الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    وفد شيلي يثمن طفرة التنمية بالداخلة    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    أوزين: الأمازيغية لغة 70 في المائة من المغاربة .. وعلمانية المملكة متفردة    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب يريد إسقاط المخزن
نشر في لكم يوم 25 - 09 - 2011

في يوم الأحد 24 يوليوز 2011 مابين الساعة السادسة مساء والثامنة مساء،علت حناجر الثوار بساحة الحمام- أنفا/الدار البيضاء- مدوية برفعها لشعار "الشعب يريد إسقاط المخزن"؛ هذا الشعار العظيم والذي كان مكتوبا في اللافتات منذ 20 فبراير2011 أصبح اليوم شعارا تردده الأفواه وبصوت عال ليس فيه لا خوف ولا ارتباك. انه شعار عظيم بما للكلمة من معنى العظمة و اليقين والعزيمة والإصرار على المضي قدما وبكل ثبات من اجل إسقاط المخزن ؛ هو شعار عظيم أيضا لما فيه من الوطنية الصادقة والغيرة والمحبة لهذا الوطن الجريح والتي تبدو على محيا كل الوطنيين الذين سئموا حياة الذل والمهانة، حياة الهزيمة والخنوع، حياة الحگرة والإقصاء والتهميش والقمع والاستغلال والاستعباد والاستبلاد، حياة الظلم والطغيان والفساد والانبطاح، حياة العبودية والأبوية والسلطوية... التي يرمز إليها المخزن.
كل هذا الواقع المرير والمليء بالتخلف والتبعية واحتكار سلطة القرار في يد واحدة في إطار علاقة العبد بالسيد هو الذي دفع بآلاف المغاربة الأحرار والشرفاء بشتى توجهاتهم الفكرية والأيديولوجية إلى التوحد في إطار حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة والمباركة لكي ينتفضوا ويرفعوا جميعا شعار "الشعب يريد إسقاط المخزن". هذا التطور النوعي في شعارات حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة والخالدة لم يكن ليحدث لولا العزم والإرادة والإصرار الذي أبداه الثوار لتكسير جدار الخوف والصمت الرهيب الذي زرعه المخزن في قلوب المغاربة وفي ضعاف النفوس الذين رضوا بحياة الذل والمهانة في ظل نظام عبودي تسلطي بوليسي، نظام أبوي إقطاعي ، نظام رعوي قروسطي مازال ينتج ويعمل ببنيات تقليدية تنتمي إلى عهود القرون الوسطى كما عاشتها أوروبا ما بين القرن التاسع والسابع عشر.
المخزن وما أدراك ما المخزن هو مصطلح كبير الدلالة وعميق المعنى في التاريخ السياسي لكل شعوب شمال إفريقيا ابتداء من تونس والجزائر والمغرب؛ لذا فالسؤال البديهي والمحوري والذي يتبادر إلى الذهن لأول وهلة هو: ما هو المخزن؟ هناك الكثير من المصطلحات والكلمات التي يستعملها المغاربة وغيرهم، سواء أكانوا من العامة أو الخاصة، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التساؤل عن معنى واصل هذه الكلمات أو المصطلحات التي يتشدق بها الكثير دون أي فهم مسبق لأصلها الايتيمولوجي واللغوي أو لدلالتها الفكرية والتاريخية وهذا هو حال كلمات الصراع الطبقي، البورجوازية، الشلحة، المخزن، العنصرية، الاستبداد، الفساد، الفتنة... وغيرها من المصطلحات التي تروج في الحقل الكلامي المغربي دون أي تأصيل علمي أو أكاديمي لهذه المفاهيم.
ما هو المخزن؟
من فعل خزن يخزن يعني حفظ يحفظ شيئا أو أمرا/سرا. المخزن مصدر ميمي لفعل خزن بمعنى احترز ومسك المال مثلا في خزانة، وفي المجاز أطلب من خزائن رحمة الله تعالى، وأخزن لسانك وسرك، وبالتالي فهو بداية كان يشير إلى المكان الذي يخزن فيه المال من ضرائب شرعية وضرائب موجهة لبيت المال، وقد كان الاصطلاح في الأول دالا على التنظيم المالي ثم تطور ليدل على الدولة، وهو ليست له دلالة اقتصادية فحسب بل يستوعب مضمونا دينيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا...إن المخزن لغويا هو المستودع ،وهناك العديد من الباحثين من قال إن المخزن مشتق لغويا من فعل خزن بمعنى جمع وقد كان يشار به إلى ما كان يجمع في بيت المال من ضرائب وجبايات من الضرائب الشرعية وغير الشرعية..إن هذا التحديد اللغوي لا يفي بالغرض ولا يقدم إجابات كافية عن المخزن اصطلاحا الذي يقدم في الواقع السياسي مرادفا لمفاهيم كالدولة والسلطة والنظام. فحسب بنعلي فان:"التفرد السياسي للمغرب يعبر عن ذاته كليا في المخزن كبنية فوقية سياسية-أيديولوجية تمتد جذورها إلي ماض بعيد وتستمر إلى يومنا هذا في شكلها التاريخي.لذا من الوهم ومن غير الملائم أن يزعم المرء تحليل الدولة في المغرب دون أن يأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى الأساس للواقع المغربي"،هذا الأخير يعكس بشكل جلي أن كل الفئات الاجتماعية ذات النفوذ سواء السياسي أو الاقتصادي أو غيره،ترتبط بعلاقات متينة بالبنية الهرمية للمخزن ،بل إننا عندما نتأمل النخب (الفكرية، السياسية العلمية ،الاقتصادية والعسكرية...)نصل حتما إلى استمرار وتوسع نفوذ عائلات معروفة يمكن أن نصطلح عليها "العائلات المخزنية" أو " الخيمة الكبيرة" ،سواء كانت حضرية أو قروية.
في القرن 19 كانت الوثائق تورد لفظة المخزن مرادفا لاسم السلطان أو أحد ممثليه. وقد نسجت عدة نظريات حول هذا التنظيم/ البنية وهذا النظام الاجتماعي والسياسي كل حسب خلفياته السياسية والإيديولوجية والفكرية، من طرف مؤرخين وسوسيولوجيين. فالفرنسي "ڴوتييه" في كتابه "ماضي إفريقيا الشمالية، القرون المظلمة" وبمعية المؤرخ "هنري طيراس" قالا بنظرية "المخزن – القبيلة" واستقياها من المؤرخ "ابن خلدون" في مقدمته الذي يربط السلطة السياسية وممارساتها بالمجتمع القبلي، وهذه النظرية تظهر ذلك التناقض الذي يظهر على مستوى العلاقات بين سكان البوادي الرحل والمستقرين مما يؤدي إلى قيام السلطة السياسية أي المخزن، إلى جانب هذه النظرية هناك تصور "روبير مونطاني" في كتابه "البربر والمخزن" الذي كان يرى أن نفوذ الجهاز المخزني ينحصر في ما يسمى ببلاد المخزن بينما يظل قسم كبير منه خارج نفوذه تتصرف فيه قبائل مستقلة تسيطر على 3⁄4 جغرافية المغرب في ما يسميه المخزن ببلاد "السيبة"(؟).
أما الأمريكي "كليفورد كيرتز" فقد هاله أهمية الزوايا بالمغرب وأدوارها الطلائعية فاستخلص ثنائية "المخزن – الزاوية-. إذ يقول أن المخزن المرابطي أو الموحدي انطلق من رباطات دينية أو زوايا تطلعت للسلطة السياسية وأنشأت بنيات إدارية واجتماعية كونت مخزنا. فيما يشير "عبد الله العروي" في مجمل تاريخه إلى ارتباط ظهور أجهزة المخزن ببذور فكرة الدولة بمفهومها العصري إذ كانت تطلق الكلمة على هيئات إدارية وتراتيب اجتماعية وعلى سلوكيات ومراسيم، ويرى "محمد داوود" أنه: " لم تكن للدولة المغربية في القرن الماضي – أي القرن 19- حكومة منظمة... بل كان السلطان هو الكل في الكل". من هنا تظهر فكرة نظام الحكم الفردي المطلق المشرعن بكون السلطان خليفة الله في الأرض وهو بحكم هذا الحق الإلهي يعتبر الأب والراعي المقدس كما كانت تشير إلى ذلك المادة 23 من الدستور المغربي لسنة 1996.
لقد كانت فكرة المخزن الجماعي بمعناه اللغوي موجودة لدى سكان شمال إفريقيا منذ القديم وهو ما يعرف بأڴادير/ أجدير لكن المفهوم تغير جذريا مع الغزو العربي من مستوى مفهوم أڴادير كتعبير عن تنظيم قبلي إلى مفهوم أڴادير كتعبير عن توحيد الأمة، ولذلك فرق الأمازيغ في أعرافهم المكتوبة بين اختصاصات أكادير القبلية واختصاصات المخزن فمنعوا بذلك تخزين النقود في أڴادير . أما في الفترة الإسلامية فيبدو أن أول من استعمل لفظ المخزن بالمعنى الحكومي هم الأغالبة ( إبراهيم بن الأغلب بتونس)، إشارة منهم إلى المكان الذي تكدس فيه الأموال المجباة بأمرهم في إفريقية، ثم لما صارت عرى التبعية بين مركز الخلافة وإيالات شمال إفريقيا إلى الارتخاء والانفصام، فإن مصطلح المخزن ترسخ في المغرب الأقصى وإن كان يجهل كيف حصل ذلك بعد الأغالبة ومتى كان ذلك, هل بفضل الدولة الفاطمية أو على يد المرابطين. والثابت هو أن الكلمة صارت جارية في الكتابات الرسمية على عهد الدولة الموحدية ولما كانت الدول التي توالت على حكم المغرب قامت على التركيبة الاجتماعية والقبلية بالإضافة إلى النسب الشريف، فمن الواضح أن هذا المفهوم نابع من مفهوم بيت المال الإسلامي ونابع أيضا من التراث القبلي الأمازيغي.
ومصطلح المخزن كثيرا ما ورد في أمهات النصوص بصيغة الجمع إشارة إلى مختلف مخازن الدولة التي منها بيوت المال الناس وبيوت المال العين ومخازن السلاح ومخازن الحبوب...
إن المصادر ظلت لأمد طويل تميز بين الدولة وبين مخزنها بصفة كون لفظة المخزن مفردا دالا على الجنس، ولكن لا ذكر عند "ابن خلدون" أو "ابن الخطيب" مثلا لهذا المصطلح مرادفا للدولة. ولم يحصل ذلك ولم ينطلق به لسان العامة إلا مع انتشار موجة التعريب واستيطان بعض القبائل العربية التي أرسلها الفاطميون من مصر لتخريب إمارة بولوڴيين المستقلة عن طاعتهم بتونس والتي جيء بها أيضا الى المغرب والجزائر منذ الموحدين فكانت هي المستفيدة الأولى من بيت المال أو المخزن المركزي فترتب على ذلك خلط بين مفهوم الدولة ومفهوم المخزن لاختلاط مفهوم الدولة القائمة مع مفهوم وظيفتها الكبرى التي هي جمع أموال الجماعة. وهكذا سرت في الناس عبارات مثل "اللهم اجعل البركة في المخزن"، يقولها كل من يتنازع مع جاره فيدعوه إلى دار المخزن للفصل في الدعوى.
