سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القانون يشكل مشروعا يستجيب للطموحات المستقبلية التي ننشدها جميعا لوطننا رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين في مناقشة القانون المالي لسنة 2010
تدخل الأستاذ محمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، أخيرا في مناقشة القانون المالي برسم سنة 2010 كما صادق عليه مجلس المجلس النواب، وفي مايلي نص تدخله: بسم الله الرحمان الرحيم، و الصلاة و السلام على ، رسوله النبي الأمين السيد الرئيس المحترم السيدات، و السادة الوزراء المحترمين أخواتي، إخواني المستشارين المحترمين يشرفني أن أتناول الكلمة باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في إطار مناقشة مشروع القانون المالي لسنة 2010، طبقا لمقتضيات الدستور التي تعطي لممثلي الأمة صلاحيات الاطلاع ومناقشة مضامين مشروع القانون المالي ، والإجراءات التي تعتزم الحكومة القيام بها لمواصلة تنفيذ البرنامج الذي التزمت به أمام البرلمانيين. ونتوخى في الفريق الاستقلالي من خلال هذا المناقشة الإسهام الإيجابي في إرساء أسس الحوار الهادف والنزيه مع الحكومة، والتقييم السليم لعملها المبني على الموضوعية ، من خلال توضيح مواطن القوة ومكامن الخلل، آخذين بعين الاعتبار الظرفية الوطنية والدولية التي أعد مشروع قانون المالية في إطارها وما قامت به الحكومة من مجهودات مشكورة لخدمة المصلحة العامة للبلاد. إننا نؤكد في الفريق الاستقلالي بداية ونحن نناقش مشروع القانون المالي لسنة 2010تنويهنا ومباركتنا لجميع الخطوات والمبادرات التي قامت وتقوم بها الحكومة لتقوية مناعة بلادنا ودعم صمودها في التفاف ووحدة صف متراصة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، باعتباره موحدا للأمة وأميرا للمؤمنين، وقائدا أعلى لقواتنا المسلحة الملكية المظفرة، والمعبر الأمين باستمرار عن شعور الأمة المغربية من خلال تأكيد جلالته حفظه الله، على تشبث الشعب المغربي بوحدته الترابية أرضا وهوية والتحلي بروح الوطنية الرصينة لكل مغربي ومغربية، والصرامة في مواجهة المنافقين والمتآمرين على قيم الوطن وثوابته ممن يسمون انفصاليي الداخل معبرين عن اعتزازنا بالتلاحم الكبير لكافة القوى السياسية ببلادنا حول الثوابت الأساسية لوطننا، وفي مقدمتها وحدتنا الترابية، التي أجمعت كبريات الدول على مباركة مبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها صاحب الجلالة حفظه الله كمبادرة وحيدة لوضع حد لمعاناة أبناء شعبنا في مخيمات الذل والعار بتندوف، ولمواصلة الأوراش التنموية الكبرى لبلادنا في إطار جهوية متقدمة تواكب الدينامية التي تعرفها بلادنا في مسارها التنموي الذي سجلته منظمات مختصة دوليا بتقدير كبير. السيد الوزير الأول المحترم السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين إن مشروع القانون المالي لسنة 2010 الذي صادق عليه مجلس النواب بما أدخل عليه من تعديلات ذات قيمة مضافة، يشكل مشروعا مستجيبا للطموحات المستقبلية التي ننشدها جميعا لوطننا. حيث تضمن العديد من المقترحات والملاحظات التي تقدمنا بها كفريق استقلالي في المجلسين، في إطار الأغلبية، وإذا كنا قد سجلنا لدى مناقشتنا لمشروع القانون المالي برسم سنة 2009، أنه يشكل مؤشرا إيجابيا في مواصلة الانطلاقة الناجحة للحكومة لأنه امتاز بأهمية حجم الاعتمادات المرصودة للمجال الاجتماعي، والتجهيز، ولكونه يهيئ البلاد لرفع الكثير من التحديات كجلب الاستثمار ، ومواصلة الأوراش الكبرى، وتأهيل الاقتصاد الوطني لتحقيق التنافسية واتفاقيات الشراكة، والتبادل الحر، ولكونه يفتح الأفق لتقديم ميزانيات أكثر جرأة في أهدافها المالية والاقتصادية والاجتماعية ، في ظل التوازنات الماكرو اقتصادية لتحقيق ما تطمح إليه بلادنا، وأكدنا في الفريق الاستقلالي آنذاك، أن ذلك ممكن بتوفر الإرادة السياسية، وتعبئة كل الطاقات ورصد الوسائل الضرورية لمضاعفة مجهودات إرساء قواعد إصلاح، وترسيخ مقومات البناء، والقضاء على عوامل الإحباط والانتظارية. واعتبرنا ذلك ممكنا في ظل الإجماع الوطني الذي يجعل بلادنا قادرة على تحقيق أهدافها في النمو الشامل والمستدام بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، حول ثوابتنا الوطنية المتمثلة في: -اختيار الملكية الدستورية نظاما للحكم قوامه الديمقراطية التي لا رجعة فيها. - ترسيخ قيم المواطنة والحريات وحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا. - الحفاظ على الإنسية المغربية بمقوماتها