تمثل الزيارة الملكية المرتقبة إلى الصين لحظة دبلوماسية جوهرية لا تخلو من معنى استراتيجي، في إطار الأفق الجديد الذي كرسته خطب وجولات جلالة الملك عبر العالم في السنوات الأخيرة. الزيارة إلى الصين ستضاف إلى نتائج ودلالات القمة الخليجية المغربية الأولى التي احتضنتها الرياض مؤخرا، والى تنامي التعاون والتنسيق المغربيين بين فرنسا وإسبانيا بالخصوص، وحضور المملكة على الصعيد الأفريقي، وذلك بما يعزز ملامح الدبلوماسية المغربية الجديدة في المجالين السياسي والاقتصادي، اي من خلال إضافة شركاء جدد إلى العلاقات التقليدية المعروفة لدى المغرب. لم يفرط المغرب في علاقته بشركائه التقليديين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية، وأيضا على الصعيدين العربي والإفريقي، ولم يغير حليفا بحليف آخر، وإنما هو أضاف شركاء جدد إلى الآخرين الموجودين منذ عقود طويلة، وعمد إلى تنويع شراكاته الإستراتيجية مرتكزا الى قاعدة "رابح-رابح"، ومصرا على استقلال قراره السيادي الوطني. الصين اليوم تشهد تنامي قوتها العالمية وتعزز انفتاحها الاقتصادي والاستراتيجي بمختلف مناطق العالم، وخصوصا تجاه إفريقيا والبلدان العربية، والمغرب، بحكم موقعه الجغرافي والاستراتيجي وامتداد علاقاته الإقليمية والدولية ومميزات منظومته الاقتصادية والإدارية، يمتلك عديد مؤهلات بإمكانها إغراء العملاق الأسيوي لتمتين توجهاته التجارية والاستثمارية بالقارة الإفريقية ولتطوير انفتاحه على أوربا وبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة المتوسط، كما أن الأوراش التنموية الكبرى المقررة في مناطق المغرب، سواء بالشمال أو بالجنوب، بإمكانها أيضا أن تثير اهتمام المقاولات الصينية، فضلا عن المشاريع والبرامج المرتبطة بقطاعات البناء والأشغال العمومية والطرق والموانئ والطاقة والسيارات وتكنولوجيات الاتصالات والفلاحة والصحة والسياحة والفنادق وميادين خدماتية وصناعية أخرى. وعلاوة على ممكنات الاستثمار والشراكة التجارية والاقتصادية على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف، فان العلاقة مع الصين تعني كذلك الانفتاح على ملايين المستهلكين والسياح، وعلى قدرات علمية ودراسية بالإمكان الاستفادة منها وتأهيل خبرات محلية من أطرنا وشبابنا. إن زيارة جلالة الملك المرتقبة إلى جمهورية الصين الشعبية تتيح إذن استحضار كامل هذه المعطيات وغيرها، وتفتح أفقا مشجعا على تقوية شراكة مربحة للطرفين، وبالتالي دائرة جديدة أمام العلاقات التجارية والاقتصادية الدولية للمملكة وأمام الدبلوماسية المغربية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته