توقفت صحيفة ‘‘لوبينيون'' الفرنسية، في تقرير بعددها الصادر الخميس، عند الجولة التي يقوم بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في منطقة شمال إفريقيا والتي من المفترض أن تستمر حتى يوم السبت القادم ، حيث يزور خلالها الجزائر والمغرب ثم تونس، التي تبقى حتى الآن البلد الأقل عرضة للتأثير الروسي في المنطقة. وقالت الصحيفة إنه بعد ما اعتُبر في السنوات الأخيرة ‘‘عودة روسية'' إلى منطقتي إفريقيا الجنوبية ووسط إفريقيا ، اختار رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف هذه المرة أن تكون المنطقة المغاربية – التي لم تكن تجذب بشكل كبير اهتمام موسكو – أول وجهة خارجية له في العام الجديد 2019، بزيارته للجزائر والمغرب وتونس على التوالي. وتاتي هذه الزيارة بعد أربعة عشر عاماً على الزيارة التي قادته إلى المنطقة المغاربية عام 2005 . ونقلت ‘‘لوبينيون'' عن Arnaud Dubien (آرنو ديبين)، مدير المرصد الفرنسي- الروسي: مركز أبحاب مقره موسكو، قوله إنّ جولة سرغي لافروف هذه إلى المنطقة المغاربية تندرج في إطار عملية تزايد الاهتمام السياسي والاقتصادي الروسي بالقارة الإفريقية ككل. ‘‘فمن منظور موسكو، هناك عدة قارات إفريقية: إفريقيا العربية و إفريقيا الجنوبية ووسط إفريقيا. وعكس ما يُقال ، فإن روسيا ليس لديها سياسة كبيرة بالنسبة لأفريقيا. لكن لديها رغبة عامة في الاستفادة القصوى من قدراتها ، لا سيما في قطاعي الطاقة والأمن''. البداية من الجزائر ‘‘لوبينيون''، اعتبرت أنّ اختيار هذه الدول الثلاث على جدول أعمال سيرغي لافروف ليس وليد الصدفة. فالجزائرُ تعد حليفاً قديماً لموسكو، أضف إلى ذلك أنها زبون مهم للأسلحة الروسية (أكثر من 80 في المئة من ترسانتها مصدرها روسيا). وهي أيضا ‘‘المحور التاريخي الثاني لروسيا في منطقة شمال إفريقيا، بعد مصر، حيث كان هناك تعاون اقتصادي قوي بينها والاتحاد السوفياتي في الستينات والسبعينات''، كما يُشير (آرنو ديبين)، مضيفاً أنّ: ‘‘عودة روسيا إلى إفريقيا بدأت مع الجزائر عام 2006. و كانت الجزائر المختبر حيث تم اختبار مخطط محو الدين المورُوث من الحقبة السوفييتية، مقابل عقود أسلحة جديدة [في عام 2006 ، ألغى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 4.7 مليار دولار من الديون الجزائرية]''. و على الرغم من التقدم الكبير على مستوى التعاون العسكري الروسي-الجزائري، إلا أن البلدين يتزَحلقان في قطاع الطاقة: هناك تنافسٌ بينهما بشأن تصدير الغاز إلى أوروبا. المغرب وتونس أما المغرب وتونس – طالما كانا في مجال النفوذ الغربي – فهما ‘‘ البلدان الجديدان على الخريطة الروسية لأفريقيا''، كما يوضح مدير المرصد الفرنسي- الروسي، مشيراً إلى أنه منذ عامين أو ثلاثة أصبحت لدى موسكو استراتيجية اقتصادية طموحة حيال الرباط. فالمغرب هو أحد البلدان الرئيسية المستفيدة من الحظر الروسي على المنتجات الزراعية-الغذائية الأوروبية. حتى أن الملك محمد السادس قام بزيارة رسمية لموسكو في عام 2016 [ آخر زيارة له إلى روسيا كانت عام 2002]. لكن الاتصالات قائمة في الاتجاهين. وفي عام 2018 ، شكلت المنتجات الزراعية 77 في المئة من الصادرات المغربية إلى روسيا، التي تعتبر أكبر مستورد لحمضيات الممكلة المغربية وثاني مستورد لطماطمها. ويبقى التوقف في تونس العنصر ‘‘المُدهش'' نسبياً في هذه الجولة التي يقوم بها رئيس الدبلوماسية الروسية إلى منطقة شمال إفريقيا. فروسيا – يقول (آرنو ديبين) – ليس لها حضور تاريخي في تونس، التي تظل كذلك لغاية اليوم البلد المغاربي الذي تتمتع فيه موسكو بأقل وزن سياسي واقتصادي. و يعتقدُ مدير المرصد الفرنسي- الروسي، أن الاهتمام الروسي بهذا البلد يكمن في الملف الليبي، الذي باتت روسيا أحد لاعبيه الرئيسيين. وبالتالي، فإنه ليس من المستغرب على الإطلاق أن تسعى موسكو إلى مناقشة وثيقة للغاية مع تونس، التي ترى بدورها أن روسيا أصبحت محاوراً لامفر منه. تجدر الإشارة إلى أن القمة الثلاثين لجامعة الدول العربية ستعقد في تونس يوم ال 31 مارس/آذار القادم ، حيث ستكون على جدول الأعمال سوريا وليبيا واليمن. وهي ثلاثة ملفات رئيسية بالنسبة للدبلوماسية الروسية، لا سيما أن البلد المضيف (تونس) مرشح ليكون عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي. وعليه فإن الدعم الروسي له لن يكون غير ضروري، تختتم ‘‘لوبينيون''.