الدينية واللغوية . وأساسها الوحدة الشاملة للتراب أرضا وهوية ، مؤكدين تمسكنا الكامل بحق المغرب في تحرير مدينتي سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، والتشبث بمبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع المفتعل ، لتمكين سكان أقاليمنا الجنوبية من تدبير شؤونهم بأنفسهم في إطار سيادة المغرب ووحدته، ولا بد هنا أن نؤكد موقفنا الثابت بخصوص الخونة المارقين المتعاملين مع جهات خارجية لزعزعة استقرار البلاد ونجدد تعبئتنا الكاملة مع جميع القوى السياسية وراء جلالة الملك حفظه الله لتفعيل مضامين الخطاب الملكي السامي التاريخي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، والذي يعتبر بحق تعبيرا عن مواقف الأمة وشعورها وثوابتها ، ذاك الخطاب الذي ركز على أسس واضحة متمثلة في : _ الصرامة والحزم في التعامل مع الخيانة للوطن. _ تأطير المواطنين بما يحقق ترسيخ الوطنية الصادقة والمواطنة الحقة. _ وضع جميع مكونات المجتمع السياسية والنقابية والجمعوية والمهنية والإعلامية أمام مسؤولياتها الكاملة في تحقيق هذين الهدفين من خلال تأطير حقيقي ومسؤول للمواطنين. السيد الرئيس، نؤكد أن المشروع المعروض علينا يتميز بتعامله الإيجابي مع ما قدمناه من مقترحات وملاحظات، مستندا إلى مرجعية إرادية وصادقة ومسؤولة، وشجاعة، هي مرجعية الخطاب الملكي السامي الهام في افتتاح دورتنا الحالية. وثاني مرجعية هي مرجعية التصريح الحكومي، المقدم أمام البرلمان ، والذي رسم تعاقدا واضحا مع منتحبي الأمة والرأي العام الوطني قوامه: - مواصلة برنامج الإصلاحات. - دعم الاستثمار. -محاربة الفقر والإقصاء والتهميش. السيد الرئيس إن التخلي عن ثقافة التيئيس ، رهين بترسيخ ثقافة الحوار والواقعية والموضوعية، التي تتجاوز التمسك بالخطاب السياسوي المبني على أن لاشيء تحقق، وأن لاشيء تطور، لتبرير العزوف عن العمل السياسي، ودورنا الأساسي جميعا كسياسيين، وفي أي موقع كنا هو محاربة بؤس السياسة، ورفع معنويات الشعب للتسلح بالأمل والثقة، والدفاع عن مكتسبات البلاد لربح رهانات المراحل المقبلة، ولعل في قيمة ونوعية أنشطة الأحزاب الفاعلة، أقوى رسالة لدعاة الصورة القاتمة، التي تؤكد أن فئات مهمة من الشعب المغربي مقتنعة بانخراطها الفعلي في العمل السياسي الجاد والمسؤول ، ويكفينا فخرا في الفريق الاستقلالي أن نعتز بقيمة وثقة المواطنين في برامجنا التعاقدية ومصداقية خطابنا رغم كل المناوراة الظاهرة والخفية لنسف المجهود الحكومي الذي لنا شرف قيادته إلى جانب حلفائنا بدعم قوي من صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله والذي أكده في مناسبات كثيرة مما يؤكد نجاعة الاختيارات الحكومية. نعم نحن محتاجون إلى مجهود أكبر، ومحتاجون أكثر إلى المصداقية والموضوعية في تقديم المعلومة للرأي العام، والمناسبة شرط كما يقولون، لنجدد دعوة فريقنا لوسائل الإعلام، التي نكن لها كل التقدير والاحترام، لتوخي الدقة ، والموضوعية، والمسؤولية في إطلاع الرأي العام عملا بمبدأ الخبر مقدس، والتعليق حر. ولا بد ونحن نعالج هذه النقطة الأساسية المرتبطة بالعمل السياسي، أننا مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة قراءة قانون الصحافة باعتبارها وسيلة حيوية في توجيه الرأي العام، ولتجاوز كل الاختلالات التي تشكل عائقا أمام قيامها بواجبها في إطار المهنية الاحترافية المبنية على توفير ظروف العمل المناسبة، بناءا على منهجية للتواصل، وتوفير المعلومات الضرورية لقيام الإعلام بواجبه على الوجه الأمثل، «وتكريس توسيع فضاء حرية التعبير والرأي بجميع أنواعه وذلك في نطاق سيادة القانون «كما أكدت ذلك الرسالة الملكية في الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. السيد الرئيس السيد الوزير الأول السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين إن بلادنا قد قطعت أشواطا مهمة في مسار تحقيق الديمقراطية، وترسيخها سلوكا وممارسة، من خلال مبادرات سياسية هامة، كمبادرة هيئة الإنصاف والمصالحة، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى للجالية المغربية في الخارج، ومجلس المنافسة ،وإخراج مدونة الأسرة لحيز التنفيذ مشكلة ثورة حقيقية في مجال مساواة المرأة بشقيقها الرجل، وأيضا قانون الجنسية الذي مكن من حل الإشكالات الاجتماعية والنفسية التي ظلت تؤرق العديد من الأمهات والأسر المغربية ذات الارتباط بالأزواج الأجانب. إن بلادنا ماضية اليوم بعد الارتكاز على المنهجية الديمقراطية في تشكيل الحكومة الحالية، في