بدأت عبارة " المخزن الشريف" تأتي في المراسلات أو الظهائر وعند المؤرخين مرادفة لعبارة "الدولة الشريفة" مع بداية الدولة العلوية التي صار فيها المخزن دولة قائمة بذاتها عندما استقر أمرها وتكرس بذلك الخلط المطلق بين مفاهيم الدولة والمخزن والحكم السياسي والجهاز المعتمد للقيام بالأعمال. وهنا يبدو جليا بان الدولة التي نشأت مع العلويين هي أولا وقبل كل شيء دولة المخزن الذي أصبح مرادفا لاسم الدولة. وفي هذا السياق فالمخزن في علاقته بالسلطان الذي قد يصل إلى السلطة بالقوة القبلية والدينية هو سلطة سياسية وإدارية وروحية وأمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية... هذه السلطة المتعددة المصادر هي بنية شاملة جامعة لبنيات تقوم على أساس الولآت القبلية والعشائرية والعائلية وعلى أساس الزبونية والمحسوبية . مما يعني نشوء حقل سياسي متعفن يسوده الفساد والنفاق والانتهازية والمحسوبية وغياب تام للقانون وللكفاءة لتسيير أمور الدولة بالأمس واليوم؛ إذ لا فرق بين مخزن القرون الوسطى ومخزن القرن 21 فنفس العقلية والقيم والثقافة هي التي تهيكل المشهد السياسي المغربي.
يشتغل المخزن وفق بنيات مركزية ومحلية ويوجد على رأسها السلطان المعين بمقتضى البيعة التي تقوم بها حاشية المخزن والعائلات المخزنية التي تدور في فلكه وتستفيد من خيراته والتي تجعل من السلطان صاحب القرار الأول والأخير، فدار المخزن تسير بسيرته لكونه يقبض السلطات الدينية والدنيوية فهو أمير المؤمنين وخليفة الله في الأرض، شخص مقدس وبركته مرجوة وأمره مطاع، ولذلك فهو محاط بمنتهى العناية والقداسة والرعاية داخل قصره وخارجه بجيش من الخدام والعبيد ذكورا وإناثا مرتبين ترتيبا دقيقا، وهو القاضي الأعلى في البلاد الساهر على سيادة الشرع الإسلامي، والقائد الأعلى للجيش داخليا لقيادة الحملات ضد القبائل وخارجيا لقيادة الجهاد، هو المتصرف الأعلى في الدولة ومنظم لكل مستويات المجتمع. السلطان هو الأب والراعي المطلق الذي يتصرف في مملكته الشريفة. السلطان هو الدولة والدولة هي السلطان المتمثل في شخص الأمير القاهر فوق عباده وعبيده. في هذا النموذج من الدولة الأميرية الذي عبر عنه لويس 14 في فرنسا القرن السادس عشر والسابع عشر من خلال قوله: أنا الدولة والدولة أنا ، ليس هناك من فصل بين المجال العام والمجال الخاص.
هناك خلط بين الملك العام والخاص. فالأمير يملك كل شئ والدولة كلها هي بمثابة ضيعة الأمير.هذا النموذج من الدولة الأبوية والرعوية هو الذي كان ساريا بأوروبا القرون الوسطى وهو النموذج الذي مازال يهيكل الدولة المخزنية المغربية في جميع تمظهراتها الداخلية والخارجية من خلال البروتوكولات التقليدية الغارقة في ماضوية متخلفة (الجلابيب والطرابيش والبلاليغ والعبيد...) رغم صور الحداثة المزيفة التي يتشدق بها المخزن وكل الأبواق التي تدور في فلكه من صحافيين وإعلاميين وفنانين "وأساتذة جامعيين"المتملقين لحضرة السلطان من اجل منصب أو جاه...
لقد كانت علاقة المخزن بالشعب دائما وأبدا علاقة توجس وخوف من كلا الطرفين. فالمخزن كان دائما يهاب القبائل القوية والتي غالبا ما تسيطر على 3⁄4 التراب المغربي وتنعم بنظام سياسي خاص بها بعيدا عن التسلط المركزي للمخزن. وقد استطاعت هذه القبائل نموذج ايزمورن وأيت عطا بهزم المخزن في أكثر من مناسبة. أما القبائل الضعيفة فكانت دائما تخشى بطش المخزن الذي كانت كل حروبه منذ مجيء العلويين حروبا داخلية يقودها ضد القبائل في إطار لحركات. وقد كان الجيش المخزني يهتم فقط بتوطيد سيادة السلطان أكثر مما يعبأ لمواجهة الخطر الأجنبي وأصبح العنف المستمر نظاما دائما، تصرف فيه الضرائب لتمويل الجيش والذي يستخدم لسحق القبائل. من هذه الزاوية نظر "ميشو بيلير" للاستغلال الجبائي المخزني كبنية مادية لإعادة إنتاج ذاته وكممارسة/مقياس، تقاس بها طبيعة ونوعية العلاقات الرابطة بين المخزن والقبائل.
إضافة إلى العنف المادي الذي يستخدمه المخزن ضد الشعب من خلال عمليات لحركات التي يتم فيها قتل الرجال واغتصاب النساء وخطف الأطفال وسرقة أموال الناس بالباطل كما قام بذلك العميل المخزني المدعو البغدادي ضد قبيلة بقيوة بالريف في القرن 19 فان المخزن يستعمل السلاح الرمزي لفرض جبروته وتسلطه على الشعب: البروتوكولات البالية، الخطاب الديني، العفو، البيعة، النسب والشرف... فقد كتب "ليفي ستروس" مقدما أعمال "مارسيل موس": "بأنه من طبيعة المجتمع أن يعبر عن عاداته رمزيا". إن حقل الخيال الرمزي للمجتمع المغربي هو حقل يولد وينتج ويروج الرموز كما تروج السلع، من هنا يكون الإسراع نحو امتلاك واحتكار الرموز الهامة من إحدى الشروط للوصول إلى السلطة، وفي هذا الإطار لن يكون غريبا أن يصبح تراكم الرأسمال الرمزي، والمكون أساسا من الشرف والبركة أحد الوسائل الأكثر نجاعة للوصول إلى السلطة.
ففي دراسة "لعبد الله حمودي" لزاوية "تمگرت" يقول: "هناك ثلاث مؤهلات لتأسيس الزاوية: وجود أصل شريف، ثم وجود قبيلة أو قبائل قوية في مناطق بعيدة عن المراكز الحضرية الكبرى، وفي وقت يكون فيه حضور الدولة ضعيفا أو منعدما. وأخيرا وجود صورة للتقوى والعلم". هذه المؤهلات نفسها التي ذكرها "حمودي" تنطبق على قيام الدولة الشريفة بالمغرب. لقد كونت هذه العوامل الظروف المواتية لازدهار حركات دينية متعددة تتنافس فيما بينها من أجل احتكار السلطة مما خول لنخبة دينية فرصة الاستيلاء على السلطة بمساندة المجموعات القبلية واستطاعت هذه النخبة من أن تحافظ على استمراريتها بادعاء البركة والنسب الشريف وهو ما نلاحظه عند مجموعة من العائلات المغربية المخزنية التي استطاعت أن تستثمر هذا الرأسمال الرمزي والاستفادة منه. ولقد لعبت الزوايا دورا كبيرا في تكريس هذا الاعتقاد الخاطئ لدى عامة الناس بوجود نسب شريف لها. ولقد استطاع إدريس الأول إغراء قبيلة أوربة الامازيغية بفاس بنسبه الشريف لتكوين إمارته.
يقول "بيل": "إن الشرف الذي أغرى البربر منذ مغادرة إدريس الأول في القرن 8 الميلادي أصبح لقب نبل اتخذه معظم رؤساء الزوايا والصوفيين". يكون إذا الأصل الشريف عادة مبدأ الإغراء كضرورة من ضرورات البداية، لكن في غياب الشرف قد يكون العلم ولما لا الهذيان أو غير المألوف، هو الذي يؤهل الشيخ للقيام ببعض الكرامات؟ إن وضع الغرابة يضاهي وضع المقدس، بل إن إحدى وظائف القداسة هي إدماج الغرابة داخل المقدس والقرآن نفسه استوعب هذه الغرابة حسب محمد أركون. إن ظاهرة الزوايا تشكل عنصر استمرارية للأسس الرمزية التي يقوم عليها المخزن، بحيث ظلت تعمل والى اليوم نموذج الزاوية البودشيشية على ترسيخ تلك الأسس داخل القبائل سابقا وفي الأوساط الشعبية حاليا.
من هنا يتبين بأن المخزن هو بنية شاملة وشمولية. هو بنية سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية دينية عسكرية أمنية وبوليسية لا تخدم إلا مصالح أقلية إقطاعية ارستقراطية وبورشوازية كما جاء على لسان الفنان المناضل بزيز...المخزن هو الدولة والدولة هي المخزن. هناك إذن خلط بين بنية تقليدية سلطوية تشتغل وفق ثقافة وقيم وجهاز مفاهيمي يقوم على أساس الأبوية والرعوية وهو خطاب تيوقراطي مازال خطباء الجمعة يكررونه في كل خطبهم كما يستعمله القصر نفسه في علاقته بالرعية والرعاع، وبين بنية حداثية مزيفة تخفي حقيقة التسلط والطبيعة الإقطاعية لنظام مخزني قروسطي . المخزن هو شبكة من الشبكات التي تتكون من العائلة المالكة ومن كل العائلات المخزنية الحضرية والقروية التي تدين بالولاء والطاعة للقصر في إطار علاقات القرابة والمصلحة المشتركة. هذا الكل يتقاسم نفس القيم ونفس الثقافة التي تقوم على أساس الزبونية والمحسوبية واستغلال النفوذ للسطو بالقوة المادية والرمزية على خيرات وثروات البلاد والعباد. في هذا النسق الذي تحكمه بالضرورة قيم النفاق والتملق والتزلف والخديعة والخنوع والخضوع والركوع لا يتمتع الإنسان العادي بأي وضع اعتباري فهو مجرد عبد ورعية وليس بمواطن له حقوق وواجبات. في ظل هذا الوضع لا يمكن الحديث عن المواطنة بتاتا كما ناضل من اجلها الأوروبيون منذ القرن 18 و19. في دولة المخزن الكل يعمل وفق التعليمات والأوامر. وهناك من هو فوق القانون ومن هو تحت القانون الذي لا يحترم في الغالب لآن الرشوة والفساد الذي ينخر جسد المخزن لا يسمح بتطبيق القانون الذي يظل مجرد حبر على ورق.
ماهي حركة 20 فبراير؟
حركة 20 فبراير هي حركة وطنية شعبية، حركة سياسية احتجاجية ثورية تستمد قوتها من التحام كل الجماهير الشعبية التواقة إلى التحرر والانعتاق من نير العبودية والاستبداد. إنها ليست بملك لأحد هي ملك للشعب المغربي وخصوصا ملك لكل المناضلين والمناضلات الشرفاء الذين يضحون بوقتهم وأموالهم وأنفسهم من اجل رفع صوت الشعب المغربي ضد الديكتاتورية والاستبداد والطغيان والظلم والقهر والقمع والاستغلال والاستعباد والإقصاء والتهميش والتزوير... إن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة ليست لا عدلية ولا يسارية ولا امازيغية... إنها حركة وطنية ثورية شعبية مغربية تجمع بين كل هذه القوى المتناقضة إلى جانب اللامنتمين وهذا ما يشكل القوة الضاربة لحركة 20 فبراير الوطنية المجيدة كحركة مغربية مناضلة استطاعت أن تجمع بين كل القوى الوطنية الحية بالبلاد من اجل هدف واحد وهو إسقاط المخزن الفيودالي الرعوي الأبوي الذي هو رمز الاستبداد والفساد والتخلف والهزيمة والخنوع ...
