تأسس فضاء البيضاء للحوار اليساري في بداية شهر مارس بعد سلسلة من اللقاءات الفردية والجماعية ، والتي لم تستثن أي مكون من مكونات اليسار وكان أول نشاط افتتح به الفضاء عمله هو الندوة التي نظمت في شهر أبريل 2008 حول " ماذا يعني اليسار اليوم والتي عرفت مشاركة جل مكونات اليسار حيث انصب النقاش على : - في مفهوم اليسار اليوم ، خاصة مع التحولات الكبرى والانهيارات الكبرى التي شهدها العالم سواء علي صعيد التوازنات الدولية ، أو علي صعيد التطور العلمي والتكنولوجي الهائل ، أو علي صعيد تطور مجالات الاتصال ....- في الحاجة الي مناقشة ما يفرقنا اليوم كيسار ، وهل زالت أسباب الفرقة ؟ إن وحدة اليسار لم تعد فقط مسألة عاطفية ، أو حتى مسألة إيديولوجية ، إنها اليوم مسألة سياسية خاصة بعد انتخابات شتنبر 2007 ، حيث كشفت هذه الانتخابات ضعف اليسار ، وكشفت عدم اقتناع جزء هام من جمهور اليسار بما يقوم بيه . - إن اليسار اليوم يفقد حضوره في العديد من المواقع أخرها قطاع المهندسين ، دون أن يخضع هذه الخسارة للتقويم والمراجعة . - 7 شتنبر كشفت من جهة انتهاء مسلسل سياسي بكامله ، وكشفت من جهة ثانية عن حاجة اليسار لإعادة الاعتبار للسؤال السوسيولوجي لمعرفة أبعاد التحول الذي حدث في المجتمع المغربي .- كيف نحمي وحدتنا كيساريين وكقواعد من أخطاء القيادة ، والتي كانت سببا في أغلب الانشقاقات التي حدثت ؟ كيف نحمي وحدتنا كيساريين بالديمقراطية الداخلية في كل تنظيم علي حدة ؟ النشاط التالي الذي نظمه الفضاء كان حول التحولات السوسيولوجي والس وسياسية التي عرفها المغرب بحضور بعض الباحثين وجمهور واسع من اليسار بمختلف مكوناته ، وهو النشاط الذي تطرق للعديد من التحولات التي عرفها المغرب , في 21 يونيو 2008 نظم الفضاء لقاءا تقيما خلص إلى تسطير مجموعة من الأنشطة وهو ما تم بتنظيم :- مناظرة حول " أية أفاق للعمل اليساري الموحد "- مائدة مستديرة حول " الشهيد المهدي وأسئلة اليسار اليوم "- ورشة عمل حول " أسئلة العمل الحقوقي في علاقة بأسئلة السياسي "تجدون رفقة هذا التقرير مجموعة من الوثائق تفصيلية عن مختلف أنشطة الفضاء .....................................................................................................فضاء البيضاء للحوار اليساريلجنة المتابعة /فضاء البيضاء للحوار اليساري تقرير عن الاجتماع الموسع ليوم 22 يوليوز 2008 .عقد فضاء البيضاء للحوار اليساري لقاءا موسعا ، حضره مناضلات ومناضلين من أغلب مكونات ومشارب اليسار ، اللقاء الموسع تضمن نقطتين في جدول الأعمال :تقييم أنشطة الفضاء من تاريخ تأسيسه.أفاق العمل .سير اللقاء الرفيق حميد باجو ، وتقدم الرفيق أحمد دابا بورقة حول مختلف المبادرات والأنشطة التي نظمها الفضاء منذ تأسيسه ، كما اقترحت الورقة بعض المقترحات والأفكار لتطوير عمل الفضاء في الموسم القادم ( تجدون نص الورقة ، أراء أولية في تجربة الفضاء ، كما نعيد نشر في حيز أخر، ورقة أولية في أفق صياغة ميثاق وطني للحوار اليساري وهي الورقة التي يعتمدها الفضاء اليوم في عمله ) ، النقاش توقف كثيرا في تقيمه لأنشطة الفضاء ، حول المائدة المستديرة