سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور المختار مطيع أستاذ القانون العام والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط للتجديد: أنا لا أعطي أهمية كبيرة للقوانين .. وهذه الحكومة لم تختلف عن الحكومات السابقة
الدكتور المختار مطيع أستاذ القانون العام والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومدير لمجلة "دراسات ووقائع دستورية وسياسية" له مجموعة من المؤلفات تتعلق بالقانون الدستوري والمؤسسات السياسية، وبالقانون البرلماني والقانون الدولي العام، وله عدة مقالات تخص العلاقات الدولية. التقت به "التجديد"، في إطار متابعتها للولاية التشريعية الحالية، 1997/2002. لتقييم بعض إنجازات "حكومة التناوب وإخفاقاتها" في إنقاذ المغرب من "سكتة قلبية" مازال يتخبط فيها ويعيشها. وللحديث عن حالة الانتظار التي يعيشها البلد؛ وعن الإخفاقات المتوالية؛ وعن "الحكومة الاشتراكية التي غرقت في الخوصصة" وفي "الارتهان للمؤسسات البنكية الدولية". وتطرقت المقابلة مع الأستاذ المتخصص إلى الجانب التشريعي في حصيلة الحكومة، وأعلن أنه لا يهمه حزمة القوانين بقدر ما يهمه تطبيقها في الواقع والقضاء على المحسوبية والزبونية وكل الآفات المرتبطة بمجال انتخابي وسياسي متعفن. وفي ما يلي نص المقابلة كاملة: ما هو تقييمك لحصيلة حكومة التناوب بعد الاستماع إلى التصريح الحكومي؟ بالنسبة لحصيلة حكومة التناوب كأستاذ جامعي ومتخصص في القضايا الدستورية والسياسية بعد أن أوشكت حكومة التناوب على إنهاء المدة التي عينت من أجلها، وبعد الاستماع إلى تصريح الوزير الأول فنعلم أن تنصيب حكومة التناوب تم في مارس 8991 من قبل الحسن الثاني رحمه الله فكان المجتمع المغربي يومها يعقد آمالا على هاته الحكومة التي تكون من أحزاب كانت في المعارضة لفترة طويلة، وجاءت حاملة لشعار التغيير، لأن المغرب آنذاك حسب الحسن الثاني كان على وشك "سكتة قلبية"؛ فهاته الحكومة تكونت من شخصيات سياسية لها تاريخ في النضال السياسي، ومن باحثين جامعيين لهم حنكة في إدارة الشأن العام. وأصبح عند المجتمع نوع من الانتظار لحل عدة مشاكل وخاصة الاجتماعية؛ وحملت الحكومة في بدايتها شعار "حل القضايا الاجتماعية، واعتبرت بذلك "حكومة اجتماعية". ومن القضايا الاجتماعية مشكل الشغل، والمغرب يعرف تفشيا كبيرا لظاهرة البطالة وخاصة في أوساط حاملي الشواهد؛ وخلال هذه المرحلة بقي المجتمع المغربي والرأي العام ينتظر... مرت السنة الأولى والثانية والثالثة، وبدأ يطفو نوع من الفتور، وأخذ نوع من خيبة الأمل يصيب الرأي العام بصفة عامة والمتتبعين للطريقة التي أدارت بها هذه الحكومة الشأن العام. وبصفة عامة لا يمكن أن نقول بأن كل شيء لم يتحقق، بل كانت هناك بعض الإنجازات في بعض القطاعات ولكن بصفة عامة، ونحن في آخر فترة لحكومة سميت بحكومة التناوب وحكومة التغيير، وبعد الاستماع للتصريح الحكومي، تبين بأن الحصيلة ضعيفة جدا، ولم تكن في مستوى الآمال التي علقت على هذه الحكومة؛ وآمال