بعد أكثر من سنتين من التنطع والتدبير الحكومي الفاشل، خرج أغرب رئيس حكومة في تاريخ الحكومات المغربية عن صمته، مستعملا لغة الغارق في الأمواج المتلاطمة، يغازل المغاربة بالادعاء أنه سيعلن عن خبر سار، في محاولة يائسة للتأثير على الإضراب العام الإنذاري الذي تشارك فيه جميع النقابات ومختلف مكونات الشعب المغربي. والحقيقة أن أفضل وأحسن هدية ينتظرها الشعب المغربي، ويمكن أن تدخل البهجة على قلوب أبنائه الغاضبين، هي استقالة السيد عبدالإله بنكيران، وتقديم اعتذار على الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها في حق الوطن، والأضرار الكبيرة التي ألحقها بالمواطنين،بمختلف شرائحهم الاجتماعية،على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. والواقع أن المفاجأة السارة التي يمكن أن يزفها السيد بنكيران للمغاربة الغاضبين، هي تقديم استقالته من رئاسة الحكومة التي وصل إليها عن طريق حادثة سير،ومغادرة عالم السياسة بشكل نهائي،والعودة سالما غانما إلى قبيلة الشيخ والمريد،قبل أن يتابعه الشعب بتهمة النصب والاحتيال.. والواقع أن هناك أكثر من سبب يلزم السيد بنكيران بالإقدام على هذا القرار الشجاع أولا: لأول مرة في تاريخ المغرب المعاصر،يتعرض المغاربة لسلسلة من مظاهر الإذلال والإهانة مع حكومة السيد بنكيران داخليا وخارجيا، بدءا بالإهانة التي تسبب فيها وزير الشمبانيا، ووزير الشوكلاطة، والوزير الذي اضطر لخلع سرواله في مطار بفرنسا،مرورا بوزير السبسي والوزير الذي اختلطت عليه «الدعارة» بالذعيرة، وصولا إلى الإهانة بسبب الاعتداء على مواطن مغربي من قبل جندي جزائري في الحدود المغربية الجزائرية .. ثانيا:إن السيد بنكيران خذل المغاربة وباع لهم الوهم وأغرقهم بوعود كاذبة، ولم يستطع تحقيق 10 في المائة من الالتزامات التي تضمنها البرنامج الانتخابي لحزب العدالة التنمية، والأرقام والمعطيات ودراسات الخبراء والمختصين تِؤكد ذلك: لقد وعد بتحقيق معدل نمو في حدود 7 في المائة ولكنه لم يستطع إنجاز 3 في المائة.. وعد بالرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم،لكنه عوض ذلك أقدم على اتخاذ إجراءات لاشعبية أدت إلى انخفاض هذه الأجور بأكثر من 25 في المائة . وعد بتقوية القدرة الشرائية للمواطنين ب40 في المائة إلى أنها،على العكس من ذلك،تراجعت خلال الثلاث سنوات الأخيرة بأكثر 30 في المائة بسبب الزيادات المتواصلة في المحروقات والمواد الاستهلاكية الأساسية. ثالثا:لقد كان حزب السيد بنكيران وهو في المعارضة، ينتقد الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية والانصياع لتوجيهاتها، إلا أنه ارتمى في أحضان هذه المؤسسات،وأصبح خادما طيعا لها ومؤتمرا بأوامرها، يجري لاهثا وراء قروضها، حتى أن القروض التي أغرقت فيها بلادنا بسبب القرارات اللاشعبية للحكومة الحالية،في ظرف سنتين، فاقت القروض التي حصل عليها المغرب، في ظرف عشر سنوات،في عهد الحكومات السابقة.. رابعا:لقد ادعت الحكومة التي يقودها السيد بنكيران أن المغرب يعيش ضائقة مالية كبيرة، والحقيقة أن الحكومة تتوفر على أكثر من 70 مليار من الفوائض المتأتية من مختلف الصناديق الخاصة، إلا أنها راوغت دائما في صرفها، وأعدت العدة من أجل استغلال هذا الغلاف المالي المهم انتخابيا خلال سنة 2015.. خامسا: لقد كان حزب السيد بنكيران، وهو في المعارضة، يطالب بلجنة وطنية مستقلة للسهر وباعتماد البطاقة الوطنية في الاستحقاقات الانتخابية،لكنه انقلب على مواقفه ب180 درجة. سادسا: لقد كان حزب العدالة والتنمية يحرم القمار، عندما كان أعضاؤها لا يفوزون في مسابقاته إلا أنه أصبح حلالا لما فاز ابن أحد قادته بمسابقة البوكر.. لكل ذلك ولغيره فإن المغاربة الغاضبين ينتظرون المفاجأة السارة من بنكيران وهي تقديم استقالته من تدبير الشأن العام والعودة إلى قبيلته الدعوية ..