التي ناقشت ماذا يعني اليسار اليوم ، وأعاد النقاش التذكير بما طرح في هذه المائدة المستديرة من قضايا ونقاشات ينبغي الحرص فيما سيأتي من أنشطة الفضاء علي برمجتها من مثل :قضايا الشباب والعمل السياسي ، قضايا الحركة الطلابية ، قضايا الإصلاحات السياسية والدستورية ، قضايا المرأة ، قضايا الدين وعلاقته بالعمل السياسي ... النقاش أثار القضايا التي ليس بالإمكان في المدى المنظور انتظار الأحزاب اليسارية ومختلف التيارات اليسارية أن تطرحه ، إما بسبب التكلس الفكري الذي تعيشه ، أوب سبب الخوف من أن تفقد أصوات هنا وهناك وهي قضايا ليس الخصم الواحد فيها دائما هو السلطة ، النقاش أثار غياب فضاءات الحوار في التنظيمات اليسارية وأكد علي أهمية أن تكون معالجتنا للقضايا تتمتع بأقصى ما يمكن من التدقيق والتعمق ، ومن هذه الزاوية اعتبرت أغلب التدخلات أن الفضاء لم يكن موفقا حين طرح الموضوعات المرتبطة بالسؤال السوسيولوجي وحقيقة التحولات التي حدثت في المجتمع المغربي حيث كان النشاط محصورا في الأسئلة السياسية المباشرة ، كما أن الفضاء لم يكن موفقا في إبراز الأهمية القصوى اليوم للتحليل وفهم ما جري ويجري في الحياة السياسية المغربية ، فيما ذهبت تدخلات أخري إلي التأكيد أن الفضاء لا زال في بدايته ولا زال يتلمس طريقه ، أراء أخري أكدت علي أهمية مبادرة تأسيس الفضاء وعلي أهمية أن يشمل مدنا أخري وأن لا يقتصر علي مدينة البيضاء بالشكل الذي عليه في البيضاء ، كما تطرقت تدخلات أخري إلي ضرورة الانتقال للجانب العملي وعدم الاقتصار علي القضايا الفكرية والنظرية .أما فيما يخص الأفاق ، فقد كان النقاش علي العموم عميقا ومتسعا ، النقاش أكد علي أهمية المبادرة وأعاد التأكيد أنها كانت استجابة للنداء الذي أطلقته فعاليات الجامعة الشتوية لتيار فعل ديمقراطي ، وهو النداء الذي صدر عن أغلب مكونات وتيارات وحساسيات اليسار التي تابعت أشغال الجامعة ، وأن مناضلات ومناضلي اليسار بالبيضاء تعاطوا إيجابيا مع المبادرةوأن التحدي المطروح علي الفضاء هو أن يقوم بحملة دعائية قوية بهدف التعريف بالمبادرة ، وعليه العمل علي إبراز الفرق بينه وبين تنسيقية أحزاب اليسار الستة بالبيضاء ، كما عليه أن يقوم بتوسيع علاقته العامة مع الصحافة ، مع الباحثين ومع المتعاطفين مع اليسار من مثقفين وفنانين ... .النقاش أيضا أكد علي أهمية الانفتاح علي البحوث العلمية التي تنجز علي صعيد الجامعة ومراكز البحوث. النقاش أيضا أثار منهج عمل الفضاء ، والحاجة في أن لا يتحول لنادي فكري يثير القضايا والإشكالات بعيدا عن المطروح كقضايا وتحديات أولا علي البلاد وثانيا علي اليسار المغربي والعالمي ، وفي هذا الإطار توزعت الاقتراحات لتعميق برنامج الفضاء للموسم القادم وهكذا اقترح :- العمل علي فتح نقاش حول العنوان السياسي للمرحلة التي يمر منها المغرب ، وخلق مناظرات ولقاءات مفتوحة بين مختلف فعاليات اليسار المغربي .- استكمال النقاش في التحولات السوسيولوجي من خلال المحاور التالية : - التحولات السوسياسية . - التحولات السوسيواقتصادية . - طبيعة التحولات التي حدثت في التشكيلة الاجتماعية .