للمرة الثانية منذ وصوله إلى السلطة، ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطابا مباشرا إلى الأمة الأمريكية أعلن فيه انتهاء العمليات القتالية للجيش الأمريكي في العراق. وقال أوباما في الخطاب المتلفز، الذي استهله بالإشادة ب«بسالة وبطولة» الجنود الأمريكيين في العراق وأفغانستان وأولئك الذين خاضوا عددا من الحروب في الماضي، إن أمريكا أنهت عملياتها القتالية في العراق وسحبت جنودها بعدما زرعت «بذور» الديمقراطية في هذا البلد. وأكد أوباما أن الولاياتالمتحدة أنفقت أكثر من ترليون دولار و«ضحّت» بأرواح 4400 جندي على مدى أكثر من سبع سنوات من أجل مساعدة العراقيين على بناء دولة ديمقراطية، والتخلص من نظام صدام حسين الذي اضطهد شعبه وقتل عشرات الآلاف من الأكراد والشيعة. وشدّد أوباما في خطابه، الذي دام 20 دقيقة، على أن الوقت قد حان لطي صفحة الحرب في العراق والتركيز على ما يدور في أفغانستان بالإضافة إلى ما يدور داخل أمريكا نفسها. وطالب أوباما الساسة العراقيين بالعمل على تشكيل حكومة ديمقراطية في أقرب فرصة ممكنة، وتحمل مسؤولياتهم أمام الشعب العراقي الذي أدلى بصوته في الانتخابات البرلمانية التي تم تنظيمها مطلع شهر مارس الماضي ولم تسفر عن تشكيل حكومة حتى الآن. واختار أوباما الحديث عن الجانب الاقتصادي للحربين اللتين تخوضهما أمريكا في كل من العراق وأفغانستان، وانتقد ضمنيا قرار الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش شن الحرب على العراق، لكنه قال إن بوش الابن «مواطن صالح» عمل لمصلحة الولاياتالمتحدة. وقال أوباما إن مبلغ الترليون دولار، الذي أنفقته واشنطن على حربها في العراق، كان يمكن استخدامه لتقوية الطبقة المتوسطة التي قال إنها بدأت تتآكل وتواجه مصاعب كثيرة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها أمريكا في السنوات القليلة الماضية. وكرر أوباما في خطابه رغبة واشنطن في طي صفحة الحرب في العراق أكثر من مرة، وقال إنه سيخصص جهوده في المستقبل لإصلاح الاقتصاد الأمريكي الذي وصفه بالمريض. وانتقد مراقبون في واشنطن بشدة خطاب الرئيس الأمريكي، الذي قالوا إنه لم يأت بأي جديد بالنسبة للأمريكيين الذين يعانون من تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة. وانتقدوا على الخصوص محاولة أوباما «السطو» على قرار سحب الجيش الأمريكي من العراق والاستفادة من الاستحسان الذي يلاقيه هذا القرار في صفوف الأمريكيين الذين عارضوا الحرب قبل بدايتها. وأكد المراقبون أن قرار الانسحاب من العراق وقعه الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش قبل مغادرته البيت الأبيض ضمن بنود الاتفاقية الأمنية الموسعة التي أبرمتها الإدارة الأمريكية السابقة مع بغداد. وهاجم عدد من المعلقين على مواقع إخبارية متعددة ما جاء في الخطاب الذي ألقاه أوباما، وعابوا على الرئيس الأمريكي تخصيص خطاب مباشر لإعلان انتهاء العمليات القتالية في العراق وعدم «الاهتمام بالمصائب التي يواجهها الشعب الأمريكي». وكتب هاوارد لي على موقع شبكة «سي إن إن»: «لا أعرف بالضبط ما هو خطاب هذا الرئيس، ولكن بحق السماء يبدو أنه لا يعيش في عالمنا هذا لأنه لم يتحدث إلى الملايين الذين فقدوا وظائفهم ولا لعشرات الآلاف من العائلات التي فقدت أبناءها وبناتها في الحروب التي تخوضها البلاد، ولا الملايين من أصحاب البيوت الذين غرقوا في الديون وباتوا مهددين بالتشرد في الشوارع... هذا الرئيس لم يفقه شيئا في وظيفة رئيس البلاد لأنه تجاهل أن البلد يغرق وقرر السفر في إجازة مع عائلته وعاد منها كي يضيع 20 دقيقة من وقتي حول الانسحاب من العراق وليس خلق مناصب شغل لملايين العاطلين من أمثالي.. اللعنة».