تزايد الحضور الروسي في شمال إفريقيا عامة، وفي المغرب بشكل خاص اقتصاديا وسياسيا، وانتقلت العلاقات المغربية الروسية إلى مستويات أعلى منذ الزيارة الملكية لموسكو سنة 2016 ، هذا الحضور أثار ردود فعل متباينة، بين ترحيب في المغرب وانزعاج في إسبانيا وفرنسا وترقب في الجزائر التي تعتبر الحليف الرئيسي لإدارة بوتين في القارة الإفريقية. دخلت روسيا في صراع جديد مع القوى الكبرى من أجل الاستقرار في شمال إفريقيا كبوابة لمستقبلها الاقتصادي في القارة الإفريقية وللسيطرة على المنفذ الغربي إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث تسعى موسكو إلى تأكيد حضورها القوي في المغرب على غرار أنشطتها في الجزائر.
ويرى حسن بلوان، متخصص في العلاقات الدولية، أن المغرب واعي بحجم التحديات الجديدة التي تواجه القارة الافريقية، والتي جعلت منها ساحة للتنافس بين لاعبين دوليين جدد كالصين وروسيا وتركيا، ولهذا، حسب المتحدث ذاته، حاولت الدبلوماسية المغربية الاستفادة من هذا الصراع الدولي والاقليمي لخدمة مصالح المملكة الاقتصادية وكذلك الاستفادة من هذه التوازنات لحسم قضية الوحدة الترابية.
ويعتقد الخبير في الشؤون الدولية، في حديثه ل "الايام 24 " أن المغرب يستثمر علاقاته المتنامية مع روسيا في اطار سياسته الجديدة القائمة على تنويع الشركاء وفق تحرك هادئ وفعال بعيد عن ردود الافعال، مرتكزا على مبدأ "رابح رابح".
وحسب المحلل السياسي فإن المغرب يحاول تذكير القوى التقليدية كفرنساواسبانيا بأن قضايا المملكة الاستراتيجية "لا يمكن أن تبقى رهينة للابتزاز الاوروبي الذي يستغل قضية الصحراء كورقة ضغط دورية"، مضيفا أن "اسبانيا عبرت عن انزعاجها صراحة من التطورات الاخيرة في مسار القضية".
وأشار بلوان، في تصريح ل"الايام 24″ إلى أن المغرب يضغط من موقع القوة الاقتصادية التي تجاوزت المنطق السياسي القديم المبني على العلاقات الدائمة والولاءات التقليدية، وهو ما دفعه لتنويع شراكاته الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية مع جميع القوى المؤثرة، مؤكدا أن الاكتفاء بالتحالفات القديمة والاعتماد الكلي على فرنسا كحليف استراتيجي لم يحقق الأهداف المرجوة.
وعن إمكانية اعتبار المغرب بديلا للجزائر في شمال افريقيا بالنسبة لروسيا، حسبما أوردته منابر إعلامية إسبانية، اعتبر الخبير الدولي أنه من الصعب حاليا ان الحديث عن هذا الطرح، لأن القوى الدولية تبحث عن شركاء جدد بجانب الحفاظ على الشركاء التقليديين، لافتا إلى أن علاقات روسيا مع الجزائر قديمة ومعقدة تهيمن عليها صفقات السلاح الضخمة، لكنه لم يستبعد في نفس الوقت أن تكون الفرص التنموية والاستثمارية التي يوفرها المغرب مجالا واعدا يستقطب طموحات روسيا في الدخول الى افريقيا والتي بدأت تقتنع بأن المغرب هو العنوان الأنسب لتحقيق ذلك.