أضحت ظاهرة التحرش الجنسي وإيتاء الأفعال المخلة بالحياء على طول السواحل المغربية، أمرا عاديا وشبه يومي، وصار يمارس في واضحة النهار.حتى داخل مياه الشواطئ، أمام مرأى من الجميع، وتحولت المصطافات الشاطئية إلى فضاءات للعري، وهو ما أتاح للمراهقين فرصة لإشباع رغباتهم المكبوتة ولو كان ذلك على حساب الأخلاق العامة، ونتيجة التحول الذي يعرفه المجتمع المغربي، صار أمرا عاديا أن نعاين شبابا من مختلف الأعمار يلهثون وراء الفتيات دون اعتبار للذوق العام، كما أن ذلك غالبا ما يجري على حساب العائلات، التي تأتي إلى الشواطئ للاستجمام والراحة والاستمتاع بأشعة الشمس، وهو وضع جعل العديد من العائلات تتفادى التوجه إلى الشواطئ، بسبب كثرة التحرش وخوفا على بناتها وأولادها من الدخول إلى هذا العالم المتسم بالعدوانية والتفسخ الأخلاقي. وبينما كان التحرش بالفتاة يجري في الماضي بطريقة بسيطة وعبر الكلام السلس، الذي لا يتجاوز حدود الأخلاق، وصل الحال اليوم إلى حد التحرش بواسطة العنف، والاعتداء. اختلفت الآراء حول الظاهرة فهناك فتيات لا يجدن أي غضاضة في التعرض للتحرش الجنسي، شريطة ألا يتجاوز حدود المعقول، فيما أخريات يرفضنه بشكل قطعي ويعتبرن الظاهرة حالة مرضية يجب استئصالها من المجتمع المغربي، لكن الواقع يؤكد أن الظاهرة انتشرت بالفعل وامتدت عدواها إلى الشواطئ المغربية. ويرى العديد من المهتمين أن العائلات المغربية، التي تتخذ من الشواطئ مكانا للاصطياف بدأت تنفر من الظاهرة، وتفضل وجهات أخرى، وذلك بسبب ما تعانيه من سلوكات بعض المراهقين، خصوصا أن الظاهرة بدأت تمس شرفهم وتتعدى على حرمتهم. تقول "سميرة" تلميذة (18 سنة)، " سبق أن تعرضت لاعتداء جنسي في وضح النهار بشاطئ "سيدي رحال"، حين كان مراهق يتبعني و يحاول محادثتي، إلى أن ابتعدت عن أنظار والدي، واقترب مني و بدأ يلامسني، ثم مارس علي الجنس دون إرادتي، بعدما ضربني وهددني بواسطة سكين"، لتسكت برهة ثم تكمل حديثها "بعد تلك الحادثة أصبحت أتحاشى الحديث مع الجميع، كما صرت عدائية وعصبية". وتضيف سميرة "لقد أصبت بصدمة لم أقو على تجاوزها حتى الآن" وإذا كان هذا حال سميرة التي تعرضت للاغتصاب فإن فتيات أخريات يلجأن بمحض إرادتهن إلى الواجهات البحرية وذلك غالبا ما يكون دون علم الأهل، وفي هذا الصدد تقول ابتسام، التي لم يتجاوز سنها (19)" أنا وأخواتي ننتظر العطلة الصيفية بفارغ الصبر بغية النزول إلى الشاطئ للاستجمام، والاصطياف بعد موسم دراسي متعب، إلا أن تحرشات الشباب المتكررة تمنعنا من الاستمتاع، وما يحيرني هو أننا متحجبات وملتزمات، ولم يسبق أن حاولنا لفت انتباه أي أحد منهم، إلا أنهم يضايقوننا و يحاولون معاكستنا بشتى الطرق، وهو ما يجبرنا على الابتعاد بعد وصولنا مباشرة." لكن المسؤولية لا تكون دائما على الشباب فهناك فتيات يجتهدن في لفت انتباه الشباب بملابسهن المثيرة، ويحرضن الشباب على التحرش بهن بطريقة أو بأخرى، لدرجة أنهن يعتبرن التحرش الجنسي شيئا إيجابيا، يشعر الأنثى بجاذبيتها، كما أنه في نظرهن موضة العصر، وفي هذا السياق تقول "مريم" البالغة من العمر(22 سنة)، " لا أرى عيبا في أن يغازلني شاب، فهو شيء يشعرني بأنوثتي، وبأنني جذابة ومرغوبة لدى الرجال، كما يملأ فراغي، ولأظهر أناقتي وأنوثتي، أحرص على ارتداء أحسن أنواع "المايوهات" وأغلاها سعرا، لأكون مثار إعجاب أكبر عدد ممكن من الرجال"، وتقول "حنان "البالغة من العمر32 سنة، "أنا سيدة جميلة، وجذابة، وأنيقة، ما يجعل التحرش بي شيئا عاديا، كما أن اهتمام الرجال بي يزيد من ثقتي بنفسي ويشعرني بلذة وشعور لا يقاوم"، وتبرر وجهة نظرها بقولها" الله جميل يحب