فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متاهة
نشر في طنجة الأدبية يوم 29 - 06 - 2008

حين طرقت باب غرفته في الطابق الخامس الرقم 13 في فندق بئيس... كان مفتوحا...
ودخلت.
كان يجلس على كرسي يقابل حاسوب. دون حراك ووجدت الشبه الكبير بيني وبينه بل وكأننا خرجنا من نفس الرحم وفي نفس اليوم.
لماذا تركته هنا وحيدا؟ وأين كنت؟ ولماذا الآن وبعد غياب طويل يفاجئني بموته.
ولأنني أقاسمه عشق ''الحرف '' وأشياء أخرى. انزلق النظر على محمول أوراقه المبعثرة وشدتني الكلمة الأولى:
ح...حش...حش...رجة...
وسايرت لذة الانزلاق:
ح...حش...حش...رجة...
وصوت...
وصوت أنين مغتال...
ت
ه
ا
و
ى...
تهاوى الجسد كورقة خريف من شجرة... جذورها في غيمة لا تعد بقطرة ماء واحدة.
قبل...
قبل قليل: كان هنا.
يرسم بالكلمات قصر دفء لأوجاع العظام والذاكرة.
..............
..............
قبل قليل: كان هنا.
سيدة الغرفة الآن: روحه.
كان هنا...
عيناه بزهو طاووس خبرنا البريق بصوت المتعال: أنا الخلود
سيدة الغرفة تنزلق كفراشة مذعورة على أشيائه الحميمة وإليه ترنو بدهشة عدم التصديق:
عطب اليقين.
وهي تنزلق...حط... حط النظر وهام في عمق تأمل شبه دامع للكرسي الحامل لجسد كان هنا قبل قليل.
مدمدما بتلك الأغنية الساخرة:
وأخيرا ستستريح من ثقل الأيام ودورة الفصول البليدة.
وحدها شقائق النعمان تلك التي ستتسلل من بين شقوق مثواك الأبدي خلسة، تعرف حر الأسرار.
وهي هنا ( وأشار إلى الأوراق المبعثرة على الطاولة ) هيهات من ملك تحت لسانه سيفا فك رموزها.
وارتفع صوتها بلهب نار قديمة في الأعماق:
أهذا كل شيء؟
أين؟
أين؟
يا أنا؟
أين؟
شمس وحولي الكواكب والنجوم والمذنبات... تدور.
...............
...............
الراحل جالس على كرسيه في صمت مهيب، يتكئ بمرفقيه على الطاولة ورأسه غارق بين أوراق مبعثرة وعيناه مفتوحتان على شساعة شاشة الحاسوب، وهو يعيد مشهد صورة لوجه يعرف بشاعته
البشر، الطير والحجر.
وجه يبتسم بخبث... ابتسامة تترجم نواياه ودون تقية أو قناع بتحد تغني:
روح العالم أنا. سديم فوضاه: نظامي.
ومن قال: هواء أرضي نار؟
هي برد وسلام لقامتي.
...............
أعرف...
أعرف إلى أين يذهب يقين حدسك أيها الشبيه !؟!
هم...
هم عديدون استباحوا القلب بالغدر والقتل...
هم عديدون...
والمصاب أفواه تنتظر محمول سلتنا.
ولكل بيت حفاره وفقيه يرتل الآيات بالمقلوب.
هم...
هم عديدون
ويقول أهل الباطن بلسان ضيق العبارة واغتراب المعنى:
سبب دمارنا: موت الكرامة.
هيهات لراكب غيمة خوف النزول إلى حضرتهم.أول الطريق إلى فتح هذا الباب والنزول:
اليقظة.
باب واحد بعدد النجوم: مزلاجه.
صرنا أكثر حكمة من النعامة... وليس من الضروري التيمم بالرمال... في كل نفس شساعة:
صحراء.
لنجلس...
لنجلس إذن وننتظر.
هكذا تكلم الخوف لليقظة وبهمس لتردد الجدران وجعه.
وأي
وجع
يا وجع؟
وهل تضمد الكلمات حره؟
هلْ....؟
هل يحلق النورس الكسير الجريح المنعزل ويواصل السفر إلى جزيرة '' إلى أين ''؟
جزيرة حلم بها السندباد لكن الموت كان عربته إلى الجهة الخارجة عن خريطة ميدوزا اليقين.
وقبل رحيله، رأيته يبيع المركب قطع ألواح في سوق المزاد وأختار الإقامة في كأس أو في فردوس سراب في الذاكرة. قيد نفسه بصحيفة ضوء شياطينها الحروف.....صور للعراء
.....ودردشة تقف على ساق واحدة: سجنه الانفرادي
الباب مفتوح..... وأقدامه لن تهرب به بعيداً عن قيد في القلب والذاكرة مهما فكر في الركض.