إن قوة الحركة تتمثل في استيعابها لكل هذه القوى الوطنية المتناقضة والتي تتحد حول هدف واحد وهو تحرر الشعب المغربي من ربقة التخلف والاستبداد والطغيان والفساد والاستغلال الذي يمارسه المخزن على عامة الشعب المغربي. إنها حركة الأحرار التي استطاعت ان تتوحد مهما بلغت الاختلافات "بالوحدة والتضامن للي بغيناه اكون اكون" فلا فرق بين مناضل إسلامي عدلي وامازيغي جبهوي ويساري نهجوي /طليعي. الكل وطنيون مغاربة أحرار مناضلون من اجل رفعة الوطن وتحرره من قوى الاستغلال المخزنية والامبريالية. ان حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة هي الامتداد الفعلي لحركات المقاومة المغربية على مر العصور . فقد هزم أجدادنا كل الغزاة من الفراعنة والرومان والعرب و الايطاليين والفرنسيين والأسبان... وبمقدور الفبرايريين اليوم كحفدة الشهيد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي... أن يهزموا المخزن. ولكن حذار ثم حذار ايها الاخوة المناضلون من سياسة فرق تسد التي يجيدها المخزن وأزلامه من الأحزاب المخزنية والشبه المخزنية نموذج مايسمى بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واليسار الموحد ( المؤتمر الاتحادي، الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة) التي تظل أحزاب انتهازية قوماجية عروبية عنصرية تعرقل المسار النضالي لحركة 20 فبراير الوطنية المجيدة. حذار ثم حذار من التحريفية التي تقوم بها عناصر هذه الأحزاب داخل تنسيقيات حركة 20 فبراير. حذار ثم حذار من الصراعات الهامشية والفصائلية بين الامازيغ والعدليين والنهجويين داخل الحركة لان ذلك لا يخدم سوى مصلحة المخزن من اجل إضعاف الحركة وتحريف مسارها النضالي إلى مستويات إصلاحية ترقيعية. يجب أن ينصب مجهود الجميع نحو التصعيد بتنظيم مسيرات يومية في كل بقاع المغرب تتوج بمسيرة مليونية بالبيضاء ثم بعد ذلك بالرباط. ولنضع نصب أعيننا هدفا واحدا وهو إسقاط المخزن وإفشال كل المشاريع المخزنية الترقيعية التي تتحدث عن الاستثناء المغربي في اتجاه تكريس الديكتاتورية والحكم الفردي المطلق في ظل دولة العائلة الفاسية.
إن حركة 20 فبراير ليست وليدة اليوم بل إنها الامتداد الطبيعي كما أسلفنا لكل حركات المقاومة المغربية ضد الاستعمار والقمع والاستغلال والظلم والتهميش والإقصاء... هي امتداد لحركة يوڴرتن، سيبيون، هانيبال، دوناط، كوزيلان، ديهيا، لمطغري، يوسف بن تاشفين، احمد الهيبة ماء العينين، محمد بن عبد الكريم الخطابي، عسو اوبسلام، موحا احمو الزياني، زايد اوحماد، حمان الفطواكي،... كما أنها امتداد لكل الوطنيين المغاربة الذين ناضلوا في إطار جيش التحرير المغربي، حركة 23 مارس، حركة إلى الأمام، الشبيبة الإسلامية، الحركة الامازيغية الثورية،... كما أنها امتداد طبيعي لكل الوطنيين الأحرار الذين ناضلوا وقضوا إبان سنوات الرصاص التي قادها المخزن ضد الشعب المغربي منذ 1956/57/58/59 لتصفية جيش التحرير المغربي في الريف والأطلس وايت باعمران حيث قامت كتائب الموت التي أنشأها حزب الاستقلال/الاستغلال بتصفية كل الوطنيين الأحرار واستعملت الطائرات لقصف الريف بعد قتل الشهيد البطل عباس لمسعدي على يد عصابات الإجرام الاستقلالية. هذا الحزب هو الذي خرجت من رحمه باقي الأحزاب القومية العروبية العنصرية التي تنكرت لتضحيات رجالات المقاومة المسلحة وتحالفت مع القصر لتشكل بذلك البورجوازية المدينية التي تلعب دور الكومبرادور بين الاقتصاد المحلي والرأسمال الأجنبي...كما أن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة هي امتداد لكل الحركات الاحتجاجية المغربية التي قادتها الجماهير الشعبية في سنوات 1965، 1981، 1984، 1990، 2008، والى اليوم مع حركة 20 فبراير الخالدة.
إن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة ليست مطية يركبها كل من هب ودب وكل من له نوايا انتهازية وفردية فليغادر الحركة ولا يتحدث باسمها في أي مكان من المغرب إن لم يكن قادرا على الالتزام بالخط الثوري للحركة (نموذج اسامة لخليفي بالرباط وأشباهه). إنها حركة الوطنيين الأحرار الذين هم مستعدون للتضحية بالغالي والنفيس من اجل وطن حر ديمقراطي يسع كل أبنائه. فلا تنازل عن الملكية البرلمانية على الشكل الأوروبي. الشعب يريد حقه في تقرير المصير بعيدا عن كل أشكال الوصاية والحجر الذي يمارسه النظام الرعوي على شعب المغرب. إن الحركة لا تتحرك وفق الاملآت التي يعبر عنها الأمير الأحمر أو بنشمسي او الجامعي أو غيرهم. إنها حركة مستقلة لها أرضية فكرية وفلسفية وتقوم الجموع العامة بتحديد كل التحركات التي تقوم بها الحركة. إنها حركة الوطنيين الشرفاء التي تستوعب كل المغاربة الأحرار ولن تنطفئ شمعتها بتاتا بل ستزداد توهجا كلما زاد ازدراء واحتقار المخزن لصوت الشعب ولما تعبر عنه الحركة من آمال وطموحات وتطلعات الشعب المغربي التواق إلى التحرر والانعتاق من ربقة الجور والظلم والتهميش والإقصاء والاستغلال والعبودية والتسلط والقمع والاستبداد والفساد والأبوية والرعوية... التي يرمز إليها المخزن.
إن الذين يسبون ويشتمون حركة 20 فبراير كلهم غلط في غلط لأن حركة 20 فبراير رغم تعدد مشاربها الفكرية والإيديولوجية - حركة أمازيغية يسارية إسلامية ومستقلين- هي حركة وطنية مغربية صرفة منبثقة من رحم الشعب المغربي ولا تريد إلا الخير لهذا الوطن الحبيب. فلا يمكن وصفها بالإرهابية أو العنصرية أو المخربة ولا يمكن شتم أعضائها بشتى النعوت الدنيئة التي لا يستعملها إلا من ليست له مروءة وهو ذنب حقير . لا احد يمكنه أن يشك في وطنية شباب 20 فبراير لأن هذه الحركة هي التي دعت إلى التحرير الفوري لسبتة و مليلية من قبضة الاستعمار الاسباني الغاشم وهو ما لم يستطع المخزن المغربي التفوه به . إن حركة 20 فبراير تريد استرجاع كل الصحراء الشرقية المغربية - بشار وتندوف- من قبضة الدولة الجزائرية المصطنعة. أما الصحراء الغربية فهذه المسالة محسوم فيها لان حركة 20 فبراير لا يمكن بثاتا أن تسمح بتقزيم المغرب وخلق كيان عنصري فوق الأرض المغربية لهذا فإنها تدعو إلى الوقف الفوري والنهائي للمفاوضات العبثية مع جبهة بوليزاريو الخيانية.
إن أهداف حركة 20 فبراير هي أهداف وطنية واضحة تريد انتشال المغرب من ربقة الاستبداد و التخلف إلى أن يكون دولة متقدمة ومتحضرة يحسب لها ألف حساب بشمال إفريقيا والبحر المتوسط كما كانت في عهد أجدادنا البواسل "الإمبراطورية الموحدية التي كانت تراقب كل البحر المتوسط الغربي من طرابلس إلى تينجيس. هكذا نريد أن يكون المغرب مغرب القوة والمناعة وليس مغرب الخضوع والخنوع للقوى الامبريالية العالمية وخصوصا فرنسا و اسبانيا التي لم تكن تساوي أي شيء بالأمس القريب فأصبحت اليوم تبهدل المغرب كما تشاء - إذلال لمخازنية المغاربة بجزيرة ثورا إبان عهد ازنار.
إن حركة 20 فبراير حركة لكل المغاربة يجب دعمها ومساندتها وكفى من الدفاع عن الجمود والتخلف لان شمال إفريقيا كلها تتحرك من اجل التحرر من ربقة الاستبداد ولا يمكن للمغرب أن يبقى بمعزل عن هذه التغيرات الكبرى التي تعرفها شمال إفريقيا. ان حركة 20 لا تريد أن يستمر المغرب كله عبارة عن ضيعة كبيرة وضيعات صغيرة في يد السلطان وحاشيته وفي يد الرأسمال الفرنسي/الاسباني/الخليجي (السعودي والإماراتي) ، بلد يعتبر فيه الشعب/القطيع وكل ثروات البلاد ملكا خاصا خاضعا للحجر والوصاية ويتصرف فيه دون حسيب او رقيب.
ماهي علاقة المخزن بالمجتمع؟
يحتل مصطلح المخزن حيزا كبيرا في الخطاب السياسي المغربي وذلك يشير إلى أن جوهر إشكالية التحول الديموقراطي بالمغرب هو طبيعة البنية المخزنية للسلطة سواء كانت سياسية اقتصادية أو ثقافية ،ثم إننا نلاحظ كثافة استعمال هذا المصطلح لدى فئة واسعة من المواطنين وبمضامين غالبا ما ترتبط بالتسلط،الحكم خارج القانون، بالعنف...بل إن هناك من المقولات الشعبية التي تعني:"لا ثقة في البحر والنار والمخزن"،من هنا يصبح "المخزن" في الموروث الشعبي غير جدير بالثقة ،بل من المفروض على كل مغربي أن يأخذ منه كامل الحذر ،وهنا يبقى المجال واسعا لتحديد طبيعة العلاقة بين المواطن وأجهزة الدولة التي لا يثق فيها سواء كانت أجهزة تشريعية أو تنفيذية أو قضائية.
انه لمن المؤكد تاريخيا أن المخزن هو الإدارة التي باشر بها سلاطين المغرب أمور الحكم، وأنها المؤسسة التي تلاقت عندها مختلف مستويات الحكم من عسكرية واجتماعية واقتصادية، بمعنى آخر لقد كان المخزن هو الآلية التي تجسد عبرها الحكم الشمولي للسلطان المغربي. لقد توزعت الأدوار السامية في المخزن بشكل عمودي-هرمي تسوده علاقات القرابة والولاء وذلك بمقدار ما يتوفر لدى الخادم من نسبة الطاعة والخضوع ،فالموظف في دائرة المخزن يظل مرتهنا قبل كل شيء لولي نعمته بصرف النظر عن مؤهلاته وكفاءته حسب محمد ڴلاوي ،ولعل هذه الملاحظة تصلح حتى في وقتنا الحاضر ،حيث لا زال المخزن ينعت بالزبونية والمحسوبية وتهميش الكفاءات التي لا تشاطره الرأي ،وعلاقة بنفس الموضوع يرى جورج بالا نديه أن "نظام القرابة يتنافى مع النظام السياسي".
