حرية التعبير و النشر من المكاسب التي حققها الإنسان عبر نضال مرير على مر التاريخ ، و كل الشعوب تتوق إلى هده الحرية و تسعى إلى حمايتها باعتبارها أساس الحياة الكريمة ، لكن هل هناك حدود للحرية التعبير و النشر؟ هل مفهوم حرية التعبير و النشر واحد في كل المجتمعات؟أوروبا و كل العالم الذي ننعته بالعالم المتحضر ، نغبطه على مستوى الحرية التي يتمتع بها المواطنون و المبدعون و الصحافيون ، لكن هل الحقيقة ماثلة في ما نشعر به ؟ ألا يتعامل العالم المتحضر بمكيالين مع ثقافة و معتقدات الآخرين؟ عندما رسم الرسام السويدي لارس فليكس رسوما تمس مشاعر المسلمين و تسئء إلى معتقداتهم خرج الملايين من العرب و المسلمين يتظاهرون رافضين الإساءة التي مست الرسول الكريم ، في تلك الفترة خرج الإعلام الغربي خرجته الغريبة معلنا أن لا أحد يمكن أن يقيد حرية التعبير و وصف العرب و المسلمين بالمتخلفين الدين لا يعترفون بالحرية ، توتر الشارع العربي و خف الاحتقان للحظة ثم يعاود الغرب الإساءة إلى مقدسات المسلمين بإنتاج فيلم فتنة من طرف البرلماني الهولندي خيرت فيلدرس وهو فيلم مناهض للإسلام تم نشره على الانترنت بما يتيح للملايين من الزائرين مشاهدة عمله الذي تحامل فيه على الإسلام والقرآن الكريم معتبراً الدين الحنيف "فاشياً" ورابطاً الإسلام بالإرهاب. وضرب فليدرز عرض الحائط بالمناشدات الأوروبية والدولية في عدم الإقدام على عرض الفيلم، في وقت رفضت فيه محطات فضائية وتلفزيونية أرضية في هولندا التورط في عرضه، كما رفض رئيس الوزراء الهولندي "رؤيا" فيلدرز بشأن الدين الإسلامي وقال ان "الفيلم يخلط الإسلام والإرهاب ونرفض هذا التفسير". وأثار بث الفيلم ردود فعل واسعة النطاق ويتزامن اقدام فيلدرز على نشر فيلمه بمطالبته المستمرة بإيقاف ما أسماه ب" أسلمة هولندا" والدفاع عن الحريات في الغرب، مدعياُ ان الإسلام يسعى للسيطرة على كل شيء وتدمير الحضارة الغربية. حرية التعبير في القاموس الغربي لا حدود لها عندما يتعامل الإعلام الغربي مع ثقافة الآخر ، بينما يضعون لحرية التعبير خطوطا حمراء عندما تمس ثقافتهم و معتقداتهم و في هدا الشأن فصلوا تهمة جاهزة يسمونها " معاداة السامية " لقد تجرا الممثل الفكاهي الفرنسي ديودوني على أن يجعل من سلوكات بعض اليهود موضوعا لمسرحياته ، لم ترق للوبي اليهودي ، تحاملوا عليه و ألصقوا له تهمة معاداة السامية و حاصروه و منعوه من الظهور على القنوات الفرنسية و ضيقوا عليه الخناق في رزقه فحرموه من تمثيل مسرحياته على خشبات المسرح و ألبوا عليه الرأي العام و هو الآن يعيش عزلة قاتلة ، تناقض و مفارقة في فهم حرية التعبير ، أن نسيئ لثقافة الأخر مقبول أما أن يسيئ الآخر لثقافتنا مرفوض , لم يتوقف الغرب عند هدا الحد في الإساءة لثقافة المسلمين و لمشاعرهم و معتقداتهم بل أقبل شاب هولندي من أصل إيراني يدعى احسان جامي مؤسس جمعية المسلمين المرتدين في هولندا لايتجاوز عمره 21 سنة على إنتاج فيلم كارتوني عن الرسول و زوجاته تتخلله مشاهد إباحية،لا يمكن وصفها و قد تم إنتاج الفيلم مند ما يقرب من السنة و النصف لكن السلطات الهولندية منعت من نشره مخافة أن يعمق الصراعات داخل المجتمع الهولندي ،غير أن هولندا تعتزم الآن بث الفيلم الكرتوني في الأشهر القادمة و بالضبط نهاية شهر أبريل 2010 و الفيلم يعرض لقطات مشينة لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم . ويصنف الفيلم بأنه "إباحي" ويصور زوجات النبي محمد - صلى عليه وسلم - في مشاهد فاضحة ومشينة . ورغم اعتراض تجار هولنديين على قرار السماح بعرض الفيلم خوفاً من ردود أفعال اعتراضية وعنيفة من المسلمين إلا أن نائباً في البرلمان أصر على رأيه في الموافقة على بث الفيلم المسيء , ووصف الأمر بأنه حرية إعلام وتعبير . وهدد التجار بمقاضاة النائب في حال تعرضت تجارتهم للمقاطعة والتي بدأ المسلمون يلوحون بها كسلاح فعال ضد كل من يحاول المساس بمقدساتهم . وبدأت علامات الغضب تدب سريعاً في الوقت الذي انتشرت دعوات للمقاطعة في البريد والمواقع الالكترونية ورسائل الجوال والتي تحض على مقاطعة كل منتج هولندي انتقاماً للنبي صلى الله عليه وسلم ضد الهجمة المتواصلة في السنوات الأخيرة من قبل دول أوربية.