ولا أحد..
لا أحد في المشهد إلا غناء الصخرة القديمة، تحتفل وتنادم آخر وردة على الأرض.
قاتلي اليوم لن يحتاج إلى قناع.
ولن يأخذ مكانه في زاوية من الزقاق وفي الظلام وينتظر قدومي.
القطة/الأم: التي تحملت ثقل بطنها، ساعة السقوط والجوع سيد الحضور تفترس صغارها.
وعين الله...
شاهدة على عرس الدم.
وتردد هاويات الغابة أنين الهارب من نفسه... أنين... لا يعلو صراخه حتى لا يكون وجع صوته ضوء دليل لأنياب جاهزة للعض والبلع.
خطأ سمينا حفر الأرض مقبرة...وما قبورنا إلا في بطونهم. وأنا العبد الجبان المغلوب على أمره المحمول.
أما أجسادنا المودعة هناك: قشرة موز.
وقيل أن قشرة الموز له قدرة علاج ضغط الدم المرتفع وقيل بدء العمل على استخراج الطاقة بعد سحقه... ولم لا... في الزمن القادم تولد نظرية تثبت أن مسحوق عظامنا يفيد إطالة العمر وقد تولد من رحم نفس النظرية، مولود نظرية جديدة تعد بالخلود...طبعا المصاب في هذه الحرب وكسائر الحروب البشرية القديمة، المصاب دوما نحن من لا مخبأ لنا.
إن حياتي تتحدد بحركتي وما يغذي قامتي من ماء وسماد ومعنى: حب، رغبة، حرية...
وكلما...
كلما سارعنا بالحفر، ازدادت سرعتنا بالخروج من هذا النفق.
الانتظار يميت القلب.
ولا ينبغي النظر إلى علاقتنا بالأرض بالذي نشمه ونلمسه من خلال ثقب غصن الخيزران، أما السماء بأي حق نلقي ثقل خوفنا وضعفنا على غيومها وننتظر الحل.
تأمل...
تأمل جيدا...
ليس في السماء إلا النجوم.
أما إن حدثني عن الواجد.
جوابي: نعم
لي تصوري الخاص ولا تضع سيفا على عنقي.
ومعناه احترم تصوري ولنتحد جميعا على الإله البشري المريض بجنون العظمة والأرقام.
أما ذلك الهيكل العظمي الأبيض المخيف شكله المتلحف بالتراب لا يهمني....
أدفنوه
أو
أسحقوه
أو اجعلوه حطبا لمواقدكم...
تأكد... يا معذبي:
لا أنين.
يقال أن البجعة عندما تشيخ أو لجرح ما يذكرها بخاتمة لركضها الطويل تعتزل عن بقية السرب وتختار منفاها البارد الأخير...وهناك ترثي نفسها بموال حزين.
يذكرني البجعة بغرابة حكمة عجوز في حكاية يابانية قديمة، طلب من أولاده أن يحملوه إلى قمة جبل ونفذوا وصية العجوز...وتركوه هناك مع الطعام الكافي والماء منتظرا حلول فصل الشتاء الثلجي وعندما كسا القمة بغطائه الأبيض وأتى زمن الشمس، جرف الذوبان كل شيء.
العجوز منح لرغبته هذه اسما غريبا: الحج الأعظم.
ترى ما الذي فكر فيه العجوز في عزلته؟
تمنيت لو كان للبجعة حق الكلام لتوضح لنا سبب عزوفها عن مواصلة العيش مع فصيلتها؟
هل في عزلة العجوز والبجعة شرف الأنا وعلوها ورفضت أن تكون عالة على الآخرين؟
في مثل هذه العزلة تكمن أرستقراطية الأنا وبامتياز كبير.
وهي أرستقراطية تقول:
تبا لشفقة والرحمة ومرحبا بالعزلة لأنها ستحجب عن الأخر ضحالة ضعفي.
صحيحْ...
إن الضعف مفزع ومرعب... وهو جزء من تكويننا النفسي...وما محرك مواجعه إلا الخوف واستحضار وجع ثقله. وقد يصبح عادة سيئة ونحوله إلى عكاز طريق.
وأي طريق؟
بناء الأهرامات والمعابد فوق غيمة أو زبد بيد معروقة...وهي تتحرك وترسم وجه معذبيها على الجدران السقف والبلاط... يعلو السوط وينزل ويلسع ظهورها العارية ومن حرك عيناه في رأسه فأمه هاوية، نار قضبان حامية.