استكمال المؤسسات الدستورية بتفعيل المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، بعدما تم تنصيب الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، الذي يعد طفرة لإقرار إحدى أهم توصيات الأممالمتحدة، وخطوة غير مسبوقة في العالم العربي. إضافة لكون بلادنا عرفت تطورا نوعيا في إعطاء المرأة المغربية مكانتها اللائقة، باعتبار دورها الذي ظل عبر التاريخ مرتبطا بعمق الأحداث الوطنية الكبرى، من خلال القرار الملكي السامي الرامي إلى إشراك المرأة بالرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء لضمان تمثيلية وازنة وحقيقية للمرأة المغربية على مستوى تدبير الشأن المحلي، الذي سيمكنها من المساهمة الفعلية بما تتوفر عليه من كفاءة، وديناميكية في إعطاء شحنة جديدة للعمل الجماعي باعتباره قطب الرحى في تجسيد مفهوم سياسة القرب، كما أننا في الفريق الاستقلالي ثمنا عاليا القرار الملكي السامي بتخفيض سن الترشيح إلى 21 سنة،مما سيمكن شبابنا بكل طاقاته الخلاقة إلى اكتساب خبرة تدبير الشأن العام، وتطويرها عبر أفكار جديدة، وفق منظور مستقبلي لتنمية محلية تستمد قوتها من محيطها الجهوي. إن هذه المسارات السيد الرئيس، وفي ظل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة مكنت بلادنا في سابقة مميزة من إحراز الوضع المتقدم للشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والذي بدل المغرب مجهودات هامة لبلوغه منذ سنة 2000 بقيادة جلالة الملك نصره الله، وهو حدث استراتيجي مهم جدا، وتاريخي بالنسبة لبلادنا، لأنه يعني إقرارا واضحا بنجاعة الاختيارات الاستراتيجية لوطننا، ومصداقية الإصلاحات الكبرى، والمنجزات التنموية. السيد الرئيس السيد الوزير الأول السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين إذا كانت بلادنا قد خطت خطوات إيجابية وجريئة، فلا تزال أمامها العديد من التحديات التي تتطلب مجهودات مضاعفة، خاصة في مجال توطيد المكتسبات المرتبطة بمجال حقوق الإنسان، وضمان كرامة المواطنين، والقطع مع كل الأشكال التي تمس صورة بلادنا، والتي يتصيدها أعداؤنا للتشويش على مسارنا الثابت والرصين في بناء مغرب العدالة ، والمواطنة الكاملة، ومغرب التنمية الشاملة بقيادة جلالة الملك نصره الله، الذي أطلق إشارات قوية لتحديث وطننا من خلال تشريحه المستمر، بصدق مع شعبه الوفي، لمواطن الخلل، ووسائل العلاج، والذي أكدته الرسالة الملكية السامية بمناسبة الاحتفال بالذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث قال جلالته: «وإذ نثمن اختيار شعار «الكرامة والعدالة للجميع» لهذه الذكرى فإننا لانعتبره مجرد شعار سيرفع في مناسبة بل مطلبا جوهريا للإنسانية جمعاء لاسيما منها الفئات والجهات التي تعاني المهانة والقهر والفقر لذا فإن تجسيده على أرض الواقع يقتضي الالتزام الوثيق، والانخراط الملموس ، والنضال الصادق للنهوض بالاصلاحات والتغييرات اللازمة بكل حكمة وشجاعة وإقدام. (انتهى كلام جلالة الملك). وقد شرعت الحكومة مباشرة بعد هذه الرسالة في تهييء خطة وطنية حول حقوق الإنسان، تعتمد مقاربة مندمجة وشمولية من خلال التعبئة القوية، والمشاركة الفاعلة لكل القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني. إن المفهوم الجديد للسلطة الذي دعا إليه جلالته منذ اعتلائه العرش، يتطلب من الجميع مجهودا أكبر ليصبح حقيقة ملموسة، وفهما سليما لعمق التوجه الملكي السامي. كما أننا مطالبون بتفعيل منطوق الدستور المغربي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للأمة، مظهرا من مظاهر الحياة العامة، وإعطائها فعليا المكانة الطبيعية الأولى التي تحتلها اللغات الوطنية والرسمية في جميع بلدان العالم ، ودفاعنا عن العربية لا يعني مطلقا رغبتنا في تهميش مكونات الثقافة الوطنية، وفي مقدمتها اللغة الأمازيغية ، التي نعتبرها مكونا وطنيا لكل المغاربة والتي نسجل اليوم للحكومة شروعها في تفعيل إطلاق القناة الأمازيغية التي ستشكل إضافة نوعية للمشهد الإعلامي الوطني باعتبارها تشكل رصيدا تاريخيا مهما في حياة الإنسية المغربية. وحينما نوضح هذا الموقف فلأننا نرفض المزايدة على ثوابتنا الوطنية، التي كان لحزب الاستقلال دوما موقفا واضحا منها، لأن علال الفاسي رحمه لله أول من دعا إلى إحداث كرسي للأمازيغية بالجامعة المغربية، مستحضرا في مرحلة الكفاح الوطني كل أبناء الشعب المغربي الموحد العقيدة والهوية في دعوته للجهاد لتحرير الأرض. إن دعوتنا لجعل اللغة العربية مظهرا من مظاهر الحياة العامة هو تحرر