على الرغم من مرور قرابة ثلاثة عقود على المباراة التي جمعت في دجنبر من سنة 1979 المنتخب المغربي بنظيره الجزائري، إلا أن وشم الهزيمة لازال حاضرا في قلوب العديد من اللاعبين الذين شاركوا في مباراة دجنبر الأسود، بل إن مضاعفات الخسارة بخمسة أهداف مقابل هدف بعقر الدار حول القضية إلى هزيمة سياسية بالنظر لغيمة الخلاف التي كانت تجثم على مناخ البلدين. عقب تلك المباراة المشؤومة تكبد المدرب الفرنسي غي كليزو خسارة بدنية وذهنية، وعانى من وعكة صحية مزمنة رافقته إلى أن لقي حتفه وفي قلبه وخز مباراة الجزائر. في هذه الحلقة يتحدث اللاعب الدولي السابق عبد المجيد سحيتة عن حدث طريف ارتبط بهذه المباراة، رغم أن الحزن كان هو السمة البارزة للمواجهة، حيث ظل يعاني من مضاعفات إصابة طارئة إلى أن وجد نفسه فجأة وحيدا في مستودع الملابس رفقة عون يستعد لإغلاق الغرف. في هذا البوح يروي عبد المجيد سحيتة اللاعب السابق للوداد تفاصيل ليلة قال إنها لازالت راسخة بقوة في وجدانه. «يمكن أن أنسى تاريخ ميلادي وكل التواريخ البارزة في حياتي لكنني لن أن أنس أبدا مباراة التاسع من دجنبر، لأنها تركت في نفسي جرحا كبيرا لم يندمل، في تلك المباراة كنا تحت ضغط المواجهة خاصة وأن الجميع يطالبنا بالفوز على الجزائر، حتى السلطات العليا للبلاد كانت تستعد للمقابلة مما أفرغها من مفعولها الرياضي. انتهى الشوط الأول بهدفين مقابل هدف واحد وكنت وراء ضربة الجزاء التي سجلها اللاعب ليمان، بل إنني وبشهادة الجميع قدمت أداء كبيرا، لكن في الشوط الثاني تعرضت لإصابة بعد تدخل عنيف من المدافع الأيمن الجزائري مرزقان، غادرت الملعب ووجدت نفسي فجأة مرميا في مستودع الملابس بدون طبيب أو معالج أو مرافق، تألمت وصرخت دون جدوى، وحده إدريس البصري وزير الداخلية الذي كان يتابع المباراة من جنبات الملعب، اقتحم المستودع وآزرني إلى أن ارتديت ملابسي وأنا في حالة إحباط، بل كان رحمه الله يأخذ بيدي ويضع يده على رأسي لطرد الألم الذي كنت أشعر به، والغريب في الأمر أنه بعد إعلان الحكم عن نهاية المباراة بهزيمتنا بخمسة أهداف مقابل هدف واحد، نزل اللاعبون إلى المستودع إلى جانب الطاقم التقني والطبي دون أن ينتبه أحد لوجود لاعب مرمي على كرسي يئن من شدة الألم، لم يستحم اللاعبون وغادروا غرفة الملابس على الفور وبقيت إلى جانب العربي أحرضان الذي حملني على كتفيه وكنت محملا بحقيبة كبيرة لأننا كنا في معسكر بإسبانيا، وقفنا أمام الملعب الذي بدا فارغا وكأنه مهجور واستوقفنا سيارة أجرة قادتني إلى بيتي وأنا في حالة من التذمر، والأغرب أنني بقيت على هذه الحال لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يتدخل فريق الوداد في شخص رئيسه عبد الررزاق مكوار ويقرر إرسالي إلى فرنسا من أجل إجراء عملية جراحية، حينها قررت أن أقاطع المنتخب الوطني لأنني تحملت الكثير ولعبت بدون مقابل وكنت أخدر رجلي من أجل حمل القميص الوطني، وحين تلقيت دعوة الناخب الوطني بعد شفائي رفضت الاستجابة، لكن دورية من الدرك الملكي طرقت باب منزلي وقادتني إلى المعسكر كما يساق المجرمون، إنها ضريبة الإخلاص للقميص وللوطن».