01 يناير, 2018 - 02:44:00 تكاد تجمع الصحافة المغربية في تقييمها لحصيلة 2017 على المستوى الوطني، على أنها سنة الحركات الاجتماعية بامتياز، وهي الحركات التي اندلعت شرارتها الاولى في غضون السنة الماضية بمدينة الحسيمة ، واستمرت خلال السنة الجارية، وتواصلت خلال دجنبر الجاري بما تشهده مدينة جرادة وسط البلاد حاليا، على اثر مصرع شخصين داخل أحد مناجم الفحم، مرورا بتداعيات ما يعرف اعلاميا ب" قفة الموت" بالصويرة التي راح ضحيتها عدد من النساء، وحادث التدافع بباب مدينة سبتةالمحتلة الذى أودى بحياة نساء أخريات. فكل هذه المعطيات تعد مؤشرات على اتساع فضاءات الاحتجاج، وهو ما ينم عن تحول عميق ، غير متحكم فيه يعبر عن نفسه من خارج التنظيمات السياسية والنقابية المغربية التي أصبحت عاجزة عن قيامها بمهام ووظائف التأطير والوساطة . وعلى الرغم من الأهمية التي أضحت تعرفها الحركات الاجتماعية بالمغرب، نتيجة تواتر هذا الفعل الاحتجاجي بالفضاءات العمومية، بمطالب ذات طبيعة اجتماعية، ليس فقط بالمدن والحواضر، وإنما امتد الى البوادي والأرياف أيضا، فإن هناك فراغا ملحوظا في مقاربة هذه الحركات علميا. ما يهمنا هنا ليس رصد وتحليل للحركات الاحتجاجية وأساليب تدبير الشأن العام مركزيا ومحليا، وإنما التركيز على الاهتمام الذى خصصته الصحافة المغربية الصادرة في نهاية الأسبوع الجاري لحصيلة السنة الجارية. وجاء في افتتاحية يومية " أخبار اليوم" ما نصه " كما ودعنا سنة 2016 على ايقاع الاحتجاجات في الريف نودع سنة 2017 على أصوات الغضب في جرادة، وبين الحدثين هناك مياه كثيرة تجرى تحت الجسر المغربي سمتها الرئيسية، أن الناس تعبوا من الفقر والتهميش والحكرة، وتقسيم البلاد بين أقلية محظوظة، وأغلبية لا تملك شيئا، وأن الملاذ هو الشارع، إن مكبر الصوت هو التظاهر". وعلى نفس المنوال، هناك من الصحف من سجلت أيضا أن ما ميز سنة 2017 هو تواتر الاحتجاجات الاجتماعية، حيث ذهبت صحيفة " المساء" إلى توجيه سهام النقد إلى الاعلام الرسمي خاصة السمعي البصري متهمة إياه باعتماد أسلوب " التعتيم " في تعامله مع الاحتجاجات، وذلك في الوقت الذى " لم يعد بالإمكان محاصرة ما يحدث من احتجاج، فشبكات التواصل الاجتماعي والاعلام المواطن فك شفرة الحظر". واعتبر في هذا السياق كاتب افتتاحية جريدة "المساء" أن " الإعلام الرسمي أضحى متجاوزا كما ومعنى، فلا هو قادر على مسايرة السوق الاعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي، ولا هو قادر على الدفاع عن وجهة النظر الرسمية، بل في بعض المرات، يصبح مثل الذى يصب الزيت على النار، حينما يقوم بتغطيات تجانب الصواب، وتسخر من عقول المتلقي وتقفز على الحقائق" على حد قوله. وبخصوص آفاق وانتظارات سنة 2018 ، اعتبرت الصحيفة ذاتها أن 2017" سنة صعبة. والقادم أصعب، كان بودنا أن نتفاءل، بل وأن نساهم في نشر التفاؤل والأمل المشرق بيد أن الواقع لا يرتفع " على الرغم من اقرار اليومية بأنه " صحيح أننا نلمس بين الفينة والأخرى بعض المبادرات، بيد أنها تبقى محتشمة وخجولة جدا والأهم من ذلك معزولة، مما سيجعل من سنة 2018 سنة المفاجآت، وأزعم أنها ستكون بدون شك، اما تتمة لسنة 2017 أو سنة الانعطافة الكبرى" تختتم صاحب الافتتاحية . وتحت عنوان " اطلالة على فنجان 2018 " توقع الصحفي توفيق بوعشرين مدير جريدة "أخبار اليوم" من جهته ان " حكومة العثماني أن صمدت إلى نهاية السنة، فإنها ستزداد ضعفا على ضعف وذلك راجع ضيق هامش الحركة امام الطبيب النفسي وراجع الى تنافر استراتيجيات مكونات الاغلبية". كما توقع بالخصوص " أن يتم الاستغناء عن خدمات إلياس العماري" الأمين العام لجزب الاصالة والمعاصرة، وان" تتسع رقعة الاحتجاجات وان يخرج معتقلو حراك الريف من زنازينهم" فضلا على " ان تنزل نسبة النمو الى ما دون 3 في المائة، بفعل جفاف هذه السنة وغياب مناخ اقتصادي قادر على استقطاب رؤوس أموال أجنبية مهمة". الا ان هناك من الصحف المغربية التي نحت منحى مغاير استعملت في تحليلها وتقييمها لحصيلة 2017 حيث اعتبرت أنها كانت " سنة الحسم وكسرت حصار الخصوم إفريقيا، بلوكاج السياسة، وأنهت سطوة السلطة وكابوس الإرهاب". وكتبت جريدة "الصباح" في افتتاحية تحت عنوان " دروس 2017 " وقعها رئيس تحريرها خالد الحرى ، قال في مستهلها أن " التاريخ يكتبه المنتصرون، لكن وحدها الأحداث الكبرى والسنوات الاستثنائية، تخلده وتبقيه حيا في ذاكرة الشعوب، ويمكن القول بدون تردد ، إن 2017 كان سنة من طينة "الكبار" . وأوضح أن " المغرب انتقل الى السرعة القصوى في كسب الرهان الافريقي ليس فقط بتكريس عودته الى مؤسسات الاتحاد الافريقي ومواصلة التعاون جنوب جنوب والدبلوماسية الاستباقية، بل في قرار غير مسبوق باختراق قلاع خصوم الوحدة الافريقية تحييد دولة كبرى" هي جنوب افريقيا". كما " حافظ المغرب على اعلى درجات اليقظة الأمنية والحذر الاستخباراتي للتصدي للمخططات الإرهابية وتفكيك الخلايا النائمة وغير النائمة". وأضاف أن 2017 كانت سنة الحسم في ملف العدالة وتنزيل استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل. ولأن المغرب المستقر أمنيا وقضائيا والمحصن ضد الارهاب، يحتاج الى سياق سياسي وحكومي مماثل ومساعد على التنمية، والانطلاق والتقدم، كان لابد أن تحافظ 2017 على الايقاع نفسه من " الانجازات" ما لاحظه المواطنون" حسب رأي كاتب الافتتاحية الذي خلص الى القول " 2017 سنة أبكتنا وأضحكتنا وأفرحتنا وحملت أملا بحجم الحلم بأن مغربا آخر ممكن جدان شرط أن يستمر الإيقاع نفسه في 2018". كما أن هناك من افاد استنادا الى محللين على أن المؤسسة الملكية كانت في صدارة اهتمامات المغاربة خلال 2017، بالنظر إلى القرارات التاريخية الصادرة عنها. ونقلت جريدة " هسبريس" الإلكترونية الواسعة الانتشار عن هؤلاء المحللين، اجماعهم على أن قرارات العاهل المغربي سنة 2017 " جعلت المؤسسة الملكية في صدارة اهتمامات الرأي العام الوطني والدولي، مقابل تسجيل ضعف في باقي المؤسسات". ويلاحظ أنه في الوقت الذى ركزت الصحافة الورقية على تداعيات الحركات الاجتماعية التي شغلت بال واهتمامات الرأي العام المغربي، فإن الاعلام العمومي خاصة السمعي البصري، اهتم بالخصوص على الجوانب الايجابية التي حققها المغرب في بعض الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فضلا عن نجاحات المملكة على المستوى الدولي والافريقي، خاصة بعد استعادة مكانة المغرب في الاتحاد الافريقي وتوسيع حضوره واستثماراته في القارة السمراء.