من واقع الاستيلاب والتبعية الاستعمارية المرفوضة، إننا ندعو لقيام حياة عامة مظهرها مكونات ثقافتنا العربية والأمازيغية، بعيدا عن إهانة تاريخ أمتنا، ونثمن جهود الحكومة لتقوية هذه اللغات في المدرسة الوطنية بخلق ظروف إنجاح أكاديمية اللغة العربية ، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بعد قرار إنشائهما من لدن جلالة الملك نصره الله ، كما نثمن فحوى منشور الوزير الأول الصادر يوم 28 أبريل المنصرم لحث الإدارات على استعمال اللغة الرسمية في المراسلات فيما بينها ، ومع عموم المواطنين ، آملين أن يبادر رؤساء الجماعات المحلية تطبيقا للدستور بإصدار قرارات تلزم استعمال اللغة الرسمية في واجهات المحلات التجارية والصناعية، وفي كل ظواهر الحياة العامة ، ونوجه نداء صادقا لكل الأمهات والآ باء وجميع أفراد العائلات المغربية، و المواطنين من جميع الفئات المهنية والاجتماعية لاستعمال لغاتنا الأم بالأسبقية من عربية وأمازيغية داخل البيت وخارجه . نقول هذا ونحن كنا ولازلنا نشجع الانفتاح على كل اللغات الحية المستعملة في المدرسة الوطنية، كلغات ثانية وثالثة ، وفي معاملتنا مع الأجانب في الخارج لأن من سمات المغرب المشهورة الانفتاح، والتسامح ، وحسن الضيافة. السيد الرئيس السيد الوزير الأول السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين بعد هذه التوطئة التي نعتقد في الفريق الاستقلالي أنها ضرورية كمدخل لمناقشتنا لمشروع القانون المالي، لأنها تشكل الإطار العام الذي من خلاله يمكن استيعاب توجهاتنا و مواقفنا اتجاه المشروع، نسجل بإيجابية كبيرة أن المشروع الذي بين أيدينا جعل من الاختيارات الاجتماعية مرتكزا أساسيا ، في تكامل تام مع الاختيارات الاقتصادية . مما يعطي الانطباع لنوع من الاستقرار الضروري، في ظل معطيات الأزمة المالية العالمية التي تعيشها العديد من دول العالم، والتي تعاملت معها بلادنا بواقعية مقرونة بالحذر الضروري لمواجهة أية صعوبات محتملة في المستقبل على توجهاتنا واختياراتنا الاجتماعية والاقتصادية. ونعتقد أنه لا حاجة لنا لنعيد مختلف التحاليل والخلاصات التي ارتبطت بهذه الأزمة المالية، ولا بأسبابها ونتائجها لأننا جميعا نعرفها، لا خلاف حول ضرورة مواصلة تمنيع بلادنا من كل الآثار المحتملة لهذه الأزمة، عبر إجراءات احترازية نؤمن أن الحكومة واعية بها تمام الوعي، واتخذت العدة لذلك عبر مجموعة من الإجراءات المهيكلة مع التركيز على إجراءات متحكم فيها تهم أساسا تدعيم القدرة الشرائية للمواطنين. السيد الرئيس السيد الوزير الأول السادة الوزراء أخواتي، إخواني المستشارين لقد أكدتم في خطابكم بالجلسة العامة على الأهداف الأساسية والخطوط العريضة التي تعتزم الحكومة بلوغها وحددتموها في : - دعم النمو الاقتصادي للبلاد لاحتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية. - رفع وثيرة الإصلاحات، وتسريع إنجاز السياسات القطاعية على أساس توزيع مجالي أكثر توازنا بغية تعزيز جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني. - تعزيز التضامن الاجتماعي عبر تثمين الموارد البشرية وتحسين استهداف الساكنة الأكثر خصاصا، وتحسين ظروف العيش بالعالم القروي والمناطق الجبلية. - مواصلة تحسين التدبير العمومي، وتعزيز الانضباط الموازي الذي انطلق منذ سنوات. - دعم الاستثمار الخاص - النهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة - تحسين مناخ الأعمال. وإذا كان المشروع يروم تحقيق هذه الأهداف عبر تكثيف الاستثمار العمومي، ودعم القدرة الشرائية، ودعم القطاعات المصدرة المتضررة من الأزمة الاقتصادية العالمية ، وتشجيع الصادرات، فإنه كمشروع يتسم في مجمله بمواصلة المنظور الواقعي، الذي لا يبالغ في التفاؤل، وهي العناصر التي استندت إليها القواعد الأساسية ، التي بني عليها مشروع القانون المالي لسنة 2010 واعتبارا لذلك فقد ارتأينا في الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية التركيز على المحاور التالية: المحور الأول : المؤشرات العامة . المحور الثاني : مسار النمو الاقتصادي ومتطلباته. المحور الثالث : توسيع وتحسين الخدمات الاجتماعية. المحور الرابع : المقاربة المندمجة لتنمية الوسط القروي. المحور الأول : المؤشرات العامة السيد الرئيس السيد الوزير أخواتي إخواني المستشارين. إن الفريق الاستقلالي وكعادته في التعامل مع مشاريع القوانين المالية خصص ما يكفي من الدراسة المعمقة للمشروع، من خلال الأيام الدراسية مع فريقنا في مجلس النواب، والخبراء الاقتصاديين الاستقلاليين