لتختم هذه الأيام بسؤال عريض المغرب إلي أين ، واقترح أن تبرمج هذه الأيام خلال شهر رمضان .- اقتراحات دعت لفتح الملفات التي تعجز أحزاب اليسار علي فتحها كقضايا الدين والسياسة القيم والتقاليد المتخلفة التي تنخر المجتمع .- اقتراحات دعت لفتح نقاش مفتوح وحر حول سؤال الانتقال الديمقراطي في المغرب ، وأن يتم هذا النقاش بين المناصرين لفكرة الانتقال ، وأيضا للذين ينفون أن يكون المغرب يعيش الانتقال ، أصحاب هذا الاقتراح اعتبروا أن هذه المناظرة صالحة أن تكون النشاط الافتتاحي للفضاء .- اقتراحات أخري وفي معرض حديثها عن مضامين ومحاور الحوار اليساري ، علي المستويين الوطني والجهوي فإن الفضاء معني بوضع لائحة مفتوحة من العناوين والقضايا وذلك انطلاقا من الإشكالات والتساؤلات التي أفرزها لقاء بوزنيقة وغيرها من اللقاءات .- اقتراحات دعت لانفتاح الفضاء علي التلاميذ والطلبة من خلال تنظيم أنشطة فكرية وإبداعية في الجامعة والثانوية ودور الشباب في مختلف مناطق وأحياء مدينة البيضاء .- اقتراحات ذهبت لضرورة أن ينظم الفضاء عمله ، من خلال إيجاد مقر دائم للفضاء ، وعنوان دائم وتنظيم أرشيف الفضاء ، وتوثيق النقاشات وتوزيعها علي أوسع نطاق .- العمل علي إصدار نشرة إلكترونية للفضاء ، وخلق مدونة تكون وسيلتنا الإعلامية للانفتاح علي جمهور واسع خاصة الشباب والنساء .- المساهمة ما أمكن في دعم المبادرات التي تعرفها العديد من مدن المغرب في أفق تأسيس المنتدي الوطني للحوار اليساري .- التفكير بجدية في إيجاد موارد مالية ، وفي توفير بعض وسائل العمل الضروري من خلال مساهمات أولا أعضاء الفضاء ، وثانيا من خلال مساهمة أصدقاء والمتعاطفين مع اليسار .في الأخير أوصي اللقاء الموسع لجنة المتابعة بالتدقيق في المقترحات وبرمجة المحاور وإيجاد حل لمسألة المقر والنشرة الإلكترونية والمدونة ، والعمل علي برمجة أنشطة خلال شهر رمضان الذي يعرف عادة نقاشات مكثفة .هذه الورقة تقدم بها الرفيق أحمد دابا في بداية هذا اللقاء أراء وتقييمات أولية في تجربة فضاء البيضاء للحوار اليساري 1- بمبادرة من مجموعة من المناضلين بالبيضاء ينتمون إلى حساسيات يسارية مختلفة، تم خلق فضاء للحوار والتقريب بين كل مناضلي اليسار بالمدينة، في أفق توحيد عمل اليساريين ككل. الفضاء كما تعلمون جاء كاستجابة للنداء الذي أطلقته فعاليات الجامعة الشتوية لتيار فعل ديمقراطي / الحزب الاشتراكي الموحد، وقد تقرر أن يكون أول نشاط عمومي له، تنظيم مائدة مستديرة موسعة تحت عنوان: ماذا يعني اليسار اليوم؟ يوم 20/04/2008. وهي الندوة التي حضرتها وجوه متنوعة ومن أغلب مكونات اليسار ، وتميزت بحضور نسبة مهمة من الشباب ، المائدة حاولت أن تتلمس العديد من القضايا والإشكالات المرتبطة بتجربة اليسار المغربي ،و بالمعني الذي يمكن أن يأخذه اليسار اليوم في ظل التحولات الجارفة التي حدثت ، طرحت في هذه الندوة قضايا النضال الاجتماعي والمسألة النقابية وكيف يفعل اليسار في هذه الواجهة ، كما طرحت مآل تجربة اليسار المشارك في الحكومة ، وقضايا الإصلاح السياسي والدستوري ، كما طرحت المسائل المتعلقة بالنساء والشباب والحركة الطلابية والتلاميذية