الكلفة التخمينية لتدمير دولة العراق 52 تريلون دولار. قيمة الحياة المهدورة للضحايا العراقيين ب 16 ترليون دولار . قيمة الحياة المهدورة للمغيبين 5 ترليون دولار. الإبادة البشرية والثقافية والاقتصادية وسياسة التجويع توماس فولي يخصخص أصول الدولة العراقية تعرض العراق منذ عام 1990 لسلسلة من الإجراءات الدولية والغير مسبوقة , وعلى اثر الخطيئة الإستراتيجية – فخ اجتياح الكويت, وفرض عليه حصار اقتصادي الأول من نوعه في التاريخ المعاصر , وقد وضع العراق تحت البند السابع لميثاق الأممالمتحدة ولا يزال, وبذلك قسمت الولاياتالمتحدةالأمريكية العراق بعد أخراجه من الكويت الى ثلاث مناطق أساسية , أبرزها شمال العراق "المنطقة الآمنة"[1][1] وشرعته الأممالمتحدة بقرار أممي غير مسبوق لحمايتها وبمظلة جوية أمريكية وتواجد مخابراتي متعدد, وبنفس الوقت شرعت خطوط حظر الطيران 32-36 وهو تقسيم تمهيدي للعراق, وحرصت أمريكا على إدامة مظلة جوية فوق سماء العراق حتى قيام العدوان العسكري[2][2] عليه عام 2003 , ولم يكن العراق مصدر خطر للسلم والأمن الدولي , ولم يهدد اي دولة طيلة 12 عام, ولم يصدر منه سلوك حربي مضاد للدول القائمة بالعدوان, ولم يشترك العراق بحدود برية وسياسية مع دول الحشد الحربية, ولم تكن مبررات الحرب التي ساقتها الإدارة الأمريكية السابقة حقيقية, وقد ساهمت وسائل الإعلام الأمريكية والغربية ووسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية[3][3] بترويج الأكاذيب وفبركتها , واتخذت الخيار الحكومي الداعم لمخطط المحافظين الجدد(شيطنة العراق), بالرغم من أثبات وكالة الطاقة الذرية وفرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل قبل شن العدوان عليه, ولم تبالي أمريكا وبريطانيا وحلفائهما بالشرعية الدولية, وذهبت لغزو العراق كما خطط له المحافظون الجدد ورموز الإدارة الأمريكية من ذوي الخلفيات الدينية المتشددة واتساقهم بمخططات الشركات الكبرى لغزو العراق[4][4] وخصخصة أصول دولته . كان الاقتصاد العراقي من أفضل الاقتصاديات في العالم العربي , خصوصا في سبعينيات القرن الماضي وفي عهد الثورة العلمية والصناعية والزراعية والنفطية, وقد انزلق الاقتصاد العراقي الى الاضطراب بعد دخوله حرب الخليج الأولى عام 1980 , وخرج بمديونية كبيرة من جراء الحرب, وما لبث أن ارتكب خطيئة استراتيجية كبرى باجتياحه الكويت وتمخض عنها الحصار الاقتصادي والانسحاب القسري من الكويت, وصولا الى الجيب المهلك غزو العراق2003, وقد أجهزت أمريكا على الاقتصاد العراقي بالكامل وحطمت دولته ومؤسساته في اكبر عملية نهب عرفها التاريخ , وذلك بتصفير مقومات المؤسسة العراقية والتي يبلغ عمرها 80 عام , ويمكننا أن نقتبس بعض المعاير التي تطرق أليها عدد من الخبراء الأمريكيين عن اكلاف الحرب الأمريكية وأثرها على الاقتصاد الامريكي ونعكسها على تخمين كلفة الإبادة العراقية وكما يلي:- الكلفة التخمينية لتدمير دولة العراق 52 تريلون دولار أهدرت أدارة الاحتلال الامريكي ما يقارب تريليون دولار من مداخل العراق من النفط والضرائب والاستدانة والهبات المانحة , ولم ترتقي شبح الدولة في أدائها الداخلي والخارجي الى 15% مما كانت عليه مؤسسات الدولة