بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط        خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء وفتيات يسقطن في مهاوي الدعارة والأسباب متعددة...الآباء والأزواج والأمهات يظلمون والذئاب يفترسون
نشر في التجديد يوم 15 - 08 - 2002

الطرق المؤدية إلى المهاوي السحيقة للدعارة متعددة، وملتوية. منها مايخطر على البال ومنها ما لايخطر. لإدراكها ومعرفتها نقدم للقراء شهادات مغربية جمعتها الأستاذة الجامعية الباحثة فاطمة الزهراء ازريويل التي شاركت في إنجاز الجزء الأول من ملفنا المفتوح حول آفة النخاسة الدولية الجديدة، ورغم أن الشهادات المسجلة في كتاب الأستاذة "الجسد المستباح" متفرقة في الزمان إلا أنها متوحدة في المكان، ولم يتغير منها شيء. ومن النقط المشتركة في هذه الشهادات أن الضحايا لم تفكر أي واحدة منهن يوما ما في الدخول إلى هذا العالم الأسود، بل انساقت إليه لسبب من الأسباب القاهرة، وفي أغلب الحالات يكون الرجل هو المتهم الأول والأخير، سواء كان أبا أو أو زوجا أو أخا، أو أو عاشقا كذابا، أو زبونا يستهلك البضاعة، أو قوادا يبيع ويشتري في "السلع الأنثوية بالجملة والتقسيط". تفاصيل مدهشة تدع الحليم حيران، والآباء والأمهات مشدوهين، وعندما يتوغل القراء في التفاصيل سيضعون أيديهم على قلوبهم وصدورهم، ومنهم من لن يصدق..
"التجديد" بعد استئذان الأستاذة فاطمة الزهراء ازريويل تنقل الشهادات من الكتاب إلى عموم القراء. ولايزال الملف مفتوحا..
سعاد: الزوج الغني المنحرف يسوق زوجته إلى "دعارة الأناقة"
نشأت في أسرة متوسطة ومحافظة، كان أبي موظفا في إحدى الإدارات، وكانت له أرض يكتريها في منطقة الشاوية، تدر عليه كل سنة مدخولا يمكننا من العيش في مستوى أعلى من جيراننا بكثير. أمي ربة بيت، كنا ثلاث بنات وولدين، وكنت أنا الثانية بعد أخي الأكبر. كنا أسرة بدون مشاكل، أبي كان رجلا هادئا ولا أذكر أنني سمعته يصرخ يوما في وجه أمي، بالعكس كان يحبها ويدللها ويؤنبنا إذا ما أحس أو رأى بأننا نعاملها بقلة أدب.
حصل أخي الأكبر على الشهادة الثانوية التقنية، وانقطع عن الدراسة وعمل بإحدى الشركات. عمري الآن 82 سنة وهو يكبرني بثلاث سنوات، أما أنا فكنت مصرة على متابعة دراستي، وفعلا حصلت على شهادة البكالوريا، كنت ممتازة في إحدي اللغات الأجنبية، ولذلك اخترت دراستها بالكلية.
لم يكن يمر شهر دون أن يأتي أحدهم لخطبتي، معظم أبناء الجيران تقدموا لي ولكن أبي كان يرفض الحديث في الأمر، ويقول لهم بأن البنت تريد متابعة دراستها، ولم يحن الوقت بعد لكي تتزوج، وذلك كان رأيي.. هل تتصورين بأنني كنت أحلم بالحصول على الإجازة والسفر إلى الخارج لمتابعة دراستي؟
ماذا حصل؟ أنا نفسي لا أصدق ما وقع لي... كنت طالبة مجدة، أهيىء امتحاناتي وأقرأ بعض الكتب وخاصة الروايات التي يكتبها المغاربة بالفرنسية... كانت تعجبني جدا وكنت أحلم أن أكتب يوما مثلهم... هل أفكر في الكتابة؟ عندما أجلس وحدي أحيانا أقول بأن ما عشته يستحق أن يكتب، وأحيانا أكون يائسة فأرى الدنيا مظلمة وأكره حياتي ولا أفكر في شيء "كنعيش وصافي... بلا ما نفكر".
