كان للمغرب قبل سقوطه في يد الامبريالية الأوروبية هيبة كبيرة لدى الأوروبيين، وكان سلاطينه يتلقون العديد من الهدايا من أولئك لعلهم يفلحون في الحصول على امتياز من الامتيازات المحدودة داخل البلد. وتشتهر في هذا الجانب هدية فريدة كانت من الملكة البريطانية فيكتوريا إلى السلطان المغربي مولاي الحسن الأول، وهي الهدية التي كانت عبارة عن فيل ضخم أهدته الملكة عبر سفيرها الحديث التعيين بطنجة آنذاك خلفا للسير دريموند هاي، السفير ويليام كيربي غريين. هذا الفيل الذي اشتهر بالضجة التي خلقها في المغرب آنذاك، كان قد تم جلبه من الهند التي كانت مستعمرة بريطانية خلال فترة حكم الملكة فيكتوريا وكان هذا الفيل يدعى "ستوك" وقد وصل إلى طنجة في دجنبر 1890. منذ وصول هذا الفيل إلى ساحل طنجة والمتاعب بدأت تلاحقه وتلاحق من حوله، فقد كاد كما ذكر الكاتب الفرنسي دولامرتينير أن يغرق في شاطئ طنجة ويغرق معه الرجال الذين كانوا مكلفين به أثناء انزاله بالميناء. وأفزع الفيل ساكنة طنجة بضخامته وعنفه، فقد كان علوه يصل إلى 9 أقدام ووزنه 4 أطنان، وكان لونه أقرب إلى البياض وكان عنيفا، ولولا حنكة صاحبه الهندي الذي كان مكلفا به لكان من الصعب أن يتم ايصاله إلى اسطبل القصبة حيث ترك هناك لفترة قبل ترحيله إلى فاس. وفي رحلته من طنجة إلى فاس تسبب هذا الفيل "ستوك" في خلق رعب كبير في أوساط القبائل التي مر بها، إذ كان أغلب المغاربة في هذه الفترة يشاهدون لأول مرة في حياتهم فيلا، أو أي حيوان بهذه الضخامة. كما ذكر الكاتب والصحفي الفرنسي فيكتور فيرنيي في كتابه الذي ترجمه الكاتب المغربي عثمان بن شقرون تحت اسم "منطقة طنجة الفريدة ومظاهرها المختلفة" بخصوص هذا الفيل عند وصوله إلى فاس أن هذا الفيل "عاد بعد هروبه من فاس إلى طنجة وحيدا مروعا الساكنة، الامر الذي كاد أن يتسبب في قطيعة ديبلوماسية". لكن الفيل "ستوك" أعيد إلى فاس وخصص له اسطبل خاص، وقد أثار الكثير من الجدل في هذه المدينة بين سكانها والمقربين من البلاط الملكي بسبب الميزانية الضخمة التي خصصت للعناية به، غير أن ذلك لم يدم طويلا، إذ مرض "ستوك" بمرض لم يستطع البيطريون من انقاذه فمات في فاس تاركا ذكرياته في أذهان كل من رآه من المغاربة من طنجة إلى فاس.