وخبراء الاتحاد العام للمقاولات والمهن، وخبراء الاتحاد العام لمقاولات المغرب ، وخبراء في المجال الضريبي والاجتماعي ، إضافة إلى ممثلي المجتمع المدني، يضاف لذلك المناقشات الهامة التي عرفتها اللجنة المختصة واللجن الفرعية الأخرى، والخلاصة الأساسية التي خرجنا بها من اللقاءات تجعلنا نعتمد مقاربة موضوعية . إن المشروع قد تم تهيئه في ظرفية مالية واقتصادية تطبعها الأزمة وعدم الاستقرار، مما شكل إكراهات إضافية كان على المشروع أن يأخذها بعين الاعتبار ويتعامل معها من نواحي مختلفة، ومن أهم الإكراهات الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد الحقيقي كإكراه جديد بالنسبة لبلدنا، خاصة بالنسبة للمشروع المعروض علينا الذي يأتي في السنة الثانية لانطلاق هذه الأزمة، وبالتالي فقد جاء ليتعامل معها كمعطى قائم ويهيئ بلادنا لما بعدها، ولا بد هنا أن نسجل الطريقة الاستباقية التي تعاملت بها الحكومة مع الإرهاصات الأولى للأزمة من خلال دعم الطلب الداخلي وتقوية الاستهلاك، كما أن تشكيل لجنة اليقظة الاستراتيجية لعب دورا فعالا في الحد من آثار الأزمة في العديد من القطاعات خاصة الموجهة للتصدير منها. وإذا كان المشروع يرمي إلى الحد من تأثير الإكراهات العالمية فإننا نعتقد أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية للمجتمع المغربي من خلال: 1) تحسين الوضع الماكرو اقتصادي 2) رفع التحديات الاجتماعية 3) إتمام تجهيز البلاد. المحور الثاني: مسار النمو الاقتصادي ومتطلباته السيد الرئيس السيد الوزير. من خلال عرضكم لمشروع القانون المالي، يتضح أن الحكومة عاقدة العزم على مواصلة مجهوداتها المتوالية، من خلال اتخاذ قرار استراتيجي استباقي يكمن في الرفع من وتيرة الاستثمار العام الذي عرف تطورا مهما من 116 مليار درهم سنة 2008 إلى 135 مليار درهم سنة 2009 ليصل في المشروع الحالي إلى 162 مليار درهم، ولابد أن نسجل بإيجابية أنه رغم الظرفية العالمية الصعبة استطاع اقتصادنا الوطني أن يحقق نتائج مهمة من خلال تحقيق فائض في ميزانية الدولة، مكن من خفض مديونية الخزينة من 53،5 % إلى 47،3% من الناتج الداخلي الخام، كما لابد أن نسجل التزام المشروع في حصر عجز الميزانية للسنة الحالية في 2،7% عوض 2،9% وهو ما سينعكس إيجابيا على مواصلة تقليص المديونية ليصل إلى حوالي46% من الناتج الداخلي الخام. ومن البديهي أن نؤكد أن المجهود الحكومي ورغم كل الإكراهات، وبعض حملات التضليل المقصودة، يواصل طريقه بثبات لتأهيل بلادنا لمواكبة كل التحولات الإقليمية والجهوية والدولية في أفق ارتفاع القيمة المضافة لأنشطة غير الفلاحية، ودعم وثيرة الاستثمار والاستهلاك ، والانخفاض المتوقع في القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، وتحديد سعر البرميل الواحد للنفط في 75 دولار. أما بالنسبة للمداخيل العامة، تظهر القراءة الأولية أن موارد الميزانية العامة ستصل إلى أكثر من 216 مليار درهم تنضاف إليها أكثر من ملياري درهم كموارد خاصة بمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، وأكثر من 45 مليار درهم كموارد للحسابات الخصوصية للخزينة، ليصل الدخل الإجمالي إلى أكثر من 264 مليار درهم. إن العناصر التي تشكل هيكل ومنبع تمويل الميزانية العامة وإن كانت تعرف نوعا من الاستقرار على مستوى الشكل والهيكلة، فما يهمنا أساسا وبالدرجة الأولى هو الوقوف عند القيمة والمكانة التمويلية لكل عنصر على حدى، وبالتالي بحث إمكانية تحسين كل عنصر وخاصة العناصر المندرجة ضمن خانة عناصر التمويل الذاتي في مقابل العناصر التمويلية الاستثنائية كالقروض والهبات وتفويتات الملك العمومي. وفي ما يرتبط بالموارد غير الضريبة على عائدات أملاك الدولة، عائدات الاحتكار والاستغلالات و الموارد الناتجة عن تفويت حصص مساهمات الدولة. إن الملاحظة الأساسية التي تعطيها التوقعات هو أن هذا النوع من الموارد سيعرف منحى انخفاضي مماثل أو قريب من الانخفاضات المتوقعة فيما يخص الموارد ذات الطبيعة الضريبية، فما عدا الموارد المتوقعة لعمليات الخوصصة والتي من المنتظر أن تعرف ارتفاعا يصل إلى 33.33% وارتفاعا بنسبة 1.58% بالنسبة لعائدات أملاك الدولة، ستعرف باقي العناصر انخفاضات مهمة تحدد ما بين -6.73% بالنسبة لعائدات مؤسسات الاحتكار والمساهمات المالية للدولة و-20.40% بالنسبة للموارد المتوقعة من الاقتراضات والهبات. وإذا كنا نرى في هذه الانخفاضات أمر لا يدعو إلى التشاؤم أو القلق على اعتبار أن هذه التراجعات تؤشر على استقلالية متزايدة للميزانية