أكد وزير الدولة السيد محمد اليازغي، أمس الخميس ببرشلونة، أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل حلا "مناسبا وواقعيا" لقضية الصحراء. وأوضح السيد اليازغي، في كلمة له خلال لقاء مع الصحافة الاسبانية والكاطالانية نظم بمبادرة من فيدرالية الهيئات الثقافية الكاطالانية من أصل مغربي، أن المبادرة المغربية تنبع من حرص المملكة على الطي النهائي لملف هذا النزاع المفتعل حول الصحراء ، موضحا أن مشروع مقترح الحكم الذاتي يتيح فرصة لكل الصحراويين، بدون تمييز ولا إقصاء، انتخاب بكل حرية هيئاتهم ومؤسساتهم في اطار مغرب موحد ومتضامن. مما سيمكن الساكنة، حسب السيد اليازغي ، من تدبير شؤونها بنفسها بشكل ديمقراطي وذلك من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية تتمتع بصلاحيات واسعة، مشيرا الى أن الأقاليم الجنوبية ستتوفر على الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة على كافة المستويات. وقال إن مقترح الحكم الذاتي يندرج في إطار مجهودات المغرب الرامية الى ايجاد حل عادل ومنصف لقضية الصحراء تلبية لدعوات المجمتع الدولي التي تدعو الاطراف الى ايجاد حل لهذا النزاع الاقليمي عن طريق المفاوضات والحوار وبدون شروط مسبقة، مشيرا إلى أن خيار الاستفتاء أصبح غير قابل للتطبيق ومتجاوز. وأضاف المسؤول المغربي أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء السابق بيتر فان والسوم أقر سنة 2008 أن استقلال الصحراء "ليس خيارا واقعيا"، منتقدا جمود (البوليساريو) الذي يصر على رفض أي حل سلمي لهذه لقضية، معرقلا بالتالي الاندماج المغاربي. وبخصوص الأحداث التي وقعت في نونبر الماضي بمخيم اكديم إزيك قرب العيون، أكد وزير الدولة أنه هذه الاحداث تم افتعالها لأغراض دعائية من قبل عناصر انفصالية للإساءة لصورة المغرب، مستنكرا لجوء بعض وسائل الإعلام الإسبانية للتضليل عبر نشر صور لأطفال جرحى ضحايا هجوم إسرائيلي على غزة، فضلا عن صور جريمة وقعت في الدارالبيضاء، مدعية أن الأمر يتعلق بضحايا هذه الأحداث. كما أبرز السيد اليازغي الجهود التي يبذلها المغرب للنهوض بتنمية الأقاليم الجنوبية، مضيفا أنه تم إيلاء اهتمام خاص لتلبية المطالب الاجتماعية للسكان. من جهة أخرى، تطرق السيد اليازغي للوضع في العالم العربي، مركزا بالخصوص على "خصوصيات" المغرب مقارنة مع باقي بلدان المنطقة. وأوضح وزير الدولة أن هذه الخصوصيات مستمدة ، على الخصوص ، من التلاحم القائم بين الملكية والشعب المغربي ونضالهما المشترك من أجل تحقيق استقلال البلاد. وقال "لقد انخرطنا في نضالنا الديمقراطي منذ عدة عقود، في وقت كانت فيه شعوب المنطقة ترزح تحت نظام الحزب الواحد"، مذكرا بالإجراءات التي اتخذها المغرب لطي ماضي خروقات حقوق الإنسان، من خلال إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة. وأبرز السيد اليازغي ، في هذا السياق ، أهمية المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي ترأس حفل تنصيبه صاحب الجلالة الملك محمد السادس مطلع الأسبوع الجاري بالدارالبيضاء، مذكرا بالجهود المبذولة من قبل المغرب للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين عبر الرفع من الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة. وخلال زيارته لبرشلونة، قدم وزير الدولة عرضا أمام نواب وممثلي الأحزاب السياسية ورجال الأعمال الكاطالانيين، تناول الإصلاحات الجارية بالمملكة والتدابير المتخذة لجلب الاستثمارات الأجنبية. وشدد في ، في هذا السياق ، على الاهتمام الذي يوليه المغرب لتعزيز التعاون الاقتصادي مع إقليمكاطالونيا، داعيا مقاولي هذه الجهة الواقعة بشمال شرق إسبانيا إلى الاستفادة من التسهيلات التي أقرتها المملكة لفائدة المستثمرين الأجانب في كافة المجالات. وتطرق ، بالمناسبة ، للإجراءات المتخذة لتسهيل جذب الاستثمار، من خلال إحداث الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات، مذكرا بإطلاق المغرب لأوراش كبرى تخص البنيات التحتية. واعتبر السيد اليازغي أن الموقع الاستراتيجي للمملكة، وقربها الجغرافي وروابطها التاريخية مع إسبانيا، عاملان من شأنهما تحفيز حضور أكبر للمقاولات الكاطالانية بالمغرب. وتوقف ، بالإضافة إلى ذلك ، عند أهمية مسلسل الجهوية المتقدمة الذي أطلقه المغرب لضمان تنمية متناسقة ومتوازنة بين كافة جهات المملكة. ولدى تطرقه للتعاون الإقليمي، دعا وزير الدولة إلى بعث الاتحاد من أجل المتوسط (مقره برشلونة)، داعيا إلى استكمال وضع هياكل هذه الهيئة للتعاون الحكومي، التي تشهد حالة جمود بعد استقالة أمينها العام أحمد مساعدة (الأردن) شهر يناير الماضي.