كتب محمد القنور في خوك هنا …. مراكش التي كانت . محمد القنور .. تعودُ ذاكرتي إلى خيالنا الجمعي ، فأرى صورا سريعة ، بالأبيض والأسود ، لمدينةِ مراكش، وهي ما تزال حقلا شاسعا تتوسطه ساحة جامع الفنا وبجوارها أضرحة لكبار فقهاء وأولياء المنطقة ، وما عداه رياضات ودويريات ، دروب وصابات، وأسواق عابقة بعطر التوابل والزعتر ، وعيون ونوايل وزرائب وعراصي وسوق أسبوعي يلتئم يوم الأربعاء في باب تاغزوت، وآخر كان ولايزال في باب الخميس، قبل أن يتحول إلى سوق دائم، ياسيدي قل أن كل أيام الأسبوع خميس، وأصمت ، وشتات تواريخ منسية لدواوير تولد وتموت . وخلف السور المحادي لقشيش وباب الدباغ وباب أيلان بأمتار معدودة ، يمرُّ وادي إسيل، القادم مثل ثعلب شارد عبر سهول مسفيوة من جبال الأطلس وربما أبعد . وخلفه بقليل، توجد قبة وليّ آخر، ممن جعلوا مراكش أرضا مُباركة تُطلِعُ النار من جوّان الماء ، ويجلسُ فيها الملاك إلى جوار الشيطان . أمَّا هناكَ ، في ذاك الجبل الصخري الصلد العالي، في جليز حيث استقرَّ رجالُ مصمودة الملثمون القادمون من الصحراء ،توجد كل المتاهات ، الحاملة لأثقال الشفق في صدرها العاري ، وطيور "الشحرور" الراقدة في انتظار ساعة الصباح ، لتبدأ نهوضها لترى كل شيء من حب وزرع وحصيد !