لعله من البديهي القول بوجود علاقة تباين واضحة بين ماتنجزه المؤسسة الملكية وماترقعه الأجهزة الحكومية،لعله من البديهي القول بوجود علاقة تباين واضحة بين ماتنجزه المؤسسة الملكية وماترقعه الأجهزة الحكومية، بل إن هذه العلاقة قد تتحول إلى علاقة تعارض كما هو الشأن في عمالة شفشاون، حيث اقترنت الإطلالة الملكية على إحدى مناطقها بالعطاء والبناء، بينما اقترنت زيارة العامل لنفس المنطقة بالتهديم والتدمير. فكما هو معلوم قام مؤخرا عاهل البلاد بجولة مفاجئة عبر البحر شملت عدة مراكز ساحلية بإقليم شفشاون. وبالرغم من عجالتها وبساطتها فقد استطاعت هذه الجولة أن تكشف عن كثير من المشاكل التي توارت خلف غبار الإهمال، ففي مركز «قاع أسراس أثير التدبير السيء لملف ضخم يتعلق بالكهرباء، كما طرح مشكل احتياج الفئات المعوزة إلى مساعدة الدولة، وبشاطئ «اشماعلة» أميط اللثام عن الاختلالات الخطيرة التي يعاني منها الميناء الجديد الذي كبح جماحها وهي في طور الإنجاز. وبذلك فقد لامست هذه الإطلالة الملكية، المشاكل الكبرى التي يتخبط فيها هذا الإقليم والمتمثلة أساسا في الفساد الإداري والعجز الاجتماعي وضعف البنية التحتية، وعليه فهي إطلالة بناءة انضافت لبنتها إلى صرح المبادرات الملكية الكبرى. وخلافا لهذا النهج البناء وبعد أيام على هذه الطلعة الميمونة، تفاجأ المواطنون بجماعة اسطيحة بإقدام عامل شفشاون، وهو في السنة الأخيرة من ولايته. على إرسال جرافة عملاقة تتقدم وفدا حاشدا من الموظفين والسلطات والقوات العمومية إلى سوق أحد بني زيات، حيث تم هدم دكان كان صاحبه يعول بمدخوله أسرة من تسعة أفرد، وسط استياء عارم في صفوف المواطنين، لاسيما أن هذا الهدم اتخذ من القانون مدخلا له لتكريس الفساد، إذ أنه في نفس اليوم وبنفس الجماعة رفضت نفس اللجنة الموفدة تطبيق القانون، خاصة المادة 80 من قانون التعمير، على حالة أخرى بمركز اسطيحة لها نفس المخالفة وتتعلق ببناء سور بدون رخصة فوق طريقين جماعيين رقم 4و5 وهذه الازدواجية في تطبيق القانون مورست أيضا منذ سنوات عندما دشن هذا العامل ولايته على هذا الإقليم بإنجازه عدة عمليات للهدم بمركز اسطيحة اقتصرت على معاقبة المستضعفين فقط، وبذلك فإن النهج التخريبي يؤجج ضراوة المشاكل التي يكتوي بها هذا الإقليم من خلال تكريس الفساد الإداري وتعميق العجز الاجتماعي، وعليه يمكن اعتبار ولاية هذا العامل عهد تهديم وتخريب ينضم وزره إلى أوزار عهود الولايات السابقة. وهكذا يستنتج أنه إذا كان عاهل البلاد يبني فإن عامل شفشاون يهدم، وهي مفارقة شاذة لايمكن فهمها إلا في ضوء القول المأثور: «إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظروا الساعة»