الأعوان المحليين بسفارات المملكة بالخارج كرمتهم اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961 وحكمت عليهم الخارجية المغربية بالتهميش والنسيان الطرد والتعسف في استعمال الحق وعدم تبرير القرارات الإدارية ذات الطابع الانفرادي، جملة من المشاكل والمضايقات التي يتعرض لها الأعوان المحليين بمجموعة من سفارات المملكة بالخارج، لكن من النوادر الجميلة التي ستظل عالقة بذاكرتي، تلك المتعلقة بطبيعة الوثائق الواجب الإدلاء بها لممارسة وظيفة عون محلي بأحد سفارات المملكة بالخارج... عندما يذهب الشخص المطلوب لممارسة مهمة عون محلي،إلى المصلحة المختصة بالأعوان المحليين بوزارة الخارجية،للاستفسار عن طبيعة تلك الوثائق، يصاب بصدمة كبيرة عندما يطلب منه الجواز الشخصي ونسخة من عقد الازدياد ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية وبعض الصور، دون أي إشارة إلى الشهادة التي تثبت مستواه التعليمي، وهدا إن دل على شيء،فإنما يدل على أن العون المحلي بسفارات المملكة بالخارج،كائن متعدد الاستعمال، يمكن له أن يمارس مهاما ذات طابع إداري، ويمكن له أن يكون سائقا للسفير أو لزوجته وأبنائه، ويمكن له أ ن يكون خادما ببيت سعادته. بكل صدق من يتعرف على هدا الكائن المتعدد الاستعمال بسفاراتنا بالخارج،والمسمى قيد حياته عون محلي، من خلال اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961،ويحاول مقارنة المكانة التي بوأته بها هده الاتفاقية،التي تسمو على كل التشريعات الوطنية، مع واقعه بوزارة الخارجية، سيتأكد من طبيعة الالتزام المغربي بالحقوق الفئوية المحمية بموجب القانون الدولي. عندما تدفع الدولة المغربية لأعوان محليين يحملون جنسية دولة الاستقبال،من المال العام لمواطنيها،أجرا شهريا يفوق الأجر المخصص للأعوان المحليين الذين يحملون جنسية المغرب ودمه وهوائه وشحمه ولحمه، فالأكيد أن مفهوم المواطنة ستطرح حوله علامة استفهام كبرى؟ بسفارات المملكة المغربية بالخارج، يمكن لك أن تجد شخصا اشتغل 15 سنة، راتبه الشهري في بلد مستوى المعيشة به جد مرتفع لم يتجاوز بعد 9000 درهم ، في حين تجد كاتبة تتقاضى 1000 دولار مع العلم أن سنوات الخدمة التي قضتها بالسفارة لا تتجاوز 10 سنوات...أتدرون لماذا؟ يبدو أنكم فهمتم الرسالة. لكن مع كل ذلك الطريف في موضوع الأعوان المحليين بسفارات المغرب بالخارج، يبقى مرتبطا بغياب معاش التقاعد في الوقت الذي توجد فيه قوانين وطنية ودولية تلزم الدولة بالتصريح بأجرائها. التحاقي بسفارة المغرب بلبنان أواخر العام 2005، واستئنافي العمل يوم 01/01/2006، بموجب عقد عمل مدته سنة قابلة للتجديد، طرح لدي العديد من الأسئلة عن معنى دولة الحق والقانون... ففي الوقت الذي يعد فيه الشغل واحد من الحقوق التي يكفلها دستور المملكة ويحميها، عقود وزارة الخارجية لا تخول لك مجرد حق المطالبة بالترسيم حتى وان كنت حاصلا على دبلوم الدراسات العليا المعمقة وفي تخصص الدبلوماسية المغربية ومن أعرق الجامعات المغربية- جامعة محمد الخامس أكدال- مع العلم أن قرارين وزاريين ينصان على الإدماج المباشر لحاملي الماستر أو الدكتوراه في سلك الوظيفة العمومية. المفارقة الأخرى لمادا تستثني وزارة الخارجية المغربية أعوانها بسفارات المملكة بالخارج من حق الترسيم بالنسبة للحالات المتوفرة على عقود عمل غير محددة المدة؟ ولماذا أيضا يتم استبعادهم من أي ترقية استثنائية؟ والى متى سيظل محكوما على العون المحلي أن يظل كائنا بلا حقوق ومتعدد الاستعمالات. إن الوضعية التي تعيشها فئة الأعوان المحليين بسفارات المملكة بالخارج، ادا حاولنا النظر إليها من زاوية الموائمة بين التشريعات الوطنية والدولية ذات الصلة بهذه الفئة، فالظاهر أنها مزرية وتستدعي تدخلا عاجلا لتصحيح الاختلالات القائمة وتقنين حقوقها حتى نستطيع بالفعل أن تستفيد من تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون. اليوم هناك العديد من المعطيات يمكن تناولها فيما بعد، تكشف بالملموس، أن بعد هده الفئة من جمعيات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة ذات الطابع الحقوقي، والبعد كذلك على الفرق البرلمانية والصحافة الوطنية، لا زال يعرضها إلى الاستغلال البشع من قبل محيطها في أرقى صوره وكأننا في زمن العبودية. الأعوان العموميين بسفارات المملكة بالخارج، ليسو عبيدا حتى يتم تسريحهم متى شاء السفراء، وليسو رهائن لأشخاص بدواتهم حتى يقرروا في مصائرهم، متى يأكلون ومتى ينامون ومتى يلتقون بزيجاتهم....إنهم مواطنين مغاربة يتمتعون بكل حقوق المواطنة، قدموا أنفسهم شهداء للوطن وواجهوا الصعاب في لحظات فر فيها البعض من مقر إقامته خوفا من الموت، وتوجه فيها آخرون إما للتسوق من أسواق دبي، وإما لإحياء حفلات تنكرية. خالد أوباعمر: كاتب صحفي وباحث في القانون العام