..................................................................... سبق لي أن قررت بمناسبة عيدالأضحى المبارك ورأس السنة الدخول في عطلة لمدة أسبوع، أوقف خلالها نشاطي التدويني، وأخلد فيها لبعض الراحة من تعب العمل المستمر والمتلاحق ...، إلا برودة الطقس بمدينة وجدة، التي قصدتها لزيارة الأهل، فرضت علي المكوث في البيت طوال اليوم، ولحسن الحظ أني وجدت لديهم حاسوب وارتباط بشبكة الإنترنيت، مما فرض علي مراجعة قراري السابق بالعطالة والانخراط في حركية تدوينية لمتابعة عدد من المستجدات والتطورات، فكانت هذه التدوينات الوجدية... اليوم الخميس 04 يناير 2006 قمت بجولة صباحية بمدينة وجدة، لأستفيد من الجو المشمس، وأزور على وجه الخصوص بعض الأسواق، والتي تعد كثرها من إحدى خصائص مدينة "زيري بن عطية" مؤسس مدينة الألف سنة، كما تتميز عاصمة الجهة الشرقية كذلك بكثرة مساجدها وكبر حجمها ومساحتها وعلو صوامعها... أثناء عودتي من "سوق الفلاح" (السوق المشهور ببيع الأدوية المهربة من الجزائر)، ركبت سيارة أجرة صغيرة، دقت ساعة منتصف اليوم بمذياع السيارة، فانطلق صوت المذيع يقرأ عناوين أخبار الظهيرة، فإذا بي أسمع عناوين أنشطة وأسماء مدن ومسؤولين لا أعرفهم، أصغيت السمع قليلا: نشاط بمدينة وهران، وآخر بولاية بومرداس، وتوقيع اتفاقية بالعاصمة الجزائر .... أخيرا أدركت أن الأمر يتعلق بنشرة أخبار الجارة الجزائر، أفغلب الوجديون مرتبطون بالجزائر، كما هو حال أغلب الشماليين في ارتباطهم باسبانيا، أحاديث الناس بالشارع الوجدي تغلب عليها إلى اللهجة العامية الجزائرية المفرنسة، وهم أقرب إلى فهم الواقع الجزائري منه إلى الواقع المغربي، رغم أنهم مجموعون على انتقادهم لسياسة الجار الجزائري، الذي يقابل كل هذا الانفتاح والتقارب بسد الأبواب وإغلاق الحدود... الوجديون متذمرون من وضعية الحدود المغلقة منذ أحداث أطلس آسني بمراكش، والتي اتخذ المغرب على إثرها قرار بفرض التأشيرة على الجزائريين، وهو ما قابلته الجزائر بإغلاق حدودها مع جارها الغربي. إلا أن جولة بسيطة في شوارع مدينة وجدة تؤكد عكس ذلك، فأغلب الأسواق تعج بالبضائع الجزائرية التي تعرف إقبال بسبب انخفاض أسعارها، فعلى الأرصفة بأبواب الدكاكين تنتشر قارورات المشروبات الغازية الجزائرية الصنع والتي تباع بأقل من سعرها في المغرب رغم كبر حجمها، كما تعرض كافة أشكال الجبن والشكولاطة، والحلويات، والحليب، ... أما المحروقات فحدث ولاحرج، فأغلب محطات التزويد بالوقود أفلست وأغلقت أبوابها، بسبب البنزين المهرب من الجزائر، والذي يباع على قارعة الطريق بدراهم معدودات، وإذا كان من فضل لهذا الأمر فيكمن في أن المواطن الوجدي لم يكتوي بنار الزيادة في تذاكر الحافلات وسيارات الأجرة كما اكتوى بنارها عموم المواطنين في مدن أخرى، حيث يكفيك درهمين اثنين لتتنقل عبر سيارة أجرة كبيرة بين أطراف مدينة وجدة المترامية ... أما عشية الجمعة 05 يناير 2006، وفي طريقي غلى محطة القطار للعودة إلى الرباط، لاستئناف العمل من جديد، بعد هذه العطلة القصيرة، قصدت وسط المدينة لاقتناء بعض الحاجيات، فلا يمكنك أن تأتي إلى هذه المدينة دون أن تقتني شيئا، فكل شيء رخيص ويغري بالشراء، عموما تجولت على عدد من المحلات القليلة التي فتحت أبواب ذلك اليوم، لأن يوم الجمعة هو يوم عطلة بالنسبة لأغلب الأسواق المعروفة هنا، كسوق القدس، وسوق مليلية، وسوق طنجة، وسوق الفلاح، ... وقد جرت العادة عند الوجديين، في نهاية جولاتهم التسويقية، أن يقصدوا بائعي "كران" المنتشرين بكثرة بمختلف ربوع ساحة سيدي عبد الوهاب، و"كران" بالمناسبة يعد الأكلة الشعبية الأكثر رواجا لدى أبناء المدينة، وذلك بسبب قلة ثمنه: 1 درهم لكران في الخبز + 1 درهم لكأس عصير يسمى بالوجدية "بريدية"، وها هي أكلة خفيفة بالصحة والراحة...(أنظر صورة الأكلة التي أكتلها رفقته عشية الجمعة) وهي "كران"، كما شرح لي زميلي وصديقي الصحافي الوجدي الأخ عبد الغني بوضرة هو "عبارة عن "حمص" مطحون، وطريقة طبخه تتم بوضع كيلو من مسحوق الحمص في إناء معدني عبارة عن "طاوة" مع كأس زيت رومية، ثم ملعقة كبيرة من الملح، ثم يحرك الكل جيدا، ويضاف إليه لترين من الماء، ويترك إلى أن ينضج، وبالصحة والراحة".
....................................................................... محمد لشيب: من مواليد 1975 ،حاصل على الإجازة في العلوم السياسية* ناشط سياسي وحقوقي وجمعوي ،محاضر في مجال التنمية البشرية ومؤطر في تنمية المهارات والتطوير الذاتي ،صحفي بقسم المحليات بجريدة العرب القطري، ومدون .