لم نتوقف يوما عن الكتابة والجهر بكون إصلاح القضاء لا يتطلب ، كما يدعي البعض، مبالغ مالية ضخمة تقتطع من ميزانية الدولة، والحال أن القضاء يساهم في هذه المداخيل بقسط وافر، ولكن يتطلب إرادة صادقة قوية لا تهادن ولا تقبل المراوغة والأعذار المحبوكة، وتحسم « تم تم» في أي تصرف من قبل أي مسؤول في الدولة ومؤسساتها مهما كان المنصب المعين فيه والسلطة المفوضة له. إن تواجدنا اليومي بهذه المحكمة أو تلك، واستقبالنا بمقر الجريدة للمتقاضين الذين يعتقدون - عن حق أو عن جهل بالمساطر القانونية - أنهم كانوا ضحايا غيرهم من المتقاضين، يجعلنا نحاول التفسير لهم وإقناعهم بكون أن الحكم ضدهم جاء طبقا للقانون. لكن المسألة التي نجد صعوبة في إقناع بعض المواطنين بشأنها هي عدم تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدتهم، وعلى رأسها الاحكام في القضايا الاجتماعية المنفذة بقوة القانون، وأحكام النفقة. والأخطر من ذلك، أن بعض المواطنين يحتجون بكون خصمهم المحكوم عليه من طرف السلطة القضائية المتمثلة في القضاء الإداري، هو الدولة المغربية أو إحدى مؤسساتها العمومية، وهو ما يجعلهم يشككون فيما يسمعونه من خطابات رسمية بمناسبة أو بدونها، بخصوص العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، التنمية البشرية، حقوق الانسان... قبل أسبوعين أكد وزير العدل ، أمام مجلس المستشارين، ما نردده باستمرار حول عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري، مقدما الأرقام الخطيرة التالية: خلال السنة الجارية قد تفوق نسبة الاحكام الادارية غير المنفذة من طرف الدولة ومؤسساتها حوالي 50%. خلال عام 2006 قاربت هذه النسبة 30% أثناء سنة 2007 جاوزت نسبة 46% خلال السنة المنصرمة (2008) تخطت 48%. وحتى إذا كنا لا نتفق مع التبريرات المقدمة بخصوص عدم تنفيذ هذه الاحكام بل وكل الاحكام الصادرة عن السلطة القضائية فإننا ندرج وجهة نظر هذه ، التي تشير إلى «كون الصعوبات التي تواجه عملية تنفيذ الاحكام الادارية من طرف مؤسسات الدولة تخص وجود العديد من المتدخلين في التنفيذ» بحيث أن «الموضوع لا يهم وزارة العدل فقط، بل يهم الادارات المعنية بالاحكام، ووزارة المالية عندما تتضمن الاحكام الصادرة غرامات مالية، وكذا الإدارة الترابية....»