الشعب المغربي والشباب المغربي بصفة عامة، فأنا شخصيا كمتأمل وباحث أنظر بشكل موضوعي إلى هذه الظاهرة، فكلما بحثت عن الحصيلة داخل المجتمع أثناء تحدثي فيه إلى أي كان، سواء تعلق الأمر داخل إطار التعليم بجميع أسلاكه، أو داخل القطاع الصحي أو التشغيل، والقضايا الاجتماعية بصفة عامة، إلا وأجد الأزمة عميقة جدا، فنحن إذن جزء من المجتمع فإذا قلنا بأن الحصيلة إيجابية بشكل كبير، فنكذب على أنفسنا ونكذب على الشعب المغربي. فالحصيلة ضعيفة بالمقارنة بما كان ينتظر منها، وبالتالي ما يمكن أن نستخلصه منذ البداية هو أن هذه الحكومة لم تختلف عن الحكومات السابقة. رغم الشعارات، التي تدخل في إطار سياسي، وإذا ظهرت بعض الإيجابيات في بعض الجوانب على مستوى الحد من المديونية، وعلى المستوي التشريعي وعلى مستوى الاستثمارات فهذه العوامل تولدت لاعتبارات دولية، أو داخلية، فالتقليص من المديونية أو الزيادة في الاستثمارات كما ورد في التصريح، يرجع إلى خوصصة مجال الاتصال الذي ذر على الحكومة أموالا باهظة، وهذا لم ينعكس على المجتمع بشكل إيجابي، عندما نستقرئ الرأي العام؛ أو ننزل إلى الواقع نجد الأزمة مستفحلة، وأننا ما زلنا على تلك القولة التي تقول بأن المغرب سيصاب بالسكتة القلبية؛ وهاته القضية لازالت قائمة؛ فنحن على وشك هذه السكتة، ومن مظاهرها: الاكتظاظ، والسكن غير اللائق، والمشاكل المطروحة في كل مكان وزمان: في مجال التعليم، والإصلاح لم يتحقق، وفي الإدارات الفساد مستشريوكذلك الزبونية والمحسوبية. في مجال القضاء الملفات مازالت متراكمة، في مجال البحث العلمي، فنحن داخل الجامعة نعاني بشكل كبير من انعدام تحقيق هذا البرنامج الحكومي، لحد الآن ليس هناك إصلاح؛ لم يطبق بشكل كبير. فالإصلاح يتطلب إمكانات مادية كبيرة، مازال هناك خلل في جميع المجالات، بمعنى أن مجتمعنا الآن وبكل موضوعية مجتمع أزمة. التصريح الحكومي لسنة 1998 كانت الحكومة قد أعطت أولوية لموضوع الوحدة الترابية، لكن لحد الآن لاحظنا بأن هذه القضية لم يعط لها الاهتمام البالغ. فمن الناحية الدبلوماسية لم يظهر المغرب بمكانة فاعلة دبلوماسيا. وهذا عمل حكومي، والحكومة تقول بأنها مع الوحدة الترابية، وتعطيها أولوية الأولويات، لكن ما حدث في مجال الوحدة الترابية، أظهر مشاكل عويصة إلى درجة ظهور متغيرات خطيرة جدا وتمس بشكل عميق قضية الوحدة الترابية، وسيادة المغرب على أراضيه، فالجزائر تتقدم بخيار تعتبره جديدا لهيئة الأمم بتقسيم الصحراء وهذا خطير؛ والشعب المغربي لا يقبل هذا، ثم إن إسبانيا في ظل هذه الحكومة نجدها تتدخل عسكريا لاحتلال جزء من الأراضي المغربية ويتعلق الأمر بجزيرة تورة، والمغرب أصبح في موقع الدفاع فقط، وهناك تراكمات من المشاكل على مستوى قضية الوحدة الترابية. ولا ننسى بأن هناك توترا كبيرا أصبح قائما بين المغرب وإسبانيا في ظل هذه الحكومة منذ تعليق اتفاقية الصيد البحري وربما هذا يدخل في إطار الأخطاء الاستراتيجية لهذه الحكومة، وربما ينبغي التفكير في المصالح الحقيقية