رسم محمد أوزين وزير الشباب والرياضة صورة قاتمة عن الرياضة الوطنية التي بلغت درجة من الانحطاط لم تسبقها له أي دولة أخرى. وقال أوزين في لقاء صحافي عقده أول أمس بالرباط، إن دورة الألعاب الأولمبية بلندن لم تكن سوى النهاية الحتمية لوهم اسمه الرياضة الوطنية، حيث جاءت لتسقط القناع عن واقع بئيس ومريض، موضحا أن سنة 2012 كانت كارثية بكل المقاييس بعدما خرج المنتخب المغربي لكرة القدم مهزوما من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا للأمم مرورا بالمباراة الاستعراضية التي جمعت بين نادي برشلونة والرجاء البيضاوي والتي جعلت المغاربة يكتشفون حجمهم الحقيقي. واعترف أوزين بدور الوزارة فيما آلت إليه أوضاع الرياضة المغربية، مشددا على ضرورة تحمل كل طرف مسؤوليته من الموقع الذي يوجد فيه، بما في ذلك الأندية التي قال أوزين إنها ضعيفة وغير مهيكلة وتفتقد للحد الأدنى من شروط الممارسة السليمة، موضحا أن أكبر مشكل تعاني منه الرياضة الوطنية، هو غياب رؤية استراتيجية تمكن من وضع الأصبع على الخلل. وأثار أوزين في لقائه الصحافي الرسالة الملكية السامية التي تليت خلال المناظرة الوطنية الثانية التي أقيمت سنة 2008، وقال إنه لو طبق ولو الحد الأدنى مما جاء في الرسالة الملكية لكانت الأوضاع أفضل مما هي عليه الآن، مشددا على أن برنامج رياضيي الصفوة لم يطبق بالكيفية المثلى وكانت النتيجة كما وقف عليها المغاربة. وطرح أوزين قائمة من المشاكل التي تعيق تطوير الرياضة الوطنية، موضحا أن القطاع يعاني من ضعف التأطير وغياب التكوين، وعدم وجود برنامج للتنقيب على الكفاءات، إضافة إلى إهمال العمل القاعدي، موضحا أن الأندية الوطنية غير منظمة وضعيفة وهشة وأن الصراعات بين المسيرين حول المناصب كان لها نصيبها فيما وصلت إليه الأمور، مشيرا إلى أن الكل مسؤول لكن لا أحد يملك الجرأة لتحمل المسؤولية، وأضاف الوزير أن هناك هوة سحيقة بين رياضة النخبة والهواة، وأن هذه الهوة تمنع من اكتشاف مزيد من المواهب، إلى جانب جمود العصب وعدم تجديد النخب على مستوى المكاتب المسيرة، وغياب ثقافة رياضية ذات مستوى عال وغياب آلية التتبع لرياضيي الصفوة. وأشار أوزين إلى أن من بين الأمراض التي تنخر الرياضة الوطنية هو وجود ضبابية في العلاقة بين الرياضيين والتقنيين وبين التقنيين والمسيرين إضافة إلى تداخل الاختصاصات، مشددا على أن عدم وجود دفاتر تحملات تحدد العلاقات بدقة ساهم في هذا الغموض وخلص إلى القول إن الرياضة الوطنية تعيش اليوم حالة من العبث والفوضى. وأقر الوزير بوجود اختلالات على مستوى التدبير الإداري والمالي، لكنه أكد أن ذلك لا يعني وجود سرقات، وقال إن الأمر قد تكون له علاقة بجهل بعض المسيرين بطرق التدبير الرياضي القائم على الحكامة الجيدة. وتردي مستوى المنافسة إذا ما تمت مقارنته بدول ذات إمكانيات من حجم ما يتوفر للمغرب.. إضافة إلى الحضور البسيط أو المنعدم لبعض الأنواع الرياضية، وغياب ثقافة "الرياضة ذات المستوى العالي" وما ينبغي أن يتوفر بالبلاد من حملة لمشاريع رياضية. في السياق ذاته قال أوزين إن الوزارة اتخذت