في كل مرة يسمع فيها عن أحداث عنف بالجامعة المغربية ، ينهمك الجامعيون المغاربة في مناقشة الهوية الحقيقية للفصيل الماركسي الراديكالي " النهج الديمقراطي القاعدي " ، ليس لآن له قاعدة شعبية وسط طلاب المغرب ، ولكن لانخراطه في جميع أشكال الحروب التي تشهدها الجامعة المغربية ، بحيث أصبح في حكم المستحيل أن يتحدث مراقبي أوضاع الجامعة المغربية عن القتلى والجرحى والمعتقلين والمخطوفين دون ذكر تيار " البرنامج المرحلي " الماركسي . فتارة يدخل هذا الفصيل في مواجهات مع قوات الأمن المغربية ، معتبرا ذلك ثورة ضد قوات قمع تحمي النظام " الكومبرادوري " المغربي ، وتارة في حرب طاحنة ضد فصيل طلبة " العدل والإحسان " ، حيث ينعتون الفصيل ب " القوة الظلامية التي دخلت الجامعة المغربية بالدم ويجب إخراجها بالدم " ، وتارة ثالثة ضد فصيل منظمة" التجديد الطلابي " القريب من حزب العدالة والتنمية ، وينعتونه ب " الذراع الطلابي للنظام الديكتاتوري في الجامعة المغربية " ، وتارة رابعة ضد طلاب " الحركة الثقافية الأمازيغية " ، حيث يعتبرونهم " شوفينيين صنيعة إسرائيل في المغرب " . ويستعمل ماركسيي " البرنامج المرحلي " ، أسلحة مختلفة في حروبهم ضد الأطراف الخمسة دون استثناء ، وأبرزها السيوف والسواطير والمناجل والزجاجات الحارقة ، وينشطون بشكل رئيسي في جامعات أكادير ومراكش وفاس ، ويبررون تلك الحروب بكونها دفاعا عن النفس وثأرا " للشهداء " من جهة ، وكون ذلك جزءا من الصراع الطبقي ضد الأطراف البرجوازية التي تأخذ أشكالا سياسية وثقافية مختلفة من جهة ثانية ، إلا أنه يسجل مبادرة الفصيل الماركسي بشن الحروب مما يعني ضعف حجة الدفاع عن النفس . الطلبة المغاربة يصابون بالحيرة في تحديد هوية الفصيل الماركسي ، فهناك من يقول بأنه تابع للمخابرات المغربية مادام أي طالب تجرأ على حمل السلاح في الجامعة واستعمله سيتم اعتقاله لأن عيون الأمن مزروعة في الجامعة وتعرف السلطة أسماء حاملي السلاح ومقرات سكناهم ، وكذلك بحجة أن أغلب المناضلين الذين يعتنقون الماركسية ويحملون السلاح في الجامعة المغربية أصبحوا قياديين وأعضاء في حزب " الأصالة والمعاصرة " الذي أسسه كاتب الدولة في الداخلية السابق فؤاد عالي الهمة . وهناك من ينفي صفة عمالة الفصيل الماركسي للمخابرات المغربية ، مادامت أغلب السجون المغربية مليئة بمناضيله ، وما دام فصيلا تاريخيا قدم الكثير من الضحايا في سبيل مجانية التعليم وتحصين مكتسبات الطالب المغربي في طرد " الأواكس " ( الحرس الجامعي ) من الجامعة المغربية . أما الطرف الوسط بين الموقفين فيرى أن محركي الفصيل خارج الجامعة " ضباط مخابرات " في صفة " الباباوات الماركسيين " ، أما الطلبة الذين يحملون السلاح فإنهم طلبة أبناء كادحين ضحايا التعليمات والتوجيهات المسمومة لهؤلاء " الباباوات " . قضية الساعة إذن ، العنف في الجامعة المغربية ، من الذي يشعل شرارة المواجهات الدموية بين طلبة العلم في الجامعة المغربية ؟ إذا كان الفصيل الماركسي مناضلا حقا ويعبر عن وعي الجماهير كما يدعي ، هل انتزع مكتسبات جديدة للطالب المغربي ؟ ألم تكن قيمة منحة السبعينيات من القرن العشرين هي نفسها في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين ؟ ألا يساهم هذا الفصيل في بث الرعب في صفوف الطلاب وتشتيت جهودهم الدراسية ما دام عنفه لم يجن منه الطلاب سوى السجون والضياع واللامعنى ؟ . لماذا تلتزم السلطات المغربية الحياد في مقاربة مشاكل الجامعة المغربية ؟ ألا تتحمل السلطات المغربية مسؤولية الضحايا الشباب الذين تسيل دمائهم في الحرم الجامعي المغربي ؟ لماذا لا يتم الإنصات لمطالب الطلاب البيداغوجية والنقابية وحتى السياسية ؟ هل نسيت السلطات المغربية أن تقدم الأمم رهين بتقدم الجامعات وتشجيع مراكز البحث العلمي ؟ وتخلفها رهين بتخلف الجامعة وجعلها ساحة لتفريخ المجرمين والعاطلين بدل العلماء المتنورين ؟ . مساهمة منها في تعميق النقاش حول تدبير الخلاف بالجامعة المغربية ، نفتح في مرايا بريس باب النقاش حول العنف بالجامعة المغربية ، وسبل تطويقه كي يتفرغ رجال المستقبل لحمل القلم بدل السيف ، وتلقي التكوين العلمي الهادف بدل الارتماء في أحضان العصابات المتطرفة التي تحكمها حسابات دوام الجهل ودوام التخلف بدل الارتقاء بالطالب المغربي . مع تحيات منبركم : مرايا بريس