العامة عن هذه الفئة من الإيرادات التي نعتبرها إستثنائية بطبعها وخاصة تلك المتعلقة بموارد الخوصصة والاقتراضات الخارجية. نؤكد بالموازاة مع ذلك على ضرورة الرفع من عائدات الاحتكارات والاستغلالات وذلك من خلال إخضاع بعض هذه المؤسسات لعقود برامج عمل تهدف الرفع من إنتاجيتها وبالتالي الرفع من مستوى مساهمتها التمويلية للميزانية العامة ونخص بالذكر هنا صندوق الإيداع والتدبير والشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجستيكية، ونؤكد على نفس الشئ بالنسبة لعائدات ومداخيل أملاك الدولة، خاصة عائدات بيع مباني أملاك الدولة القروية وحصيلة مداخيل مباني أملاك الدولة. هذان الصنفان من المداخيل يمكن أن يتحسنا بشكل أفضل إذا ما تمت إعادة النظر في طرائق التقييم العقاري والمالي لهذه الأملاك طبقا لمنطق ومنهاج السوق المعمول بها في القطاع الخاص. وعلى مستوى الحجم الإجمالي للاستثمارات العمومية برسم السنة المالية 2010 نسجل أن المشروع خصص 162 مليار درهم و 640 مليون درهم في المجموع كما قلت سابقا. منها مليار و780 مليون كاعتمادات أداء مفتوحة برسم السنة المالية الجديدة ، ينضاف إليها ما قدره 28 مليار كاعتمادات التزام للسنة المالية 2011، و12 مليار كاعتمادات مرحلة عن السنة الحالية. وبذلك سيصل المجهود الاستثماري العمومي وحدها إلى 94 مليار و780 مليون درهم تضاف إلى هذا المجهود الاستثماري المهم ، استثمارات الحسابات الخصوصية التي لا تستفيد من التحويلات المالية للميزانية العامة و التي يتوقع أن تستقر في 7 ملايير و400 مليون درهم. و6 ملايير درهم إضافية برسم الاستثمارات المنجزة من طرف الجماعات المحلية. بالإضافة إلى هذه المعطيات الرقمية العامة عن معدل النمو والاستثمار والعجز والتضخم فإن مشروع القانون المالي جاد بالإضافة إلى ذلك بمجموعة من الإجرءات المهيكلة التي تعبر عن التزام الحكومة بسياسة دعم القدرة الشرائية للمواطنين من خلال تخفيض الضريبة على الدخل بمبلغ إجمالي قدره 4،3 مليار درهم بالإضافة إلى إجراءات ترمي إلى هيكلة المقاولات بتشجيعها على الاندماج لمواجهة المنافسة الدولية الشرسة، الانفتاح قصد التخصص في نشاطات ذات تكنولوجيا متطورة، أو في إجراء يهدف إلى تحويل المقاولات المزاولة في إطار نشاط شخصي إلى شركات دون تحمل أي عبء ضريبي. بالإضافة إلى هذا وذاك فإن المشروع سن تدابير قصد إعطاء دفعة جديدة لقطاع العقار عن طريق تشجيع العرض للفئات المتوسطة وذات الدخل المحدود التي ترغب في السكن الاجتماعي عن طريق تحمل الدولة أعباء جميع مبالغ الضريبة على القيمة المضافة مع إعفاء المنعشين من كل ضريبة أو رسم. كما سن المشروع تدبيرا يهدف إلى تشجيع المقاولات التي تريد أن تفتح رأسمالها على البورصة وذلك تدعيما للدور الاقتصادي للبورصة وتنشيط الادخار ودعم الاستثمار. المحور الثالث : توسيع وتحسين الخدمات الاجتماعية. السيد الرئيس السيد الوزير إن تقييم أي مؤشر اقتصادي مهما كانت نجاعته، لايقاس إلا بالانعكاسات الاجتماعية لهذا المؤشر، ونؤمن في الفريق الاستقلالي دوما أن تحسين الخدمات الاجتماعية ضمانة أساسية لاستقرار المجتمع، ولبناء ثقافة الإيمان بالوطن ، وتقوية روح المساهمة في بنائه، وجعل الأمل في توجهاته وآفاقه، هي الحصانة الأساسية لمواجهة ظواهر كثيرة تؤرقنا جميعا، وتؤلمنا في الوقت ذاته، لما نراه من مآسي ما يعرف «بقوارب الموت»، وانتشار لظواهر تسيئ لقيم مجتمعنا من مخدرات، ودعارة، وغيرها، ونحن مؤمنون بأن الحكومة وهي تهييء مشروع القانون المالي أخذت في الحسبان المعطى الاجتماعي كمؤسس جوهري. لابد لنا من تسجيل اهتمام المشروع باستقرار نفقات التسيير ، باستثناء نفقات الأجور التي سترتفع ب 5،3% نتيجة للعدد غير المسبوق لمناصب الشغل المحدثة المحددة في 23700 منصب مالي جديد والنفقات المترتبة عن وفاء الحكومة بالتزاماتها بخصوص تحسين مستوى الأجور، بناء على جولات الحوار الاجتماعي الذي مكنت مأسسته من خلق ثقافة التشاور مبنية على الإسهام الفعلي للشركاء الاجتماعيين الشيء الذي يعتبر تطورا إيجابيا يحسب للحكومة الحالية. السيد الرئيس المحترم، إذا كان مشروع قانون المالية لسنة 2010 يبلور على أرض الواقع التوجيهات الملكية السامية، والبرنامج الحكومي، فإنه في الوقت ذاته يتسم بمواصلة تبني منهجية إرادية مبنية على مقاربة الحذر والواقعية، إضافة لكونه يفتح آفاقا جديدة لتنمية الاقتصاد الوطني، في ظل إكراهات الأزمة المالية العالمية. وسنركز في هذا المحور على الاختلالات التي يعرفها سوق الشغل، و توسيع نظام الحماية الاجتماعية ومحاربة الأمية والفقر والهشاشة ومواصلة إصلاح التعليم ووقف الهدر المدرسي وتحسين المؤشرات الصحية . وفيما يخص النقطة الأولى، لا يزال سوق الشغل الوطني يعرف إختلالات نوعية و كمية. فعلى الرغم من تراجع نسبة البطالة خلال هذه العشرية من13.8 % سنة 1999 إلى9.6 %سنة 2008 وتوقع انخفاضها إلى أقل من 8% خلال السنة الحالية فإن أهم خلل في هذه السوق هو عدم الملاءمة الكمية بين تزايد السكان النشيطين و خلق فرص عمل جديدة يسمح بها مستوى نمو الاقتصاد الوطني .