خارج مجال المدينة،أقام فرع اتحاد كتاب المغرب بالناظور ندوة :"سوسيولوجيا المدرسة" مساء يوم الجمعة 26 دجنبر2014 بالمركب السوسيوتربوي بفرخانة، بتنسيق مع ثانوية فرخانة ومدرسة جمال الدين الأفغاني والمركب السوسيوتربوي بمشاركة مجموعة من الأساتذة الباحثين. استهلت الندوة بكلمة ترحيبية لكاتب فرع الاتحاد الأستاذ جمال أزراغيد بالحضور والشركاء موضحا سياق عقد هذه الندوة التي ستقارب مجموعة من الأسئلة الحارقة المتعلقة بالموضوع. كما أبرز أن المدرسة مجتمع صغير تتمظهر فيه العلاقات والأنشطة الاجتماعية الموجودة في المجتمع الكبير الذي تتحكم فيه أهداف شبيهة بأهداف هذا الأخير ،حيث تعمل المدرسة على تشكيل مختلف الأنماط السلوكية والقيمية والتصورات الذهنية لدى الأجيال التي ستتولى تنمية المجتمع وتطويره، وبأن المدرسة ترتبط بعلاقات مع محيطها السوسيو اقتصادي باعتبارها هي الحياة . ولذا ألح الميثاق الوطني للتربية والتكوين وكذا دليل الحياة المدرسية والتربية الحديثة على هذا الربط... ومن هنا فالمدرسة تحضر في قلب المجتمع ، والمجتمع في قلب المدرسة. .إذا كان للمجتمع الحق في الاستفادة من المدرسة فإنه من واجبه المساهمة في الرفع من قيمتها من خلال شركاء داخليين وخارجيين. وبعده تقدم الأستاذ علي بلجراف بمداخلة عنوانها:"مفارقات العلاقة بين المدرسة والمجتمع" أكد فيها صعوبة الإحاطة الشاملة بالموضوع لما يطرحه من إشكالات وأسئلة مقسما مداخلته إلى ثلاثة محاور: 1 مفارقات الوظيفة : المدرسة مؤسسة لها وظيفة اجتماعية تتخذ مفارقاتها مظاهر،أهمها: مفارقة التوحيد والاصطفاء مفارقة إعادة الإنتاج... 2 مفارقات العلاقة بين المدرسة والمجتمع على المستوى الاقتصادي والقيم المدرسية... 3 الخلاصات:رأى أن المسألة ليست سهلة ،فطرح الأسئلة التالية: سؤال الأداة (البيداغوجيا): كيف يمكن أن نصنع التلميذ الذي نريده في المجتمع؟؛ سؤال النموذج المجتمعي والقيمي الذي نريده؛ سؤال العلاقة بالكونية: ما هو الإنسان الذي نريده على المستوى العالمي؟. بعد أن استفاض في تحليل ومقاربة هذه المحاور من خلال أمثلة واقعية خلص الأستاذ بأنه لابد من جعل المدرسة ممرا لازما لأي نشاط وظيفي لرد الاعتبار للمدرسة حتى تصبح قارب النجاة. أما المتدخل الثاني الدكتور امحمّذ أمحور فقد قدم مداخلة موسومة ب:"المدرسة وبناء مجتمع المعرفة" ، شرح فيها مسوغات اختياره لهذا العنوان، أهمها: أن العصر الذي نعيش فيه يتميز بوجود مجتمع المعرفة بامتياز مشيرا إلى التحولات التي عرفتها طرق تحصيل المعرفة، والمدرسة واحدة من تلك الوسائل التي تؤهل للانخراط في مجتمع المعرفة . وتساءل عن موقع المدرسة المغربية في علاقتها بالتصورات والتوجهات العالمية حول مجتمع المعرفة. لقد عملت المدرسة المغربية على الانخراط في مجتمع المعرفة من خلال توظيفها وتجريبها لمجموعة من المفاهيم كالجودة والكفايات والتعلم والتكوين المستمر التي عرفها وبسطها للجمهور لتهيئ متعلم قادر على إنتاج المعرفة/التكنولوجيا، غير أن ما يلاحظ هوعدم احتضان المجتمع للمدرسة بالشكل الناجح. ومع ذلك، فإن هناك