قبل الغزو, ولو عاملنا ستة سنوات عمر تشكيل الدولة الحالية مع المدة التراكمية لبناء الدولة العراقية منذ تشكيلها عام 1923حتى العدوان على العراق عام 2003 , والذي يبلغ 80 عام مع فرق الأداء للمؤسسات التي أسستها أمريكا بعد الغزو,مع 13 فترة زمنية تراكمية قياسا بفترة التشكيل الحالية , وإذا ما قيس فرق مستوى الأداء نخرج بمقدار 4 أضعاف عندما كانت الدولة العراقية تعمل بكفاءة 60% , ونجد حاصل ضرب التكلفة الترليونية مع الحقبة الزمنية للأعداد ومستوى كفاءة الدولة قبل الغزو نحصل على رقم الخسائر التخميني التالي ترليون1 × 4 نسبة الكفاءة× 13حقب زمنية تراكمية لبناء الدولة =52 ترليون دولار[5][5] وتلك الكلفة التخمينية لتدمير الدولة العراقية. قيمة الحياة المهدورة للضحايا العراقيين ب 16 ترليون دولار يقدر عدد الضحايا العراقيين من جراء الحرب وأثارها الجانبية بمقدار مليوني عراقي حتى هذا اليوم[6][6] نظرا لانتشار القتل خارج القانون والتطهير الطائفي والاستهداف الأجنبي والإقليمي للبنى التحتية الاجتماعية العراقية, ولو تعاملنا مع معايير القاعدة الاقتصادية للحياة المهدورة وقيمة النجاة بها من الهلاك(VSL) وفق المعايير الأمريكية فأنها حتى عام 2004 تقدر ب6,2 مليون دولار وفي عام 2007 تقدر ب 7,2 مليون دولار ومع التضخم والأزمات الاقتصادية فأنها بحساب اليوم 8,2 مليون دولار وعند معاملة التعويض الاقتصادي[7][7] مع مليوني عراقي قضوا من جراء الغزو الامريكي على العراق[8][8] نجد أن قيمة الحياة البشرية المهدورة تبلغ وفق هذا المعيار ب 16 ترليون و400 مليون دولار كحد ادنى. قيمة الحياة المهدورة للمغيبين 5 ترليون و450 مليون دولار تقريبا. هناك أكثر من 500 ألف مغيب قسرا في عداد القتلى لعدم ظهور دلائل الحياة ومضي سنين على فقدانهم وفق ظواهر الجثث المنزوعة الهوية التي خلفها سلوك الأحزاب الطائفية ومليشياتها وعدد من القوات الحكومية التي تقتل خارج القانون إضافة الى مقاولات الدفن الحكومي الجماعي دون حضور أهالي الضحايا , وبلغ معدل الاختفاء والخطف من 40-60 يوميا والعديد منهم يلقى مصير الضحية المعهود (القتل) وعند التعامل مع قاعدة الحياة المهدورة وفق المعايير الاقتصادية الأمريكية فستكون قيمة الحياة المهدورة للمغيبين 5 ترليون و450 مليون دولار. الإبادة البشرية والثقافية والاقتصادية وسياسة التجويع حرب التغيير الدموغرافي والإبادة البشرية خضع العراق لأبشع إبادة بشرية وثقافية وبدورها حطمت معدلات التنمية, وذلك من خلال قتل العلماء والاكادميين وتهجيرهم وتدمير غالبية الطبقة الوسطى, واتساقا بمنهج التقسيم القاسي والخصخصة الرأسمالية للشركات وفلسفة تقليل عدد سكان العراق لاحتكار الطاقة, وجرى تفكيك النسيج الاجتماعي العراقي لأغراض حربية مخابراتية لتحقيق الأمن السياسي لقوات الاحتلال في العراق , وكذلك حملات التصفيات الجسدية المنظمة وفق الأجندات الإقليمية ذات المتغير الدموغرافي لشكل العراق والمنطقة, وجميع الضحايا يخضعون أيضا لمعايير الحياة المهدورة وقيمة النجاة بها من الهلاك(VSL), ويصعب تقدير الرقم خصوصا أن أعداد المهجرين ضمن حرب التغيير الدموغرافي بلغت 6,8 مليون عراقي وفق إحصائيات الأممالمتحدة. التهجير