تتوسل الرحمة من سديم العدم.
لا
لا
وجدت لكي أعيش أولا.
ولا عيش دون كرامة.
وفي ظل غيابها الموت.
النعلة...
النعلة لمن حول سقف بيته حانوت عهر.
ولمن يركع وبعرقه يلمع حذاء معذبيه. ويكشف عن نصفه السفلي ويخاطبه :
هل لك من هذا أو هذا؟
فقط...
دع مولاي وسيدي خبزك يواصل دخول معدتي.
وطوبى لحراس وسام الكرامة.
ويقول لنا شرفهم وشجاعتهم: هو يزول...إيهْ الضعف... يزول لو نزعنا الجبن وعصرناه من
جذوره حتى آخر قطرة من عروقنا.
دون نزعه: لاقوه.
ولعل في الإنفراد بالأنا المحبطة والاحتفاء بها يضاعف من ضعفنا: لا قوة.
سمي تحمل لسعات سوطها: قبرنا الأبدي.
أنظر...
أنظر إليهم لقد توحدوا على قهرنا.
ونحن؟
آه يا نحن...
توحدنا على إذلال من هم أضعف منا. لأن الضعف درجات تماما كالقوة.
إن لذة الاستسلام والانعزال والانتظار... قدوم الثلج والعاصفة وقبلة لسان الشمس الحارق ... لذات سلبية. تمنيت لو آثر هذا العجوز الياباني لنفسه حكمة جوته وهو في سن الثمانين يحتفي بعلو الحياة وعمقها ويغني:
أشعر كأنني أختلف عن سائر خلق الله وأبدل مجهودا يفوق جهدهم...مع مطلع كل شمس نهار جديد أفكر في شيء جديد فقط لكي لا أشعر بالضجر والملل، أجل يجب أن نعيش حركة الفكر والجسد على الدوام وإلا أبتلينا بتعفن النظر والإنصات. وسكنا برودة القبر قبل حضور ذاك الذي ينتظر العبد والسيد: الموت.
بل وهو على فراش الموت طلب بعينيه من أصدقائه وأهله ورقة وريشة وكتب:
النافذة ...
افتحوها ...
أرجوكم أصدقائي
وكأن لسانه يقول:
دعوا أشعة الشمس تدفئ العظام لعلها تقاوم صقيع ظلمة الكون، ليواصل جوته صديقكم الكتابة.
وسلم الروح لمن سجنها في قفص الجسد.
هل زاره النص الحلم الذي باع من أجله فاوست روحه لشيطان؟
هل زاره في هذه اللحظة؟
من يخاف لا يتقدم.
كلنا نعرف أحفاد العجوز الياباني اليوم...تعلموا من الدرس...و كلنا يعرف من كان المعلم.
ليست حكمة الجد البلهاء...
لا
لا
تلك الرسالة البرق الناري الخاطف التي سقطت في سنة 6 من أغسطس سنة 1945.
رسالة موقعة بِ '' أنا الرب '' وضعت في ظرف مكشوف ساعيه طائر جيف اسمه "إينولا غاي".
وحصدت ثمانين ألف إنسان في ثانية...ليعود الطائر ضاحكا إلى عشه وهناك يستقبله سيده
بكؤوس من الشمبانيا وليلة بيضاء ماجنة.
لقد تيقنوا أن البنادق الخشبية لا تحقق الانتصار، تماما كالعزلة البليدة عن العالم
والاكتفاء بطعام الأرز تحت إدارة حكمة تعاليم رجل دين يقرأ معاني الحروف بالمقلوب.
آه يا عقل !!!!!
أرفض...
أرفض طريقه المسدود، أي ذاك الذي يقع فريسة للفهم المغلوط ويحاول إثبات حطامه عين كامله وله الصلاحية في قيادة قارب الحياة وسط بحر غاضبة أمواجه وفي نفس القارب: فأر صغير تخيل بدافع جوعه وهو يشم الخشب العائم خبزا.
و يواصل القضم ليل نهار.
مَنْ مِنهما على حق في وهمه؟
وقاربنا مهدد بالغرق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
همي الأول: سقف، عمل وليف وبعدها يمكن أن نتحدث في موضوع الله...هل يوجد أو إن شئت عدمه. يستحيل أن أفكر فيه بجسد معطفه عراء الليل، والمعدة فارغة والسرير عريض طويل وبارد.
لقد دمرني هذا الفهم المغلوط وكنت فأرا تخيل دماره بدافع اليأس شعاع أمل في النجاة.
