يفيد التقرير السنوي للتجارة والتنمية برسم 2009 أن الاقتصاد العالمي تخيم عليه ظلال قاتمة ، مبرزا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في معظم البلدان المتقدمة توقف حتى قبل أن يتحول حالة الاضطراب المالي إلى أزمة مستفحلة في شتنبر 2008 ، ثم تحولت حالة التباطؤ فيما بعد إلى ركود كامل ، وحتى الاقتصادات التي يتوقع أن تسجل نموا خلال السنة الجارية مثل الصين والهند ، بدأت تعرف تباطؤا كبيرا في نموها مقارنة مع السنوات السابقة . وأكدت الخبيرة منى الشرقاوي بمناسبة تقديم تقرير مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنتمية يوم الاثنين بالرباط أن هناك العديد من العوامل والأسباب التي أدت إلى انفجارالأزمة وتفاقم انعكاساتها على اقتصادات مختلف الدول ، وفي مقدمتها الدول المتقدمة ، مشيرة إلى أن هذه الأزم الشاملة ، بدأت بأزمة الرهون العقارية العالية المخاطر التي شهدتها الأسواق المالية بالولايات المتحدة ، والتي توسعت لتشمل الأسواق المالية لباقي البلدان المتقدمة ، وهم ذلك ، في أول الأمر، أسواق الأوراق المالية والعقارية ليصل إلى أسواق العملات والسلع الأولية في الاقتصادات المتقدمة والاقتصاديات الناشئة . و تحدثت السيدة الشرقاوي عن الأسباب المرتبطة بهيمنة الأنشطة المالية الصرفة على الأنشطة الإنتاجية الحقيقة، حيث انتشرت الفوضى في النظم المالية الوطنية والدولية ، بسبب الثقة المبالغ فيها في كفاءة الأسواق المالية الحرة وإلغاء الضوابط التنظمية والتشريعية . وإذا كانت الصورة قاتمة بالنسبة للعديد من الإقتصادات في آسيا وأمريكا وأوروبا ، فإن الوضع مختلف نسبيا خصوصا في دول شمال إفريقا وفي مقدمتها المغرب ، إذ يتوقع التقرير أن يشهد نمو الناتج المحلي في إفريقيا تباطؤا حادا في 2009 ، غير انه يظل ايجابيا، حيث قد يبلغ معدل النمو 3 في المائة في شمال إفريقيا وواحد في المائة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. ويتوقع التقرير أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في سنة 2009 بنسبة تزيد عن 5ر2 في المائة بسب تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي بدأت في القطاع المالي قد تحولت الآن الى تراجع هائل في الاقتصاد الحقيقى .. و من بين الدول الاكثر تأثرا بالأزمة العالمية، يشير التقرير إلى دول أمريكا اللاتنية التي من المتوقع أن ينخفض ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 2 في المائة خلال 2009 وكذا دول غرب آسيا ، التي تضررت اقتصاداتها بفعل الانخفاض الحاد في أسعار الاصول المالية والعقارات والنفط ، وكذا بلدان جنوب آسيا التى تعتمد على صادرات المصنوعات.و ويبرز التقرير أن الأزمة الحالية لم يسبق لها مثيل من حيث عمقها واتساعها ، وطالت انعكاساتها جميع الاقتصادات تقريبا ، مشيرا إلى أن الناتج المحلي الاجمالي في البلدان المتقدمة سيتقلص بحوالي 4 في المائة برسم سنة 2009 ، مقابل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية بنسبة تزيد عن 6 في المائة، مقابل تراجع معدل النمو في البلدان النامية من 4ر5 في المائة سنة 2008 الى 3ر1 في المائة سنة 2009 ، متوقعا أن تتقلص المبادلات التجارية العالمية خلال السنة الجارية بنسبة لا تقل عن 11 في المائة بالأرقام الحقيقية وبنسبة 20 في المائة بالأسعار الجارية للدولار. ويذكر التقرير أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية أثر سلبا على البرامج الإنمائية في العديد من الدول ، خصوصا تلك المتعلقة بالأهداف الانمائية للألفية ، التي اصبح من شبه المستحيل تحقيقها في منطقة افريقيا جنوب الصحراء ، في موعدها المقرر سنة 2015 . ويبرز التقرير الحاجة إلى تقديم دعم مالي للبلدان المنخفضة الدخل ، وإعادة التفكير في السياسات النقدية والمالية ، والحاجة إلى تنظيم مالي أكثر صرامة ، وضرورة اتخاذ إجراءات عالمية من أجل التكيف مع الاحترار العالمي ، وإدماج التخفيف من تغير المناخ في صلب الاستراتيجيات الصناعية ...