للمغرب، والتفكير كذلك في قضية توازن القوى، هل بإمكاننا أن نتصرف دبلوماسيا مع إسبانيا بهذا التصرف، أم كان ينبغي انتظار وقت معين أم كان ينبغي التنسيق. وهذه كلها أسئلة تطرح، في مجال ميثاق حسن التدبير وتخليق الحياة العامة، فأنا كمتأمل في هذا الورش، نسبة قليلة تحققت في هذا الشأن، فالحكومة لم تستطع محاربة كل أشكال الانحراف واستغلال النفوذ والتسيب وبقي موضوع تخليق الحياة العامة على مستوى الخطاب والحملات الإشهارية لا غير. وحملة ترشيد النفقات ألم يتحقق منها شيء كما وعدت الحكومة؟ لم يتم احترام لا منطق الترشيد، ولا منطق التواصل الذي أشارت إليه الحكومة في تصريح 1998، ولا ننسى أن الحكومة جاءت بأشياء كثيرة على مستوى المداخيل والأجور، وعلى مستوى ترشيد النفقات العامة. فسيارات الدولة كانت ستتوقف، والبحث في ملف الموظفين الأشباح، لكن هذه الأمور لم تتحقق. وكنا ننتظر تخليق الحياة العامة، وترشيد النفقات العامة لتسترجع الحكومة أموال الشعب من أجل تحقيق توازن وتكافل وعدالة اجتماعية. أكثر من هذا نلاحظ قضية الفساد المالي، فعدد من المؤسسات التي أعطي الضوء الأخضر للتحقيق في الفساد الذي وقع فيها كالقرض العقاري والسياحي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهناك مؤسسات أخرى مرشحة للتحقيق من أجل خلق لجان لتقصي الحقائق داخل البرلمان أو التحقيق في قضايا أموال الشعب المغربي. فعندما نرى المبالغ الهائلة التي تم تبذيرها فهذا يدل على أن الأزمة مازالت مستمرة، ثم إنه لم يقع في عهد هذه الحكومة تدقيق. عفوا حضرة الأستاذ، وحتى لا نقسو على هذه الحكومة، ألم تقدم ثقافة جديدة في حقوق الإنسان على الأقل ؟ في مجال حقوق الإنسان الذي هو من الأوراش المهمة التي أثارتها حكومة التناوب، الخطاب الحكومي أكد عدة مرات على ضمان حقوق الإنسان كما هو متفق عليها دوليا، وطبقا للدستور، وطبقا للقوانين، لكن لاحظنا خلال هذه المرحلة عدة خروقات في مجال حقوق الإنسان. فعلى المستوى السياسي لحد الآن المهاجرون المغاربة يحرمون من حقهم في الانتخاب، وفي الميدان الصحفي عدد من الصحف تم حجزها، وصحفيون كثر تعرضوا لعدة مشاكل. وفي المجال الاجتماعي تم قمع المعطلين المطالبين بحقهم في الشغل، فلا ننسى وضعية معطل حاصل على شهادة عليا ينتظر الشغل يتم التعامل معه بطريقة بدائية جدا عندما يحتج. وتم رفض الترخيص لعدة مسيرات احتجاجية. فالمؤسسات كانت قائمة مؤسسات حقوق الإنسان لكن الممارسة بدت هزيلة جدا، ولم يتم الإفراج عن المحتجزين في تندوف، فئة قليلة فقط هي التي تم الإفراج عنها. ولم يتم الاهتمام بقضية المرأة والطفل والمعوقين كما كان منتظرا، محاولات ليس إلا لكن مازالت وضعية المرأة مزرية خاصة في القرى ومدن الصفيح. فالمرأة تعاني من الأمية والتخلف واللجوء إلى الشعوذة، وهذه مشاكل تنعكس سلبا على التربية وعلى الأطفال. فنحن نرى الأجيال الصاعدة: الوضعية التربوية سيئة، وهذا يتضح داخل المؤسسات التربوية التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي والعالي التي هي أصلا مرتبطة بالبيوت ومن الدور الذي تقوم به المرأة. وكيف ترون الحالة في مجال القضاء والتعليم؟ الأحكام لم يتحقق، وفي مجال السجون كانت محاولات لإصلاح وضعية السجناء وبصفة عامة لازال القضاء يعاني من غياب الاستقلالية والفعالية. والنصوص التي تم إصلاحها سواء تعلق الأمر بالقانون الجنائي أو المسطرة الجنائية أو النصوص المتعلقة بالقضاء الإداري أو التجاري فالإصلاح فيها بقي محدودا جدا. بالنسبة للتعليم الحكومة أتت بمشروع متكامل في هذا الصدد، وصدر ميثاق التربية والتكوين لكن أثناء التطبيق بدت الحكومة عاجزة في تطبيقه. وأسجل بعض الملاحظات المهمة في هذا الشأن قضية التعريب: لا يعقل أنه لحد الآن التلاميذ يدرسون اللغة العربية إلى حدود الباكالوريا وبعد ذلك عند تسجيلهم في كليات العلوم والطب والاقتصاد يدرسون باللغة الفرنسية، فلماذا لا يحترم التعريب بصفة عامة ونحن بلد يطمح إلى التعريب. وتقييم الإصلاح في هذا القطاع التعليمي هل هو فعلا إصلاح إيجابي. فإذا استقرأنا التلاميذ والآباء فإنهم يكشفون عن المشاكل المتعددة، على مستوى ولوج بعض المؤسسات، فالطالب عندما يحصل على الباكالوريا يطلب منه أن يكون له معدل مرتفع جدا، في بعض المدارس مثلا يطلب معدلا أكثر من16/20في الباكالوريا، وهناك أمور غير واضحة تطرح. تلاميذ ذوي مستوى عالي ولا يقبلون، وطلبة يحصلون على معدل منخفض ومع ذلك يقبلون! فما زالت التدخلات والمحسوبية والرشوة سارية في هذا المجال، فلم يعد الأخذ بمعيار الكفاءة ساريا. فالتلاميذ في آخر التعليم الثانوي يحصلون على 18/20 وعندما نستمع إليهم ونناقشهم نجد نوعا من الضعف، فكيف إذن أتت هذه النتائج؟ والإصلاح الجامعي يسوده الغموض لحد الآن، جميع المؤسسات الجامعية تحاول تطبيق الإصلاح، لكن هناك غموضا وتخوفا، وغيابا للإمكانيات، فالكليات تكتفي فقط بالعرضيين. البنيات التحتية ضعيفة والخزانات هزيلة. فكيف يمكن تطبيق هذا الإصلاح بدون إمكانيات وبدون اعتماد مادي ومعنوي؟ أين كرامة الأستاذ والاعتناء به؟ والبحث العلمي ضعيف بالمغرب ولم تعط له العناية اللازمة. وماذا على الصعيد الاجتماعي؟ في مجال الأسرة فالمرأة مازالت تعاني، ومدونة الأحوال الشخصية لم تشق طريقها للإصلاح، إصلاحا يرضي المرأة ويجعلها تساهم في التنمية انطلاقا من تراثنا وتاريخنا والأخد بمستلزمات العصر. والشباب يعاني من أزمة خانقة، فأصبح يلجأ إلى الانحراف والفساد. فهناك عدد لا يستهان به من المشردين في الشوارع، وشباب يلجأ إلى قوارب الموت. وهذا نتاج لغياب سياسة اجتماعية عادلة، وغياب الحافز لدى المتعلمين وسيادة نفسية متذمرة. وأصبح المجتمع يعرف أجيالا من الأميين شبه المتعلمين.