المنظم ركيزة أساسية في مشاريع تقسيم العراق كانت عملية التهجير القسري المنظم ركيزة أساسية في مشاريع تقسيم العراق المعلنة والسرية , والتي صدرت عن مراكز دراسات أمريكية ومسئولين رفيعي المستوى في الطبقة السياسية, انطلاقا من تجربة تقسيم جيكوسلافاكيا ويوغسلافيا في حروب تفتيت أوربا الشرقية , وبما يتسق مع مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي ينطلق من تقسيم العراق, وقد بلغ عدد المهجرين العراقيين خارج العراق 4,6 مليون عراقي حتى نهاية عام 2007 , أي أن كل 1 من 7عراقيين اقتلعوا من منازلهم عنوة, وتعد هذه أضخم وأبشع هجرة لشعب في الشرق الأوسط بعد تهجير الشعب الفلسطيني عام 1948 من قبل العصابات الصهيونية, وغالبية المهجرين شيوخ ونساء وأطفال, وقد صنفتهم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة كضحايا الإرهاب السياسي والتعذيب الجسدي والعنف الجنسي والجنوسي وبطش المليشيات الطائفية والقوات الحكومية[9][9], وقد بلغ عدد المهجرين في الداخل2,2 مليون عراقي, وقد هجروا من منازلهم ضمن حملات التطهير الطائفي المنظمة والتغيير الدموغرافي المخطط لها في العراق والمنطقة , وبذلك بلغ عدد المهجرين ة6,8 مليون عراقي[10][10] ومن الملفت للنظر انهيار النظام الرسمي الدولي ومنظماته أمام سطوة القوة خصوصا أذا علمنا أن مرتكبي تلك الإبادة والمجازر والجرائم والتي يوصفها القانون الدولي "جرائم إبادة للجنس البشري" لم يتم مسائلتهم وفق معايير القانون الجنائي الدولي والقانون العراقي والدستور الحالي , ونجدهم في هرم السلطة وأروقتها السياسية ويتمتعون بحصانة قانونية من قوات الاحتلال الامريكي ودوائره السياسية؟ البطالة وخصخصة وظائف الدولة تقدر البطالة في العراق بمقدار 60% وقد يتجاوز هذا العدد في الحقيقة اذا ما قورنت بمخطط تصفير مؤسسات الدولة بالكامل وحل مؤسساتها المهنية, واعادة تشكيلها وفق المحاصصة الطائفية السياسية(خصخصة وظائف الدولة للأحزاب) , ومظاهر الموت في القطاع الصناعي والزراعي والإنشائي , واقتصار الاستثمار على الشركات الكبرى الداعمة والممولة للعدوان وزعانفها الثانوية, ناهيك عن حمى استيراد العمالة من الخارج, وتعاظم أعداد الوافدين الأجانب من الشرق والشمال والمجنسين عراقيا لأغراض مخطط التغيير الدموغرافي[11][11]. التجويع سياسية امبريالية يرى جميع الخبراء أن سياسية التجويع هو مسلك امبريالي جشع ذو طابع حربي مخابراتي واقتصادي, لتطويع أرادة الشعوب وثنيها عن المطالبة بحقوقها الشرعية وسيادتها على أراضيها وثرواتها وحقها في تقرير المصير , وقد استخدمت دوائر الاحتلال الأمريكي هذا المسلك في تطويع وتدجين القدرة البشرية العراقية لتحيق أهدافها واستراتجياتها العسكرية في العراق والمنطقة, وكقدرة مكتسبة حربية ومعلوماتية ولوجستية تقاتل بدلا منها , وبذلك تحقق السيطرة عن بعد وقطع التماس المباشر, وقد بلغ عدد الجياع في العراق حسب إحصائية أصدرتها احد الجامعات العراقية بما يقارب عشرة ملايين جائع في أغنى بلد بالعالم, وهذا الرقم أقل بكثير من واقع الحال المزري للشعب العراقي الذي يعيشه اليوم في ظل تناسل طبقة الفساد فيه. توماس فولي يخصخص أصول الدولة العراقية جرى نهب منظم لثروات