وما تعبت من القضم والحلم والانتظار.... وأغنية البحر تهمس في أذن السكران بوهمه:
من فقد توازنه.... عمقي مقامه.
كيف؟
كيف نقهر هذا النحيب الجنائزي؟
كيف...؟
..................
لحظة... لحظة... من فضلك.
من المتحدث هنا والآن؟
ومن منا القائل:
'' في مثل هذه العزلة تكمن أرستقراطية الأنا وبامتياز كبير.''
اسمعني جيدا....
الإنسان مقاومة وإن قست الطبيعة علينا وحرمتنا من حركة عضو ما في جسدنا.
لنخلق...
لنخلق ألفة مع نقيصتنا ونحول أوجاعها إلى لوحة لنهار جميل.
وهل من مات عقله يحتاج إلى قوة المسيح لكي يعيد حركته إلى الحياة؟
عضو لا يعوضه عقرب لسان.
وأي لوحة لنهار جميل سيرسم من ماتت كرامته /عقله؟
ولقد كرمنا الإنسان بعقله... هذا ما يتغنى به العلو والأفق.
العقل الذي أقصد ذاك الذي يكن مطلق الاحترام والتبجيل لأمه ولها أجمل الأسماء: محبة
الحكمة.
وهي لا تقيم إلا في الجمال ولسانها لا يتعب من الغناء بحرية وسعادة الإنسان كإرادة ورغبة
وقدرة على الخلق والإبداع.
وإذا أجبرنا الحكمة على الكلام ستقول لنا:
إن الحياة التي تتنفس بالكراهية واحتقار كل ما هو جميل، يستحيل أن أقيم تحت سقفها.
وهل يدخل الحكيم إلى منزل لا تدخله الشمس؟
عندما يخلو خراج العقل من النزعة الإنسانية يتحول إلى آلة للقتل.
وليس بالضرورة رصاصة أورسالة "إينولا غاي'' 1945إلى اليابان.
أو إلى.....
تعددت الآلة والجهات والخراب واحد.
والمستهدف دائما ودوما الإنسان الأعزل.
همه الوحيد سعادته وقد وجدها أخيرا تحت سقف دفء عائلته.
وهل تركه خراج العقل المريض.؟
أصبحنا في ظل هذه الحضارة المرض ومضة شاردة وصار العقل المدبر المفكر خادما للذين يفكرون اليوم تدمير كوكبنا والصعود إلى القمر وليس غريبا شراء أراضي هناك، أكيد أثبت لهم العقل الخادم المطيع لأهوائهم إمكانية الحياة هناك. ومادامت الحياة هناك مضمونة فليذهب إلى الجحيم هذا الكوكب العجوز..
أولاد الأبالسة لقد حولوا المجانين المرضى والمساجين إلى قتلة وقنابل موقوتة.
نعم للعقل نغمته الجميلة.
وليس ذاك الذي مع جرعة كونياك حصدت رسالته ثمانين ألف إنسان في ثانية.
.
.....................
أتسمي هذه قصة؟
..................
أرجوك..
حاول القبض على الكلمات الهاربة من شفتيك... اجلس ونظم فوضى الأعماق وعد إلى غرفة الراحل. نحن نريد حكاية...
هل تسمع؟
إبدء إذن...
إنك '' هنا '' عزيزي كفراشتك تنط من فكرة إلى خاطرة إلى صمت حيرة لا تخدم الكلام بالبركان المطلوب صوته وحممه في كل كتابة صادقة مع الحلم وهو حلم في حاجة إلى سماد وماء.
لماذا تركض بهذا الشكل البئيس؟ عن أي شيء تبحث؟
اجلس...
اجلس إليها ونظم فوضاك وكن بسيطا مع جرح مشهد يسكن الذاكرة، خلخل أرضه بقبلة
الأمير الأزرق للأميرة النائمة.
لا بقرع الطبول والنفير.
أكيد فكرة الحرب تطاردك.
تلك حقيقة ترقص في أفق حياتنا '' الآن '' و'' هنا ''.
وماذا سنخسر أكثر مما خسرناه.... قريبا سنحول السماء إلى مقبرة.
ألم تقل في نص لك وسميته '' عين العدم '' على لسان الأب نيكولاس:
( أنظر سيدي إلى العلاقات البشرية. جافة، يطبعها التكلف والمجاملة الكاذبة. النفاق والأنانية. أما الخيانة شحذت خنجرها القديم لتطعن حبيب القلب، من الخلف. جرائم القتل تقع في كل ثانية وبلا حصر. والرعب يتجول في الشوارع، القرى والمدن. ولا أحد...لا أحد اليوم يملك يقين سلامة عودته إلى البيت هذا المساء. مات المعنى في حياتنا، ولا مكان تحت قبة هذا الكون، يعد بالدفء.
