وراء الإجماع الظاهر الرامي إلى الدفع بتسوية الأزمة عبر التفاوض، يبدو أن جبهة الاتحاد الإفريقي حول ليبيا بدأت تتصدع. وبات رئيس الوساطة الإفريقية يعتبر أن تنحي العقيد معمر القذافي أصبح "ضرورة". وأعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في مقابلة خص بها فرانس برس الثلاثاء أن "مهما يحصل سيكون هناك حل تفاوضي مع الوقت. وعلى كل حال لم يعد بإمكان القذافي أن يحكم ليبيا". وأكد ولد عبد العزيز، الذي يرأس لجنة القادة الأفارقة المكلفين إيجاد حل سياسي تفاوضي للنزاع الليبي، أن "رحيله بات ضرورة". وبعد قليل من اندلاع حركة التمرد المسلحة في منتصف فبراير أعد الاتحاد الإفريقي "خارطة طريق" تنص على وقف إطلاق النار والدخول في مرحلة انتقالية ودافع عنها بإصرار لكن ذلك لم يلق صدى على الأرض حيث واصل حلف شمال الأطلسي قصفه لقوات القذافي. وقد وافقت طرابلس على تلك الاقتراحات، لكن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المتمردين اشترط قبل كل شيء تنحي العقيد وأبنائه. وهذه أول مرة يعلن فيها رئيس دولة افريقية يشارك في هذه الوساطة بعبارات واضحة، ضرورة تنحي الزعيم الليبي الذي ما انفك عدد مسانديه الدوليين يتقلص منذ أن تولى حلف شمال الأطلسي قيادة العمليات في 31 مارس. وكان الاتحاد الإفريقي يتحدث حتى الآن بصوت عال عن ضرورة حل تفاوضي ويعارض التدخل العسكري الغربي باسم "حماية المدنيين" ويدعو إلى "تسوية افريقية للنزاع". وأوضح دبلوماسي في الاتحاد الإفريقي أن "حتى الآن كان هناك خطاب رسمي" في المنظمة الإفريقية لا يشير إلى تنحي القذافي "لكن في المفاوضات المباشرة مع القذافي قال له قادة الدول (أعضاء لجنة الوساطة) إنه يجب عليه التنحي". وبالتالي حصل "تغيير في الموقف العلني"، كما قال الدبلوماسي الذي رأى في ذلك "تغييرا مفيدا" لأنه "إذا كان لبعض رؤساء الدول علاقات متميزة مع القذافي فإن أغلبيتهم تعلم أن لا مناص من رحيله". وقال بول سايمون هاندي، مدير الدراسات في معهد الدراسات الأمنية في جنوب إفريقيا، "من الواضح أن عددا متزايدا من الرؤساء الأفارقة يشعرون بالحرية في التعبير عن نفورهم من القذافي" الذي "بات سقوطه قضية وقت". وأكد أن "الإجماع الظاهر الذي كان الاتحاد الإفريقي يحبذ إبداءه في مواقفه أخذ يتصدع" وذلك لأن "الاتحاد الإفريقي يأخذ في الاعتبار الواقع الميداني". وقد جرت مناقشات حادة حول هذا الموضوع خلال القمة الطارئة المصغرة التي انعقدت في أديس ابابا في 25 و26 ماي حول ليبيا. وطلبت عدة وفود حينها عبثا إدراج رحيل العقيد القذافي خطيا في "خارطة الطريق" كشرط لتسوية الأزمة. وفي كواليس القمة دافع مسؤول في الاتحاد الإفريقي مجددا عن "خارطة الطريق" الإفريقية على أنها الخطة المتميزة الوحيدة للخروج من الأزمة لما بعد القذافي. وأضاف المصدر نفسه أن لا أحد "بالسذاجة بمكان" كي لا يدرك أن أيام العقيد القذافي معدودة، ولا احد يشك في ذلك حقا في الاتحاد الإفريقي. وحتى الآن لم يتجاوز هذه العتبة سوى بلدين إفريقيين هما السنغال وغامبيا اللذين اعترفا رسميا بحركة التمرد الليبية من خلال المجلس الوطني الانتقالي "ممثلا شرعيا للشعب الليبي". *أ ف ب