وهاته الأمور استفحلت في ظل هذه "الحكومة الاجتماعية". وحتى في الميدان الصحي: الوضعية مزرية: لم تبق في المستشفيات لا أجهزة ولا أدوية! الوزير الأول فعلا أعطى أرقاما مثل انخفاض البطالة، والاستثمار وكهربة القرى.. وهذه الأرقام مبالغ فيها. فلنهبط إلى البوادي والقرى وسنرى حجم المعاناة، فالمواطنون ما زالوا يعيشون في العصور الوسطى. وفي مجال الإسكان والتعمير: هناك ضجة إعلامية وندوات، لتخرج في الأخير بوثائق لا غير، فالمدن تعاني من مدن الصفيح والتكدس والتلوث وغياب المساحات الخضراء وأحزمة البؤس. ماذا عن الحصيلة التشريعية والعلاقة بين المؤسسات وتأثير ذلك على المواطن؟ الحكومة تقدمت بعدد من المشاريع قوانين، فالحكومة جاءت مرتبطة بإصلاحات دستورية وسياسية. وتقديم مشاريع قوانين، وأنا لا أعطي أهمية كبيرة للقوانين. إذا نظرنا على مستوى المؤسسات والقوانين يتضح لنا أننا في دولة القانون، لكن القانون ينبغي أن يطبق وينعكس بشكل إيجابي على المواطنين، هذا هو المهم. هناك المصادقة على 160 قانون في هذه المرحلة وعلى 20 مقترح قانون، وهنا يتضح أن الأولوية ما زالت تعطى لمشاريع القوانين على حساب مقترحات القوانين التي مصدرها "البرلمان". وفي هاته المرحلة تم تفعيل بعض المؤسسات من قبيل المجلس الدستوري مثل القرار الذي أصدرته هاته المؤسسة بشأن القانون التنظيمي الخاص بمجلس النواب، حيث أنه تم إلغاء نمط الاقتراع القديم الذي كان أحاديا وفرديا تم تغييره باقتراع لائحي، ولحد الآن لا يمكن أن نقول بأن هاته الطريقة ستكون إيجابية لأن هناك تذمرا لدى الرأي العام بخصوص تغيير الطريقة القديمة، ومن الصعب القول إن الطريقة الجديدة (الاعتماد على اللائحة) ستحد من الفساد واستعمال المال الحرام، ومن تزييف الانتخابات، فالكل يتساءل فهناك مشاكل اجتماعية بنيوية هي التي تتحكم في العملية الانتخابية في مجتمع مصاب بخيبة الأمل. وينفر من كل ما يتصل بالانتخابات من تسجيل في اللوائح الانتخابية، وتصويت و... أكثر من هذا، بعض الأعضاء في الأحزاب السياسية يمارسون الحملة الانتخابية قبل أوانها وقدموا الأموال وتقربوا من المواطنين. مسألة مهمة ينبغي الإشارة إليها وهي عدم صدور قانون الأحزاب السياسية، وهو مهم جدا، فنحن الآن ربما سنتجاوز 40 حزبا سياسيا في المغرب فكيف ستكون هذه الخريطة السياسية؟ وكيف ستتشكل الأغلبية التي ستحكم؟ لأن أهم قانون كان يجب إخراجه للوجود هو قانون تنظيم الأحزاب السياسية مثل الدول الديمقراطية كألمانيا التي عندها قانون ينظم الأحزاب السياسية، فإذا بقينا على هذه الوتيرة، كل جماعة تشكل حزبا سياسيا سنصل إلى 100 من الأحزاب السياسية في ظرف وجيز وهذا خطير جدا على الديمقراطية والتنمية ببلادنا. إذن حكومة التناوب لا تختلف عن الحكومات السابقة؟ حصيلة هذه الحكومة هي محدودة جدا وضعيفة، ولا يمكن القول أن هاته "حكومة تغيير" أو حكومة اجتماعية" فهي حكومة لا تختلف عن الحكومات السابقة. وهنا نسجل دور جلالة الملك في المجال التنموي، وفي مجال التوجيه، وأثناء الأزمات التي تعرفها البلاد، الملك يتدخل لإنقاذ البلاد في جميع المجالات، وهاته التوجيهات لها أهمية، وهنا استمرارية لدور الملك في المغرب كزعيم للمجهاز التنفيذي. أما وضعية الحكومة فما زالت محدودة، وأتمنى أن تظهر حكومة أخرى مستقبلا تأخذ المسؤولية بشكل إيجابي لأن