تجاهد حكومة السيد سعد الدين العثماني نفسها، منذ تعيينها إلى الآن، وتحاول طيلة هذه المدة، أن تلعب على الزمن، كما تحاول دائما وفي أغلب اجتماعاتها أن تخادع نفسها عبر التغاضي والتعالي على الواقع، إما خوفا منه، وإما أنها تؤجل الصدمة إلى حين. ويتمظهر أعضاؤها في تصريحاتهم الصحفية وفي لقاءاتهم واجتماعاتهم على أن الحكومة جهاز تنفيذي مقتنع بأدائه وبالحصيلة التشريعية، او الإجرائية التي وصل إليها، لكن الواقع يكذب ذلك، ويقول شيئا آخرا مخالف تماما لما تروج له حكومة السيد العثماني. مشاريع قوانين استراتيجية عالقة ومعطلة، احتجاجات هنا وهناك، ضرب مبرح للقدرة الشرائية ورمضان الأبرك على الأبواب، حملات متواصلة لمقاطعة العديد من المواد الاستهلاكية، تلاعب في مصير الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية المجمد منذ مدة، وتعثر بين وواضح في ترجمة الشعارات التي رفعتها قبل التعيين. يوم الجمعة 27 أبريل 2018 انعقد الاجتماع الأول للجنة الوزارية لتتبع تنزيل البرنامج الحكومي برئاسة رئيس الحكومة السيد العثماني، وتداول الاجتماع بشأن التقرير التركيبي لإنجاز البرنامج الحكومي خلال السنة الأولى من عمل الحكومة، حيث تم تسجيل أن 88 بالمائة من إجراءات البرنامج الحكومي أنجزت. هكذا هي الحكومة تسوق لنفسها وينوه أعضاؤها بعضهم البعض بهذه “الإنجازات” في مقابل التنكر للشعب المغربي ولقواه الحية، والجميع يعرف من تخادع الحكومة وعلى من تكذب. في الاجتماع المذكور، قالت الحكومة، إنها تحملت مسؤولية الوفاء بالتزاماتها وترجمتها إلى مخطط تنفيذي يتضمن الإجراءات التفصيلية العملية الكفيلة بإحداث أثر إيجابي ملموس على الحياة اليومية للمواطنين وعلى عموم الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.لم تفكر الحكومة أن مثل هذه الاجتماعات هي مناسبات فعلية، وفرصة تتاح للمكاشفة مع الذات أولا ومع المغاربة ثانيا، لكن عجزها لا يثنيها عن التنويه الكاذب بالتقدم الحاصل في تنفيذ عدد من الإجراءات، التي قالت إنها نوعية في أغلب المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وتزيد أن هناك إصلاحات كبرى ومهيكلة. الحكومة حرة ولها كامل الحرية فيما تقول، لكن هذه الحرية مشروطة بقول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. غالبية المغاربة يتفاجأون حين يسمعون دائما، أن حصيلة عمل الحكومة في سنتها الأولى إيجابية ومن الأهمية بمكان، والأمثلة التي تفند ذلك كثيرة وكثيرة جدا، نقتصر فقط على مثالين لا ثالث لهما. فاتح ماي ورمضان على الأبواب.. بعد مرور نحو سنة ونصف على إيداع مشروع القانون التنظيمي، المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفية إدماجها في مجال التعليم، ومجالات الحياة العامة، لازال هذا المشروع لم ير النور، ولم تتم المصادقة عليه، وقد انتهت المناقشة التفصيلية حوله، وعقدت أيام دراسية على الهامش، وساهمت فيها العديد من الجمعيات الأمازيغية، لكن يظهر أن مرحلة إخراج هذا القانون إلى الوجود لم تحن بعد، ولا داعي الدخول في التفاصيل . في جانب آخر، وفاتح ماي على الأبواب، فقد سبق فيما مضى من الأيام، أن طالب محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، الفرقاء الاجتماعيين بإبداء ملاحظاتهم حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب قبل شروع البرلمان في مناقشته، لكن المركزيات النقابية استشعرت خطورة خطوة الوزير يتيم، وبادرت بالرفض، وردت على الحكومة بإرجاع هذا المشروع إلى طاولة الحوار الاجتماعي. وقد أدركت النقابات أن الحكومة تحاول تمرير قانون الإضراب وتهريبه إلى البرلمان للاستقواء بالأغلبية قصد تجريد الأجراء من سلاحهم النضالي ومصادرة حقهم الدستوري. ضربة جزاء الثانية التي سجلتها المركزيات النقابية في خضم هذا الأسبوع، الذي يفصلنا عن فاتح ماي، هي الرفض المطلق للعرض الحكومي، الذي اعتبرته النقابات لا يرقى إلى الانتظارات الحقيقية للشغيلة المغربية، لأن حكومة السيد العثماني لا تضع في حسبانها تحسين دخل العاملات والعمال في القطاع الخاص. المركزيات النقابية، في هذا الإطار، تشبثت بحوار جاد ومسؤول مفضي إلى نتائج ملموسة وقابلة للتنفيذ. والحكومة الآن أمام مسؤوليتها التاريخية، وإلا فاتح ماي والشارع و”الفايسبوك” ستتحول كل هذه الفضاءات إلى الفيصل بين الحكومة والمغاربة. فاتح ماي ورمضان على الأبواب..