شهدت مدن الشمال، بما فيها تطوان والمضيق وشفشاون ووزان، عودة الحديث عن مخاطر البناء العشوائي في مجاري الوديان بالتزامن مع التساقطات المطرية التي سجلت خلال الأسبوع الجاري. هذه الظاهرة أثارت من جديد مطالب بتوسيع الدراسات العمرانية لتحديد المناطق المسموح بالبناء فيها، بناءً على دراسات تقنية تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية العالمية وتزايد الفيضانات. ورغم محدودية كمية الأمطار، إلا أن عيوب البنية التحتية ظهرت بوضوح في بعض الأحياء، خاصة في مدينة مرتيل، حيث تسبب البناء العشوائي في مناطق منخفضة ومجاري المياه في تفاقم الأضرار، خصوصاً بحي الديزة العشوائي. ومع هبوب رياح الشرقي وارتفاع أمواج البحر، تصبح الحلول الجذرية لمعالجة هذه المشاكل أكثر تعقيداً. وفي هذا السياق، أطلقت السلطات الإقليمية في الشمال تحذيرات جدية للتعامل مع نشرات الطقس الإنذارية، وشددت على ضرورة تسريع تنفيذ مشاريع الحماية من الفيضانات ومعالجة النقاط السوداء، في إطار ضمان سلامة السكان وحماية الممتلكات العامة والخاصة. وقد وصل ملف البناء العشوائي في المناطق غير الآمنة، مثل مجاري الوديان والمنخفضات، إلى قبة البرلمان بالرباط، حيث تمت مناقشة تحركات المصالح الحكومية لمواجهة هذه الظاهرة بعد الخسائر البشرية والمادية التي خلفتها الفيضانات الأخيرة. ويجري بحث اتخاذ إجراءات لمنع تكرار هذه الخروقات، مع التخطيط المسبق لتحديد المناطق الصالحة للبناء وإنشاء قنوات لتصريف مياه الأمطار وفق المعايير المطلوبة. ورغم إعداد تقارير سابقة حول البناء في محارم الوديان بمدن الشمال، ظلت تلك التقارير حبيسة الرفوف، وسط استمرار تكرار الفيضانات وتسببها في أضرار مادية جسيمة وغمر المنازل بالمياه. ويشير مراقبون إلى أن غياب التدابير الاستباقية أدى إلى زيادة التكاليف التي تتحملها الدولة لإصلاح الأضرار، بينما كان من الممكن تقليص هذه الخسائر من خلال تجهيز البنية التحتية وفق المعايير المطلوبة واحترام شروط السلامة والوقاية.