هل انتحرت لوجورنال،وشنقت نفسها بنفسها؟،لأنها قد تكون جازفت كما يمكن أن يتبادر إلى دهن العديد من هواة الاعتدال في الكتابة الصحفية،و هي تخوض في قضايا ساخنة،تحرق الأصابع من كثرة خطورتها .السؤال أطرحه بصيغة استنكارية و لا أنتظر جوابا بالإيجاب،لأني متأكد أن ما حدث لهذه المجلة مؤامرة محبوكة دبرتها "الأيادي السوداء" في المخزن المغربي لاغتيال هذا العنوان،و نجحت على الأقل،هي الأخرى،في فضح هشاشة حريتنا الصحفية. لكن الذي آلمني هو تشفي بعض المحسوبين على الجسم الصحفي،ياحسرة،الذين تفننوا في جرد المساوئ المالية وغيرها للوجورنال بعد أن تم دفنها مع سبق الإصرار و الترصد،و هي مهمة وسخة أسندت لجهة ما في النظام المغربي،بتغطية سخيفة من بعض الصحف التي باعت حرية الصحافة،لتشتري قربها من دوائر القرار في مملكتنا الشريفة،للقيام بما يجب القيام به لإقناع الرأي العام المغربي خصوصا،على أن ما حدث لهذه الصحيفة كان من تدبير أصحابها هذه الصحف التي تتحدث بهذه اللغة عن أبوبكر الجامعي و مجموعته بنشوة مريضة ضد هؤلاء،لا اعتقد أنها تساهم في بناء حرية التعبير في البلاد،وإنما همها أن تقدم نفسها النموذج الوحيد لصحافة المستقبل،وهي تنشد إحدى الأغاني المغربية المعروفة "أنا وحدي نضوي لبلاد"،وكل من عمل بطريقة غير التي ارتضتها هذه الصحافة كمنهاج لها،في "اللحيس" طبعا،يوضع صمن قائمة الأعداء التي تحاربهم،حتى بأحط الوسائل،ولا تتردد في الضرب ما تحت الحزام بنية يمكن أن نقول إجرامية،ترمي إلى القتل المعنوي للآخر و إزاحته بضربة ممحاة من على الساحة الصحفية المغربية لماذا كل هذا التهجم على لوجورنال؟،ألم تكن بالنسبة لنا كمغاربة،خصوصا منهم الطبقة التي ترتبط حياتها المهنية وحتى الخاصة بالقلم،وكل من يرنو لأن يرى مغربا بدون خطوط حمراء في وجه الإعلاميين و السياسيين،شعلة تضيء غدنا في الحرية و الانعتاق من عقد الخوف.يكفي هذه المجلة شرفا أنها كانت المنبر الأول الذي تجرأ ووضع أنفه في قضايا من مستويات عالية لم يسبق لأي منبر في السابق أن تناوله بنفس الطريقة،ووضع الأجناس الصحفية المتعارف عليها على المحك المغربي بالرغم ما جلب له هذا من اصطدامات مع السلطات صحافة مغربية بدون لوجورنال جسم عليل لا يمكن أن يكبر بشكل طبيعي،و الأمر هنا يتعلق بما نسميه اصطلاحا في المغرب بالبناء الديمقراطي،والذين يصفقون اليوم لموت لجورنال ويرقصون على جثمانها أعداء لحرية التعبير في البلد،و لا يهمهم فيه إلا مصالحهم الضيقة و الرفع من عدد مبيعاتهم بل لحس أحذية المخزن لأن يغدق عليهم من خلال المؤسسات التجارية المقربة منه بسيول من الإشهارات،ينفخون بها أرصدتهم البنكية،أما حرية الصحافة و مستقبل المغرب لا يثيرونه إلا لأجل اللعب على الحبال الرقيقة في المواطن المغربي لوجونال مورس عليها القتل البطيء عندما تم تجميد الإعلانات في اتجاهها،و الكل يعلم أنه ليس هناك صحف بالكثرة التي يمكن أن نتصور تعيش من دون إعلانات،و القلة القليلة منها جدا التي تستمر بهذه الطريقة،وتفضل البؤس الصحفي على ملايين الإعلانات التي قد تنال من خطوطها التحريرية،وفي فرنسا هناك تجربة رائدة على هذا المستوى،تجسدها صحيفة لوكنار أونشيني،التي قال عنها يوما دوغول أنه لا يتصور صحافة فرنسية بدون هذه الصحيفة التي تتقن فضح الاختلالات في تسيير الشأن العام لا يهم إن كنا متفقين أم لا مع الخط التحريري لمجلة لوجورنال،فهذه المجلة كان لها طريقتها في قراءة الواقع المغربي،وهي محقة فيه،وجسدت حساسية من ضمن الحساسيات الموجودة على الساحة الصحفية المغربية،لأنها كانت تستحضر أفكارها في محاولاتها لنقد سياسات البلد،و لم تكن تسب في أعراض الناس،كما تصنع الصحف التي تحدثنا عنها أعلاه و عملها ينبع من صميم ما تقوم به الكثير من الصحف و المجلات في البلدان الديمقراطية،ففي فرنسا مثلا نجد هذا النوع من العناوين بكثرة،كما هو شأن المجلات الأسبوعية باختلاف مسمياتها انطلاقا من "لوبسرفاتور" ومرورا "بلبوان" ووصولا "لماريان"،إضافة إلى الصحف اليومية كما هو شأن صحيفة ليبراسيون القريبة من اليسار أو لوفيغارو ذات النبرة اليمينية،و هي الطريقة نفسها التي كانت تشتغل بها صحف المعارضة المغربية أيام زمان من ساروا في جنازة لوجورنال لاقتيادها لمثواها الأخير،فريق من مقاومة التغيير اليوم في المغرب.وإذا قال بوبكر الجامعي أنه لا مكان للصحافة الحرة بعد اليوم في البلد،فهو يعي ما يقول،لأنه يقصد شق من هذه الصحافة التي تجازف في مناخ مغربي بالتعبير عن مواقفها مما يدور في البلد على حساب الفاعلين السياسيين الذين اصطفوا في مجملهم خلف المفاهيم التي ينظر لها النظام المغربي من دون وجود قوة اقتراحية في المقابل تعطي للعمل السياسي ديناميكيته و حيويته