تذكرتها حين افتتح حكايته قائلا:كان يا ما كان، كانت هناك امرأة اكتشفت بأنها أصبحت الشخص الخطأ! أخذني طيفها بعيدا بعيدا، ووجدتني فجأة – في لحظة – على متن مركب تخترقه أمواج البحر الأبيض المتوسط ،نظرت يمينا وشمالا فإذا أحرف كلماتها الجميلة مرسومة على الموج الهدار ذي الصوت العالي يغني أغنيتها الخالدة عن الشهيد محسن فكري رحمه الله. تذكرت قول الراوي :كل إنسان قبطان في بحره الساكن إلى أن يرى بعينه العكس! تساءلت وما العكس يا ترى؟ سمعت صوتا يقول لي: الرجل هو البحر والمرأة هي البحيرة، البحر تزينه اللآلئ ، وبحيرتك يا صاح تزينها شاعرية كلماتها الجميلة. في لحظة الحزن الباذخ جمالا هذا أقنعت نفسي مخاطبا إياها :يجب عليك يا نفسي ألا تشكي همك لأحدٍ غير الله ! قالت لي: أو ما تخاف من الأمواج العاتية هذه أن تسقط مركبك الصغير فتغرق؟! قلت لها واثقا:أنظري هناك!..إن المركبات التي تلوح في الأفق تحمل على متنها أحلام الجميع ! نظرت يا سادة فإذا بمراكب عظيمة على متنها رجال ولا كأي رجال!حاولت تركيز نظري على رجل يتقدمهم يصيح في من معه يا أبطال الريف الشامخ المقدس يا أبناء وأحفاد سيدي محند رضي الله عنه: النصر صبر ساعة! وأخذ يكرر"صبر ساعة..صبر ساعة"! وجدتني من غير شعور أصفق بيديّ وأرفعهما ملوحا إليه وإلى من معه هاتفا:الله أكبر..الله أكبر! يقول الراوي:مثلما يعود النهر إلى البحر هكذا يعود عطاء الإنسان إليه. كان الزمن لحظة غروب،نظرت إلى الشمس وخاطبتها : لقد انتظرتُ غروبك أيّتها الشمس لأرى هذا المشهد العظيم..وهذه المراكب القادمة.. بدا البحر وهو يمتلئ بخيوط الغروب وأصوات الأمواج وهي تغرسُ الشوق في قلبي وكأنهما يهمسان في أذني أن كل هذا حدث بشكلٍ أو بآخر ! أيقنت أن زمننا مأساوي، وأنني أرفض العيش في المأساة..وانتفضت روحي تصيح انتهى زمن الوعود. نظرت للموج وخاطبته:يا موجي الغاضب و الممزوج بأغاني سيليا ضوء بحرك الهائج، إن النار المتوقدة في عروق من تهزج روحي باسمهم سيحررون كل المسجونين عاجلا غير آجل.. وصحت عاليا :أقسم لك..أقسم لك..وتردد صوت القسم عبر أرجاء البحر مشكلا أمواج عالية عاتية غاضبة يحمل بعضها بعضا كما لو أنها تقسم معي نفس القسم!