إن الخوض في تاريخ المخزن يستدرجنا للحديث عن المخزن المعاصر وهل استطاعت التحولات الكبرى التي عرفها المغرب أن تغير من طبيعته وميكانيزماته؟ أم أن مرونة البنية المخزنية استطاعت أن تجنبه "السكتة القلبية" وأكسبته مناعة خاصة؟يؤكد محمد ڴلاوي أنه"إذا كان من غير المشكوك فيه ،أن بنية المجتمع قد تغيرت طوال الثلاث قرون المؤسسة لنظام السلطة العلوية ،فإن "حضور" المخزن بهذا الشكل السافر قد جعل منه محور الخطابات عن الحداثة،كثيرا ما أعوزها تفسير تلك الطاقة الكامنة فيه التي تبرهن على قدرته الهائلة في احتواء مضامين هذه الخطابات حول الحداثة واحتكارها لفائدته " وتقديم تفسيراته الخاصة لها و"انطباعاته" التي لا يتردد في تنزيلها ماديا على أرض الواقع ،وتكثيفه لاستعمال الرموز وتوظيفها بشكل لافت ،كما أنه أبدع تقليدانيته الخاصة واستطاع" أن يتجاوز بالكثير من النجاح ثنائيات متعارضة حيث تصبح الديموقراطية شورى والبرلماني وزيرا،والموظف خادم والدعوى شكاية والقانون ظهير..." حسب محمد طوزي ،هكذا يبدو المخزن الفاعل الوحيد الذي يراكم تجربة السلطة ويستطيع بلورة أهداف شمولية والتحكم في آليات التدبير والتنفيذ ،فهو "المؤسسة"الوحيدة التي استطاعت أن تحافظ على وجودها الرمزي والفعلي داخل المجتمع المغربي، وتمكنت من الاستفادة من التحولات التكنولوجية التي عرفها العالم ابتداء من احتكاكها بالاستعمار الفرنسي ،الذي استطاع فرض هيمنته على المغرب نتيجة الصراعات الداخلية حول السلطة لأطراف نافذة داخل المخزن ،كما أنه لا يجب أن ننسى أن دخول الجيوش الفرنسية فاس سنة 1911 جاء تتويجا لمسعى مولاي عبد الحفيظ للقضاء على ثورة "بني مطير" ومنازعه على العرش أخيه مولاي الزين.
من هنا يأتي التساؤل المشروع الذي طرحته الجبهة الامازيغية المغربية منذ التسعينات من القرن 20: حماية من ضد من؟ لقد جيء بالاستعمار الفرنسي وفق معاهدة فاس 1912 لحماية المخزن ضد قبائل بني مطير، ايزمورن، ايت عطا...فاستعملت فرنسا في إطار سياسة التهدئة كل الوسائل لتكسير شوكة الأحرار بتعاملها مع الخونة والعملاء من العائلات الفاسية والمخزنية التي كانت تعيش تحت حماية مجموعة من القوى الاستعمارية كما استعملت المدافع والطيران وقامت بعد 34 سنة من التدمير من توفير الحماية للمخزن وإعطائه الدولة العصرية التي خلقتها فرنسا الأب الشرعي للدولة المخزنية الحديثة. فقام المخزن منذ 1956 بالسيطرة على الدولة وجعلها ملكا خاصا به وليست ملكا للشعب. بمعنى أننا لسنا بحضرة مؤسسة مستقلة عن كيان تقليدي اسمه المخزن. نحن بحضرة مقاولة وجهاز للهيمنة بيد المخزن يستعمله وفق هواه لتركيع الشعب ولكن أيضا لاستغلال كل ثروات البلاد من معادن ومياه وأراضي خصبة وغابات وبحار... دون حسيب أو رقيب اسمه القانون أو الشعب لآن المخزن يوجد فوق القانون ولا يمكن لأحد أن يلزمه باحترام القانون. وكل ما يتمتع به العبيد هو مجرد عطايا وهبات من قبل المخزن. وفي هذا السياق يصعب الحديث عن الدولة المؤسسة بالمغرب كما يصعب الحديث عن المواطن والمواطنة.
إن العديد من رجالات المخزن الأقوياء لم يجدوا أدنى صعوبة للتكيف مع الوضعية الجديدة (الاستعمار) وهنا تبرز بعض الأسماء كالڭلاوي والمتوڭي والعيادي... الذين قاموا بالدفاع عن مصالحهم من خلال التعاون مع المستعمر حيث لم يشكل المخزن سوى ائتلاف مصالح حسب هنري تيراس: فهو لم يكن يمثل فكرا بناء أو إرادة إيجابية موحدة ،بل كان هدفه الأسمى هو البقاء لفائدة الجماعات والأشخاص الذين يكونونه .كما استفاد المخزن من البنيات التي استحدثها الاستعمار وشكلت لبنة أولى في تجديد نسيجه المؤسساتي ،واستطاع الاستعمار أن يحرر النظام المخزني من "بلاد السيبة"،غير أن الاستعمار نفسه اعتمد على البنية التقليدية للمخزن لتوسيع نفوذه ،واستعان ببعض العلماء والزوايا ،كما أنه حافظ على نفس لغة مخاطبة السلطان لرعاياه أو المتمردين عليه ، ونستحضر هنا الرسالة التي وجهها الجنرال موانيي إلى "القايد البغدادي"(منشورة ضمن دراسة الأستاذ الخلوفي محمد الصغير :"المجتمع السياسي المغربي في مطلع القرن العشرين"مجلة ملفات من تاريخ المغرب العدد4 شتنبر 1996 ص8).
أن السمة الغالبة على المشهد العام بالبلاد هي الصورة الشمولية التسلطية التي يظهر عليها المخزن في مختلف مناحي الحياة، حيث أصبحنا نتحدث عن "المخزن الاقتصادي"،"المخزن الثقافي"و"مخزنة الرياضة". المخزن هو عبارة عن أخطبوط لا يتبين الدارس رأسه من ذيله،إذ يؤكد ڴلاوي أن السلوك السياسي "للفاعل المخزني" مازال إلى اليوم يكتسي "أبعادا ودلالات يصعب استبيان شفراتها خارج منظومة القوانين المخزنية ذاتها. وما يؤكد ثبات وجمود هذه البنية هو ما نلاحظه من حفاظ "المخزن المعاصر" على ترسانة العلاقات ذات الطبيعة التقليدية سواء داخل قمة هرم السلطة ،أو على مستوى العلاقات الخارجية ،كما أن علاقة "الفاعل المخزني" مع الشعب/القطيع اتسمت دائما بعلاقات القوة والاحتواء .
ماذا نريد؟
إن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة تقول للنظام المغربي: انك تسير ضد التيار – تيار التغيير والحرية والديمقراطية- وتوهم الناس بأنك منخرط في هذا التطور. إن دستور المخزن الذي صوت عليه يوم 1 يوليوز بنسبة مشاركة لا تتجاوز 20 بالمائة هو تكريس لمنطق العبودية الذي يقوم على علاقة العبد بالسيد. فرغم الروتوشات التي أجريت عليه بالاعتراف بمجموعة من الحقوق المدنية فهو يكرس ويؤسس لنظام الحكم الفردي المطلق. فالملك ما يزال قطب النظام ويجمع بين يديه كل السلطات العسكرية والأمنية والدينية والحكومية التنفيذية والبرلمانية والقضائية ويظل فوق كل محاسبة قانونية أو قضائية. إنها دسترة ومأسسة للملكية المطلقة التي عرفتها أوروبا خلال القرن 15 و 16 و 17 . نظام قروسطي أبوي رعوي تيوقراطي يعتبر فيه الشعب والأرض والسلطة ملكا للسلطان وهو ما عبر عنه الفيلسوف الفرنسي لابويسي في القرن 15 و 16 في كتابه العبودية المختارة.
إن الشعب المغربي الحر يأبى الذل والمهانة ولا يرضى لنفسه سوى التحرر والانعتاق من نير الديكتاتورية والعبودية والاستغلال والتسلط والسلطوية . لهذا فعلى القصر أن يفهم بان عهد الاستبداد قد ولى وان السيادة للشعب وليس لأي كان. الشعب يريد الحق في تقرير المصير بعيدا عن كل أشكال الحجر والوصاية التي يمارسها وما زال يمارسها المخزن على الشعب المغربي. إن المخزن اغتصب الدولة والشعب ويريد أن يغتصب المستقبل. وفي هذا الإطار فلا فرق بين المخزن والاستعمار. لقد مر المغرب من الاستعمار إلى الاستبلاد والاستعباد ونهبت ثرواته وخيراته وفقر وشرد أبناءه.
إن كل أشكال اليأس والظلم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي هي التي تهيكل الفضاء المغربي. فما يزال أكثر من 40 بالمئة من المغاربة يعيشون تحت عتبة الفقر ويسكنون الكهوف والمراحيض في مغرب القرن 21 في حين أن اقل من 5 بالمائة تملك 80 بالمائة من ثروات المغرب وتعيش حياة البذخ وتملك عشرات القصور والفيلات والشركات في حين أن بعض المغاربة لا يجدون ما يسدون به رمقهم. أما الزبونية والمحسوبية والانتهازية والوصولية والرشوة واستغلال النفوذ ...فهي سمات وقيم أساسية تهيكل النسيج المجتمعي المغربي. وفي ظل هذا المناخ السائد فان المخزن يقتات من هدا الوضع النتن الذي خلقه بنفسه ولنفسه لكي يضمن الاستمرارية والهيمنة والاستغلال.
إن النظام السياسي القروسطي الذي يعيش في ظله المغرب محكوم بالزوال طال الزمان أم قصر لأنه نظام سياسي فاشل ومتجاوز تاريخيا ولا يحظى بأية شرعية أو مشروعية. إن كل الشرعيات والمشروعيات التي يتبجح بها ليس لها أي أساس ديمقراطي والشرعية الوحيدة التي تبني الديمقراطية هي الشرعية القانونية العقلانية التي تحدت عنها ماكس فيبر. أما ما سواها فهي شرعيات أبوية رعوية فيودالية تسلطية وديكتاتورية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخلص المغرب من التخلف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي... إن الرعوية و الأبوية في المغرب كما تحدث عنها جون واتربوري وعبد الله ساعف وعبد الله حمودي ورايمي لوفو...هما السمات المهيكلة للدولة الفيودالية والاميرية في القرن 15 و16 و 17 في أوروبا حيت لا فرق بين ماهو ملك عام وماهو ملك خاص. وهذا مايهيكل النظام المخزني المغربي. فكل الثروات في يد السلطان والحاشية التي تشكل المخزن المقرب من القصر.
