مثل العديد من الدول النامية, حاولت تونس القفز إلى قطار واشنطن والغرب, بالقيام بالعديد من الإجراءات المالية والاقتصادية والاجتماعية, والتي أدت بدورها إلى: انخفاض الدعم الحكومي للسلع الإستراتيجية بدون توفير بدائل مناسبة, الخصخصة وتملك الأجانب العديد من الشركات, والتفريط بالبيع في مساحات شاسعة من الأرض, تأجير المنتجعات السياحية, خلق أنماط جديدة في الاستهلاك وبناء الثروات, مزيد من الاحتكارات التجارية وانتشار الفساد.هذا الواقع يقود حتما إلى تجمع غيوم وسحب من السخط والازدراء فوق سماء تونس تنذر بطوفان من علل وأعراض جمهوريات الموز التي ليست ببعيد. واقع الاقتصاد التونسي يشهد تراجعا بسبب حالة التهميش والإهمال للقطاع الزراعي وضعف روح المبادرة لدى النخب التجارية والصناعية . إلى جانب ذلك تقوم الدولة برفض وجود أي إشارة للاقتصاد غير الرسمي (الاقتصاد الخفي), وهذا مما فاقم أزمة تونس, فعلى الجانب الأخر من البحر المتوسط هناك اقتصاد غير رسمي في ايطاليا حتى أمريكا يوجد بها اقتصاد غير رسمي. فإذا الدولة فشلت في إيجاد وتوفير فرص عمل, فليس من الحكمة حظر وجود اقتصاد غير رسمي يوفر آلاف فرص العمل للشباب التونسي. حاله التهميش والإحباط التي تسود بين أوساط الشباب يمكن أن تكون الشرارة التي تشعل فتيل التوتر الاجتماعي والاضطرابات السياسية. في تونس اليوم، يتم ترجمة التهميش والإحباط إلى انتحار غير عقلاني وعمل مأساوي. ولكن غدا يمكن أن يكون هناك نوع مختلف من حالات الانتحار. د. العربي الصديقي (استاذ العلوم السياسية بجامعة اكسترببريطانيا)