منذ عقود طويلة، شكلت العلاقات بين المغرب والجزائر معادلة معقدة تتراوح بين التوتر والهدوء، لكن في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية والعالمية، تطرح العديد من التحليلات والتوقعات التي تشير إلى أن الحرب بين البلدين قد تكون حتمية، وأن هذه الحرب ستكون محورية في تغيير ملامح شمال أفريقيا بأسره. تواجه الجزائر اليوم تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة. على الصعيد الداخلي، يعاني النظام الجزائري من أزمات اقتصادية خانقة ناتجة عن تراجع أسعار النفط والغاز، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وتدهور مستوى المعيشة، مما جعل الشارع الجزائري يعبر عن استياءه في العديد من المرات. وفيما يبدو أن الطبقة الحاكمة "الكابرانات" تحاول الاستمرار في سياسة الهروب إلى الأمام، عبر الترويج للمؤامرات الخارجية، يعتقد العديد من المحللين أن الجزائر قد وصلت إلى نقطة اللاعودة. النظام الجزائري، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد منذ الاستقلال، يبدو اليوم في موقف صعب. ومع تراجع حظوظ الجزائر في حل أزماتها السياسية والاقتصادية عبر وسائل سلمية، يراهن البعض على أن النظام قد يتجه إلى التصعيد العسكري كأداة لتوحيد الداخل حول هدف مشترك، وهو العداء مع جيرانها المغاربة. الحرب في هذه الحالة، بحسب بعض التوقعات، قد تكون هي الحل الأخير الذي قد يراه "الكابرانات" لاستعادة هيبتهم أمام شعبهم الذي بدأ يفقد الثقة في قيادته. الحديث عن الحرب بين المغرب والجزائر لا يقتصر على مجرد تفاعلات عابرة، بل هو مرتبط بقضايا مصيرية لطرفي الصراع. فالمغرب، الذي يبذل جهداً دؤوباً لتوسيع دائرة تحالفاته في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، لا يبدو أنه يمانع في الدفع بحلول سلمية للأزمات القائمة، إلا أن استمرار استفزازات الجزائر قد يضطره للبحث عن خيارات أخرى. تتمثل نقطة الاشتباك الأساسية بين البلدين في نزاع الصحراء المغربية، حيث يرفض المغرب أي تسوية تضمن قيام دولة مستقلة في المنطقة، ويدعو إلى حل دائم تحت سيادته. وعلى الرغم من محاولات الوساطة الدولية، فإن الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية، تصر على موقفها الرافض لحل النزاع تحت السيادة المغربية. وهذا التنافر الجيوسياسي يعكس انعدام الثقة بين الطرفين، ما يزيد من احتمال وقوع المواجهة العسكرية في حال لم تُحل المسائل العالقة. لكن السؤال هنا: هل تدخل الجزائر في مغامرة عسكرية قد تكون نهاية حكم "الكابرانات"؟ الحرب قد تكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة للطرفين، ما يجعل الصراع في حال اندلاعه مكلفاً على جميع الأصعدة. ومع ذلك، فإن بعض المراقبين يرون أن الجزائر قد تكون على استعداد للمخاطرة في حرب على المغرب، لكن هذا الطموح قد يتحول إلى فخ قاتل. إذا كانت الحرب بين البلدين قد تكون حتمية في سياق بعض السيناريوهات، فإن النتيجة النهائية قد تكون زوال النظام الذي يدير الجزائر منذ الاستقلال. إذ يرى البعض أن النظام الجزائري الحالي، والذي يطلق عليه كثيرون "نظام الحركي"، فقد شرعيته في نظر فئات واسعة من الشعب، وخاصة بعد سلسلة من الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في السنوات الأخيرة، والمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية. الحرب، في هذا السياق، قد تشكل النهاية الحتمية للنظام الحالي.. ومع ذلك، قد يشكل استمرار هذا الصراع مفتاحاً لتغيير موازين القوى داخل الجزائر، بما يفتح المجال أمام نشوء نظام سياسي جديد بعد سقوط الحكم الحالي. إذا اشتعلت الحرب بين المغرب والجزائر، فإن التداعيات ستتجاوز حدود الدولتين. فخريطة شمال أفريقيا ستعرف تحولات كبيرة في حال تأثرت الوضعيات الجيوسياسية في دول الجوار. قد تكون هناك تغيرات في تحالفات القوى الإقليمية… وفي حال تكللت الحرب بتغييرات في السلطة في الجزائر، فإن ذلك قد يؤثر على مواقف القوى الكبرى من الصراع في الصحراء المغربية، خاصة أن المغرب يعول على دعم قوي من دول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا. ومن جهة أخرى، قد يسعى النظام الجزائري الجديد إلى تغيير مواقفه السياسية في محاولة لإعادة بناء علاقاته مع القوى الإقليمية والدولية.