مجموعة من القرارات تتمثل في تقوية أدوار واختصاصات المدراء التقنيين الوطنيين وتعيينهم بقرار وزاري بعد إعلان طلبات الترشح للمنصب بتنسيق مع الحركة الرياضية، ومراجعة اختصاصات ومهام مديرية الرياضة بالوزارة مع إعادة هيكلتها، وتحويل المركز الوطني للرياضة مولاي رشيد بالمعمورة، إلى مركز للتميز الرياضي يروم تأطير الممارسين ذوي المستوى العالي ضمن ثلاثة أقطاب، أولها قطب الاستقبال المتوفر حاليا، وقطبا الرياضة والطب الرياضي المنتظر إحداثهما. كما ذكر من بين نفس القرارات تشكيل لجنة ما بين وزارة الشباب والرياضة ووزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي لأجل إعادة الرياضة إلى المؤسسات التربوية والتكوينية حتى تصبح قاعدة لتطوير الرياضة الوطنية، ثم وضع هيئة احترافية مهمتها التنقيب عن الطاقات الرياضية، زيادة على إحداث آليات الاحتراف في التأطير والتكوين، وكذا اتخاذ القرار بعدم تعامل الوزارة مستقبلا مع أي جامعة لا تحترم قواعد الحكامة وأبرزها توفير الشفافية مع عقد الجموع العامة في آجالها القانونية. وبخصوص فضائح التعاطي للمنشطات قال أوزين إن الوصول إلى تحقيق شعار "رياضة نظيفة" أضحى يستوجب انخراط الوزارة والحركة الرياضية وكافة المتدخلين المؤسساتيين، كما أن هذا التحرك ينبغي أن يتوسع ليشمل ليس فقط المستعملين ولكن كل من يتاجر في هذه المواد، مع ملء الفراغ القانوني الذي يرصد حاليا، واعتماد فحوصات على ممارسي بعض الأصناف الرياضية. وأعلن أوزين فتح تحقيق في ملفات الرياضيين المتورطين ضمن فضائح تعاطي المنشطات، وذلك بغية تحديد المسؤوليات، ومعرفة ما إذا كان هذا السلوك فرديا أو نتاج ممارسات لشبكة منظمة، وقال إن تناسل الحالات لا يبعث على الحكم بكون المعطى اعتباطيا.. وينبغي انتظار النتائج النهائية للتحقيقات موضحا أنه في حال ثبت تناول العدائين المتورطين للمنشطات سيتم فصل أمين لعلو من وظيفته بسبب ارتكاب خطإ فادح، كما سيتم اتخاذ إجراءات توقيف عملية توظيف مريم العلوي السلسولي. كما أعلن أوزين قرار حل اللجنة الوطنية لمحاربة المنشطات ووضع آلية بديلة أكثر فعالية، وقال إن الوزارة قدمت مشروع إحداث وكالة وطنية للمنشطات وأن المشروع موجود لدى وزارة الاقتصاد والمالية لبحث طريقة تمويل هذه الوكالة، كما أعلن عن مخطط للتقدم بطلبات متابعات قضائية ضد كل الأشخاص أو الهيئات التي تتعاطى للمنشطات أو تساهم في تسهيل استعمالها. في المقابل لم يقدم وزير الشباب والرياضة أي ضمانات حكومية لتنفيذ مشروع إصلاح الرياضة، حيث اقتصرت مداخلته على تقديم العموميات. وقالت مصادر متطابقة إن هناك قرارات مستعجلة يجب اتخاذها تتمثل في فتح تحقيق مع المسؤولين الحقيقيين عن مهزلة لندن، وذهبت المصادر إلى حد القول إن هناك تسترا من طرف حكومة بنكيران، التي لا تريد فتح ملف الرياضة بسبب الأزمة التي تعيشها البلاد، موضحة أن المغرب يوجد في منعطف الطريق وأن أي إصلاح حقيقي يحتاج إلى موارد مالية ضخمة، وهي الأموال التي قالت المصادر إنها غير متوفرة بسبب الأزمة المالية التي يعاني منها المغرب منذ شهور عديدة.عبد المجيد أشرف