وأطفاله أدركوا عمق أحزاننا وشيخوختنا المبكرة، وبدل أن يرسم أطفالنا لوحة لعالم جميل وهادئ، رسموا ورودا حديقة ذابلة وأشجار اقتلعت جذورها وتمارها لم تنضج بعد. وتلك العصافير التي كانت تعكس بتغاريدها بهجة الحياة،رسموها كأوراق خريف ملقاة على الأرض، وبشكل حزين تحتضر. رسموا أنواعا من الأسلحة، أسلحة حرب تعرضها الشاشة الصغيرة مع مطلع كل نشرة أخبار. رسموا الدمار... الدخان... الجيف... أحشاء بشرية.... رسموا مدنا وقرى تحترق والإنسان يحمل قبره ويركض بين الأنقاض. حفر الأرض ترفضه، والسماء تتوعده بالعقاب. طرق ولا نقطة ضوء واحدة تلوح في الأفق. عين شبح الانتحار تطارده.والوصايا تعددت.ودمعة الضجر، القرف، المسخ، الاغتراب والقهر أنهار والمصب رمل... رمل جشع لا يشبع.....أما أطفال الحرب لا وقت لديهم لرسم. هم يبحثون عن مخبأ.
إن ضربة جنون تهدد هذا الكوكب... أنظر...أنظر إلى نجومه... ومنذ زمن بعيد وبعيد تنحو إلى الأفول واحدة...واحدة.
وصناعة الألم: خبز العصر اليومي.
ناقوس الخطر تدلى من السماء... أرهف السمع جيدا... هل تسمع؟ آه ربي...ربي، حقا قرعه الصاخب هذا لا يطمئن بخير.نحن المصابون. لا مخبأ لنا.... لا مخبأ لنا ربي. ووحدك ربي تعلم العلم اليقين هلْ...هل الحي منا ستنتعش روحه بعد الغبار،الدخان، بعطر آخر وردة على الأرض.أغمض عينيك وتخيل هذا العالم. شيء رهيب حقا.
إن موت طفل برصاصة من بندقية جندي أجبروه بدافع الخبز على القتل:
عار نتحمله جميعا
وقد تنتهي الحرب
لكن عين لا تنام
مفتوحة دوما على جرح ذكريات ليلة قهر بعيدة.
وهل ينام من به نوبة شجن وأحزان؟
حتى وإن أجبرتموه على الرقص...وهل يمكن الرقص على ساق واحدة؟
اجلس...
وكن منصتا لأنغام الطائر الجريح الكسير الذي قلت في حقه:
هل يحلق النورس الكسير الجريح المنعزل ويواصل السفر إلى جزيرة '' إلى أين ''؟
بلى...
بلى سيدي ومولاي... وكن له نعم الرفيق الحكيم... لما لا... لا... بل أكيد... غدا مع إطلالة شمس صباح قادم قد يحلق.وقد ينعم بجمال وهواء الجزيرة الحلم، ولنحافظ على الاسم
... ولما لا... جزيرة '' إلى أين '' لكي نواصل دوما البحث عن الأجمل.
اجلس ولا تفكر الآن في الحشرجة الملعونة التي كانت شرارة البوح الأولى، وواصل الحكي.
مفهوم...
لنبدأ بتنظيم فوضى حروفك هذه.
واعلم أن كل نظام إن طال أمده ينقلب إلى جمود وقعود. وكل ثبات هو موت.
لنبدأ إذن...
ودندنت روحه:
لقد سكنت جسدك أيها الجالس على الكرسي ''الآن'' و''هنا ''... كيف للذي يخيفه ظله أن يتقدم؟
أنت تعرف نفسك جيدا... وأعتقد أنك لست في حاجة إلى المزيد من المواجع. يكفي ما ابتليت به...لأنك بكل بساطة تزعجك المرآة.وأكثر من هذا فظاعة فأنت..... هل اكشف عري الأوراق لشمس؟
هي....
هي في الحقيقة حكاية قديمة وإن كانت كذلك فهي عين حاضرك.
في يوم من سنة....
جلس إلى حاسوبه وبدء النقر على الحرف الأول تم الثاني والثالث والرابع وزاوج بينهم وقرأ
بصوت يتمايل مع حروف الكلمات:
(ح...حش...حش...رجة...
وصوت...
وصوت أنين مغتال...
ت
ه
ا
و
ى...
تهاوى الجسد كورقة خريف من شجرة... جذورها في غيمة لا تعد بقطرة ماء واحدة.
