يتوجب على الآباء اعتماد أسلوب تربوي ملائم، يعتمد أسسا منفتحة على المستجدات السيكولوجية في حياة المراهق. بحيث يتقبل الآباء جملة التغيرات التي ستعرف طريقها نحو حياة المراهق، لتكسر رتابة السلوكات الطفولية المتوقعة التي تعودوها في ابنهم، على مستوى الشخصية واللباس، والعلاقات مع الرفاق، وطريقة الكلام... هذا التقبل الواعي، يمكن الآباء من إيجاد المعادلة اللازمة، للتعرف على نزعة المراهق الذي يميل لهذه المواصفات، التي تعد إيجابية إذا ما تقبلها الأهل بنوع من المرونة، البعيدة عن الأساليب التقليدية الزاجرة. من بين الأمور التي يعارضها الآباء في حياة المراهق، انفتاح الابن على مرجعيات أخرى، بعيدة عن محيط الأسرة. إضافة إلى الانفتاح على الجنس الآخر. هذه المعارضة من شأنها الاصطدام برغبة المراهق في التغيير. لذا تبقى الخطوة المناسبة، هي موافقة هذه الرغبات وتدعيمها مما يعطي للمراهق ثقة في النفس، مع القدرة على تدبير حياته بكل جرأة. وحدوث هذه التغيرات تحت رقابة الأهل، يعطي المراهق مناعة من الانزلاقات والمخاطر. في مرحلة المراهقة، يستحسن للأسرة الابتعاد عن منطق افعل ولا تفعل. لأن هذا الأسلوب الآمر يعتمد الكثير من الزجر. ويبقى الأسلوب القائم على الحوار والتواصل، والمصالحة في ظل استحضار آراء الآخر، هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع المراهق. إضافة إلى اعتماد نوع من التفاوض الأسري، القائم على المحبة ومشاعر التضحية التي يكنها الآباء للأبناء، لأن هذه الصورة ترسخ كمرجعية للمساندة وللمرافقة، في وعي الأبناء ليستشعروا ذلك الأسلوب الملطف في المتابعة، دون أن يكون هناك تركيز مباشر على توجيه المراهق. هنا ستسود الكلمة والنقاش، من خلال إثارة الانتباه والحوار المتبادل، الذي يعرب فيه الآباء أيضا عن رأيهم وتقييهم للأشياء، مع عرض نقط الاختلاف والتفاهم، حول مجموعة من القضايا التي تهم المراهق، حتى لا يشعر بوجود قطيعة، بين اهتماماته واهتمامات الأسرة. في هذه الحالة، ستصبح مرجعية الآباء، مرجعية إشراف ورعاية وتوضيح. مثل هذه المرونة في التعامل، تقابل بنوع من التنازل من طرف المراهق، الذي يستوعب خصوصية الأسرة دون أن تفرض عليه بطريقة استعلائية. على العكس، نجد أن الحالات التي يغيب فيها الإنصات والحوار، تقابل بعناد المراهق، مع المبالغة والتحدي لجذب الاهتمام، من أجل إثبات أنه موجود. في مرحلة المراهقة، لابد من حضور المرجعية بعيدا عن المثالية، من أجل تجاوز المرحلة بأقل ضرر ممكن. وفي هذه الحالة لا توجد توجيهات ثابتة، يمكن أن يوجهها الآباء للأبناء بطريقة ثابتة، من قبيل افعل لا تفعل، لكن هناك أسلوب حوار ومتابعة بعيدا عن الموسمية، كما نلاحظه في الكثير من الآباء، الذين يتدخلون في آخر المطاف، ليبرزوا للمراهق خطأه. لكن يتوجب على الآباء أن يكونوا في ممارسة وتقاطع يومي مع المراهق، وهذا الإجراء يمكن أن يأتي بتلقائية، إذا تم اعتماده على المدى الطويل، وهو يكون بطريقة مبسطة لا يشترط فيها اتباع تقنيات تواصل عالية. إذ تكفي الكلمة وتبادل الرأي مع مراعاة الاختلافات القائمة، في جو يسوده الاحترام والتعاقد وفقا لأسلوب متوافق عليه. ومن بين الأشياء التي يتم اعتمادها في الأسلوب التربوي التقليدي، والتي يتوجب على الأهل تجنبها حتى تكون المراهقة فترة انتقال آمنة، نجد العقاب والزجر، التأنيب والمحاصرة، وهي أساليب أثبتت التجربة عدم نجاعتها وصلاحيتها. سكينة بنزين