ذات يوم من أيام فصل الشتاء... لازلت أذكره كاليوم، لأن المطر كان ينهمر بغزارة، ولأن الريح كانت شديدة، فتكسرت المظلة، وعدت إلى البيت مبتلة من رأسي حتى قدمي. فتحت لي أختي الباب ودخلت وأنا ألعن المظلة والطقس، أشارت إلي أختي بالسكوت لأن لدينا ضيوفا... سألت: من هم؟ أخبرتني بأنهم من عائلة كذا، وقد جاؤوا ليخطبوك لابنهم.
ليتي ما رأيت ذلك اليوم لأنه سبب مصائبي... أتعرفين؟ هذه العائلة كانت تربطنا بهم علاقة قرابة، وكان أبي يقول دائما (أولاد عمي) لأنهم من قبيلته الأصلية. غيرت ملابسي ودخلت لأسلم على المرأة التي كانت أم الولد وكذلك أخته التي رافقتها. إنهم أغنياء يملكون العديد من حافلات النقل بين المدن، ابنهم كان قد أنهى دراسته في فرنسا، وعاد إلى المغرب منذ سنة، وكان يعمل في وظيفة محترمة بإحدى الشركات.
لا أكذب عليك... عندما رأيته فيما بعد لم أستطع أن أقول لا، رغم أنني أخبرت أهله برغبتي في متابعة دراستي. كان شابا من ذلك النوع الذي تتمناه كل فتاة، على قدر كبير من الوسامة واللطف، يندمج مع الناس بسرعة ويضحك كثيرا ولا يكف عن النكتة، كان متفتحا جدا بحكم دراسته في الخارج، وعندما أخبرته برغبتي في متابعة الدراسة، لم يعترض ووعدني بأنه سيساعدني قدر طاقته، وسيوفر لي الجو الملائم... مرت الأمور بسرعة لا تتصورينها، ارتبط خطيبي بكل أفراد عائلتي، ما أن يدخل عليهم حتى تعم البهجة البيت، ويحيطون به وخاصة أخواتي وإخوتي. كان ممتعا ورقيقا، وكنت أتخيل بأن حياتي معه ستكون سعادة بلا ضفاف (التعبير لسعاد).
لم تلهني الاستعدادات للزواج في الصيف عن دروسي، ظللت مواظبة حتى نهاية السنة، وغالبا ما كان خطيبي ينتظرني آخر النهار بعد الدرس أمام باب الكلية، نقوم بجولة قصيرة ثم أصر على العودة إلى البيت لأن الامتحان قرب موعده. نجحت وأصبحت على بعد سنة واحدة من الإجازة فحسب، وبعد إعلان النتيجة بأسبوعين كنت عروسا في "العمارية" والنكافات يزغردن من حولي... كنت سعيدة فعلا وكنت أحس بحب خطيبي الذي يشع من عينيه حين ينظر إلي.
كان العرس فخما بما في الكلمة من معنى، وكانت الهدايا التي قدمها إلي عريسي غالية الثمن، ومنها حزام ذهبي "مضمة" قالت النكافة بأنها نادرا ما رأت عريسا يقدمها لعروسته.
انتهى العرس، سافرنا إلى أكادير، أقمنا عشرة أيام في فندق فخم وعدنا إلى شقتنا الجديدة... والله العظيم! كأنني كنت في حلم، كل شيء كان جميلا حولي... كل شيء كان رائعا. انتهت العطلة، وأعربت عن رغبتي في استئناف دراستي، فلم يعارض زوجي وشجعني. كنت أتوفر على خادمتين، إحداهما تهتم بالطبخ والأخرى تقوم بالأعمال المنزلية، وبالتالي كان بإمكاني أن أنصرف إلى دروس وأتفرغ لها.