قبل...
قبل قليل: كان هنا.
يرسم بالكلمات قصر دفئ لأوجاع العظام والذاكرة.
..............
..............
قبل قليل: كان هنا.
سيدة الغرفة الآن: روحه.
كان هنا...
عيناه بزهو طاووس خبرنا البريق بصوت المتعال: أنا الخلود
................
.................
................)
خلود؟؟؟
لحظة...
لحظة من فظلك ولما لا...؟
خلود يقوم على قهر الأسباب التي تقود إلى الموت المبكر.
إن العبودية موت.
ومن قال أن زمن العبودية انتهى؟
الفرق الوحيد اليوم أن كل واحد منا ينام في بيته والعين مفتوحة على الساعة المنبهة، ينتظر الخيوط الأولى لأشعة الشمس ليذهب إلى الزيادة في إنتاجهم، والمقابل حبة خردل.
السوط تحول إلى طرد أو عقوبات...النقص في الدخل وممارسة العنف النفسي ضده.
كل...كل عامل اليوم يعرف هذا... أشْ غادي إيديرْ؟
وجوابه:
الخبز قاصحْ أُو حَارْ أولد عمي.
خلود ما هو إنساني فينا... لعله يدفئ بشر الزمن القادم...
أكيد هناك يمكن الحديث عن '' موت الإنسان ''
الآن...
الآن نعيش حشرجته الأخيرة.
ويكون الرب الرحيم '' آلة ''.
'' آلة ''...
قد تسهل طرق عيشهم، لكن مشاعرهم صقيع لا يطاق...
والذي سيواصل قراءة روايات ''الحب'' سيكون خارج مدينتهم.
تركت الباب مفتوحا وعدت حيت كنت...أين كنت؟... شيء غريبا حقا أشعر بأن جسمي قد خف وزنه بشكل كبير وأنني بإمكاني أن أحلق كالطيور. وقلت في نفسي:
من منا يحلم الآن؟ ومن منا الحي ومن منا الميت؟
أم يصح عليك قول الإمام المغدور به:
'' الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ''
ويضيف:
'' استهينوا بالموت، فإن مرارته في خوفه ''
الجنون حلم طويل.
من علاماته: الهذيان، البلاهة وفقدان المعنى.
وكلانا نحلم
.
وتذكرت أنهم عندما أخذوني وبالعنف والقسوة والضرب الوحشي كنت جالسا إلى مكانه، كنت أكتب...
وقبل جلوسي للكتابة...صفعت العجوز صاحبة الفندق...الكلية القذرة نصف المدينة ملكيتها ومع ذلك تتمتع برغبة شرهة في البلع وتطالب بالمزيد والمزيد.
وفكرة القناعة كنز لايفنى بالنسبة للعجوز قائلها ينبغي أن يشنق بأمعائه.
نعم...
صفعت العجوز لأنها فكرت في تحويلي إلى كلب من كلابها بفرض قوانين لا تتلأم مع حريتي كنزيل في الفندق بحجة أنني أزعج هدوء نزلائه بالنقر على حروف الكتابة ودون احترام نومهم. أنا في الحقيقة لا أريدهم أن يستسلموا لهذا النوم البليد...
نعم... لها حقول أيضا لزراعة العنب الذي بعد جنيه يعصر لاستخراج الخمر...نعم... هم يعملون في مزرعتها ولأن من الصعب الحصول على دفء سقف، لهذا السبب شيدت العدد الكبير من الفنادق. وهل الثعبان يسلم سمه بالمجان؟.... نعم... صفعت العجوز و شتمت كل نزلائه بل خرجت إلى الشارع عاريا مني وخفيفا مما يثقلني...أردد أغاني ثورية ...
لا...
لا علاقة لها بفلسفة ذلك الألماني الذي يشاركني العداء لجشع العجوز. ولا بمخططات ذلك الرجل الذي جلس على العرش بعد انهيار قصر القيصر... هي أغاني نظمتها نفوس متعبة ومقهورة ماتت حبا في الأرض وما استمتعوا بالخراج.
قيل لي هناك في المصحة أصبحت عشرتي لا تطاق. لهذا السبب هجرتني بيلاجي... أين هي الآن؟ أخاف أن تكون يداي هذه قد خنقتها وربما اليوم أطلق سراحي بعد سجن طويل. والدليل أن الراحل الجالس أمام الحاسوب لازال شابا وأنا... مرآة المرحاض تقول لقد شخت وأن زمن رحيلي قد حضر.
