أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، خلال جلسة مساءلة بمجلس النواب، أن ارتفاع معدلات العنف ضد الأطر التربوية يعود بالأساس إلى ما يعانيه عدد من التلاميذ من ضغط نفسي حاد، خصوصًا أولئك الذين يواجهون صعوبات دراسية، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة لا يمكن عزلها عن ظاهرة الهدر المدرسي، التي تؤرق بدورها المنظومة التعليمية. وفي مستهل كلمته، ترحم برادة على روح أستاذة التكوين المهني التي راحت ضحية اعتداء مأساوي، مؤكداً أن هذه الواقعة الأليمة تسلط الضوء على تفاقم العنف داخل المؤسسات التعليمية، مما دفع الوزارة إلى إطلاق حزمة من الإجراءات الوقائية والاستباقية للتصدي لهذه الظاهرة.
وأوضح المسؤول الحكومي أن ما يقارب 160 ألف تلميذ يغادرون المدرسة في السلك الإعدادي سنويًا، وهو ما يدل، حسب تعبيره، على معاناة نفسية واجتماعية عميقة في صفوف التلاميذ المنقطعين، لافتًا إلى أن ثلثي التلاميذ لا يتابعون الدروس بشكل فعّال داخل الفصول الدراسية ويشعرون بالإقصاء، ما ينعكس سلبًا على سلوكهم ويولد لديهم شعورًا بالغضب والعدوانية.
وشدد الوزير على ضرورة إرساء نموذج تعليمي يُمركز التلميذ في قلب العملية التعليمية، من خلال تحسين جودة التمدرس وتفعيل الأنشطة الموازية كالرياضة، والرسم، والموسيقى، والسينما، مشيرًا إلى أن هذه الأنشطة أظهرت فعالية واضحة في الحد من مظاهر العنف.
وفي ما يخص الهدر المدرسي، أوضح برادة أن الوزارة تتابع عن قرب وضعية التلاميذ المهددين بالانقطاع عبر خلايا خاصة للإنصات والمواكبة، والتي تسعى إلى التدخل المبكر والتنسيق مع الجمعيات المختصة لتقديم الدعم النفسي للحالات المعقدة.
وكشف الوزير عن شروع الوزارة في تثبيت كاميرات ذكية مدعمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي في عدد من المؤسسات التعليمية، بهدف مراقبة محيط المدرسة والتدخل الفوري في حال وقوع اعتداءات أو أعمال عنف.
وفي سياق متصل، أبرز برادة أن الوزارة قامت بتكوين أزيد من 4 آلاف إطار تربوي في مجالات الإنصات والوساطة، بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، إلى جانب تأهيل 1600 منسق للحياة المدرسية، ضمن برنامج يهدف إلى تعزيز القيم الإيجابية في الوسط المدرسي، وذلك بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء.