نستقبل خلال الأيام القليلة القادمة ضيفا كريما وشهرا فضيلا فرض الله فيه الصيام وسن فيه الذكر والقيام وقراءة القرآن.. هذا الضيف هو شهر رمضان الفضيل. فهلموا عباد الله لاغتنام هذا الموسم الرابح. للتعرض لتلك النفحات الإلهية الطيبة. يقول النبي صلي الله عليه وسلم: "إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَات. فَتَعَرَّضُوا لَهَا لَعَلَّ أَحَدكُمْ أَنْ يُصِيبه مِنها نَفْحَة لا يَشْقَي بَعْدَهَا". رمضان هو الشهر الذي يهيئ الله فيه جو العبادة. فصح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةي مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ. وَمَرَدَةُ الْجِنِّ. وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابى. وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابى وَيُنَادِي مُنَادي: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ. وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ. وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ. وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةي". وها نحن في أواخر شهر شعبان نستعد لاستقبال الشهر الكريم. ولا ننسي أن شهر شعبان شهر مبارك كذلك ففيه تُرفع الأعمال إلي الله. وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يُكْثِر من الصيام في شهر شعبان حتي سأله الصحابي الجليل أسامة بن زيد فقال: يا رسولَ الله. لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْري مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: "ذَاكَ شَهْرى يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبي وَرَمَضَانَ. وَهُوَ شَهْرى يُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَي رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمى". وقد كان سلفنا الصالح ينشغل برمضان طوال السنة. ومن ذلك ما ورد عن معلي بن الفضل أنه قال: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان! ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبل منهم". ومن فضائل وخصائص رمضان التي اختصه الله عز وجل بها أن صيامه يكفر الذنوب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه. أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقول "الصلواتُ الخمسُ. والجمعةُ إلي الجمعةِ. ورمضانُ إلي رمضانَ. مكفِّراتُ ما بينهنَّ إذا اجتَنَبَ الكبائر" وفي هذا رحمة من الله عز وجل بخلقه. وكأنه جعل رمضان فرصة لأصحاب المعاصي ليتخففوا من أحمالهم. وليضعوا أوزارهم عن ظهورهم. في رحاب صيام النهار وقيام الليل. وحفظ اللسان والجوارح عن الشهوات. ولا تقف فضائل هذا الشهر الكريم عند الفرد وإنما تمتد آثارها إلي المجتمع. لتحقق "الجسدية المجتمعية" التي أرادها النبي صلي الله عليه وسلم من الأمة. فتصبح الأمة في رمضان وكأنها جسد واحد. يشعر الغني بالفقير. ويدعو الفقير للغني.. تخرج الصدقات. وتكثر الخيرات. فتتحقق الألفة والاعتصام والوحدة التي هي مقصد الإسلام الأعلي.. وقد سئل بعض السلف: لم شرع الصيام ؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسي الجائع. ولذا فمن أهم خصائص هذا الشهر الكريم أنه شهر الجود. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس. وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل. وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن. فلرسول الله صلي الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " ويعلق الإمام ابن رجب رحمه الله. فيقول: وفي تضاعف جوده صلي الله عليه وسلم في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة: منها: شرف الزمان ومضاعفة أجر العمل فيه. فعن أنس مرفوعا: "أفضل الصدقة صدقة رمضان". ومنها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين علي طاعتهم. فينال المتصدق مثل أجرهم. فعن زيد بن خالد عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء". بقلم: بقلم الأستاذ الدكتور: شوقى علام مفتى الجمهورية المصرية