العراق من قبل رموز الإدارة الأمريكية السابقة وأدواتها السياسية وزعانفها من المتعهدين السياسيين والأمنيين وعبر الأدوات السياسية من ذوي الأصول العراقية , وشاركت بمحفل النهب الدول الإقليمية الطامعة , والتي حرصت على تطبيق القضم الجيوبولتيكي للعراق, وتجريف اقتصاده وقدراته العسكرية , والتي تلقي بظلالها على الأمن القومي العربي ومعادلة التوازن الإقليمي والسلم والأمن الدولي, وكان " بول برايمر" السيئ الصيت قد اصدر في أيلول 2003 قوانين تحظر فرض العديد من التعريفات الكمركية, وتضع سقفا لضريبة الشركات , وضريبة الدخل لا يتعدى 15%, وقد باشر في خصخصة الصناعات المملوكة للدولة العراقية , مع أن اتفاقية "لاهاي" لعام 1907 حول الأنظمة المتعلقة بقوانين الحرب وأعرافها حيال الأرض, تمنع المحتل من بيع أصول او موجدات البلاد المحتلة, وكانت خطة الخصخصة هذه جزء من معزوفة إدارة بوش منذ البداية, ويشير "راجيف شاندراسكاران"[12][12] من صحيفة "واشنطن بوست" حادثة تباهى فيها "توماس فولي" المانح الجمهوري المعين في أب 2003 رئيس لجنة تطوير القطاع الخاص في العراق "بأنه سوف يخصخص جميع المشاريع التي تملكها الدولة العراقية في غضون شهر" وعندما قيل له بان ذلك مخالف للقانون الدولي رد فولي قائلا ( لا آبه لشيء من هذا القبيل أنني لا أقيم وزناً للقانون الدولي فقط تعهدت للرئيس بان اخصص مشاريع الأعمال في العراق)؟؟؟. أن العدوان الامريكي على العراق قد دمر اقتصاد أمريكا والعالم, واستنزف قدرتها العسكرية , وافقدها التفوق القطبي السياسي والعسكري الاقتصادي , وأوحلها في مستنقع الحروب وخصوصا في العراق وأفغانستان والنزيف مستمر فيهما, ولم تعمل أمريكا سوى على تمزيق وحدة العراق, وتفتيت مجتمعه وشعبه, وتحطيم البنى التحتية السياسية والاقتصادية العسكرية والمؤسساتية القيمية العراقية, وقد أذكى التوترات الطائفية المذهبية والعرقية(فرق تسد) ,وقد ارتكب خطيئة استراتيجية كبرى وساهم بأكبر وأبشع جريمة إبادة بشرية عرفها التاريخ, وبلغت تكلفتها المالية بالنسبة للعراق, وفقا لمعايير القاعدة الاقتصادية الأمريكية- الحياة المهدورة وقيمة النجاة بها من الهلاك(VSL) أكثر من 73 تريليون دولار كتقدير تخميني أولي مقارب للواقع , ولو أحصينا بدقة حجم الأنفاق والخسائر المالية والبشرية وفق وقائعها وأثارها الجانبية التراكمية, والأنفاق الحربي (أنفاق امني) لسبع سنوات تجاوز التريليون دولار, ويضاف أليه الآثار المترتب على الفساد المالي والإداري والسياسي , مع التضخم والعجز والمديونية المالية والفوائد المترتبة عليها ,والنفقات التشغيلية مع أثمان التعويض الموضوعية للضحايا من القتلى والمعوقين والمغيبين, وكذلك الآثار المايكرو –اقتصادية وحسابات بناء الدولة ومؤسساتها وأعادتها لوضعها الحيوي, والفرص الضائعة ,والاكلاف الاجتماعية والنفسية لتنمية القدرة البشرية العراقية, ستضع أرقاما فلكية تبرز حجم الإبادة البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ارتكبتها الولاياتالمتحدة وحلفائها وشركائها في غزو العراق وتلك لا تسقط بالتقادم الزمني وفق معايير القانون الدولي. د.مهند العزاوي مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية