حلّ المغيب وأظلمت في جزء من المدينة فيما ظل الضياء موجودا في مكان ما من هذا العالم، قادتني نفسي فجأة ودون أن أدري إليه كانت الشوارع أنيقة للغاية وأضواء المصابيح زدتها وهجا وتألقا، النسوة بلباسهنّ المثير للشهوة الكاشف للتضاريس الأنثوية يغري العقول الشاردة المكبوتة، حتى يخيل إليك أنك في مدينة غربية زادها المعمار الغربي غرابة في مزيج قل له مثيل ، يجمع بين الحياة العصرية المتحررة إلى حد الفسوق وبين حياة تدًعى المحافظة على قيم أصبحت ترادف لباسا نصفه الأعلى احتشام ونصفه الأسفل قنبلة تنتظر التفجير عن بعد. صخبٌ... وضجيج...زحامٌ... فاكتظاظ شديد...حتى سيارات المهاجرين المرقمة بالخارج ما إن تتوقف في خيلاء حتى تمرق إليها أجساد أنثوية تطلق ضحكات ما جنة عربون استعداد لقضاء ليلة حمراء، يتلقفها السائق بنشوة بعد أن كاد يدوس كتلة بشرية، كانت لمتسول مد إليه بيده فعاد بها بشتيمة داعرة . العمارات الشاهقة والمبانى الراقية والمقاهي الفارهة تتجاور فيما بينها معلنة اتحادها في شارع سمّاه البورجوزيين " البوليبار" وسمّاه أخرون سخرية "شارع شوفوني" والأستقراطية المغربية تدخن سيجار هافانا...وصاحب الكرش الضخم " أبوأكذوبة العدالة الإجتماعية" ومهرج الإنتخابات يقرأ الجريدة بالمقلوب...وبجانبه ماسح الأحذية وقد أخفى تبرّمه بين نعليّْ الزعيم وراح ينظفها من قذارة وعفونة حينا الشعبي...وقدا بدا مثل أسد كرتون سرعان ما يتلاشى بقطرات البلل همست لمرافقيّ -هنا الرقاء المزيف يجتمع بقذارة الذمم ...وهناك أحزمة البؤس تجتمع بصدق الواقع فيشكلان معا لوحة من المتناقضات المخيفة. أكاد أجنّ لهذا العالم القذر ...متسول يقابل سيارة فارهة يحتار صاحبها أي قنينة نبيذ يختار؟ فيما يعجز هو عن ضمان قطعة خبز يبللها برشفة ماء ...وأب لا يجد مأوى لأبناءه... فيتحول المشهد إلى علبة سردين تتكدس فيها الأجساد الجوعى... وبرلمانيٌ فاسد يحتار بين الشليه والهليتون ...فيختار الثاني بعد مشورة العشيقة مخافة الفضيحة . لقطات من محفل الكلمات المبتور من الذاكرة السوداء لحياة تأسرنى حينا من الزمن وتغضبني حينا ولكنها لا تفارقي ذهني يوما. [email protected]