الجمال، فكيف بهؤلاء الشباب أن لا يحبوه." أثناء جولتنا في شاطئ " عين الذئاب" وقفنا على أوضاع مخلة، ولا يتورع الشباب هناك من كلا الجنسين في القيام بأفعال لا أخلاقية، والغريب في الأمر أنهم لا يأبهون لوجود الآخرين، متجاهلين الجميع، وهو ما أثار استغراب مرتادي الشواطئ كما أن الأسر باتت تخاف على أولادها من الانجذاب نحو هذه الممارسات الغريبة، ومع الأسف فالأمر يبقى غريبا على حد قول أغلب الموجودين في أغلب الشواطئ. وقد أكدت الفتيات اللواتي التقيناهن بالشاطئ، أنهن يأتين خصيصا لربط علاقات صداقة مع الشباب من دون علم أسرهن، أما في ما يخص ممارسة الجنس تقول إحداهن وهي في سن المراهقة "أنا أعتبر الأمر حرية شخصية وليس لأحد التدخل فيها". بينما تشير "زينب" إلى أن والدتها تدرك أنها تذهب إلى الشاطئ رفقة صديقها، وتشجعها على ذلك. وترى عائلة "زينب" أن التحرش الجنسي، أمر عادي وموجود منذ الأزل، وللتخلص منه وجدت الحل في تجاهله، أما عن المجتمع فهي ترى أنه متخلف لم يصل بعد إلى النمط الحضاري السائد في باقي دول العالم. إغراءات الفتيات وراء اندفاع الرجال لدى الطرف الآخر كشف جل الرجال، الذين تحدثنا إليهم في موضوع التحرش الجنسي، أنها ظاهرة منتشرة في أوساط الشباب خاصة المراهقين منهم بسبب الكبت والفراغ، الذي يعانون منه خصوصا في فترة الصيف، حيث العطل، واشتداد الحرارة التي تدفع بالعديد منهم للتوجه نحو الشواطئ لاستجمام وملء الفراغ. وأشار عبد القادر كوالي 50 سنة إلى أن سبب تحرش الرجال بالفتيات، راجع إلى كون بعض الفتيات يثرن الانتباه بلباسهن الفاضح، وحركاتهن المتمايلة، ونظراتهن الأنثوية، وكأنهن هن اللواتي يتحرشن بنا لا نحن، ويضيف "الغريب أنهن يبدأن بالتذمر مع بداية حديثنا معهن". في حين يقول"سمير" "أنا شاب أبلغ من العمر27 سنة، عاطل عن العمل لا أملك سوى جسمي، الذي أستغل من خلاله بعض النسوة الغنيات اللواتي يأتين، للوجهات البحرية بغية العثور على شاب يشعرهن بأنوثتهن وشبابهن." عائلات محافظة في غياب أجواء مناسبة كانت بداية معاينتنا لبعض مشاهد التحرشات بأحد شواطئ المحمدية، حيث التقينا عائلات محافظة ترفض رفضا كليا ما يقع من مضايقات وتجاوزات لا أخلاقية على الشاطئ، إذ يرى "عبد الكريم" 45 سنة، رب أسرة من بن سليمان، أن آفة التحرش الجنسي، تعتبر تعد على حرية الآخر بشكل مباشر، مضيفا " أنا أب لثلاث بنات في مقتبل العمر، وهذا المحيط الفارغ والمخيف يجعلني دائم القلق من أن يقعن فريسة هؤلاء الشباب، خصوصا أن أغلبهم يعرفون كيف يسيطرون على البنات عبر الوعود الوهمية بالزواج وقصص الحب الخيالية". من ناحية أخرى قال" سعيد" 42 سنة، من مدينة مراكش، في تعليقه على الظاهرة "أحب اصطحاب عائلتي إلى الشاطئ من أجل الاستجمام واستنشاق الهواء النقي والتمتع بالبحر، الذي نفتقده بمدينة مراكش، إلا أنني صرت أخشى على بناتي من التعرض للتحرشات الجنسية، التي باتت شيئا مألوفا في زمننا هذا، إلى درجة أنني أصبحت أحاول الانفراد بعائلتي في الشواطئ شبه المعزولة، التي تتجمع فيها العائلات المحترمة فقط، لكن مع الأسف حتى هذه الأماكن بدأت تعاني من الظاهرة." واتفقت العديد من العائلات على أن ظاهرة التحرش الجنسي، سلوك لا أخلاقي، ولا مسؤول بات يحد من حريتنا، ويهين كرامتنا، خصوصا أننا لم نعد نسلم ممن يعاكسون نساءنا وبناتنا، ويحاولون الاقتراب منهن دون مراعاة وجودنا. وتبقى ظاهرة التحرشات الجنسية على الشواطئ، مرفوضة لدى أغلب العائلات، بينما تبقى مرغوبة عند البعض الآخر، في حين يتفق الجميع على أن الظاهرة أصبحت تؤرق المجتمع، الذي يظل عاجزا عن التصدي لها، والحد من انتشارها. جريدة الصحراء المغربية