هذا النموذج من الدولة يعيش على اقتصاد الريع لا غير ولا يمكنه أن يواجه متغيرات الاقتصاد العالمي الذي يتميز بالتنافسية والعقلانية والشفافية والجودة وقوة الاقتصاد على مواجهة الأزمات العالمية لأنه اقتصاد ضعيف ويخضع لعلاقة المركز والهامش . تلك العلاقة الجدلية التي تهيكل النظام الرأسمالي العالمي في إطار علاقة التبعية بين البورجوازية العالمية والبورجوازيات الكومبرادورية التي تتواجد بأغلب دول العالم الثالث وفي إطار التقسيم الدولي للعمل الذي يجعل من المغرب مجرد سوق للاستهلاك. وفي ظل علاقة الهيمنة هذه يظل الرأسمال الفرنسي هو المسيطر على كافة مرافق الاقتصاد المغربي الذي تحرك دواليبه من باريس و من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. إن فرنسا الاستعمارية لم تغادر المغرب فما يزال الاستعمار الفرنسي الجديد القديم قائما بالمغرب وهذا ما نلاحظه في كل القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. فما زالت فرنسا تملك بالمغرب اكبر السفارات واكبر القنصليات كما هو الحال بالرباط والبيضاء ومراكش... واكبر شوهه هو أن فرنسا ما تزال بقنصليتها في مراكش تسيطر على واحدة من اشرف البقع المقدسة التي هي ملك لمسجد الكتبية الذي بناه الإمبراطور المغربي العظيم يوسف بن تاشفين والذي ما يزال قبره مهملا بجانب موقع لتوقف حافلات الاستعمار الاسباني والتي تنفث عليه كل الروائح الكريهة والنتنة ولا من يحرك ساكنا.
إن فرنسا الأمس واليوم هي التي خلقت الدولة المخزنية الجديدة باالمغرب والجزائر وتونس كما وضح ذلك الفيلسوف الامازيغي الكبير محمد اركون. إن المخزن المغربي في القرن 19 وبداية القرن 20 هو الذي جاء بالاستعمار وباع المغرب للاستعمار الفرنسي الاسباني لحمايته من القبائل في إطار معاهدة فاس الخيانية لسنة 1912. فعملت فرنسا في إطار ما تسميه بسياسة التهدئة بشن حرب همجية وحرب إبادة ضد القبائل الامازيغية المغربية منذ 1900 إلى 1934. حرب قامت فيها باستخدام كل الأسلحة المدفعية والطيران لدك القرى المغربية لكنها لم تستطع أن تهزم الأبطال الذين كبدوها هزائم وخسائر فادحة في الأرواح والعتاد في مواقع لهري وصاغرو وبوكافر وتادلة... كما أن الشهيد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي لقن للاستعمار الإجرامي الاسباني أروع الدروس في ملحمة أنوال الخالدة . كما أن الاستعمار الاسباني الوقح بلغ به الجبن ومرارة الهزيمة حد استعمال السلاح الكيماوي ضد أبنائنا في الريف ولم يهزم أسد الريف إلا بقوة الحديد والنار للتحالف الاسباني الفرنسي.
إن فرنسا الاستعمارية هي التي حمت مخزن الأمس وتحمي مخزن اليوم لأنه هو الابن الشرعي لهذا الاستعمار. ففي معاهدة اكس ليبان الخيانية لسنة 1956 تم تسطير كل الشروط لانسحاب وبقاء فرنسا بالمغرب. لقد هرولت ما يسمى بالحركة الوطنية ( الخيانية) المكونة أساسا من أبناء عملاء الاستعمار من البورجوازية المدينية في نفي تام لجيش التحرير المغربي بالتوقيع على وثيقة الاحتقلال كما سماها الشهيد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي. ووفق هذه المعاهدة التي لم تنشر لحد الآن ليعرف الشعب المغربي مقدار الدمار الذي ألحق به فان فرنسا على سبيل المثال لا الحصر كانت تأخذ نصف الفوسفاط المغربي لمدة 40 عاما دون مقابل من 1956 إلى 1996. ناهيك عن إعطاء كل الصفقات العمومية الكبرى للشركات الفرنسية وهو ما نلاحظه حتى اليوم في نموذج ليدك وريضال وامانديس... التي تنهب جيوب المغاربة العزل. لقد كان المغرب و ما يزال ضيعة/مستعمرة فرنسية مخزنية بامتياز.
هذا الواقع المرير هو الذي يخضع له المغرب في إطار العلاقة التكاملية بين المخزن والرأسمال الفرنسي الاسباني وفي إطار علاقة التجاذب أيضا بين مصالح فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية التي تمسك بخيوط اللعبة في قضية الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر. لقد قام جيش التحرير المغربي خلايا الجنوب بقيادة قبائل ايت باعمران بتحرير الصحراء الغربية سنة 1958 من قبضة الاستعمار الاسباني وبلغ به المسير منطقة أدرار بموريطانيا ولكن الكل يعلم بأن التحالف المخزني الفرنسي الاسباني في إطار عملية ايكوفيون هو الذي أعاد هذه المنطقة إلى الاستعمار الاسباني وجعل منها بعد 1972 و 1975 بؤرة للصراع الاستراتيجي بين المغرب والجزائر وصنيعتها البوليزاريو. وكل هذه الأنظمة تقتات من هذه القضية. إن المخزن المغربي بقيادة أصحاب الطرابيش الحمراء يريد للمغرب أن يكون هكذا بلدا متخلفا فقيرا وضعيفا تتحكم في رقابه مجموعة من العائلات المخزنية.
في إطار هذه البنية التقليدية يبدو جليا بأن القوى الرجعية المحافظة، قوى الجمود هي التي تسيطر على دواليب السلطة والقرار بمغرب اليوم والأمس. وقد تبدو هذه الفرضية قوية عكس ما يروج له المخزن من خطابات فضفاضة حول الحداثة والحكامة الجيدة في لغة خشبية لا يفقهها 90 بالمائة من المغاربة. ومن المفارقات العجيبة أن أبواق المخزن لا تفتأ تهلل لهذا النظام الأبوي الرعوي الرجعي وترى فيه الملاذ الوحيد للسلم الاجتماعي المغشوش . إن ديمقراطية الدساتير الممنوحة وعهد الوصاية والحجر قد ولوا إلى غير رجعة وعلى القصر أن يفهم بأن مصلحته تكمن في تحالفه مع القوى الوطنية التقدمية ممثلة في حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة ومع الضباط الأحرار من الجيش المغربي. انه رغم كل الترقيعات فلا يمكن للمخزن أن يستمر بالمغرب حتى وان استطاع التكيف مع ظروف وضغوط العصر لان نفس حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة أقوى من نفس المخزن وإرادتنا أقوى من إرادة المخزن. فالشعب يريد والمخزن يريد ولن يكون إلا ما نريد طال الزمان أم قصر.
إن المخزن كما قلنا سابقا هو عبارة عن أخطبوط وشبكة من الشبكات العلائقية المعقدة التي تبدأ من ماسح الأحذية وبائع السجائر بالتقسيط وحارس السيارات وبقال الدرب والمقدم والشيخ والمخزني والدركي والشرطي وقوات التدخل السريع وجنرالات الجيش... والإداريين وأعوان الإدارات... حتى يصل الأمر إلى القياد والعمال والولاة والوزراء والأحزاب والنقابات والجمعيات ورجال الدين والقصر. كل هذه المكونات تشكل المخزن الذي هو بنية مجتمعية تقليدية، بنية إدارية وسياسية وأمنية وعسكرية ودينية وثقافية واقتصادية جد متخلفة لأنها تسطير عليها قوى رجعية محافظة؛ قوى الجمود التي تعارض كل أشكال التغيير التي يمكن أن تطال هذه البنية التقليدية لأنها بنية تقوم على أساس فكري وثقافي قوامه الأبوية والرعوية (علاقة العبد بالسيد) في ظل نظام إقطاعي باتريمونيالي مبني على اقتصاد الريع لا غير. هذه البنية التقليدية المسماة بالمخزن هي التي تشكل الدولة والدولة ملك للمخزن. نحن إذن أمام نسق سياسي ينتمي إلى القرون الوسطى في ظل بنية دولتية حديثة. انه المخزن الذي هو ثقافة وفكر وسلوك وعلاقات لا تنفك تعمل إلا وفق منطق الزبونية والمحسوبية والرشوة والفساد...منطق الوصولية والانتهازية والخرق اليومي للقانون.
إن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة تريد ان تسقط هذا المخزن: "الشعب يريد إسقاط المخزن". الشعب يريد إسقاط هذه البنية التقليدية التي اغتصبت الدولة والشعب وتتحكم في رقاب الناس وفي خيرات البلاد والعباد دون وجه حق ودون حسيب أو رقيب. الشعب يريد إسقاط هذا الفكر وهذه الثقافة الأبوية والرعوية التي تسوق الشعب مثل القطيع في إطار لعبة سياسية قوامها التزوير المفضوح لكل شيء: تزوير التاريخ والجغرافيا، تزوير الهوية، تزوير الإرادة الشعبية، تزوير الإحصائيات، تزوير الكتب والمراجع، تزوير القوانين...كل هذا يتم في غياب تام للشعب الذي أريد له أن يبقى هكذا شعبا متخلفا مشوها يعيش في ملحقة إدارية وسياسية تابعة لفرنسا ولإيديولوجية القومية العربية بقيادة الرأسمال الخليجي السعودي والإماراتي الذي جعل من المغرب وكرا لتصريف كل نزوات وأمراض الخليجيين الذين يملكون بالمغرب ما لا يملكه المغاربة في بلادهم.
على المخزن ان يعلم بأن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة، بشتى تلاوينها الاسلامية (العدل والاحسان) والامازيغية ( الجبهة الامازيغية الثورية) واليسارية (النهج الديمقراطي ) واللامنتمين وكل الوطنيين الأحرار المستقلين عن الجمعيات والأحزاب المخزنية والشبه المخزنية، ليست حركة هلامية ضبابية يمكن احتوائها وابتلاعها. فبعد ستة اشهر من حياة الحركة داخل الوطن وخارجه أصبحت كل رهانات المخزن خاسرة. لقد سخر المخزن الشماكرية والطبالة والغياطة وأحواش وكل العياشة والأبواق الإعلامية والجامعية – اشباه الاساتذة الجامعيين الانتهازيين الوصوليين والمتملقين- لتشويه صورة الحركة، فكان من نصيبه الخسران المبين والفشل الدريع أمام قوة وصلابة الحركة التي هي زبدة الشعب المغربي وليست مجموعة من لبراهش والملحدين ووكالين رمضان... أو غير ذلك من النعوت المخزنية الباطلة التي لن تستطيع النيل من سمعة الحركة.
على المخزن الحربائي الذي له ألف وجه أن يعلم بأن ثقافة القطيع وبڭر علال قد ولت وانه اليوم يواجه شباب وطنيين أحرار من طينة المقاومين الأحرار الذين واجهوا فرنسا واسبانيا وعلى رأسهم البطل المقاوم الشهيد محمد بن عبد الكريم الخطابي. على المخزن أن يعلم بأنه لا يواجه أفرادا وأشخاص معزولين انه يقارع الأفكار؛ انه يقارع فكرا وطنيا تحرريا جديدا أساسه الإرادة (الشعب يريد ولا يستجدي أو يتملق) الجامحة لبناء دولة الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية والمساواة. ولكن للأسف لا يستطيع المخزن القائم على ثقافة السلب والنهب والتزوير والتضليل والبهرجة أن يواجه هذا الفكر إلا بالشماكرية – صورة مصغرة للمخزن- وبالكلمات النابية والقذف والتخوين الذي نسمعه من العياشة والشماكرية . إن هذا النوع من الفكر الشمكاري المخزني الملفوف بقيم الاحتقار والازدراء واللامبالاة والحڭرة لن يستطيع أن يقارع الفكر الوطني التحرري الذي تحمله حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة.
إن هذه الحركة الوليدة من رحم المعانات والحرمان والقمع والتهميش والإقصاء والاضطهاد والاستغلال والاستبلاد والاستعباد والاحتقار والتفقير والتجويع والتهجير (نموذج أطفال انفگو) الذي يتعرض له الشعب المغربي قاطبة منذ 1956 على يد أقلية من العائلات المخزنية (عائلات الأسياد في مقابل العبيد والقطيع) ، تحمل فكرا وطنيا تحرريا جذريا جماهيريا وتقدميا قوامه التحرر والانعتاق من ربقة الجور والظلم والاستبداد والحكم الفردي المطلق والتسلط والسلطوية...التي يرمز إليها المخزن الأبوي والرعوي كشكل من أشكال الديكتاتورية التي تمارسها أنظمة استبدادية تيوقراطية قديمة وحديثة لم تستطع أن تتغير قيد أنملة رغم المكياج التحديثي. فنفس ثقافة السيد في مقابل العبيد أو السيد/الزعيم في مقابل الخماسة هي التي تهيكل كل العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية... بين المخزن وكافة الشعب المغربي. لهذا فإننا نقول لبعض أبواق المخزن بأنه يستحيل لحركة ثورية جذرية مثل حركة 20 فبراير الوطنية الخالدة ان تخرج من رحم المخزن لأنها النقيض الوحيد للمخزن ولا يمكن للمخزن ان يتمخض ليلد نقيضه. لان نقيضه هو الشعب ومن هذا الشعب المستعبد خرجت حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة.
يأيها المغاربة الأحرار إن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة، التي لا ترى بدا من حق الشعب المغربي في تقرير المصير بعيدا عن كل أشكال الحجر والوصاية، تناضل من أجلكم، من اجل حريتكم وكرامتكم فهلموا جميعا إلى الانخراط في صفوفها. أيتها الجمعيات، أيتها النقابات، أيها العمال والعاملات (يا عمال المغرب اتحدوا) في كل القطاعات الإدارية والصحية والقضائية والتعليمية والأمنية، أيها المحامون، أيها الأطباء، أيها المهندسون، أيها الفلاحون، أيها التجار...التحقوا بحركة 20 فبراير الوطنية المجيدة لأنها تناضل من أجلكم، من اجل مغرب جديد، مغرب الحرية والكرامة وليس مغرب العبيد والقطيع والخماسة. إنها تناضل من اجل دولة مدنية حديثة تسع كل المغاربة "دولة التعدد والاختلاف والحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والمساواة في ظل ثابت وحيد وهو أن 99 بالمائة من المغاربة مسلمون وان أي قيام للدولة المدنية الحديثة التي تضمن حرية الاعتقاد لليهود والمتمسحين المغاربة لا يجب أن تفتح الباب للإلحاد والشدود الجنسي وعدم احترام مشاعر المغاربة فيما يخص ممارسة شعائرهم الدينية. إن الدولة المدنية هي دولة الحق والقانون الذي يعلو فوق الجميع فليس هناك عبد ولا سيد، الكل يخضع لسلطة القانون في ظل نظام قضائي مستقل. الدولة المدنية هي دولة الحقوق والحريات والواجبات، هي دولة التعدد والاختلاف وليست دولة الفكر الوحيد والأوحد.
يأيها المغاربة الأحرار لا تنغدعوا بخطابات المخزن ولا بكل أبواق المخزن من صحافيين وإعلاميين ومحللين وشبه أساتذة جامعيين لان كل هؤلاء يمارسون عليكم النفاق السياسي والإعلامي والحزبي والديني...إنهم يدافعون عن مصالهم الضيقة وليس عن مصالح الشعب. إنهم يعطون صورة مغلوطة عن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة ويراهنون على موتها بادعاء أن هذه الحركة لا مستقبل لها ولا برنامج لها وأنها حركة هلامية تضليلية عدمية تيئيسية في لغة خشبية لا يفقهها 90 بالمائة من المغاربة. نحن نقول لهؤلاء بأننا لسنا عدميين ولا تضليليين ولا تيئيسيين ولا أعداء الديمقراطية. نحن مغاربة شرفاء أحرار وطنيين نحمل من الغيرة والوطنية ما لا يحمله المخزن وأذنابه الذين لا يعيشون إلا في الماء العكر. لقد جاءت حركة 20 فبراير الوطنية الخالدة لتزلزل المخزن وتسقط المخزن وتحرر الشعب والدولة من قبضة المخزن. هذا الغول العدمي المضلل والمزور لإرادة الشعب. انه نظام اللانظام، نظام الفوضى واللاقانون واللامحاسبة واللاشفافية واللاديموقراطية... وحركة 20 فبراير تريد أن تسقط نظام اللانظام.
إن حركة 20 فبراير ليست عدمية وليست متشتتة أو ممزقة فكل العناصر المشكلة للحركة من عدل وإحسان ويسار جذري وجبهة امازيغية ثورية ولا منتمين تتفق على الأرضية الفكرية للحركة. فكل العشرينيين الفبرايريين يتحدثون نفس الخطاب ويعبرون عن نفس الأهداف. بمعنى أن الحركة هي قطب سياسي حقيقي له بديل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي نابع من القاعدة الشعبية وليس تغييرا فوقيا سطحيا مخزنيا...وهذا البديل الذي تتقاسمه كل الفصائل المكونة لحركة 20 فبراير مسطر في أهداف وطنية واضحة تتوخى بناء مغرب جديد مغرب الديمقراطية والقانون والمواطنة وليس مغرب الأبوية والرعوية والعبيد:
1- تغيير نمط الحكم من ملكية دستورية إلى ملكية برلمانية حيث كل السلطة و السيادة للشعب، بمعنى حق الشعب المغربي في تقرير المصير: مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي... بعيدا عن كل أشكال الوصاية والحجر الذي يمارسه المخزن على الشعب.
2- إسقاط المخزن بإلغاء الدستور الحالي الممنوح و إقالة الحكومة الحالية و حل مجلسي النواب و المستشارين
3- تشكيل القوى السياسية و المدنية الوطنية الشريفة و النزيهة لحكومة وحدة وطنية مؤقتة لتسيير البلد خلال المرحلة الانتقالية.
4- انتخاب مجلس وطني تأسيسي لوضع دستور شعبي و ديمقراطي ينص على سلطة الشعب و رمزية المؤسسة الملكية ، دستور ينص على انتخاب رئيس الوزراء من طرف الشعب انطلاقا من أغلبية برلمانية مسئولة أمام ممثلي الشعب و إناطة مهمة تشكيل حكومة مسئولة أمام البرلمان لرئيس الوزراء ، حكومة تدير الشأن السياسي العام و يمكن إقالتها بشكل جماعي ، مع احتفاظ الملكية برمزيتها التاريخية مع إلغاء توصيفها بإمارة المؤمنين و سحب القداسة عنها و نزع كل سلطة سياسية منها. التنصيص على فصل السلط الثلاث التنفيذية و التشريعية و القضائية.
5- إقرار الهوية التاريخية للمغرب "أمازيغية افريقية متوسطية"؛ وجعل اللغة الامازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية.
6- التنصيص على الطابع الفدرالي للدولة المغربية. وجعل مدينة مراكش هي العاصمة المركزية للدولة الفدرالية المغربية. إلغاء المشروع المخزني للجهوية الموسعة الذي يكرس الطابع المركزي اللامركزي للتنظيم الإداري للدولة والطابع اليعقوبي للدولة المغربية.
7- محاسبة كل مقترفي الجرائم الاقتصادية و السياسية عبر اعتقالهم و مصادرة اموالهم بالداخل و الخارج و تقديمهم للقضاء سواء كانوا عسكريين أو مدنيين ، و إصدار مذكرات بحث دولية في حق من هم خارج التراب الوطني .
8- إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين و معتقلي الرأي كيفما كانت انتماءاتهم و أيا كانت القضايا التي توبعوا و سجنوا لأجلها ، وإغلاق جميع المعتقلات السرية و تحسين أوضاع سجناء الحق العام .
9- الرفع من أجور العمال و المستخدمين و صغار ضباط الجيش و الجنود و تسوية و تحسين وضعية الموظفين الصغار. .
10- إلغاء الميثاق ألاستعجالي و كذا الميثاق اللاوطني للتربية و التكوين و التراجع الفوري و النهائي عن خوصصة التعليم ، و إلغاء قانون الإرهاب و مدونة السير و قانون الشغل و قانون الأحزاب و قانون الصحافة و قانون الإضراب ، و تعميم التغطية الصحية المجانية للجميع و مصادرة الأراضي المستولى عليها من طرف مافيا العقار و المنتخبين الجماعيين و غيرهم و تهيئتها لتوفير السكن بثمن رمزي لابناء الشعب من محدودي الدخل و المعدمين و ساكنة الكهوف و الأحياء الهامشية و الصفيحية و المشردين
11- إعادة و مصادرة الأراضي الفلاحية التي استولى عليها المعمرون الجدد و التي تم انتزاعها مؤخرا من الفلاحين الصغار سواء أراضي الجموع او الملكيات الخاصة ، و إعادة توزيعها على أصحابها من الفلاحين الصغار و الفلاحين بدون ارض و مدهم بكل ما يحتاجونه من مساعدات و منح بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للبلد، و كف مضايقات حراس الغابة للساكنة القروية و إلغاء المحميات الغابوية غير الضرورية .
12- الرفع من الأجور و تخفيض أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية و الأدوية ، و كذا الرفع من المعاشات و أجور المتقاعدين.
13- تطهير أجهزة الأمن و المخابرات و الجمارك و الدرك و الجيش و القوات المساعدة من العناصر الإجرامية و الفاسدة و إعادة تأهيل عناصرها ممن لم يقترفوا جرائم تعذيب و قمع و اختلاس و رشوة و تطعيم هذه الأجهزة و إعادة تاطيرها لاحترام حقوق الإنسان و الالتزام باحترام بروتوكول منع التعذيب و اعادة هيكلتها ، و تاطير عناصر الشرطة عبر تحديد مساطر التوقيف و الاعتقال و البحث و التحقيق لتوافق القواعد و المنهجيات الملبية لشرط احترام السلامة النفسية و الجسدية للمواطنين و عدم الحط من الكرامة الإنسانية.
14- إلغاء خوصصة القطاعات الإستراتيجية فورا ، كالاتصالات و النقل و الماء و الكهرباء ، وبدء إعادة تأميم كل القطاعات و المؤسسات و المكاتب و الخدمات التي تمت خوصصتها او تخويل تدبيرها لشركات تابعة لجهات أجنبية.
15- الإلغاء التام للرواتب التي تعطى للبرلمانيين النواب والمستشارين. إلغاء المنح والامتيازات والأوسمة. تخفيض أجور الوزراء إلى حدود 30 ألف درهم فقط. تخفيض أجور الموظفين والإداريين في جميع القطاعات.