وإن كان من المتوقع أن يرتفع المعدل السنوي للسكان في سن العمل ب 1.8 % في المتوسط على مدى السنوات العشرة المقبلة، كما أبانت ذلك بعض الدراسات، فإن المطلوب هو خلق 300.000 فرصة عمل في السنة، أي بأكثر من 50% إضافية مقارنة مع ما ينتجه السوق حاليا (53.000 منصب) و بحسب نفس الدراسة إن بلوغ هذا الرقم يستوجب تحقيق معدل نمو اقتصادي يفوق 6 % سنويا وهذا طموحنا وطموح الحكومة. أما الخلل النوعي في هذه السوق فيفسر أساسا بعدم التلاؤم، بين العرض والطلب على اليد العاملة المرتبط بالتكوين. إن توسيع نظام الحماية الاجتماعية إلى جانب توفير فرص الشغل أحد أهم التحديات التي رفعتها الحكومة منذ توليها المسؤولية. وجاء هذا المشروع ليؤكد المجهودات المبذولة في هذا الباب. وذلك من خلال العمل على توطيد تكافل المجتمع المغربي في إطار تنمية تضامنية مرتكزة على إقامة سياسة إعادة توزيع عادل لثمار النمو والعمل على تحقيق مبدأ حق كل المواطنين في التعليم و الصحة وفي السكن اللائق وفي تغطية صحية ملائمة. هذه هي الحلول للإكراهات و التحديات الأساسية التي يقترحها المشروع ونفس الشيء بالنسبة للإكراهات المرتبطة بمحاربة الأمية والفقر والهشاشة ومواصلة إصلاح المنظومة التعليمية ووقف الهذر المدرسي وتحسين المؤشرات الصحية. فإذا كانت محاربة الأمية شرط أساسي لتحقيق التنمية البشرية، ودون أن ننكر المجهودات المبذولة في المجال والتي مكنت المغرب من ربح 12 نقطة تقريبا في عشر سنوات، فإنها لا زالت تشكل إكراها تنمويا حقيقيا، حيث تحددها بعض الإحصائيات في 40.1 % إلى حدود سنة 2007. أما فيما يخص محاربة الفقر و الهشاشة فرغم وجود مؤشرات عامة تدل على تحسن مستوى المعيشة في الوسطين القروي والحضري، حيث انتقل معدل الفقر في الوسط الأول من 25.1% إلى 14.5% ما بين 2001 و2007 . ومن 7.6% إلى 4.8% خلال نفس الفترة بالوسط الحضري. فلا زال معدل الهشاشة، أي نسبة الساكنة غير الفقيرة والتي تكون مهددة بالسقوط في الفقر في أي لحظة، مرتفعا حيث يحدد على التوالي بالوسطين القروي والحضري في 23.6 % و12.7 % .وفيما يخص إصلاح التعليم ووقف الهدر المدرسي وتحسين المؤشرات الصحية، فلا زالت المجهودات المطلوبة على مستوى الإنفاق العمومي كبيرة والعمل الميداني يتطلب جهدا متواصلا يجب أن تتضافر فيه جميع الجهود، فمعدل التمدرس بالنسبة للتعليم الأولي لازال ينحصر في 63.8% على المستوى الوطني بالنسبة للموسم الدراسية 2008-2009. ويبقى الوضع أكثر تعقيدا في الوسط القروي حيث لم تتجاوز نسبة التمدرس في نفس المستوى 42.5% لنفس السنة الدراسية. السيد الرئيس إن العدل مسألة أساسية في بناء مجتمعي سليم وقد خصه جلالة الملك حفظه الله بقسط وافر في خطبه السامية،خاصة خطاب جلالته بمناسبة ذكرى تورة الملك والشعب بخصوص إصلاح قطاع العدل الرامي إلى ضمان سيادة القانون ودعم أمن المعملات الاقتصادية والتجارية، وترسيخ قواعد الحكامة في تدبير الإدارة القضائية ، من خلال تحسين مردودية وجودة القضاء وتخليق الحياة العامة عبر تحسين مردودية وجودة القضاء من خلال إخضاع تسيير المحاكم لتدبير مرتكز على منطق النتائج عوض منطق الوئاسل، والاهتمام بالعنصر البشري، وتدعيم مفتشية وزارة العدل وإعادة النظر في بعض المساطر القضائية، وتشجيع اللجوء إلى التقنيات الحديثة للمعلوميات للتواصل مع المتقاضين ، وإعادة النظر في مسطرة التبليغ لجعل القضاء في خدمة النمو الاقتصادي والتنمية البشرية المستدامة ضمان لتقوية استقلالية وشفافية القضاء. ونسجل للحكومة اهتمامها بهذا الورش المجتمعي الهام من خلال المجهودات الهامة التي بذلت لتجديد عطاءاته، من خلال المبادرات التي أطلقتها الوزارة لجعل القضاء وسيلة لعدالة مجتمعية منصفة في اتجاه ترسيخ استقلالية القضاء التي ظلت مطلبا ملحا في برامج حزب الاستقلال عبر تاريخه الطويل، ونسجل للحكومة حرصها على رفع الاعتمادات المخصصة لهذا القطاع في مسار تمنيعه من الشوائب التي أضرت كثيرا بسمعة القضاء المغربي، ونعتبر في الفريق الاستقلالي