الشعب المغربي ما زال ينتظر رغم حالة الإحباط وخيبة الأمل التي تسود الشباب وكمتأملين لهذا المشهد السياسي كنا ننتظر اتخاذ مواقف، ففي الدول الديمقراطية، الحكومات عندما تعجز وتقع أمامها إكراهات أو ظروف داخلية مرتبطة بالنظام السياسي أو خارجية، نجد الحكومات التي عندها إرادة للعمل، الوزير الأول أو كيفما كان يمكن أن يقدم استقالته عندما يجد مشكلا عويصا، وهو عنده برنامج يريد تطبيقه، فلا يمكن تطبيق البرنامج 100% ولكن على الأقل تطبيق 70%، وعندما لا يطبق وزير ما 10% فماذا يبقى هذا الوزير يصنع في قطاع معين، فمثلا نأخذ قطاع الصحة كوني وزيرا للصحة إذا لم أطبق 70% للتقدم إلى الأمام، ويراوح التطبيق 10% أو 05% فهذه مسألة خطيرة جدا لا تفيد نمو البلاد. هناك إكراه الجفاف، ولكنه ليس مشكلا، ففي السابق المعارضة القديمة كانت تدعو لوضع سياسة للتعامل مع الجفاف. وظاهرة الجفاف أصبحت ظاهرة بنيوية في المغرب. وكانت هنا انتقادات في السابق في التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وبالتالي نجد نوعا من الاستمرارية وبذلك يصعب القول بأن هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها. نظام الغرفتين هل يخدم التشريع والحياة السياسية ببلادنا؟ هذه المؤسسة البرلمان منذ الإصلاح الدستوري لسنة 1996 انقسمت إلى غرفتين؛ وكانت هناك تبريرات (من أجل إعادة التمثيلية) مجلس النواب يتكون من 325 عضوا، وجلس المستشارين الذي يتألف من 270 عضوا والمجموع هو 595 برلمانيا مغربيا! ولا بد من الإشارة إلى دور البرلمان في هذه المرحلة؛ هذه المؤسسة تشبه الحكومة فهناك نوع من الخلل. ففي بلاد كالمغرب، أظن بأنه لاداعي ليكون لنا عدد من البرلمانيين لهذه الدرجة. ثم لا داعي لأن يكون لنا برلمان بغرفتين؛ الأسئلة تتكرر إلى درجة الروتين؛ والقانون يتطلب وقتا طويلا؛ عرض القانون على مجلس النواب وعلى مجلس المستشارين، ونفس المنافشة كأننا أمام برلمانين؛ فما جدوى هذا؟ الديمقراطية ليست دسمقراطية مؤسسات أو ديمقراطية الشكل، لكنها ديمقراطية الجوهر، وديمقراطية الاعتناء بكرامة الإنسان؛ وهذا أهم شيء. فبرلمان من غرفة واحدة فيه تقريبا 120 عضوا، ولديه الفعالية أهم من مؤسسة برلمانية فيها غرفتان بما يقارب 200 برلماني. فهذا تبذبير للمال العام، ثم ما الفائدة من هذا؟ يمكن أن يكون مجلس للنواب محدود العدد ومكونا من برلمانيين نزهاء تم اختيارهم بطريقة نزيهة أفضل من هذا البرلمان، لأنه الآن بدأنا نسمع بأن الانتخابات ستكون نزيهة ومجلس نواب نزيه لكن إلى جانبه مجلس المستشارين، الذي مازال يعمل كما في العهد القديم (أعضاء مروا بجماعات). وخطاب الملك الراحل الحسن الثاني أشار بأنهم استعملوا المال الحرام؛ وهؤلاء يعني مجلس المستشارين سيعملون مع الآخرين النواب وضروري أن يكون العمل مشتركا بينهم ومتواصلا ليتم إخراج النصوص التشريعية من أجل كراقبة الحكومة. إذاً ينبغي التفكير في إصلاح الدستور وإصلاح المؤسسة البرلمان.