة أن الدولة خصصت مؤخرا دعما ماليا كبيرا لتأهيل مدينة سيدي إيفني حضريا،لجعلها من مدن الجهة الأكثر جاذبية واستقطابا للمستثمرين،ولضمان حركية تجارية وسياحية وملاحية، وتوفير فرص الشغل. ما أفهم من كلامكم،أنكم اخترتم مقاربة جديدة في تسييرالمجلس البلدي لمدينة سيدي إيفني،ستكون مغايرة للتجربة السابقة،فهل هذا صحيح؟. في الواقع، كان تدبيرالمجلس البلدي السابق لأمورالمدينة كلاسيكيا وعقيما للغاية،فباستثناء التجربة الناجحة في التسييرللإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في الثمانينات من القرن الماضي،فالمجالس المتعاقبة وخاصة المجلس المنتهية ولايته بعد استحقاقات 12يونيو2009، كانت للأسف الشديد تسيرأمورالبلدية بعقلية تقليدية،مما تسبب في تدني الخدمات المقدمة للمواطنين،فمثلا في مجال النظافة لاتتوفر مدينة في حجم سيدي إيفني إلاعلى شاحنة واحدة للنظافة،ومع ذلك فهي مهترئة،ويمكن لكم الإطلاع على ما يسمى بالمستودع البلدي لتتأكدوا بأعينكم ،على حجم الخصاص المهول الذي تعاني منه البلدية من ناحية الأسطول ،ولاتتوفرإلاعلى سيارة واحدة للإسعاف وهي الأخرى مهترئة. إن الوضع كارثي للغاية بشأن ما تفتقر إليه البلدية من معدات وآليات وأسطول ليس للنظافة وحدها، بل للإنارة العمومية وللإسعاف ونقل الفرق الرياضية والرحلات والمبادرات الثقافية والتربوية وغيرها.لهذا كما قلت لك، طرحنا في السكرتارية سؤالا على أنفسنا هوإلى متى سنبقى رهيني عدم المشاركة في الإنتخابات الجماعية،ورهيني التسييرالكلاسيكي والتقليدي للبلدية دون العمل على تنمية مواردها المالية والبحث عن موارد أخرى،وبرمجة مشاريع ستعمل على تنمية المدينة. هذا يعني أنكم قادرون على إخراج المدينة من الوضع المهمش الذي توجد عليه. لسنا وحدنا من سيقوم بهذه المهمة،بل الأمرموكول للجميع،البلدية ،المجتمع المدني،الدولة،على أساس أن تكون هناك مقاربة تشاركية يساهم فيها الجميع،خاصة أن المنطقة بها مجتمع مدني قوي،فما نتمناه هو أن يكون ممثلو الإدارة الترابية في مستوى انتظاراتنا جميعا بلدية وسكانا،وأن يتحملوا المسؤولية في إنجاح التصورالتشاركي دون عراقيل وبلوكاج. فهذا هو منطقنا وطريقة تفكيرنا في معالجة جميع المشاكل الكبرى العالقة، لكن انطلاقا كما قلت لك من مقاربة تشاركية بين جميع الفاعلين والقطاعات المعنية. الدولة أعلنت مؤخرا عن إحداث عمالة لسيدي إيفني وأيت باعمران،فكيف تنظرون لهذا الحدث الذي ظل لسنوات أحد مطالب السكان وكذا السكرتارية المحلية لسيدي إيفني وأيت باعمران؟. كان لنا وعي،بأن المنطقة لن تعرف تنمية ونهضة وإقلاعا اقتصاديا ،إلا إذا تحولت في المجال الترابي من إطارباشوية إلى عمالة ترابية قادرة على الإنكباب على جميع المشاكل والمتطلبات لقبائل أيت باعمران ولحاضرتها مدينة سيدي إيفني،ولنا إيمان قوي الآن بأن هذه العمالة وانطلاقا من الميزانية المخصصة لها ستعمل على تحقيق ما كنّا ننتظره لسنين عديدة. فالمنطقة الآن في حاجة إلى نخب حقيقية لتتحمل مسؤوليتها،وتحقق تنمية منشودة بالمدينةوالإقليم معا،وتكون لها القدرة التنافسية مع نخب أخرى بجهة سوس ماسة درعة أوبجهة كَلميم السمارة،على اعتبارأن المنطقة هي رابطة بين الجهتين،ومن هنا كان توجهنا منصب منذ البداية على عدم تكرارمجلس بلدي هش وضعيف وقصير الرؤية ،وعدم تكرارتجربة الكرسي الفارغ،فأنتم تعلمون أن الرئيس السابق لسيدي إيفني غاب عن المجلس ست سنوات،مما كرس هشاشة المجلس البلدي،وأصبحت المدينة تعيش في ظل تسيير فوضوي وعشوائي طول هذه المدة. فإذا استثنينا كما قلت لك،فترة تسييرالإتحاد الإشتراكي لمدينة سيدي إيفني والذي كان متميزا،فما وقع بعد ذلك كان عبارة عن مراحل فراغ في التدبير نتيجة هيمنة نخب أمية على المجلس البلدي. لهذه الأسباب وغيرها،فتحنا نقاشا عميقا داخل السكرتارية المحلية لسيدي إيفني وأيت باعمران للمساهمة في الإنتخابات والمشاركة في تدبيرالشأن المحلي، بناء على مطلب شعبي الذي أكدته فيما بعد صناديق الإقتراع التي مكنتنا من الحصول على أغلبية مقاعد المجلس البلدي. لقد وصل إلى علمنا أنكم ترشحتم بإسم حزب الخضر،قبل أن تختاروا الحزب الإشتراكي،فلماذا تراجعتم عن ذلك الإختيار؟. صحيح أن النقاش