وكيف يمكن لليسار أن يعود لهذه الروافع المهمة في أي انتقال ديمقراطي حقيقي ، كما أكدت المائدة علي ضرورة برمجة لقاءا حول " التحولات السوسيوبوجية في المجتمع المغربي " ,لجنة المتابعة ، بمجرد انتهاء هذا المائدة بدأت في التحضير لهذا اللقاء ، الذي أرادته أن يكون نوعيا في القضايا الذي يطرحها ، أوفي شكله لكن حال بينها وبين هذه الرغبة من جهة غياب الإمكانات المادية ، ومن جهة ثانية انشغال بعض الرفاق بمهام تتعلق بتنظيماتهم ، ومع ذلك برمج الفضاء لقاء حول " التحولات السوسياسية لمغرب ما بعد السابع من شتنبر"هذا اللقاء يمكن القول أنه لم يكن ناجحا بما يكفي ، لكنه مع ذلك أثار العديد من القضايا والإشكالات المرتبطة بتحولات المجتمع المغربي ، وفي التقييم الأولي للجنة المتابعة لهذا اللقاء رأت أن تضع أمامكم توصية تقضي بمتابعة هذا المحور لما له من أهمية قصوى لفهم ما جري بالضبط من تحولات في المجتمع المغربي .ونقترح في هذا الإطار أن نعمل جميعا من أجل إنجاح سلسلة لقاءات خلال شهر رمضان بأكمله حول محور التحولات السوسيولوجية للمجتمع المغربي ، كما نقترح أن تتشكل لهذا الغرض لجنة يكون مجال اهتمامها الإعداد الجيد لثلاثة لقاءات علي الأقل تهم : - التحولات السوسياسية ، الشباب وكيف يتمثل اليوم العمل السياسي وخطاب الأحزاب ومنها الأحزاب اليسارية ، المجتمع المغربي إلي أين .2 تقييم أولي في تجربة الفضاء :الفضاء تأسس في ظل أوضاع ما بعد السابع من شتنبر، وبعد الندوة التي نظمت ضمن فعاليات الجامعة الشتوية لتيار فعل ديمقراطي ، وهي الندوة التي شاركت فيها أغلب مكونات اليسار المغربي ، إن السياق السياسي الذي تأسس فيه الفضاء أساسي ، إنه السياق السياسي الذي يؤشر علي دخول المغرب مرحلة سياسية تكاد تكون جديدة ، مرحلة سياسية بطبعها الغموض ، وتتميز وإلي حد كبير بانغلاق الحقل السياسي ، وبالمحاولات الجارية اليوم لإعادة هيكلة الحقل السياسي علي أسس جديدة .إن هذا الإطار يمنح للمناضلين اليساريين بمختلف مشاربهم ، منظمين وغير منظمين ، فضاء حر مفتوح محرر من أي ضغوط تنظيمية ، ومحرر من أي صراع حول مواقع ما ، فضاء للحوار وللبحث من أجل فهم جيد للمرحلة السياسية التي يمر منها المغرب ، ومن أجل المساهمة في إعطاء عنوان لهذه المرحلة السياسية .وفي هذا الإطار من المفيد أن يخرج الفضاء من طابع الارتجال في اقتراح أنشطته وبرامج عمله ، لقد اشتغلنا في السابق بنوع من العفوية ، وهو ما ينبغي أن نتجاوزه في الموسم القادم.إن الفضاء لا ينبغي أن يخضع نقاشاته لأي خطوط حمر ، وأن بتعاطي مع الأوضاع السياسية بنوع من" الموضوعية " ولما لا أن يتدخل في بعض السجلات التي تثيرها بعض الأحداث السياسية أو الاجتماعية من مثل أحداث سيدي افني ، والأحداث التي وقعت بمراكش وغيرها من الأحداث ، ويمكن أن نعدد العديد من المواقع الذي تحتاج أن ينظم حولها نقاش هادئ من مثل علاقة النضال السياسي بالنضال الاجتماعي وكيف يمارس اليسار في هذا الإطار ( العمل النقابي ، تنسيقية الأسعار ، العمل الحقوقي ...........) .