شهدت الفترة الأخيرة حادثتين مؤلمتين، حيث تعرض تلميذان لسكتة قلبية مفاجئة خلال أسبوع واحد أثناء حصة التربية البدنية. الحالة الأولى تتعلق بتلميذة تبلغ من العمر 13 عاما، والتي فارقت الحياة إثر إصابتها بوعكة صحية مفاجئة أثناء حصة للتربية البدنية في الثانوية الإعدادية "الأمل" رغم الجهود التي بذلها الأطر التربوية لتقديم الإسعافات الأولية، إلا أنها توفيت بعد فترة قصيرة من سقوطها مغشيا عليها. أما الحادثة الثانية، فقد شهدت وفاة تلميذ آخر في السلك الثانوي الإعدادي بعد أن أغمي عليه بشكل مفاجئ خلال حصة للتربية البدنية بثانوية "الموز" التابعة لمديرية أكادير وذلك في ظروف غامضة. لإلقاء الضوء على أسباب هذه الوفيات المفاجئة لتلاميذ في مقتبل العمر، تواصلنا مع الدكتور محمد زيزي، أخصائي أمراض القلب والشرايين، ليقدم لنا تفسيرا علميا حول هذه الظاهرة المقلقة. صرح محمد زيزي، أخصائي أمراض القلب والشرايين، ل"رسالة24″ أن الموت المفاجئ لدى المراهقين، وخصوصا الذين يمارسون أنشطة رياضية مكثفة، يعود غالبا إلى مشكلات قلبية غير مشخصة مسبقا، وأكد أن الأسباب الرئيسية لهذا الموت المفاجئ تتنوع بين العيوب الخلقية في عضلة القلب أو الشرايين واضطرابات في النظام الكهربائي للقلب. وأوضح الأخصائي، أن القلب يتكون من عضلة قوية وشبكة من الشرايين، وجهاز كهربائي ينظم ضرباته، ففي بعض الحالات يولد المراهقون بعيوب خلقية في عضلة القلب، مما يعرضهم لخطر السكتة القلبية عند القيام بمجهود بدني كبير، أما بالنسبة للشرايين فقد يعاني بعض الشباب من تشوهات أو تضيق في الشرايين منذ الولادة وعند بذل مجهود كبير لا يحصل القلب على الدم الكافي مما يؤدي إلى توقفه بشكل مفاجئ. أما فيما يتعلق بالجهاز الكهربائي للقلب فإن اضطراباته قد تكون موروثة، حيث يعاني بعض الأفراد من خلل في نقل الإشارات الكهربائية مما يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب. ويمكن اكتشاف هذه الإضطرابات من خلال فحوصات كهربائية للقلب مثل تخطيط القلب الكهربائي "Electrocardiogram". وأشار الأخصائي، إلى أن هناك بعض العوامل الخارجية التي تهيج القلب وتزيد من احتمالية حدوث السكتة القلبية مثل تناول المنشطات أو العقاقير المهلوسة، التي تؤثر بشكل مباشر على ضربات القلب، بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي بعض الأمراض المزمنة مثل الصرع إلى زيادة خطر التعرض للسكتة القلبية إذ يمكن أن تتداخل نوبات الصرع مع النظام الكهربائي للقلب. وفي سياق متصل،أكد الدكتور زيزي، أن نمط الحياة يلعب دورا حاسما في الحفاظ على صحة القلب، مشيرا إلى أن العادات الغذائية غير الصحية، مثل الإفراط في تناول السكريات والدهون المشبعة قد تؤدي إلى تدهور تدريجي في وظيفة القلب على المدى الطويل. وأوضح أن بعض العناصر الغذائية الأساسية مثل المغنيسيوم تعد ضرورية للحفاظ على توازن الجسم ودعم الأداء السليم للقلب، ونقص هذه العناصر قد يسهم في حدوث اضطرابات صحية. وفيما يتعلق بتأثير الملح على القلب، أشار الدكتور ، إلى أن الإستهلاك المفرط للملح يرفع من ضغط الدم مما يزيد العبء على عضلة القلب، خاصة لدى الأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة أو الأنشطة البدنية بانتظام لأن الرياضة تلعب دورا أساسيا في تعزيز صحة القلب والحفاظ على قوته. ومن بين العوامل الأخرى التي تؤثر على صحة القلب، تحدث الدكتور عن التأثير السلبي للتوتر والقلق النفسي والذي يعد عاملا قويا يمكن أن يؤدي مع مرور الوقت إلى مضاعفات خطيرة مثل السكتة القلبية أو قصور القلب. وأوصى الدكتور زيزي، بضرورة إجراء فحوصات طبية دوريةخاصة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع أمراض القلب الوراثية، هذه الفحوصات تشمل تخطيط القلب الكهربائي لتقييم كفاءة القلب واكتشاف أي مشكلات مبكرة قد لا تكون ظاهرة، لأن الفحص المبكر يمكن المرضى من إتخاذ التدابير الوقائية اللازمة سواء من خلال تغييرات في نمط الحياة أو من خلال العلاجات الطبية. وفي الختام، شدد الدكتور على أهمية توعية الشباب بخطورة تعاطي المخدرات، التي لا تؤدي فقط إلى تدمير الصحة العقلية والجسدية، بل تعرض القلب أيضا لضغوط هائلة تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض خطيرة مثل النوبات القلبية، كما يوصي أخصائي القلب، بضرورة إجراء فحوصات روتينية لدى الطبيب خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي من أمراض القلب الوراثية، ويعتبر تخطيط القلب من الفحوصات الأساسية التي تساعد في تقييم مدى تأثير الأنشطة البدنية على صحة القلب واكتشاف أي مشاكل محتملة في وقت مبكر.