مثلما كانت نغمة الخطابات السياسية بالأمس في عهد الديمقراطية الحسنية نشازا بإيقاعات صاخبة أغلب الأحيان أطلقت عنانها بسياسية الحكرة و التهميش والبؤس والقمع ، اليوم نفس الحالة خطابات زائفة مليئة بالنفاق السياسي غير واقعية أسقطت فيها الدولة المغربية رغباتها على الواقع مما عكس والى حد بعيد قصورها على تقديم الاجابات لتطلعات المغاربة نحو الديمقراطية والكرامة و العدالة وبدا جليا منذ البداية تخبطها في تقييم الوضع الميداني والسياسي حيث اخذ بعض متحدثوها يقدمون تحليلات وتوقعات خيالية للموقف على الأرض، يحاولون فرض نظرية الاستثناء مستبعدين كل ما حدث على الخريطة العربية وبالخصوص المغاربية و كأننا في كوكب آخر ، يحاولون بشتى الطرق الهروب الى غد مجهول خوفا من الغليان الشعبي الذي يتنامى يوما بعد يوم و يحاولون أيضا فرض رؤية عمودية على الوطن أن التغيير و الحداثة هي الإرادة الحقيقية للقصر و أنه أبدى نيته في طي صفحة الماضي من خلال الالتزام بتعهداته في تصفبة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان , وأن دينامية العشرية الاولى شهدت ورش سياسي كبير يضم جملة من المبادرات- الفوقية - في مجال حقوق الانسان والتنمية والديمقراطية التي خلصت الى تعديل الدستورطبعا دون المساس بجوهر الحكم أي دون التخلي عن الصفة القداسة المسماة بإمارة المؤمنين و دون التنازل عن السيادة ، إنها سيل من الخطابات الغوغائية للحاكمين على البلاد المليئة بالكذب والعبث و الاهانة للشعب وكل من يخالفاها الرأي هو خائن للوطن والحقيقة أن هذا رأي يستفيد منه المخزن حتى النخاع و يستغل الأوضاع الاستبدادية القائمة فيختبئون وراء نظرية المؤامرة التي يفسرون بها كل شيء وهي وصفة جاهزة باستمرار تعبر عن كسل في الدماغ لأن أمثال هؤلاء لا يكلفون نفسهم عناء فهم ما يجري بأدوات تحليلية تختلف عما ألفوه من "وصفات رسمية " أنتجتها أبواق المخزن وعملت على ترويجها بشكل واسع و أضحت تبدو لهم تفسيرا أوحد لا شريك له تماما مثل الطغاة الذين يؤمنون بألوهيتهم وقداستهم حتى ويعتبرون واجب الطاعة لهم معطى ابديا لا يمكن كسره إذن تأتي هذه الانتخابات في ظل ظرفية عامة تتميز بتنامي الحركة الجماهيرية التي تجتاح الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة العربية والمغاربية والمغرب أيضا. حيث نهضت الجماهير لأخذ مصيرها بين أيديها والمطالبة بالديمقراطية والعيش الكريم، عبر النضال في الشوارع وفي كل أماكن تواجدها. وليس تنظيم هذه الانتخابات سوى محاولة من طرف النظام المخزني إلى توجيه هذه الحركية الجماهيرية نحو قنوات انتخابية آمنة، والالتفاف على المطالب الحقيقية للشعب المغربي، ولربما كانت ورقة الانتخابات آخر ورقة يلعبها النظام المخزني لامتصاص غضب الشارع ومعه تأثير الثورات العربية إقليميا وهي إحدى الإجابات التي اعتمدها بعد سلسلة إجراءات أهمها التعديل الدستوري في مواجهة مطالب حركة 20 فبراير التي واظبت على مسيراتها الاحتجاجية سواء منها الوطنية أو المحلية طوال 9 أشهر بالتمام والكمال ، اليوم أصبح التظاهر هي لغة الجماهير في مخاطبة نظام الحكم ، يواجهون بكل حزم وثبات كل أنواع العنف والقمع والتزوير والتآمر والمكائد السياسية بما اكتسبت من ثقة في النفس بعد المعارك البطولية التي خاضتها لمدة شهور متتالية وهو ما ستفعله اتجاه ما سيقوم به الحكام وأعوانهم السياسيين والطبقيين في استخدامه لضمان أن يأتي البرلمان القادم كما يريدون : برلمان إجهاض انتفاضة الشعب . فقد قررت حركة 20 فبراير و التيارات المكافحة الى جانب الشعب مقاطعة هذه الانتخابات، وإصرارها مواصلة النضال إلى جانب شباب التغيير والجماهير الكادحة من اجل الديمقراطية وإسقاط الاستبداد. ودحض سيناريو التسويق الخارجي لدى المنتظم الدولي على حساب آلام المغاربة من أجل تلميع واجهة النظام الخارجية ونيل الثقة من الإدارة الامبريالية بأن المغرب مختلف تماما عن الآخرين غير متأثر بالحراك الشعبي بل تفاعل الحكم مع الشعب وهذا أساسه كله من اجل ضمان استمرار العرش فالمهام جسيمة جدا ملقاة علينا جميعا من أجل إنقاذ الوطن من أيدي الطغاة و المستبدين وردع المفسدون وكل طقوسهم والاعيبهم ودهاليزهم لاسيما أنهم يؤمنون بانهم طبقة مختارة لن يعتل خيولهم سوى من يروق لهم ويختارونه بانفسهم كالماسونية تماما لها طقوسها لمن يلج قبورها و حظائرها، يقاتلون حتى الرمق الاخير دفاعا عن فسادهم الذي جمعوه، من هنا نرى الاجابة لماذا يقاتلون حتى الموت في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها؟! وبكل الوسائل ، لافرق عندهم فالغاية تبرر الوسيلة ، فادركوا ان التغيير مهمة صعبة وجهاد مر فمسؤوليتنا عظمى أمام شهدائنا من أجل مغرب الكرامة و الحرية و العدالة ومقاطعة الانتخابات هي كسر لكل الاوهام و الترهات الفارغة و نهاية مرحلة العبيد وفزاعة المخزن و هي بدابة نصر عظيم للشعب المغربي الحر - مدريد