لكن لماذا سأخنق بيلاجي وهي حبيبتي...عفوا أمي وهي من علمتني الأغاني الثورية؟
وحده الجلاد القذر (جدانوف) يعرف محمول نارها وطبعا هذا يخيفه بل يرعبه.
والأم بيلاجي تعرف جيدا الملعون الكلب (جدانوف) تعرف أنها لو واصلت غضبها بنفس النغمة القديمة ضد '' الإرث الثوري '' لقلع أظافرها وجز شعرها وسحق جمجمتها وأرسل الرماد إلى قلعة سيبيريا الرهيبة.
شيء...
شيء حزين ومخزي وعار ومؤلم...أن يتحول المبشر بالفرح والحرية إلا سفاح وجلاد والعدو اللدود لمبادئه القديمة.
آه '' أنا أخماتوفا '' وحدك تحملين نذوب مرحلة سلطة العقيدة المريضة.
وفي أذني تهمسين:
ليس هذا هو العالم الذي من أجله سجنا وعذبنا. أنا أرفض تلك الإتاوة ولا تلك المصالحة وأية مصالحة والحال أقذر مما كان.
هل من المعقول أن نلغي ونقتل من يعيننا على حب الحياة؟
بيلاجي...
كل شيء هادئ الآن.
والإخوة في صراع من أجل الغنيمة ومنهم من ارتد عن الطريق ووضع خطوة إلى الوراء وتآمر ضد وطنه.
ومنهم من غرق في يم كأس.
ومنهم من قال للمسخ أنت الحكَمُ.
ومنهم من قلد قرد المهرج: لا أسمع، لا أرى ولا لسان لي.
ومنهم من دخل المعبد من اليسار وبصوت مسموع وجهاز المكبرعلى فمه:
كن مؤمنا بالذي أعطاهم إياكم والحسد والتهور.
ويؤكد:
القناعة كنز لا يفنى.
مزق في مزق
والكأس يدور ....
محموله: أفول نجمة.
وعدتنا ذات مساء
بزغرودة
فرح
و
صعود.
بيلاجي...
سلام...
سلام أيتها ''الأم '' الروسية.
.
خذيني... ضميني... افتحي النوافذ... ́
أتذكرين...
أتذكرين نخلتنا حبيبتي إليها بعد الركض فرحا حزنا إلى ظلالها نستريح
نحكي وننسج معطف أحلام... لغدر الأيام... رأيتها تركض عارية من الجذور....
السعف
والتمر
تنظر هلعا إلى السماء... وتنتحب:
أين الناس والماء.؟؟؟ أين الخيل والناي؟؟؟
و
غ
ا
ر
ت
في مدام كأس...
وزيف ضوء...
وغط الملح والنار الرمال.
أكلما لاح لي وصدح أنين نخلتنا، تذكرني بزمهرير قيامة تلوح في أفق الأيام.
وتمايلت رقصا مع وجع نغمته: جوهر وجودي.
سميه حبيبتي: صمتي.
صمت يمتطي عربة موت،عجلاتها تركض في جنون نحو مقبرة تحت سمائها ينام: غرباء الاسم.
شتات/ رقم..... ذاكرتهم.
أكلما أينعت زهرته وفاحت بعطر أسئلة، توضحت وتألقت....هيأ حراس الوقت البنادق والمقاصل
و فتحوا أبواب السجون.
سمي صمتي:
ي
ت
م
ا
ق
تعكس حضوري.
لماذا شعر راسكولنيكوف بالذنب في قتله للعجوز البشعة الجشعة الجائعة في الدم.
نبتة جذورها تعمقت في تربة الافتراس.قانون واحد هو شريعتها:
أقتل أو تموت.
راسكولنيكوف رمز للإنسان المريض بأخلاقيات الضمير.
هو ضمير مسيحي ولنا يقول ويوصينا:
أدر خدك الأيمن لمن صفعك على خدك الأيسر.
هل معاناة سبيريا سوطه علمه تقبيل يد معذبيه؟
............
............
إلى أين سأذهب الآن؟
لا...لا...لا
سأنتظر دفنه وأجلس في مكانه وأواصل الحكي...
ولماذا تأخر هؤلاء الأوغاد في الحضور؟ ألا تنبههم الروائح النتنة التي تفوح من جسد الراحل على موته.
أكيد بشر هذا الزمن فقدوا حاسة الشم وأكيد أيضا الإنصات والنظر.
وإلى أين سأذهب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لا...
لا أعرف...
من...
أين أتيت...
