فتيات في مقتبل العمر وأخريات في أعمار متوسطة لا تجدن غير التسكع في جنبات شارع السلام بطنجة وعرض "خدمات" أجسادهن المحشوة وسط ملابس لاصقة أو جلابيب مهترئة على باحثين محتملين عن اللذة العابرة، من أجل كسب بعض الدراهم لإعالة أنفسهم أو أسرهن المعوزة، أو لتوفير ثمن جرعة مخدرات. فهؤلاء الفتيات لا يتورعن عن تقديم جميع "ممتلكاتهن" لزبائن أغلبهم من الطبقات الفقيرة يبحثون عن لذة رخيصة في هذا الشارع الذي يعتبر واحدا من اهم شوارع مدينة طنجة، خاصة وانه يحتضن إثنين من المؤسسات التعليمية في المدينة، ويتعلق الأمر بثانوية الرازي وإعدادية محمد السادس. "طنجة 24" قامت بعدة جولات استطلاعية في شارع السلام الذي يربط بين ساحة المغرب وشارع مولاي يوسف ويضم تجمعات سكنية مهمة، ورصدت كيف حولته أسراب "بائعات الهوى" من مختلف الأعمار، من محج لتلاميذ المؤسستين التعليميتين إلى معرض للدعارة الرخيصة، كما استقت في هذا الصدد آراء أمنيين وبعض المواطنين. أول الليل بشارع السلام الساعة تشير إلى حوالي الساعة السابعة مساء، وحركة تلاميذ المؤسستين التعليميتين، ثانوية الرازي وإعدادية محمد السادس، قد خفتت نهائيا بعد انتهاء الدوام الدراسي عند الساعة السادسة، ولم يبقى غير بعض العابرين أو المتبضعين من بعض محلات البقالة الموجودة هناك أوزبناء أحد المقاهي الشهيرة في نفس الشارع، إضافة إلى مجموعة من الناس الموجودين أمام بوابة مصحة خاصة توجد بالقرب من ملتقى شارع السلام وشارع مولاي يوسف. إلى حد الآن كل شيء يبدو عاديا في شارع السلام الذي أصبح مثار الكثير من القال في صفوف قاطني التجمعات السكنية القريبة. غير أنه وفي إحدى جنبات الشارع، وبالضبط أمام السور الأمامي لثانوية الرازي، تجر فتاة مرتدية لجلباب يبدو في حالة رثة خطاها باتجاه ساحة المغرب، وهي تمعن النظر داخل السيارات المركونة قرب السور وكانها تقوم بضبط عدد هذه العربات أو ربما تبحث عن سيارة يوجد على متنها من يدعوها للركوب. على الجانب المقابل لثانوية الرازي، وأمام محطة الحافلات، تظهر فتاة أخرى يظهر من قسمات وجهها كل معالم البؤس رغم ان سنها لا يبدو أنه أكثر من السادسة من العمر، وهي تقف بلباسها اللاصق الذي يبرز معظم مفاتنها رغم برودة الطقس، وغير آبهة بالمارة الذين لا يخفى على وجوهمم الامتعاض من منظر الفتاة التي تجسد أحد مشاهد استفحال آفة دعارة القاصرات في المدينة، لكنها بالرغم من ذلك لا تجد أدنى حرج في رمق بعض هؤلاء المارة خاصة منهم الشباب ببعض النظرات وببعض الغمزات لعلها تثير أحدهم بما يهمها. وفي مشهد آخر من مشاهد أول الليل بشارع السلام، ومن زقاق جانبي بالشارع يظهر شاب يبدو من مظهره انه من متعاطيي المخدرات، وهو يجري كأنه يفر من شيء ما، ومباشرة خلفه تظهر فتاة تجري خلفه وهي حاملة قطعة حجر ضخمة في يديها، قبل ان تستسلم وتعود ادراجها إلى داخل الزقاق لتختفي مجددا وسط الظلام الحالك هناك. مساومات على قارعة الطريق يستغرق انتظار الفتاة