مع أولى قطرات الشتاء ... ومع هبوب أولى رياح الخريف ...تشرع ساكنة الجبال بالأطلس في الشروع مجدد في مسلسل الاحتجاجات والمطالبة بفك العزلة ... قديما قيل " لا تعطني سمكة كل يوم ولكن علمني كيف أصطادها " , مقولة يمكن أن نطبقها على المناطق المنكوبة والمعزولة هناك في قمم جبال الاطلس وفي سفوحه كذلك ,حيث الاحتجاجات والمسيرات الشعبية غالبا ما ترفع شعار تحقيق الكرامة في العيش , وفك العزلة والقطع مع مخلفات التهميش ... يبدوا أن أولى حلقات هذا المسلسل التراجيدي قد شرعت في الإنطلاقة نحو المراكز التابعة لوزارة الداخلية لتتوج الساكنة مسار مطالبها بالتوجه تارة نحو عمالة الاقليم بميدلت أو صوب العاصمة الرباط تارة حين تصل الأمور إلى الباب المغلق مع المسؤولين المحليين ... كثيرا ما تتعالى الصيحات المنادية بفك العزلة التي يختزلها البعض في تعبيد الطريق لتصله المؤونة والمواد الاساسية خلال أيام الشتاء القارس حيث تٌقطع الطريق بالثلوج والفيضانات فتزداد معها المعاناة وتشتد الأزمة , و يعبر عنها البعض الاخر بتوفير أبسط أساسيات العيش الكريم من مواد ضرورية وحطب التدفئة ..., في حين يطالب البعض بإصلاحات جذرية وإيجاد حل واقعي وملموس للهموم المتكررة كل سنة والتي غالبا ما تنتهي بتطمينات الجهات المسؤولة أو الزيارات الميدانية والتي لا تعدو أن تكون بمثابة الحلوى التي تقد للطفل الصغير ... البعض الاخر يرغب في الاحتجاج من أجل الاحتجاج , هدفه نيل عطف الجمعيات والمؤسسات التي لم ولن تدخر جهدا في إدخال السرور على أهالي تلك المناطق ,لكن تبقى المساعدات أمرا ترقيعيا و موسميا ,إذ بمجرد انقضاء المئونة تعود الحناجر للصراخ وتتأهب الاقدام للسير صوب مراكز الجهات المعنية . معانات متكررة كل سنة لساكنة الجبال والمداشر المنسية والمهجورة , حيث تنطلق الشرارات الاولى للمطالبة بفك العزلة من الدواوير التي لم تنل نصيبها ربما في الماضي او من تلك التي تأبى إلا ان تكون في طليعة المستفيدين من هبات المؤسسات المدنية المتعاطفة معها . إلى متى ستظل تلك الشرارات متوهجة والحناجر بالمطالب صادحة والأقدام نحو المراكز سائرة ؟ إلى متى سيتم إرسال المساعدات الموسمية للمحتاجين ؟ و متى ستٌدرج نقاط فك العزلة واقعيا ضمن نقاط جدول أعمال المنتخبين والقائمين على تسيير الشأن العام ؟