«التاريخ يعيد نفسه فى المرة الأولى كمأساة وفى الثانية كمهزلة»، عبارة شهيرة للفيلسوف الألمانى كارل ماركس، استهلت بها الكاتبة الأمريكية شيرى بيرمان، مقالها بصحيفة نيويورك تايمز بعنوان «درس ماركس للإخوان المسلمين». وقالت بيرمان فى المقال الذى نشر أمس: «فى 1848، شارك العمال والليبراليون فى ثورة ديمقراطية لاسقاط النظام الملكى الفرنسى، ومع انهيار النظام القديم، تنامى قلق الليبراليين على نحو متزايد مما وصفوه ب«المطالب الراديكالية للطبقة العاملة»، مضيفة أن «المحافظين تمكنوا من استمالة الليبراليين الخائفين واعادة تأسيس أشكال جديدة للديكتاتورية». وتابعت بيرمان: «هذه الانماط تتكرر فى مصر فى الوقت الراهن، حيث يلعب الإسلاميون دور الاشتراكيين بعد الثورة الفرنسية، كما هرع الليبراليون المتخوفون من التغييرات التى يريد شركاؤهم السابقون احداثها، إلى النظام القديم طلبا للحماية»، مستطردة «فى 1848، كان السلطويون سعداء لاستعادة السيطرة على السلطة». ومضت قائلة إن «تأسيس ديمقراطية مستقرة يعد عملية من مرحلتين، تتتمثل الأولى فى الإطاحة بالنظام القديم، ثم بناء بديل ديمقراطى، ولأن المرحلة الأولى دراماتيكية، يعتقد العديد من الناس أن اللعبة انتهت. لكن المرحلة الثانية أكثر صعوبة، وهناك العديد من الأمثلة لتحالفات واسعة شاركت فى الاطاحة بالأنظمة الديكتاتورية، واكمل القليل منهم الطريق واتفقوا على شكل النظام الجديد، فالمعارضة تفقد زخمها بعد المرحلة الأولى نتيجة لوقعوها فريسة للصراعات الداخلية وعودة قوى النظام القديم». وأضافت: «ظهرت الحركة المنظمة للعمال لأول مرة على الساحة السياسية فى 1848، ومطالباتها ارعبت الليبراليين، ففى حين فضلت الطبقة المتوسطة التحرر الاقتصادى، طالب العديد من العمال بتغير اقتصادى واجتماعى راديكالى، كما فضل الليبراليون انفتاحا محدودا فى النظام السياسى فيما طالبت الجماعات العمالية بالديمقراطية الكاملة»، مضيفة: «عندما بدا الاشتراكيون اقرب للفوز، رفض ذلك الليبراليون، وكثير منهم هرع إلى السلطويين كأهون الشرين»، ومستطردة: «هذا تقريبا ما تدور رحاه فى مصر الآن». وأوضحت الكاتبة أن الليبراليين يفضلون النظام والحداثة ويكرهون التجارب الاجتماعية الراديكالية، هذا ما حدث فى أوروبا فى 1789 و1848، ويحدث فى مصر هذه الأيام. واستطردت: المشكلة الرئيسية تتمثل فى تعامل اللليبراليين مع هذه المخاوف، فأثناء التحول الديمقراطى فى دول جنوب وشرق أوروبا فى اواخر القرن الماضى، لم يكن التطرف والدين لاعبين اساسيين، وتمكنت المجموعات المختلفة من تحقيق التوافق حول قواعد اللعبة، أيضا لم تكن تلك المحاولة الديمقراطية الأولى فى معظم الدول الأوروبية فضلا عن تقديم الاتحاد الأوروبى يد العون للدول المتحولة». أما فى مصر وباقى أجزاء العالم العربى، بحسب بيرمان، «يتخوف الليبراليين من تهديد التطرف، ونتيجة لاعوام من التسلط، لا يوجد ثقافة التوافق أو الحلول الوسط، أو جار ديمقراطى يقوى يرشد ويقدم المساعدة». وختمت استاذة العلوم السياسية بكلية بيرنارد الأمريكية مقالها قائلة إن «الإسلاميين هم القوى السياسية الأكبر والأكثر تنظيما فى مصر، ومن الضرورى للجيش والليبراليين اقناعهم بأن لهم دورا فى المستقبل الديمقراطى للبلاد. وإذا تم شيطنة كل الإسلاميين، سيزيد الانقسام داخل المجتمع المصرى، وسيهمش الإسلاميين المعتدلين وبالتالى سيكون المستقبل السياسى للبلاد مضطربا».