عن منشورات "فضاءات مستقبلية" صدر للشاعر المغربي محمد الشيخي ديوان "فاتحة الشمس"، وهو الديوان السادس في تجربة الشاعر الشيخي، أحد كتاب القصيدة المغربية المعاصرة في المغرب، والذي شرع في كتابة تجربته الشعرية المتفردة منذ نهاية الستينيات، ولمع اسمه ضمن ما يعرف ب"جيل السبعينيات" في المغرب. عن الديوان الجديد لمحمد الشيخي يقول القاص والكاتب المغربي أحمد بوزفور، وبلغة شعرية هذه المرة: "في أذن غرناطة يسكب الشيخي أحلامه فتقرأه في السرير وتحفظه في السريرة، ثم تراوده عن قصيدته الشبقوت، بعناب حنانها الحلو تنفش من شعره ما استقام وتمشط من شعره ما انتفش. تتفيأ غرناطة شعره في الهجير ويطفئ من كأسها المشتهاة العطش. من شرفة لوركا المفتوحة، ينحاز الشيخي لحقول القمح وثيران الكوريدا. من شرفة لوركا المفتوحة، يقترب الشيخي من شجر البرتقال. يشم الشذا ويضيع، يشم الشذا ويضوع. وفي ورق البرتقال يخط: (سلام على ليلى)، فيرد صدى البرتقال: سلام على لوركا". ويأتي ديوان "فاتحة الشمس" بعد خمسة دواوين شعرية، منذ "حينما يتحول الحزن جمرا" الصادر عن منشورات الجامعة، سنة 1983، وديوان "الأشجار" الصادر عن دار قرطبة، سنة 1988، و"وردة المستحيل" الصادر عن منشورات "فضاءات مستقبلية" سنة 2002، مع دراسة لنجيب العوفي، ة"ذاكرة الجرح الجميل"، سنة 2005، عن "فضاءات مستقبلية"، أيضا، ثم "زهرة الموج"، الصادر سنة 2009، عن "دار الحرف". وصدر ديوان "فاتحة الشمس" في طبع أنيق وإخراج دقيق، وهو يضم عشر قصائد، في كل قصيدة عشرة أسطر شعرية، مع عشر لوحات تشكيلية من إبداع الفنان المغربي عبد الرحيم التوراني، وضعت كل لوحة إلى جانب قصيدة من قصائد الديوان، حيث يقدم التوراني قراءة تشكيلية وبصرية لكل قصيدة من قصائد الديوان، مثلما أبدع هذا الفنان التشكيلي في لوحة الغلاف الملتهبة. أما ناشر الديوان، وهو الناقد والمترجم المغربي محمد البكري، فكتب حاشية على ديوان "فاتحة الشمس"، وهو يعتبره "فجر لحن خالد"، كما هو عنوان شهادته النقدية العاشقة والمعتقة. ومع ديوان "فاتحة الشمس" تحقق التجربة الشعرية لمحمد الشيخي "آخر فتوحاتها البهية، إذ تصل على قمة فنية جديدة"، يقول البكري. وهذه القمة "كما تعزز المنجزات الشابقة التي حققتها هذه التجربة، منذ اواخر الستينيات، وحتى اليوم، فهي تفتح آفاق القصيدة مشرعة على النهر العظيم، تستهوي مياهه الشعر الأصيل، كي تنساب عبر المسار الخرافي الشائك نحو المجهول والمستحيل، مترعة بالدهشة وروح المغامرة، ووله التحديات الوجودية، وشغف الأسئلة الحارقة". من هنا، يخلص البكري إلى أن فاتحة الشمس "أفق لبدايات شعرية جديدة، نفي للخواتم واستئناف للنهايات. أغنية للحلم، أنشودة تطرز للشوق الأبي مناديل من أجنحة الفراش… توقد قناديل العشق الأبدي وتغرس اشجارا باسقة لا تنحني للعواصف والحرائق". هكذا، يستهوي شعر محمد الشيخي القاص والناقد فيكتبان معا شعرا عن الشعر والشاعر معا، وحاشية جديدة على شاطئ القصيدة، تحت "فاتحة الشمس". وليس ديوان فاتحة الشمس مجموعة شعرية ولا أضمومة تجمع قصائد متفرقة من قصائد الشاعر محمد الشيخي، ولكن الديوان تجربة واحدة شاهدة على مرحلة في الكتابة والحياة. تشرق منذ القصيدة الأولى "فاتحة الشمس"، وتغرب في القصيدة الأخيرة "لحظات هاربة"، وهي تهرب في آخر مقطع من الديوان، حين يهتف الشاعر: "أفتح باب الرحيل/ لخاتمة الشمس/ ذاكرة اللحظة الهاربة".