هذا الورش ورشا وطنيا بامتياز يهمنا جميعا وبدون استثناء وفي مختلف المواقع لتفعيل التوجهات الملكية السامية في هذا الإطار. وهذا العمل المتواصل المنتظر أن يتم بلورته في مجموعة من مشاريع القوانين التي ستعرض على البرلمان في هذه الولاية التشريعية في مجموعة الأوراش التي تهم تدعيم استقلالية القضاء، بإصلاح المجلس الأعلى للقضاء والمسطرة الجنائية والمسطرة المدنية والإدارة القضائية وإعطاء التحفيزات الضرورية لكتابات ضبط المحاكم للمجهودات التي تبذلها مع إصلاح منظومة الرسوم القضائية وغيرها من الأوراش التي تكتسي طابع الأولوية في إصلاح القضاء. المحور الرابع: المقاربة المندمجة لتنمية الوسط القروي السيد الرئيس السيد الوزير إن الفريق الاستقلالي يسجل للحكومة إرادتها الصادقة في جعل الوسط القروي، وسطا مندمجا في محيطه الإقليمي، والجهوي بالحرص على تسريع وتيرة نموه، من خلال تسريع وإنجاز التجهيزات والخدمات الأساسية من مسالك، وطرق، وماء، وإنارة، وتمدرس وصحة، ومحاربة الفقر، وتنشيط سوق الشغل والأعمال المدرة للدخل، ولاشك أن المشروع يبلور هذه الإرادة. إذ نسجل أن نسبة الولوج للطرق بالنسبة للساكنة بالعالم القروي وصلت إلى ما يقارب 61%، والماء الصالح للشرب إلى معدلات بين 87و88 %، ونسبة مهمة بالنسبة لكهربة العالم القروي. إن البرامج المعلنة، وتقييم المنجزات بالوسط القروي يجعلنا مطمئنين إلى الإرادة الراسخة في تبني مقاربة منتجة، ومندمجة للتنمية القروية، من خلال تأكيد المشروع على تفعيل وكالة التنمية الفلاحية المكلفة بإعطاء انطلاقة مشاريع الدعامة الأولى والثانية للمخطط الأخضر وإعادة تحديد التوزيع الجغرافي للغرف الفلاحية، وإعداد المخططات الفلاحية الجهوية، وأهمية البرامج الرئيسية في ميدان الري وتهيئة الأراضي الفلاحية ، كما لابد أن نسجل أهمية البرامج المرتبطة بالبنيات التحتية للعالم القروي خاصة البرنامج الوطني للطرق القروية الذي يهدف إلى بلوغ نسبة 80% في أفق 2010 ، ومواصلة البرنامج الوطني للتأهيل البيئي للمدارس القروية لفائدة مليوني طفل وصيانة المنشآت المائية وتقديم الدعم لوكالة الأحواض المائية ، ومواصلة برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب من خلال حفر الآبار وتهيئة نقط الماء وتهيئة المنابع وتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب انطلاقا من القنوات الجهوية إضافة إلى مواصلة العمل 12 منشأة مائية (سدود) ، وانطلاق مخطط تثمين كهربة العالم القروي الهادف إلى ضمانات الانتقال إيجابيات البرنامج الشامل لكهربة العالم القروي إلى ميادين ذات قيمة عالية، وتسيرع وثيرة إنجاز البرنامج الشامل للكهربة القروية الذي يتوقع بلوغ نسبة 98 % نهاية السنة الحالية .وإذ كنا نسجل كل هذه المجهودات الرامية إلى تنمية العالم القروي فإننا ندعو الحكومة إلى وضع العالم القروي ضمن أولية الأولويات لتسريع وثيرة تطويره، ولابد أن نشيد بالقرار الملكي الحكيم القاضي بإقامة مستشفيات متنقلة تشرف عليها القوات المسلحة الملكية لإسعاف وعلاج ساكنة عمق المجتمع المغربي في الدواوير والمداشر والقرى المتواجدة بمناطق صعبة في ظروف الطقس القاسي الذي تعرفه هذه المناطق من بلادنا. بالإضافة إلى هذا نشيد بالسياسة الطاقية التي ترمي إلى التفكير المستقبلي في الاستقلال الطاقي للمغرب عبر تدعيم الطاقات المتجددة وما المشروع الضخم الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة مؤخرا بورزازات إلا بلورة لهذه السياسة الواضحة المعالم التي يجب تتبعها وإنجازها وتظافر الجهود لبلورتها على أرض الواقع. السيد الرئيس السيد الوزير الأول، السادة الوزراء. أخواتي، إخواني المستشارين. قدمت أمامكم قراءتنا لمشروع القانون المالي لسنة 2010، ونعتز بكونها قراءة إيجابية لتجاوبها مع أغلب ما عبرنا عنه كفريق في إطار الأغلبية، ولانسجامها مع مرتكزات التصريح الحكومي، ورهانات المرحلة، بتبني خطاب المكاشفة المبني على الصدق، والأمانة، والمسؤولية. ونعتقد جازمين أن مجلس المستشارين بماله من خصوصيات في تكوينه، يجعل من مناقشة مشروع القانون المالي فرصة حقيقية للتقييم ، ويعطي قيمة مضافة للمقاربات التي ينطلق منها إخواننا في مجلس النواب. لقد كان حوارنا مع الحكومة غنيا ومفيدا وإيجابيا، ومثمرا، في حرص تام على المصلحة العليا للوطن، ، وهي الروح التي تدفعنا اليوم إلى تأكيد مساندتنا لهذا المشروع وتصويتنا عليه بالإيجاب، خاصة أن الحكومة تجاوبت معنا بقبولها ل 14 تعديلا للأغلبية. وفقنا الله لما فيه خير مصلحة هذا الوطن العزيز.