بدأ المشكل عندما أخبرني زوجي ذات يوم بأنه استدعى مدير الشركة التي يعمل بها للعشاء عندنا لأنه يود التعرف علي، وجدت الأمر طبيعيا وأبديت ترحيبي بالأمر، وسألته إن كان سيصحب معه زوجته فأخبرني بأنه لا يدري شيئا، قلت له بأن الواجب كان يفرض عليه أن يستدعي زوجته. لم يرد علي ولم أبال بالأمر، صباح يوم السبت التالي خرجنا معا واشترينا كل لوازم العشاء، فاجأني زوجي عندما أخبرني بأن علينا أن نقتني الخمر وخاصة "الويسكي" لأن المدير يشربه...
ما سر مفاجأتي؟ لم يكن زوجي سكيرا، قليلا ما رأيته يشرب الخمر، وكان ذلك يحصل دائما خرج البيت، حين كنا نذهب إلى فندق أو مطعم، وكان دائما يقول لي بأنه يحمد الله لأن مقامه بفرنسا لم يؤثر فيه بما أنه لا يدخن ونادرا ما يقرب الخمر.
المهم! حضرنا عشاء فاخرا وقرب موعد قدوم السيد المدير، دخلت غرفة النوم وفتحت الدولاب لكي آخذ ملابسي، فوجئت بزوجي يمد يده إلى كسوة من ذلك النوع الذي يلبس في السهرات إذ أن الظهر يظل شبه عار، كنت أحيانا أرتديها في بعض المناسبات، وأضع على كتفي شالا عريضا ينحدر حتى الوسط حتى لا أبدو شبه عارية، قلت ولكن! هذه الكسوة غير ملائمة ويلزمها الشال، هل سأضع شالا وأنا في بيتي؟ أجابني ضاحكا: ومن طلب منك أن تضعي الشال؟ إلبسيها وكفى! تبدين فاتنة فيها وأنا زوجك وأحبك.
ارتديت الكسوة وتزينت، كنت أبدو فعلا جميلة، إلى حد أن السيد المدير عندما دخل الشقة ورآني أتقدم نحوه صعق و"فلتو عينيه" والتفت إلى زوجي قائلا بالفرنسية: >أهنئك، زوجتك جميلة جدا<، وقدم إلينا هديته "التيكيت" وهي ربطة عنق حريرية فاخرة لزوجي وسوارا ذهبيا لي.
جلسنا على الأرائك الجلدية الوتيرة والرجل لا يرفع عينيه عني إلى حد أنني أحسست بالحرج والضيق. لقد كان تقريبا في عمر والدي، إلا أن عنايته بجسمه وهندامه واضحة، ورغم ذلك كنت أقول لنفسي بأنه أحمق، وأنا أنظر إلى زوجي الذي كان شابا وجذابا... احتقترته في داخلي ولكني أبديت له الترحاب مادام ضيفا علينا.
سهر زوجي بنفسه على إعداد مائدة الشراب قبل تقديم العشاء، كانت الخادمة تأتيه بالأشياء اللازمة، وكان هو الذي يعد المائدة بنفسه. وحين طلب مني أن أصب الويسكي للمدير أصبت بدهشة قوية، وكأنني تلقيت صفعة من أحد! ارتعدت يدي وأنا أصب الشراب في الكأس، كانت المرة الأولى في حياتي التي أسقي فيها رجلا خمرا، لم أفعل ذلك مع زوجي من قبل لأنه لم يكن يأتي بالخمر إلى البيت.
سألني المدير: وأنت يا سيدتي، ألا تشربين؟
أجبته بأنني لم أذق خمرا قط، ابتسم ومد يده بهدوء إلى القنينة وصب لي كأسا بعد أن وضع فيها قطع الثلج، وأضاف إليها الكوكاكولا، ناولني إياها قائلا بالفرنسية كعادته:
ألا تعتقدين بأنه قد آن الأوان لكي تفعلي ذلك؟
ماهو رد فعل زوجي؟ لم يعارض ولم يدافع عني، على العكس من ذلك عقب تعقيبا كاذبا وغريبا حيث قال للرجل: "ذلك ما أقوله لها دائما، فالشرب ليس عيبا من حين لآخر".
انتهت السهرة وغادرنا المدير بعد منتصف الليل، ودعناه ودخلت غرفة نومي، كنت واجمة، ولكن داخلي كان يغلي بأحاسيس لا أستطيع وصفها.