إرادة قوية في تحقيق أكبر عدد من الجودات في التعليم... وأعقبه الدكتور جميل حمداوي بمداخلة بعنوان:"مدخل إلى سوسيولوجية المدرسة" التي عرض فيها رؤية بانورامية حول التطورات التي شهدها علم الاجتماع الذي عرفه بقوله:"علم يدرس الظواهر الاجتماعية أو أنظمة المدرسة أو السلوك الفردي داخل المجتمع" محددا فروعه:علم النفس الاجتماعي علم الاجتماع الحضري علم الاجتماع الطبي علم الاجتماع الصناعي علم اجتماع المدرسة أو التربية ... وغيرها. ثم حدد المراحل التي قطعها علم اجتماع المدرسة: مرحلة الريادة والتأسيس:امتدت من أواخر القرن 19 إلى الحرب العالمية الأولى،من روادها: إميل دوركايم ... مرحلة التطور والازدهار:من الستينيات إلى السبعينيات من القرن الماضي، من أعلامها: بيير بورديو استابليت فيفيان جيماني كارباسرو وغيرهم. مرحلة المعاصرة: امتدت من الثمانينات إلى يومنا هذا، من أعلامها: فيليب دورنو سيروتا.. أما فيما يخص سوسيولوجيا المدرسة في العالم العربي فلم تكن غير ترجمة للنظريات الغربية ماعدا بعض الدراسات التي تعد على رؤوس الأصابع ككتاب "أضواء على مشاكل التعليم بالمغرب" و"سوسيولوجيا المدرسة"لعبد الكريم غريب وغيرهما.وبعد ذلك لخص المواضيع التي تتناولها سوسيولوجيا التربية أو المدرسة في دراستها المؤسسة التعليمية في ضوء المقاربة السوسيولوجية أودراستها للعلاقات التفاعلية بين المدرسة والمحيط. ثم سرد أنواع المدرسة: مدرسة تغير المجتمع (اليابان مثلا) مجتمع يغير المدرسة (العالم الثالث) مدرسة ومجتمع يتغيران (أوربا). كما أبرز أنواع المدرسة من ناحية أدوارها: فضاء للتربية على القيم فضاء لتنمية الرأسمال البشري فضاء للصراع الجدلي والطبقي واللغوي فضاء لصراع الرغبات فضاء للتعايش فضاء مقاولاتي فضاء لتأصيل الكفايات فضاء للإبداع والتجديد والابتكار فضاء للإيديولوجيا والاستيلاب ... أما المداخلة الأخيرة الموسومة ب"التنشئة الاجتماعية بين الأسرة والمدرسة" التي قدمها الدكتور عيسى الدودي فقد ابتدئت بتعريف التنشئة الاجتماعية:"الطريقة التي يتبناها المجتمع لتربية الناشئة"أو هي: "استبدال الجانب البيولوجي بالجانب الاجتماعي والثقافي" (حسب تعريف دوركايم).ورأى الأستاذ أن التنشئة الاجتماعية تتوزعها ثلاثة اتجاهات: 1 الاتجاه النفسي الذي يحصر علاقة التنشئة بالطفولة؛ 2 الاتجاه الاجتماعي الذي يلح على ضرورة اندماج الفرد في المجتمع وتهييئه للأدوار المستقبلية؛ 3 الاتجاه الأنتربولوجي الذي يركز على الجانب الثقافي . فالمدرسة والمجتمع يعملان على جعل الطفل يمتص الثقافة . ثم توسع شرحا للوظائف المتنوعة التي تقوم بها المدرسة كالوظيفة التكوينية والتربوية والإيديولوجية مركزا على ضرورة التعاون بين المدرسة والأسرة... وفي الأخير فتح باب النقاش أمام الحضور النوعي الذي حج إلى المركب السوسيوتربوي ،ليساهم في إغناء المداخلات بالأسئلة والإضاءات زادت في تفكيك سوسيولوجيا المدرسة . وعلى أمل اللقاء في مواعيد ثقافية أخرى قدمت شهادات تقديرية لكل المشاركين مع الشكر الجزيل لكل من عمل على إنجاح هذه الفعالية الثقافية بفرخانة.