16- تشكيل مجلس أعلى لتدبير وإنشاء البنيات التحتية و مدها و صيانتها و تعميمها على كافة مناطق التراب الوطني .
17- احترام حقوق الشعب المغربي في التجمع و التظاهر و التعبير و التنظيم و في هذا السياق فان حركة 20 فبراير تحمل مسؤولية تبعات أي استخدام للقمع الهمجي (القمع ،الاختطاف ،التعذيب الترهيب ، التقتيل ) للنظام القائم بالمغرب مما قد يصدر أثناء مواجهته لاستمرار احتجاجات حركة التغيير السلمي الذي تقوده الحركة.
نحن في إطار حركة 20 فبراير الوطنية الخالدة لا نتساءل لماذا يخاف المخزن من الديمقراطية ولا يريد أن يكون الشعب المغربي سيد نفسه لان المخزن بطبيعته وفي أصله بنية إدارية وسياسية أبوية رعوية قديمة لا تعرف ما معنى الديمقراطية بتاتا، هو بنية هرمية فوقية تسلطية وقمعية لا تعمل إلا في ظل علاقة السيد بالعبد ولا تعترف بتاتا بشيء اسمه الشعب أو حق الشعوب في تقرير المصير أو سيادة الشعب او الديمقراطية. بالنسبة للمخزن يجب أن يبقى القطيع/الأوباش في خدمة السيد وان يكون الاستثناء المغربي الذي يتحدث عنه المخزن هو تكريس واستمرار لهذا النظام الأبوي والرعوي الذي يخدم مصالح أقلية مخزنية طاغية ورأسمال امبريالي استعماري فرنسي واسباني يتحكم في كل ثروات المغرب مقابل ديمقراطية الڭوت أڭوت. نحن نتساءل لماذا يخاف القصر من الديمقراطية؟ ألم يحن الوقت للملك أن يعرف بأن مصلحته تكمن في سيادة الشعب؟
يجب على القصر أن لا يضيع الوقت مع المخزن ويرتكن إلى نخب مخزنية تقليدية هرمة ولوبيات متسلطة لا تعرف من السياسة إلا مصالح العائلات في مقابل مص دم الشعب. إن السياسة ليست زبونية ومحسوبية وخنوع وخضوع وانبطاح وقمع واستغلال وإقصاء وتهميش وتفقير... إن السياسة علم وعلوم تقوم على أساس الديمقراطية والشفافية واحترام الرأي الأخر؛ السياسة هي فن من فنون التسيير والتدبير الذي يقوم على برامج واستراتيجيات ومشاريع علمية مدروسة وليس على وجود مؤسسات صورية فاقدة لكل الشرعية، مؤسسات يديرها الأميون والانتهازيون والفاسدون الذين ينهبون المال العام دون حسيب أو رقيب. إن السياسة كما علمتنا العلوم السياسية هي حرية الشعب أولا في اختيار من يحكمه ثم خضوع الحاكم أيا كان موقعه في السلطة للمراقبة والمحاسبة وسمو القانون فوق الجميع سواء في النظام الملكي أو الجمهوري. ونحن في المغرب شتان بين المخزن والسياسة؛ بمعنى أننا ما زلنا نعيش خارج سياق الدولة الحديثة: دولة الحق والقانون لجون جاك روسو ودجون لوك ومونتيسكيوه والكسيس دو توكفيل... وغيرهم من الفلاسفة العظام الذين نظروا للدولة الحديثة.
يجب على القصر ان ينتهز الفرصة التاريخية التي منحتها له حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة لكي يتخلص من المخزن ويتحالف مع الحركة ومع الضباط الأحرار في الجيش المغربي لإسقاط المخزن وبناء الدولة الحديثة. يجب على القصر أن يأخذ العبرة من الأنظمة الديكتاتورية التي تهاوت بين عشية وضحاها في تونس ومصر وليبيا والبقية ستأتي مع سوريا واليمن...لان القمع والتقتيل لن يجدي في وقف صيرورة التاريخ وفي زحف الشعوب من اجل التحرر والانعتاق من الاستبداد والفساد. هذا العصر هو عصر الشعوب وليس عصر الديكتاتوريات. على القصر أن يعلم بان حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة تملك من الطاقات والكفاءات ما يؤهلها لان تقود قاطرة التغيير بالمغرب بمعية الضباط الأحرار في الجيش المغربي ولكن في ظل الأهداف الكبرى الذي وضعتها الحركة: بناء ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم وفي ظل دولة فدرالية مغربية واحدة وموحدة.
إن حركة 20 فبراير الوطنية المباركة تقول للقصر "خد المثال يا مخزن نظام القدافي زال" بمعنى أنها فقط مسألة وقت ليس إلا لان المخزن سيزول ولابد أن يزول طال الزمان أم قصر لان ذلك في مصلحة المغرب والمغاربة. إن إزالة المخزن كبنية إدارية وسياسية قمعية وتسلطية وكفكر أبوي رعوي قروسطي ضرورة تاريخية من اجل التحرر الفعلي والكامل لمغرب اليوم من الحكم العائلي الفردي المطلق، من الفساد والتسلط والاستبداد والتخلف. إن المخزن كبنية تقليدية متخلفة يعرقل نهوض المغرب لأنه رمز الفساد والاستبداد والهزيمة والخنوع والانبطاح. كل هذا لا يخدم مصالح المغرب والمغاربة بتاتا لأنه السبب الرئيسي في ضعف وتخلف المغرب الذي تسيطر عليه إلى جانب العائلة المالكة مجموعة من العائلات الفاسية وكبريات الشركات الفرنسية والاسبانية...في هذا السياق ألا يحق لنا ان نتحدث ليس عن دولة المغرب بل عن دولة المخزن الفاسي؟ انه فعلا مغرب بعض العائلات الفاسية التي لا يهمها من المغرب سوى نهب الثروات وتكريس سلطة العائلة الفاسية على المغرب إلى أبد الآبدين. لدا فلا تفاوض ولا حوار ولا مساومة مع المخزن لأن كل المؤسسات صورية من برلمان وحكومة وقضاء. على القصر أن يسمع لصوت الشعب ويستجيب لرغبات الشعب في التحرر والانعتاق من ربقة القمع والذل والاستبداد وحق الشعب في تقرير المصير.
يأيها الملك، هل تريد مغرب الحداثة و القوة والمناعة والتقدم والتحضر والرفعة والازدهار، مغرب الحرية والعدالة والديمقراطية والكرامة والمساواة وسيادة القانون حتى على الملك نفسه في إطار المسؤولية والمراقبة والمحاسبة... أم تريد مغرب القرون الوسطى والفساد والاستبداد والحكم الفردي المطلق والرشوة والزبونية والمحسوبية والنفاق والتملق والخنوع والركوع، مغرب القمع والاستغلال والحڭرة والتهميش والإقصاء، مغرب الفقر والتفقير والجهل والتجهيل، مغرب التخلف والضعف والهزيمة والسياحة الجنسية والدعارة والشدود الجنسي؟...مغرب العبد والسيد، مغرب الضيعة والعائلة والعبيد...هل يرضيك ان تبقى سبتة ومليلية والجزر الجعفرية خاضعة للاستعمار الاسباني الغاشم منذ خمسة قرون؟ هل يرضيك ان تبقى بشار وتندوف وكل الصحراء الشرقية تابعة للدولة الجزائرية المصطنعة من قبل فرنسا؟ هل يرضيك ان يبقى المغرب خاضعا للابتزاز الجزائري الاسباني الأمريكي الفرنسي والإسرائيلي فيما يخص الصحراء الغربية؟ هل يرضيك ابتزاز البوليزاريو واستمرار المفاوضات العبثية مع شردمة من الانفصاليين؟ إذا كان هذا يرضيك فاعلم بأن أحرار المغرب لا يرضون لبلدهم ولا لأنفسهم هذه الوضعية من التخلف والهزيمة والانبطاح وان حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة، في إطار إستراتيجيتها الوطنية الكبرى ستقوم بإسقاط المخزن وبناء مغرب جديد، مغرب القوة والمناعة القادر على تحرير سبته ومليلية واسترجاع بشار وتندوف والحل النهائي لمعضلة الصحراء الغربية ببناء الدولة الفدرالية المغربية.
إن الاستثناء المغربي الذي يتحدث عنه المخزن هو تكريس لمنطق العبودية والاستغلال والقمع والاستبداد لا غير. هو الاتجاه المعاكس للحرية والتحرر والديمقراطية. هو السير النقيض ضد سيادة الشعب وتكريس لسيادة الأب الزعيم في مقابل الشعب/ العبد القاصر في ظل نظام أبوي رعوي تيوقراطي قروسطي يعمل داخل جهاز دولتي حديث تعتبر فيه وزارة الداخلية هي كل شيء. بمعنى أننا في إطار دولة بوليسية قمعية لا تعرف أي شيء عن أبجديات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. دولة يسيرها الأميون. فالجهاز القمعي المكون من لمخازنية والسيمي والدرك والبوليس والمخابرات لا يتوفر إلا على شواهد تعليمية جد متواضعة قد تنعدم عند البعض وقد لا تتجاوز عند البعض الأخر شهادة الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي أما الإجازة والماستر والدكتوراه فلا تجد وسط هذا الجهاز القمعي سوى واحد في ألف له واحدة من الشواهد العليا. في ظل هذه الدولة التيوقراطية تقوم الرموز البالية بلعب ادوار كبيرة لشرعنة النظام كما هو الحال للبروتوكولات البالية ولما يسمى بالبيعة الشرعية الزائفة التي لا توجد إلا في أذهان من يروج لها ويتمتع بخيرات البلاد دون حسيب او رقيب كما هو الحال بالنسبة للعائلة المالكة التي تجمع بين السلطة والثروة والمال وكما هو الحال بالنسبة للوزراء وزعماء الأحزاب الكرتونية أو القاذورات الحزبية الذين يملكون ضيعات فلاحية تترواح مساحة كل منها ما بين 300 و1000 هكتار كما تملك العقارات والشركات ولكريمات...
كيف يعقل في بلد اسمه المغرب أن يكون مرتب مسئول الخزينة العامة بالمغرب مثلا هو 90 مليون شهريا؟ 12 مليون شهريا للوزير الأول، 7 مليون شهريا لكل وزير، 4 مليون شهريا لكل برلماني... ناهيك عن الامتيازات والأوسمة المؤدى عنها حتى الممات وتقاعد البرلمانيين المؤدى عنه حتى الممات في حين أن الأميين في برلمان الواجهة هم الأغلبية المسيطرة عليه. في مغرب اليوم والأمس هناك وجوه سياسية حزبية لم ترحل عن المشهد السياسي منذ 1956 نموذج اليازغي، احرضان، عرشان، العنصر، الراضي، بوستة، عصمان...أناس هرموا في كراسيهم في حين ان 50 بالمائة من الشعب تعيش على الفتات.