الذي حصل بعد ذلك هو أن السيد المدير بدأ يسهر عندنا أسبوعيا بانتظام، وبدأت أنا أتعود شيئا فشيئا على تلك الحياة.
بدأت أدخن وأشرب وأتكلم وأضحك كثيرا... بدأ الرجل يقترب مني شيئا فشيئا، وما عدت أمانع في ذلك لأنه إنسان يفهم الحياة، ويعرف كيف يتحدث في كل الأمور بما في ذلك الأشياء التي كنت أدرسها... وزوجي؟ كان كعادته لطيفا ورقيقا، ولكن شيئا ما تكسر بيننا... حياتنا ظلت هي هي، ولكنني اكتشفت بأنه إنسان غير سوي. كان يشكو من شيء ما... لا أعرف! كان أحيانا "يعاشرني" بطريقة جنونية، وهو يقول بأنه يرغب في أكثر عندما يحس إعجاب الآخرين بي ورغبتهم في.
ذات يوم سافر زوجي في مهمة إلى الخارج، اتصل المدير بي ودعاني للعشاء في مطعم فاخر، وبعدها عرض علي أن أذهب معه إلى شقة كان يلتقي فيها مع أصدقائه... ذهبنا وشربنا كثيرا و(بدأت الفواحش) . كنت طبعا تحت تأثير الخمر... أخبرني بأشياء أذهلتني... مثلا بأنه كان يود المجيء عندنا مع زوجته، ولكن زوجي هو الذي أوحى إليه بأن يأتي وحده حتي يأخذ حريته.. هل تتصورين بأن الرجل كان يتساءل هو الآخر عن السبب الذي يدفع بزوجي إلى مثل هذا السلوك، خاصة متزوج "ببنت ناس"؟
توطدت علاقتي بالمدير، وتيقنت بعدها أن زوجي يعلم بالأمر ولا يبدي حراكا، بل إنه كان أحيانا يكلمني هاتفيا ليخبرني بقدوم مديره عندنا وبالهدية التي سيقدمها إلي... ماذا أقول لك؟ تعودت على تلك الحياة، عشتها ما يقرب السنتين، زوجي كان يسافر كثيرا إلى الخارج وكان المدير يزورني في شقتنا فنسهر معا و ... علاقتي بزوجي تدهورت كثيرا خلال هذه المدة، بدأت أحتقره وأبتعد عنه، وكنت أرفض اقتسام الفراش معه، وكان أحيانا كثيرة يبكي وهو يستعطفني لكي ألبي رغبته... ولكنني أصررت في النهاية على ألا يلمسني، كنت أصرخ في وجهه بأن جعل مني مجرد بغي... تمارس الجنس مع رجل بمعرفته، كنت أعيره بأنه عديم الكرامة "مافيه نفس"، وأخيرا طلبت منه الطلاق.
هددت زوجي بفضحه إذا لم يشأ منحي الطلاق، قلت له بأنني سأذهب إلى القاضي وأقول له بأن زوجي ولكنه يحرضني على الفساد.. هددت بفضحه أمام أمه وعائلته... بكى كثيرا لكنه رضخ لأمري وطلقني، وطلب مني أن آخذ كل أثاث الشقة إذا شئت.
حين علمت أسرتي بعزمي على الطلاق قامت القيامة في البيت، أمي تقول بأننا لم نتعود على ذلك وليس في عائلتنا امرأة طلقت، أخي الأكبر صرخ في وجهي وقال بأنني دللت أكثر من اللازم وأنني لا أعرف ماذا أريد... وحده أبي ناداني إلى غرفته وأقفل الباب وسألني بهدوء: >مالك يا ابنتي؟ لماذا تودين الطلاق؟ هل حصل شيء بينك وبين زوجك؟< قلت: نعم! سألني فأخبرته بأنني لا أستطيع مصارحته فسكت. انصرفت عنه ولكني فهمت بأنه لا يعارضني وسيقنع أمي..
