انطلقت أحداث " جرادة" بموت الشابين " حسين" (23سنة) و " جدوان" (30سنة ) في منجم عشوائي للتنقيب عن الفحم الحجري. و من المعلوم أن " جرادة" كانت إلى وقت قريب عاصمة الفحم بالمغرب. إلا أن المناجم التي كانت يستخرج منها الفحم أصبحت مهجورة من قبل الشركة المستغلة ( مفاحم المغرب). و بما أن المدينة تفتقر إلى مؤسسات يمكن أن تشغل اليد العاملة الشابة ، بحيث تنعدم فيها الفلاحة، التجارةو الصناعة، مما يضطر معه الشباب إلى الارتماء في تلك المناجم التي أصبحت ملجأ للشباب العاطل، حيث يقصدها دون معدات و بدون خبرة أو تأطير لاستخراج بعض الفحم من أجل لقمة العيش. إن مقتل الشابين لم يكن إلا القطرة التي أفاضت الكأس. لذلك أصر شباب المدينة إلى منع دفن الجثتين لإثارة انتباه الدولة إلى الوضعية المزرية التي يعيشها سكان مدينة " جرادة" ( 43000 نسمة ). و رفع شعار " لا لدفن الشهيدين حتى تعطينا الدولة بديلا اقتصاديا". و هكذا نزل إلى المقبرة قرابة :20000 متظاهر. إن احتجاجات كل من الريف ، زاكورة ( من أجل الماء) لها قواسم مشتركة منها: 1-مطالب هذا النوع من الحراك اجتماعي و اقتصادي ، فالمواطنون يطالبون بالشغل و المدرسة و المستشفى. 2-محتجون في هذه المناطق يتوجهون بمطالبهم إلى الملك و العامل و القائد و لا يعيرون كبير اهتمام للمنتخبين. 3-تشبث نشطاء الحراك بسلمية المظاهرات مع حرصهم على أمن المواطنين و سلامة ممتلكاتهم. 4-هذه الحركات الاحتجاجية / الاجتماعية تنفجر في أجزاء من الوطن بعيدة عن المركز : الرباط/ الدارالبيضاء .( الحسيمة ، زاكورة ، الصويرة و جرادة). 5- غياب كلي للإطارات السياسية في قيادة الاحتجاجات و قيام شبكات التواصل الاجتماعي بدون الإخبار و الإعداد و التحريض… 6- تغطية هذه الحركات الاجتماعية بوسائل خاصة : المواقع الإلكترونية و كاميرات الهواتف النقالة. في مدينة " جرادة" يعيش10589 رجلا دون شغل و 19489 أمرأة دون مدخول . الفقر و الحرمان و الحاجة و الفاقة و الهشاشة و التهميش و الحكرة ، عناوين لهذه الاحتجاجات. لقد تدفق السكان إلى شوارع المدينة و لازالوا ينقشون بالفحم مطالبهم من أجل الكرامة. كل الأماني الجميلة لهذا الشعب الطيب بمناسبة حلول السنة الجديدة 2018.