يأيها الشعب المغربي ان الثورة على المخزن واجب وطني. لان سياسة صم الأذان عن خطاب الحركة والهروب إلى الأمام بطبخ دستور العبيد، الدستور الممنوح والمفروض والمرفوض والإسراع لتنظيم مهزلة الانتخابات البرلمانية التي لن تتجاوز نسبة المشاركة فيها 10 بالمائة لن يجدي نفعا مع الحركة لان كل ذلك مضيعة للوقت ولن يستطيع أن يحل مشاكل المغرب وسنعود إلى نقطة البداية مرة أخرى. لأننا وكما قلنا نحن لا نحتاج إلى الأب والراعي والزعيم نحن نريد نظام سياسي جديد تمارس فيه السلطة وفق معيار المراقبة والمحاسبة. نحن نريد أن نعمل مع كل أحرار هذا البلد من اجل انتشال المغرب من براثن التخلف والفساد والاستبداد لكي يتبوأ المكانة المرموقة التي تليق به كقوة إقليمية تقود قاطرة الثورة السلمية الجذرية بكافة دول شمال إفريقيا.
إن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة تعلن رفضها للديمقراطية المخزنية المغشوشة، تعلن رفضها لدستور العبيد ولكل المهازل الانتخابية المزورة للإرادة الشعبية، كما تعلن مقاطعتها لكل هذه المسرحيات الهزلية التي تحتقر إرادة الشعب. كما أن الحركة تتبرأ من كل الأحزاب المخزنية والشبه المخزنية المتواطئة مع المخزن ضد الإرادة الشعبية، وتقول للشعب المغربي وإنها لثورة حتى النصر لان شعلة حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة لن تنطفئ ولن تخفت حتى وان طال الزمن : سنة أو سنتين أو أكثر من التظاهر والاحتجاج حتى تحقيق أهداف الثورة المغربية. إن الزمن السياسي في صالح حركة 20 فبراير وليس في صالح المخزن. فيا أيها المغاربة الأحرار إياكم والتراجع أو خيانة الحركة لأننا لا نريد المساومات أو سياسة الترقيع وليكن التغيير الجدري هو شعار كل الوطنيين والأحرار والشرفاء داخل هذا الوطن الجريح.
إن إستراتيجية الحركة الآن هي التوحد والالتفاف والتضامن بين كل مكوناتها المتناقضة من أمازيغ وعدليين ونهجويين ولا منتمين حول هدف واحد هو إسقاط المخزن وبناء الدولة المغربية الجديدة على أساس ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم. هذا الاختيار ليس سقفا لأهداف الحركة لأن قوة الشعب هي التي تحدد ما يريده الشعب. ولكن خيار الملكية البرلمانية وفق النموذج الأوروبي هو خيار استراتيجي تمليه ظروف المغرب. وبإمكان أحرار المغرب أن يحققوا هذا الهدف على المدى القصير لان كل المشاريع المخزنية للالتفاف على خطاب حركة 20 فبراير الوطنية الخالدة ستبوء بالفشل الدريع. ستجرى الانتخابات المخزنية وفق المبدأ الخالد للمخزن وهو تزوير إرادة الشعب؛ لن تشارك في هذه الانتخابات سوى 10 بالمائة من الكثلة الناخبة وستعود نفس الوجوه السياسية القديمة الجديدة وسيتولى حزب مخزني رئاسة الحكومة من جديد، وسيعاد إنتاج مؤسسة البرلمان الديكور من جديد، وسيبقى الملك وفق الدستور الجديد/القديم هو الماسك بزمام السلطة والقرار، وستكون حكومة الظل هي اليد اليمنى للملك وحكومة الواجهة الناطق الرسمي باسم المخزن. في ظل هذه المسرحيات الهزلية سيبقى الاقتصاد المغربي يترنح تحت وطأة اقتصاد الريع والديون الأجنبية، ستبقى الرشوة والزبونية والمحسوبية والفساد والتهرب الضريبي ونهب المال العام، سيبقى الاستبداد والخرق اليومي لحقوق الإنسان، سيبقى الفقر والجهل والدعارة والمخدرات والجريمة، سيبقى غلاء المعيشة والاهم من كل هذا ستهدر كرامة الإنسان المغربي في السجون والمحاكم، ستبقى الهجرة السرية وقوارب الموت، ستبقى سبتة ومليلية في يد الاستعمار الاسباني ولن يقوم المخزن بأي شيء من أجل تحريرهما، ستبقى بشار وتندوف بيد الجزائر وستبقى حرب الاستنزاف سارية المفعول بالصحراء الغربية.
أيها الإخوة المناضلون إن حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة حركة متجدرة في الأوساط الشعبية؛ فلا تراجع ولا مراجعة ولا تشتت ولا تفكك لان أهداف الحركة ثابتة وواضحة وهي التي تشكل نقطة الالتحام بين كل مكوناتها الإسلامية والامازيغية واليسارية وقد أبانت مسيرات 11 شتنبر 2011 عن هذه العودة القوية لحركة 20 فبراير الوطنية الخالدة إلى الشارع. وفي هذا السياق فهي التي تشكل الصوت الثوري الوحيد في مملكة الصمت والحكرة التي يقودها مخزن القرون الوسطى في ظل نظام دولتي يعمل بمؤسسات صورية شكلية لا حول ولا قوة لها سوى عمل الديكور والمكياج. إن منطق الأنظمة الديكتاتورية يقول إما أحكمكم أو أقتلكم وهذا هو حال العبيد/ الشعب القطيع في دولة الحكم الفردي المطلق كتونس ومصر وسوريا والمغرب.... أما الأحزاب المخزنية والشبه المخزنية من يمين ووسط ويسار بما فيه أحزاب اليسار الموحد فهي عبارة عن كراكيز تشرعن النظام وتتهافت من اجل ممارسة الدعارة السياسية لا غير وهذا ما ستبينه الأيام المقبلة مع مشاركة كل هذه الأحزاب في مسرحية الانتخابات البرلمانية المقبلة.
أيها الإخوة المناضلون داخل حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة انه لا مناص لأية حركة من الهيكلة والتنظيم لضمان القوة والاستمرارية. فإذا كنا نحن جميعا ضد منطق الزعامات الفردية فان هذا لا يعني الاستهانة بضرورة الهيكلة الداخلية والخارجية للحركة عن طريق تشكيل داخل كل تنسيقية لمجلس جماعي يتم اختياره لفترة زمنية لا تزيد عن الشهر يقوم بمهام التسيير العام لكل تنسيقية محلية والتي يعتبر فيها الجمع العام واللجان الشعبية العمود الفقري لعمل الحركة على صعيد كل مدينة. كما لا يفوتنا ان نركز على ضرورة التنسيق الوطني بين كل التنسيقيات المحلية في أفق تشكيل التنسيقية الوطنية لحركة 20 فبراير ولم لا تشكيل مجلس وطني انتقالي يضع دستورا ديمقراطيا شعبيا لمغرب الغد ويشكل بديلا شعبيا وشرعيا لسلطة المخزن. كما أن التنسيق ضرورة تاريخية لابد منها لكي لا تشتت جهود الحركة بالعمل فقط على الصعيد المحلي. يجب أن تكون الدعوات لمسيرات وطنية كبرى بالبيضاء والرباط عملا استراتيجيا لا يجب التغاضي عنه لأننا لا نريد أن تضيع جهودنا من اجل التغيير الجدري الذي نصبو إليه جميعا ولا نريد أن نرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبها جيش التحرير المغربي في الخمسينات من القرن العشرين حيث أن غياب التنسيق وغياب التحالف بين خلايا الشمال والوسط والجنوب جعل منه لقمة سائغة في يد المخزن والعصابات الإجرامية التي أسسها حزب الاستقلال/الاستغلال. فحذار إذن من هذه الأخطاء.
أيها الإخوة المناضلون، إن إستراتيجية حركة 20 فبراير الوطنية المجيدة يجب أن تكون إستراتيجية رياضية حسابية عقلانية تقيس نقط القوة والضعف في صفوف الحركة وفي صف الطرف الأخر النقيض. إن دعوة البعض إلى تحديد سقف لأهداف الحركة هو خيار استراتيجي لابد منه. فإذا كان البعض مع عدم تحديد أي سقف لأهداف الحركة فهذا خيار له مبرراته ولكن هل نتوفر على الإمكانيات الكفيلة والضرورية لبلوغه؟ المهم الآن هو أن نتوحد مهما بلغت خلافاتنا الأيديولوجية كما هو الشأن بالنسبة للثورات التونسية والمصرية والليبية والسورية واليمنية. فالحركة الثورية في هذه الدول جمعت بين الإسلاميين واليساريين والليبراليين والسلفيين والقوميين...ونريدها أن تكون كذلك في المغرب أن تجمع بين الامازيغ والإسلاميين واليساريين واللامنتمين ونجنب الحركة سياسة فرق تسد التي يقودها المخزن ضد الحركة. يجب أن تبقى حركة 20 فبراير الوطنية الخالدة حركة وطنية شعبية ثورية مفتوحة أمام كل الجماهير الشعبية التي تؤمن بالمشروع الثوري لحركة 20 فبراير. لا يجب أن يمارس أي فصيل الوصاية على الحركة وعلى شعاراتها الثورية. لا يجب منع الناس من التكبير والتهليل ورفع المصاحف أو قول لا الاه إلا الله والشهيد حبيب الله أو رفع الرايات الامازيغية أو لبس تيشورتات عليها صور تشيكيفارا أو غير ذلك. في ثورة فرنسا 1968 قال الثوار "ممنوع المنع". يجب أن يكون الأمر كذلك وإلا سقطنا في الأسلوب المخزني المبني على القمع والإقصاء. يجب جمع الشمل وترك الخلافات جانبا والتركيز على التصعيد واستمرارية النضال بتنظيم مسيرات يومية أو على الأقل وهذا ضروري جدا قبل المرور إلى مراحل أخرى من التصعيد الثوري: لابد أن نقوم بتنظيم كل أسبوع ثلاثة أيام من المسيرات "يوم الجمعة والسبت والأحد"، مسيرات تبدأ بعد صلاة الظهر حتى صلاة المغرب. يجب حمل صور الشهيد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي ويوسف بن تاشفين وعمر المختار والمهاتما غاندي ونيلسون مانديلا... كأبطال مغاربة وأجانب ناضلوا من أجل الحرية والكرامة الإنسانية ضد الظلم والطغيان والاستعمار والفساد والاستبداد... وفي النهاية فأن مآل المخزن هو مزبلة التاريخ ويبقى الشعب دائما وأبدا هو المصدر الوحيد للسلطة.
المراجع:
1- عمر آغا: مسألة النقود في تاريخ المغرب في ق19. سوس 1822/1906.
2- المفاهيم تكونها وسيرورتها: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
3- أحمد التوفيق: المجتمع المغربي في ق19، إيتولتان 1850-1912، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط.
4- رحمة بورقية: الدولة والسلطة والمجتمع: دراسة في الثابت والمتحول في علاقة الدولة بالقبائل في المغرب.
5- هند عروب: المخزن في الثقافة السياسية المغربية، منشورات وجهة نظر.
6- معلمة المغرب: ج21، مجموعة من الكتاب.
7- 1996عبد الله حمودي: الشيخ والمريد، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال للنشر .
8- عبد الله حمودي، الشيخ والمريد...
9- La Boétie, la servitude volontaire...
10- Max Weber, economie et société....
11- John Waterbury, le commandeur des croyants....
12- Abdellah Saaf, patrimonialisme et neopatrimonialisme...
13- Raymi Levau, le fellah marocain defenseur du trône...
أستاذ باحث في العلوم السياسية.
ناشط في حركة 20 فبراير/ تنسيقية الدار البيضاء.
غشت/شتنبر 2011. الدار البيضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.