القاصر أمام محطة وقوف الحافلات، بضع دقائق قبل أن تنضم إليها فتاة اخرى، وبعدها يقف أمامهما إثنين من المراهقين يتبادلان الحديث معهما لبضع لحظات، قبل أن يتحركوا جميعا إلى وجهة ما. مشاهد المساومات بين "العاهرات" والأشخاص الباحثين عن اللذة، حسب تصريحات الكثير من شهود عيان، أصبح أمرا مستفحلا بشارع السلام، كما أنه صار من الأمور التي تثير انزعاج سكان الأحياء العمارات السكنية القريبة. ويؤكد عدد من المواطنين الذين استقت "طنجة 24"، آراءهم حول الموضوع، أن الدوريات الأمنية شبه غائبة أمام هذا "الانفلات الأخلاقي والأمني"، وان الحملات الأمنية تظل نادرة وموسمية في هذا الشارع الحيوي بالمدينة الذي يضم مؤسستين تعليمين كثيرا ما يتزامن تدفق الفتيات على الشارع مع خروج التلاميذ منهما. أحد العاملين في سلك الأمن يكشف للموقع، أن دوافع معظم هؤلاء الفتيات يلجأن إلى هذا النشاط المحظور، بسبب الفقر وقلة ذات اليد، حسب ما يصرحن به للضابطة القضائية أثناء التحيق معهن، ويضيف المصدر مبرزا أن هذه الإستنطاقات تبين ان نسبة أخرى منهن يمارسن هذا النشاط بدافع الحصول على ثمن جرعة من مخدرات الهروين أو الكوكايين ، وفي نفس الصدد يوضح المصدر كذلك أن اقصى ثمن تطالب به الفتيات المذكورات هو 50 درهم، وفي اغلب الأحيان لا يتعدى هذا الثمن 20 درهم. السكان: نريد تدخل الأمن في أحد آماسي شهر أكتوبر الماضي، اهتزت احد الأزقة المجاورة لشارع السلام على وقع جريمة قتل بشعة، عندما قام شاب كان مرافقا بإحدى بائعات الهوى بتوجيه طعنات غادرة بواسطة سكين لشخص كان ينوي رفقة آخر سرقته تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض. وحسب المعلومات الأمنية المتوفرة حينئذ، فغن الجاني الذي تم اعتقاله وإحلته على التحقيق، كان على علم بالمخاطر التي يزخر بها شارع السلام في الفترة المسائية، حيث يستغل مجموعة من المنحرفين توافد الباحثين عن اللذة لسلبهم ما بحوزتهم من نقود. وقد سبق ل"طنجة 24"، أن تطرقت في عدد من المناسبات لمعاناة سكان شارع السلام مع الانفلات الأمني المتمثل في استفحال الدعارة والجريمة، حيث يؤكد السكان ان الأمر اصبح مقلقا للغاية، كما يطالبون بتوفير الأمن اللازم لهذه المنطقة الحيوية من مدينة طنجة. أحد سكان إحدى العمارات يذكر للموقع، أنه في كثير من الأحيان يتفجأ بوجود شاب يضاجع فتاة امام باب المجمع الذي يقطنه، مما يدفعه إلى القيام بطردهما مستعينا بهرواة يهيئها لهذا الغرض. ويضيف المتحدث، أن قاطني التجمعات السكنية وجهوا عدة شكايات إلى السلطات الأمنية من اجل التدخل لتخفيف معاناتهم، خصوصا وأن كثيرا من الأسر القاطنة لديها اطفال يخشى عليهم من تبعات هذا الانفلات "الخطير". ومن جهتها، تؤكد إحدى الفتيات أنها باتت تتحاشى المرور من الشارع في لحظات ذروة ظاهرة انتشار بائعات الهوى، بسبب ما يعنيه عند البعض مشهد وجود فتاة في هذا الشارع، " فلقد أصبح هذا الشارع تحومه شبهات كبيرة"، تضيف المتحدثة نفسها.