عدت إلى بيتنا ولكنني لم أمكث مع أسرتي مدة طويلة. ظللت على علاقتي بالمدير، ساعدني كثيرا، وبحث لي عن عمل في إحدى الشركات بمرتب محترم جدا. مشكلتي هي أنني لم أعد متعودة علي الحياة مع أسرتي، أصبحت أدخن وأشرب، ولم يكن ذلك مسموحا به في بيتنا. عرض علي المدير أن يكتري لي شقة، وذلك ما فعله، وقد أتاني بأثاث ما كنت أحلم به.
هل قبل أهلي بإقامتي دون زواج بعيدة عنهم؟ خضت صراعا كبيرا من أجل ذلك، كذبت عليهم وقلت بأنني سأبيع "المضمة" لكي أكتري شقة وأؤثثها...
غدوت موظفة بإحدى الشركات، ولكن مصيبتي هي أن جمالي لافت للانتباه، ذان يوم حضر إلى المكتب رجل من الشخصيات المشهورة في المغرب، نظر إلي بإعجاب، وحين مر علي وهو خارج من مكتب أحد المسؤولين عن الشركة، أبدى إعجابه بي، وناولني بطاقة زيارة وقال لي، بأنه رهن إشارتي إذا ما احتجت شيئا. تركت البطاقة في حقيبة يدي ولم أفكر في الاتصال به، ولكنني بعد بضعة أيام تلقيت مكالمة من امرأة قدمت إلي نفسها وأخبرتني بأنها تعمل في إحدى شركات التصدير والاستيراد، وأخبرتني كذلك بأن فلان هو الذي أعطاها اسمي وطلب منها التعرف علي.
تعرفت على المرأة، غدونا صديقتين، كانت تبدو عليها علامات الثراء، تعيش وحدها في شقة من 002 متر ذات طابقين. ذات يوم وجدت عندها الشخص المذكور فتعرفت عليه وربطت علاقة معه. فوجئت أول ليلة قدم فيها عندي، عندما كان خارجا ناولني رزمة من الأوراق النقدية، عددتها فوجدت 0005 درهم..
وهكذا... بعدها بسنة لم أعد في حاجة إلى الوظيفة فقدمت استقالتي... مدخولي مرتفع جدا ولا أحد يشك فيما أفعله بما في ذلك عائلتي... أستقبل بالموعد زبائن معدودين كل أسبوع... وأوفر كثيرا وأفكر في شراء محل لبيع الملابس أو العطور.
تحكي "س" (25 سنة): هذا ما جناه علي أبي المخمر وأمي العصبية
"صدقيني! ما كنت أفكر بوما بأنني سأسير في هذا الطريق... منذ أن فتحت عيني وأنا أرى أبي أمي يتخاصمان.. لا أذكر يوما مر علينا دون صراخ.
والدي موظف بإحدى الإدارات، كان الأجر الذي يتقاضاه قليل، أمي خياطة، كانت تخيط للجيران ثيابهم أحيانا، ولكنها في أغلب الأحيان لم تكن تجد ما تخيطه، نصحتها إحدى صديقاتها بأن تخيط أكياس الحمام وتبيعها، ولكن ذلك لم يدر عليها مدخولا.
الطامة الكبرى هي أن أبي كان يشرب الخمرة ويغدو عصبيا وعنيفا، أمي هي الأخرى شرسة الطباع "عيبها على طرف لسانها"، كانت تعيره بضعفه وعجزه عن توفير ما يلزم للبيت "بحال سياده".
نشأت في هذا الجو، كان الرعب يلازمني دائما، وكنت أخاف حين يتخاصمان من أن يقتل أحدهما الآخر... دخلت المدرسة، ولكنني سقطت مرتين في الشهادة الابتدائية، تحملت الكثير من أعباء البيت، أصبن وأغسل الأواني وأنظف البيت، تدهورت وضعيتنا المادية كثيرا وأقام علينا رب البيت دعوى للإفراغ، لأن البيت في المدينة القديمة وقد يسقط على رؤوسنا.
لو كان أبي وأمي متعقلين لواجها الوضعية وتفاهما، ولكنها أصبحا أكثر عنفا وشراسة، وغدت الحياة معهما لا تطاق، لم أعد أخاف عليهما، ولكنني أصبحت أكرههما وأكره العيش في ذلك البيت.