فالبرلمان يعاني من عدة مشاكل داخليا، سواء على مستوى القانون التنظيمي أو على مستوى تسيير الجلسات... كيف تنظر إلى علاقة البرلماني بالمؤسسة التشريعية؟ وما هي المشاكل التي يعاني منها البرلمان؟ وهل المستوى الثقافي جانب من المشاكل؟ المشاكل التي يعاني منها البرلمان في المغرب هناك: مشكلة مستوى البرلماني؛ هناك عدد لا يستهان به من البرلمانيين الذين لا يتوفرون على مستوى ثقافي تعليمي معين؛ برلماني أمي جاهل ماذا ينتظر منه الشعب المغربي؟ وبرلماني وليد ظروف معينة نتيجة تزوير وتوفره على الأموال. فعدد من البرلمانيين ينتمون إلى البورجوازية الفلاحية وعندهم إمكانيات؛ أغدقوا الأموال على المواطنين ووصلوا فقط، ليس من أجل الدفاع عن حقوق المواطنين؛ أو إصدار تشريعات لصالح الأمة ولصالح البلاد أو تكون عندهم دبلوماسية من أجل الوحدة الترابية، والتعريف ببلادنا خارجيا، ليفيدنا في السياحة وفي الاستثمارات. وصلوا من أجل الحصول على "الحصانة" لا غير، ليعمل البرلماني ما يريد. وبذلك لا يحس بأنه في البرلمان بل في "بر الأمان". ومن المشاكل: الغياب الذي يعاني منه برلماننا، والسبب الرئيسي هو غياب نزاهة الانتخابات وعملية الفساد الذي يعاني منها المجتمع. فالذي يشتري الأصوات والمقعد، فهل يهمه الحضور المستمر؟ فهذا يزعجه ويقلقه ولا يهمه في شيء. ما توقعك للمشهد السياسي بعد الانتخابات؟ من الصعب التنبؤ بالوضعية التي سيصبح عليها المشهد السياسي خاصة في وقتنا الحالي الذي يعرف عددا كبير من الأحزاب السياسية؛ بحيث إنه سيشارك أكثر من 26 حزبا في الانتخابات. هناك إرادة ملكية؛ وهناك محاولة لكي تتغير الانتخابات؛ ومع ذلك يوجد حاليا من المرشحين الذين يغدقون الأموال، منهم من وصل إلى صرف 30 أو 40 مليون. وهذا يدل على مشكلة بنيوية واجتماعية. نتمنى أن تتدخل الدولة وأن يتم الحرص التام على التقدم بعض الشيء ولا أقول نزاهة الانتخابات؛ لأنه من الصعب أن تكون الانتخابات نزيهة. لتكون نسبة كبيرة من النزهاء تحرص على احترام مصالح الأمة التي أنابتهم عنها واحترام مصالح هذه البلاد؛ وأن نفكر في إصلاح الدستور. ونتمنى أن تتشكل أغلبية من النزهاء. ومن المواطنين لهم إرادة للعمل إلى جانب صاحب الجلالة من أجل الحد من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها الأمة. ماذا عن تموقع الإسلاميين في الخريطة السياسية؟ الإسلاميون هم مواطنون مغاربة لهم مكانتهم، والانتخابات مفتوحة للجميع والذي يتسم بالنزاهة هو الأصلح، وكما قلت ما ينقص النزاهة والكفاءة، فالشعب المغربي سئم الفساد، وسئم الخطاب غير الواقعي. فسواء الإسلاميون أو جميع التيارات التي تعمل في إطار الدستور، ولها مصداقية. ونتمنى للمواطن الصالح أن يتم اختياره، الذي عنده غيرة على الوطن لأنه رغم وجود عدد من المواطنين الذين يدعون الغيرة، فبمجرد وصولهم لا يفكرون إلا في مصلحتهم الشخصية. وهناك العديد من الأسئلة. ونتمنى وصول نسبة من الغيورين والنزهاء من أجل إصلاح هذا المجتمع الذي وصل مرحلة خطيرة من الفساد وغياب التنظيم. حاوره عبد الغني بوضرة