فكيف لي أن أعرف إلى أين أنا ذاهب؟
إلى أين؟
وهل سأجد ما أبحث عنه؟
وعن ماذا أبحث أصلا؟
من الأفضل لي أن أعود إلى غرفته، على الأقل هناك تحت سقف غرفته أحسست بدفء كبير وحبب لي النوم إلى جانبه نعم هناك اعتدت النوم بعين واحدة والثانية مفتوحة،حتى لا تفاجئني صفعة من كف غادرة في الظلام وقد انتابني إحساس غريب يمكن تسميته بالأمان الأعظم... ولم لا... علمتني لسعات سوط الزمان لعبة الانتظار وكيف لا أنتظر في هذا اليم المتلاطم
أمواجه: أنا، هي، هو، الاثنان معا، نحن، هم، هن.....؟؟؟؟؟؟؟؟
وإن كان يفوقني سنا خاطبته بشبيهي... من منا المرآة؟
أين سأجد تحت سقف الكون مكانا أجمل من بيت كاتب.
طوال حياتي كنت أحلم بلقاء كاتب والجلوس إليه بالأحرى الإقامة تحت سقفه.
قلما تجد بيتا وروده الكتب.
إن بيته حديقة بعطر لا يتبخر أريجه ولا تذبل ألوان محمولها.
هواء بيته: حرية وجمال.
وليس علامة موت.
أن يحولونك إلى آلة مطيعة تتحرك بضغطهم على أزرارك: عبودية.
عبودية والباب مفتوح.
بل قد تتمنى من خالقك أن ينقص من عمرك ويطيل في عمر معذبيك، لأن حياة سلتك رهينة بوجودهم.
ملعون الخبز المغموس في عرق الذل.
من أكله وشكر خالقه تموت كرامته....ومن ماتت كرامته عجلوا بدفنه.
السعادة تقيم تحت سقف هذا البيت حتى وإن أجمع بسطاء التفكير من الناس على بؤس وجنون الرجل. ليس من السهل على عقولهم الصغيرة إدراكها لأنهم سجناء الظاهر... وحدها العين الحَكم.
هو يحتاج إلى حاسة أخرى ليس من البساطة الفوز بها، يفوز ببهائها من اكتوت نفسه بنار الحكمة... الحكمة التي يكون أفقها جمال الفهم العميق لنغمة جرح الوجود... لذة فهمها لا تأتي إلا بصلاة المعاناة... لا أقصد الجسدية والنفسية المرفوعة بل صلاة معاناة البحث والركض في حقل الروح.
وهذا الحقل كتب على بابه: لا يدخل علينا إلا من كان مخلصا للحكمة.وليس كل من دخل استسلمت له.
لندخل إلى غرفته:
سيدة الغرفة الآن: روحه.
كان هنا...
............
نحن غارقين في الآخرين عزيزي.
قلت نحن...من نحن؟
ومن أنا،ومن أنت،ومن هي، ومن هو، هما، هم، هن.....؟؟؟؟؟؟؟؟
دعْ...دعْ الشمعة شبيهي مشتعلة سنقضي ليلة هنا طويلة.... ولفراشتنا حرية الحوم.... كم .... كم هي عميقة باردة ومملة هذه اللعبة.
أكيد...
أكيد في طفولتي والتي واصلت سير عربة حياتي ورسمت هاويات الطريق معالم عنفها بياضا وأحتل حقل الرأس...لم ألعب بما فيه الكفاية... ربما الحرمان القديم وجد لذته '' الآن'' و''هنا ''.
فاتني أن تستقيم رجولتي وبها أتواصل مع الحياة.
هي الناطقة في سلوكي، في تفكيري وليس غريبا أن تتضخم '' الأنا '' في علاقتي مع من يقاسمونني الهواء.
نعم... آه... الكتابة... ولما لا إنها لعبة على الأقل تحررني من عقرب الضجر.
سأنتظر دفن شبيهي وأجلس في مكانه وسأواصل الحكي عن هذا الشيخ/ الطفل... لا من حيث انتهى، بل من شرارة البداية وستكون البداية هكذا: حين طرقت باب غرفته في الطابق الخامس الرقم 13 في فندق بئيس... كان مفتوحا...
ودخلت.
كان يجلس على كرسي يقابل حاسوب. دون حراك ووجدت الشبه الكبير بيني وبينه بل وكأننا خرجنا من نفس الرحم وفي نفس اليوم.
لماذا تركته هنا وحيدا؟ وأين كنت؟ ولماذا الآن وبعد غياب طويل يفاجئني بموته.
اقتربت من أوراقه المبعثرة وشدتني الكلمة الأولى:
ح...حش...حش...رجة...
وصوت...
وصوت أنين مغتال...
ت
ه
ا
و
ى...
............
............ )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.