ذات مرة قررت أن أبحث لنفسي عن عمل لكي أهرب من ذلك الجحيم.. بحثت كثيرا فلم أجد شيئا، حاولت أن أشتغل خادمة في المنازل لأنني أتقن العمل المنزلي، لجأت إلى جارة لنا تشتغل بإحدى الفيلات الكبرى منذ سنوات، وطلبت منها أن تساعدني على إيجاد شغل، رافقتها إلى عدة بيوت، كانت ربة البيت تنظر إلى من رأسي إلى قدمي ثم تعتذر بطريقة أو بأخرى، إنني جميلة! وليس هذا ذنبي...
حاولت فعلا أن لا ألجأ إلى هذا الطريق، ولكنني كنت مجبرة.. المهم هو أنني غادرت جحيم البيت، حيث أقيم وحدي في شقة دون أن يزعجني أحد.. نادرا ما أزور بيتنا، وما إن أدخل حتى تغرقني أمي بالشكوى من سلوك أبي.. لا أتكلم ولكنني أقول في خاطري "لن تتبدلي قط ولن تفكري إلا في نفسك"... لو عرفتما كيف تحافظان علي أنت وأبي لما "زلقت" وصرت "إلى ما أنا عليه".
"ل": كرهت أبي لقسوته المفرطة
"عانيت كثيرا في طفولتي، كنا نستيقظ أنا وأخي مذعورين بفعل شجار أبي وأمي .. كان أبي يصرخ ويقذف أمي بأبشع النعوت، وكانت أمي تبكي والجيران يسمعون ما يحدث، كنت أخجل عندما أخرج من البيت لأن الكل يعرف حكايتنا وأسرارنا ويشفق علينا، كان هذا الوضع دائما. لا فرق بين يوم عادي أو يوم عيد.
كنت أكره والدي لأنه ظالم وقاسي بشكل لا يتصور، طيلة حياتي ما رأيت رجلا على ذلك القدر من القسوة، أما أمي فكانت امرأة طيبة وعطوفة، والدليل على ذلك أنها رعت والدي طيلة سنوات مرضه، وباعت كل ما تملك في سبيل علاجه..
إنني أستغرب لكونه لم يطلب منها السماح أبدا، على العكس من ذلك ظل لسانه قاطعا حتى عندما كان طريح الفراش. وكنا نسكن الجبل، وحين يحل موعد زيارة أبي للطبيب، كانت تستيقظ باكرا فتصلي الفجر وتوقظني وتوصيني بأن ألازم أبي كي ألبي حاجياته، وتنطلق لتأتي بسيارة الأجرة التي تحمله إلى المدينة، تمشي الساعات ولا تأتي إلا في الظهر.. وما إن تدخل حتى يصرخ في وجهها متهما إياها بأنها تستغل الفرصة للاتصال بالرجال.. وغالبا ما كان السائق يسمع كل شيء، كل شيء، هل تتصورين هذا؟ عبثا أحاول أن أنسى هذه الأمور ولكنني لا أستطيع (بكاء).
كنت أستيقظ مرعوبة لدى استشعار أية حركة في البيت، أحيانا كنت لا أنام خوفا مما قد يحدث.. ذات يوم، كان أبي يصيح وأمي تبكي، فقدت وعيي ولم أعد أحس بشيء، فتحت عيني لأجدني في السرير ممددة بين أمي وزوجة عمي والكل حولي، منهم من يمرر المفاتيح على جسمي، ومنهم من يحمل المجمر والبخور، واختنقت ولم أعد أستطيع التنفس، كدت أموت يومها...