الداخلي داخل السكرتارية أفضى في النهاية إلى الترشح بإسم حزب الخضر،لكن السلطات رفضت طلبنا،لأن الحزب لم يحصل بعد على ترخيص قانوني من الدولة،ففتحنا نقاشا آخر وبقينا متشبثين بمبدإ المشاركة، فرسا اختيارنا في النهاية على الحزب الإشتراكي،حيث رحب بالفكرة أمينه العام عبد المجيد بوزوبع،لكن كان ذلك على أساس تعاقد بيننا وبينه بأن تُحترم خصوصيات المنطقة والظرفية التي تعيشها،وأن نكون بمنأى على أي إملاء أوإكراه. لاشك أنكم تقدمتهم إلى جانب رفاقكم المنتخبين ببرنامج محلي في الإنتخابات الجماعية،نود منكم أن تسلطوا الضوء على أبرز نقطه. برنامجنا المحلي الذي اعتمدناه في الحملة الإنتخابية كان واقعيا ومستلهما من خصوصيات وظروف المدينة،حيث اعتمدنا فيه على المحاكمة الشعبية لأولئك الذين تسببوا في تهميش المنطقة،وتسببوا في أحداثها الأليمة وخاصة المجلس البلدي الذي كان من المفروض فيه أن يصطف إلى جانب السكان والجماهير ويعبر عن صوتها لا عن مصالح فئات معينة. كما كانت المطالب الخمسة المشهورة حاضرة في البرنامج المحلي لأننا اعتبرناها مطالب عادلة وتاريخية،هذا بالإضافة إلى كون قراءتنا للبرنامج كانت شمولية ومتكاملة للجوانب الإقتصادية والإجتماعية، لأنها في نظرنا مرتبطة بالتنمية المحلية وبالشغل والصحة والتعليم والرياضة وغيرها،وبكل اختصار،فالبرنامج انبنى على رؤية تنموية محضة. وهكذا اهتم البرنامج الخاص بالشأن المحلي الذي اتخذنا له شعارا دالا»من أجل حماية المكتسبات وحماية المال العام»بالبنية التحتية وتهيئة الإنارة العمومية وتعبيد الطرق وتهيئة الساحات والحدائق والإهتمام بالقطاعات الثقافية والإجتماعية، فضلا عن تدبيرالإدارة بمقاربة جديدة، سواء بالنسبة للموارد البشرية أوالموارد المالية،وكذلك إعادة تجديد وتجهيزالمرافق الإدارية للبلدية،وخاصة مكاتب الإدارة وقاعاتها،خاصة أننا ورثنا بلدية تعاني من خصاص كبير ومهول على عدة مستويات. فأثناء التشخيص الأولي للمدينة، وقفنا على مجموعة من النقائص، مما سنجعلها من بين الأولويات التي ينبغي أن يركز عليها اهتمامنا،مع العلم أن الدولة خصصت اعتمادا ماليا لما يقارب خمس سنوات لتأهيل المدينة وفق البرنامج التأهيلي الذي تمت الموافقة عليه في نونبر2008،تحت إشراف الوزيرالأول. ودورنا اليوم كمسيرين للمجلس البلدي لمدينة سيدي إيفني،هوحماية المكتسبات وحماية المال العام والتدبيرالعقلاني للموارد البشرية والمالية،لهذا تحفظت في المحضر على الكثير من الأمور،أثناء تسليم السلط،لأننا ماعشناه ولاحظناه في المدينة وخصوصا ما رأيناه بمستودع البلدية،جعلنا غيرراضين على ما وجدناه بالبلدية التي ستنطلق من الصفر في كل شيء،علما أن المجلس البلدي السابق لم يترك أي شيء للبلدية، فحتى الحواسيب والتلفاز والتجهيزات المكتبية والأفرشة أخذها معه. فهناك إرادة قوية وعزيمة كبيرة لدى جميع المنتخبين الجدد للتغلب على هذه المشاكل،دون أن ننسى إرادة أبناء المنطقة القاطنين بالخارج وبالمدن المغربية،وكذا إرادة الجماعات المحلية بأكَادير وتزنيت وكَلميم، من أجل تقديم الدعم والسند لهذه التجربة الفتية بالإمكانيات البشرية والمالية والتقنية،حيث أشعرَنا الجميع بكونهم يريدون المساهمة لرد الإعتبار للمنطقة. وماذا عن الإستثمار،ألم تفكروا فيه،وفي أي مجال استقر رأيكم عليه منذ الآن؟. لقد قلت لك منذ البداية إن اهتمامنا سينصب أولا على تأهيل المدينة لجعلها منطقة استقطاب للإستثمارات المختلفة بامتياز،فالمدينة تتوفر على مؤهلات طبيعية وأيكولوجية وعلى ثروات بحرية مهمة،وعلى شاطئ جميل. من هنا سينصب اهتمامنا الأكبر،زيادة على تأهيل الميناء ،على القطاع السياحي الذي سيكون نشاطا واعدا بالمنطقة،لهذا نحاول إيجاد الوعاء العقاري لتشجيع السياحة بالمنطقة، لأنها الرأسمال الحي والمنتج بسيدي إيفني والتي ستضمن لنا كذلك سوق الشغل لإمتصاص البطالة التي يعاني منها بحدة شباب المنطقة. كلمة أخيرة. نيابة عن كافة زملائي المنتخبين أشكر جريدة الإتحاد الإشتراكي ،هذا الصرح الإعلامي الكبير،على تفضلها بإجراء هذا الحوارالأول من نوعه لتسليط الضوء على مجموعة من الأمور،خاصة أنه يأتي مباشرة بعد تولينا مسؤولية تسيير شؤون بلدية مدينة سيدي إيفني.