بمجرد ظهور هلال شهر شعبان يشرع المغاربة في تبادل التهاني بحلول أيام مباركة وتصبح تحيتهم خلاله مبروك العواشر والله يدخل الشهر بالصحة والسلامة، ولشعبان مكانة عزيزة لدى المغاربة فخلاله يبدأون بتنسم بركات رمضان ويستعدون لاستقبال شهر الصيام والقيام، وتتعدد مظاهر الاستعداد لاستقبال الضيف الكريم لكنها تكون في الغالب استعدادات موسومة بالفرح والسرور. سمي شهر شعبان بهذا الاسم، لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان، ويجمع على شعبانات وشعابين. ويرجع السبب لتفضيل هذا الشهر الكريم كما فسره بعض العلماء إلي سببين: الأول: وقوع هذا الشهر الكريم بين شهرين عظيمين، شهر الله الحرام رجب وشهر الصيام رمضان ومن ثم يكون كثير من الناس في غفلة عنه، وتكون طاعة الله وقت غفلة الناس أشق على العبد الصالح، فإذا كانت الناس في طاعة الله عز وجل تيسرت الأعمال الصالحة على العباد وأما إذا كان الناس في غفلة ومعصية تعسرت الطاعة على المستيقظين وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم إنكم تجدون على الخير أعوانا وهم لا يجدون7 ثانيا: يرجع تفضيل هذا الشهر العظيم لفضل الصيام فيه وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله هو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم7 بين الصيام وقراءة القرآن وتستحب في هذا الشهر أعمال كثيرة منها الصيام وقراءة القرآن والصدقات ووصلة الرحم وكل ما يقرب من الله عز وجل، ويحرص المغاربة على عدد من الأعمال خلال هذا الشهر الكريم. رشيدة ، موظفة في منتصف العقد الثالث من عمرها قالت إنها ومع بداية شهر شعبان تبدأ في صيام يومي الإثنين والخميس بشكل أسبوعي وذلك حتى تكون على أهبة الاستعداد لصيام رمضان وحتى يكون جسدها جاهزا لصيام يومي وقيام ليلي، وتضيف بأنها تسعى قدر الإمكان رغم المشاغل وظروف العمل إلى أداء صلواتها المفروضة في وقتها، والصيام في شهر شعبان له عدة فضائل، وقد كان الرسول الكريم يكثر من الصيام في هذا الشهر، ومما جاء عن أبي داود وغيره بسند صحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: كان أحب الشهور إليه أن يصوم شعبان ثم يصله برمضان. وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصـوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان. وقال ابن رجب تعليقا على الإكثار من صيام شعبان على أنه قيل في صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط. أما (عبد الله - ف) وهو رجل تعليم في الثلاثينيات، له كذلك طقوسه الخاصة التي تميز هذا الشهر فهو يقرأ القرآن الكريم بشكل يومي ويحرص على أن يختم المصحف على الأقل مرة واحدة، كما يقول إن شهر رمضان يكون حاضرا في الاحاديث اليومية التي تجمعه مع عائلته أو أصدقائه، من ناحية أخرى، تشرح السيدة (ربيعة- 31سنة) ما تفعله عند حلول شهر شعبان وخاصة في النصف الثاني منه، وتقول بأنها تستثمر أيام ما قبل رمضان للأستعداد بتحضير الحلويات والمعجنات والسفوف و الشباكية كما أنها تقوم بشراء كمية كبيرة من الطماطم وتطحنها، وتقطع كميات أخرى من الربيع والخضر وغيرها مما يمكن حفظه في الثلاجة لمدة أطول، كل هذه الاستعدادات القبلية، تقول ربيعة - تجعلها تربح وقتا كثيرا في رمضان، وتجعلها تكسب أوقاتا في العبادة والصلاة والقيام، كما أنها تستقبل ضيوفا في موائد إفطار عائلية دون أن تعيش ضغط المطبح ومتطلبات الطبخ، وتمضي ربيعة في حديثها لـالتجديد بأن التجربة علمتها، وخاصة لأنها موظفة، أن حسن التخطيط يسهل كل شيئ. كما تعرف الأسواق المغربية حركة دؤوبة، حيث يعرض الباعة الفواكه الجافة والتين والتمر والمستلزمات الأخرى، إلى ذلك يشهد الأسبوع الأخير من شعبان إقبال المغاربة على الاعتناء بالمساجد من ناحية تنظيفها وتجديد أفرشتها وطلائها، ويتسابق الرجال والنساء، الشباب والشيوخ، على نيل أجر ذلك، وحتى تستقبل بيوت الرحمن عباد الله طيلة شهر رمضان لأداء الصلوات المفروضة وصلاة التراويح.