كان أبي بالغ الجمال في وجهه، وبالغ القساوة في قلبه، لم يفكر فينا أنا وأخي لحظة، كان أخي يبكي دائما وكان شابا يكبرني بسنوات، تصوري رجلا يبكي! أصبح يتعاطى الحشيش ولا يكاد يقيم في البيت، أما أنا فكنت أكتوي بالنار حيث لا أفارق أمي لحظة واحدة. با لها من قسوة! كيف يمكن للإنسان أن يتسبب في تعذيب أبنائه إلى هذا الحد؟ من المؤكد أنني لو تزوجت ورزقت بأطفال لجنبتهم مثل هذا الوضع لأنني لا أستطيع نسيانه.. أحيانا أقول بأنني نسيت ولكنني غير قادرة على التخلص من ذلك.. تصوري! كنت أستيقظ مفروعة والعرق يتصبب مني، كنت أحلم بأن ثعبانا يطاردني أو أنني أتدحر من الجبل فأصرخ.
حين توفي أبي حلمت مرتين بأشياء حكيتها لعمي فطلب مني أن لا أكررها على مسامع أحد، حلمت بأن أبي يجري عاريا مجردا من كل ثيابه، ومرة أخرى حلمت به وأطراف لحمه تسقط منه... أخي هو الآخر إنسان معقد، لقد تزوج ولكنه قاس ولا يتفاهم مع زوجته أو معي عندما كنت في البيت".
"ع" (34 سنة): غني استغل فقري ويتمي
"أصلي من البادية، منذ طفولتي وأنا أشتغل في البيوت لأنني كنت يتيمة، مات أبي ودفعت بنا أمي نحن الثلاثة إلى الخدمة في البيوت، كانت تأتي آخر كل شهر لتأخذ أجرنا وتعود إلى القرية، انتقلت بين عدة بيوت، وكانت أمي ترفع من أجري كل مرة أنتقل فيها من بيت إلى آخر، حين وصلت الخامسة عشرة تقريبا اشتغلت لدى أناس "ديال الأبهة"، كان الرجل تاجرا غنيا جدا، الفيلا كبيرة والحارس وسائقان وثلاث خادمات وو... لا تسلي! بقيت معهم ثلاث سنين، ثم أصبح الرجل يتحرش بي، يقرصني أو يلمسني إذا ما صادفني في الدرج أو إحدى الممرات، ويهمس لي بأنني جميلة وأنه مجنون بي، صدقته وقلت إنني جميلة فعلا وهو معجب بي، وقد يحبني ويتزوج بي ويشتري لي دارا أسكنها وحدي.. نمت معه، عدة مرات ولم أكن قد نمت مع رجل آخر قبله، بعدها بدأت أحس بالدوخة وأتقيأ باستمرار، لاحظت سيدتي ذلك فاختلت بي في غرفتها فاعترفت لها بما حصل.. هددتني بأن تحملني إلى البوليس إذا صرحت لأحد بالأمر، ساعدتني على الإجهاض، وأعطتني قدرا من المال، وأرسلتني مع السائق إلى دارنا.. ماذا قالت أمي؟ وهل حكيت لها؟ لا! هل أنا حمقاء لكي أخبرها بأنني لم أعد عذراء؟.
ثم ماذا في إمكاننا نحن الفقراء، ضد ذلك الرجل ذي العلاقات والغنى الفاحش؟ اندهشت أمي للقدر الذي حملته معي من المال ولكنها لم تلح علي في السؤال، لا اكتفت بالدعاء لهم على كرمهم وتصدقهم في سبيل الله.. لم تكن تعلم أي ثمن أديته، كما أنني لم أخبرها بأنني احتفظت بقدر من المال لنفسي. وحين فارقني التعب واسترجعت عافيتي عدت إلى المدينة، واكتريت غرفة مع الجيران، واشتغلت عند عائلة دلني عليها أحد حراس العمارات، كنت أشتغل نهارا وأعود في المساء وأستريح يوم الأحد... بدأت أتعرف على بعض الرجال هنا وهناك، كنت أنام مع أحدهم أحيانا مقابل أجر، وعندما أدركت بأنني قادرة على توفير مدخول أعلى من ذلك الذي تمنحني إياه الخدمة في المنازل، انقطعت عنها وبدأت أمارس البغاء... قبله كنت أعرف بأنني لن أتزوج، وإذا ما فعلت سيفضحني الزوج ليلة الزفاف لأنني غير عذراء".
من بحث "الجسد المستباح" للأستاذة الجامعية فاطمة الزهراء ازرويل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.