ليس الخصم الواحد والأوحد هي السلطة ، إن الكثير من مظاهر التخلف ينتجها يوميا ويعيد إنتاجها جزء هام من المجتمع ، من مثل النظرة الدونية للمرأة ، من مثل عدم تمثل رابطة القانون والمواطنة في المجتمع بل وحثي في أحزابنا اليسارية ، لقد كفت أحزابنا علي الخوض في قضايا معينة خوفا من أن تفتقد أصوات هنا وهناك ، إن الفضاء بإمكانه وبكل حرية أن يخوض في العديد من هذه القضايا .لا يوجد في أحزابنا اليسارية فضاءات للحوار بل يمكن القول إن أحزابنا باتت تكره التفكير والمناقشة والوعي النقدي ، وحتى وإن قررت هذه الأخيرة فتح نقاش فغالبا ما يتحول لنقاش الصم ، الكل يتموقع في مكانه ، الكل يري في الأخر الشر كله ، لذلك تعيش أحزاب اليسار اليوم تكلسا واضحا ، وتعجز اليوم عن مواكبة التحولات التي تحدث بسرعة قوية . إن فضاء البيضاء للحوار اليساري وفضاءات أخري يجب أن نحرض علي تأسيسها تشكل وسيلة حاسمة لتحرير اليسار من دوغمائيته، ومن شعوبيته ومن انتظار يته وأيضا من أوهامه وما أكثرها .الخلاصة الأولية في تقييم نشاط هذا الفضاء، علي الفضاء أن يتحرر أكثر وأن ينظم عمله أكثر، وأن لا يبخس ولو للحظة أهمية هذا الإنجاز .الأفاق : ينبغي للفضاء أن يبدأ موسمه بحملة علاقات عامة ، تؤذي إلي توسيع دائرة العلاقات لتنفتح علي كفاءات وباحثين في تخصصات متعددة ومتنوعة .ينبغي في الموسم القادم إعطاء أهمية خاصة للتعريف بهذه المبادرة علي أوسع نطاق ، وفي هذا الإطار نقترح ما يلي :أ – إنشاء جريدة إلكترونية تقدم للقراء كل فعاليات وأنشطة الفضاء وتكون فضاء إعلامي مفتوح في وجه كل مناضلي اليسار .ب – البحث عن مقر دائم للفضاء ، ونقترح أن يكون هذا المقر إحدى مقرات أحزاب اليسار.ج - ينبغي توسيع وتنويع أشكال الأنشطة من عشاء مناقشة إلي لقاءات مفتوحة ، إلي موائد مستديرة . هذه الورقة التي نعيد نشرها هي بمثابة ميثاق عمل لفضاء البيضاء للحوار اليساري نعيد نشرها تعميما للفائدة .ورقة مبادئ أوليةفي أفق صياغة ميثاق للحوار اليساريانطلاقا من توصيات نداء بوزنيقة الصادر بتاريخ 20 يناير 2008 عن الجامعة الشتوية المنظمة من طرف تيار فعل ديمقراطي/الحزب الاشتراكي الموحد، وهو النداء الموقع من طرف جل مكونات وحساسيات اليسار المغربي، والذي أكد دعوته بالخصوص إلى "تأسيس فضاء حر ومنظم بين كافة مكونات اليسار يعزز النضال المشترك ميدانيا في أفق إعادة بناء اليسار وتجاوز واقع تشرذمه وتقوية ديناميات وحدوية بين مكوناته في اتجاه صياغة مشروع مجتمعي لليسار المغربي يقوم على عقد سياسي واجتماعي جديد منفتح على كافة القوى الديمقراطية."بادر مجموعة من المناضلين اليساريين، إلى عقد لقاءات بهدف تفعيل هذا النداء على المستوى المحلي، واتفقوا على أن يتقدموا بورقة أولية تستهدف تنظيم النقاش وترتيب الأولويات وذلك في أفق صياغة ميثاق للحوار اليساري.كما اتفق المناضلون وبغية المساهمة الفعالة والوازنة في إعادة إشاعة قيم اليسار الكونية، وإعادة بناء علاقة متوازنة وفعالة وديمقراطية مع الحركات الاجتماعية، وإعادة الاعتبار للمعرفة وللنظرية الاشتراكية في العمل السياسي اليساري على:أولا: إطلاق مبادرات قوية تستهدف تنظيم فضاءات وملتقيات ومنتديات حرة للمناقشة والحوار على قاعدة القبول بالاختلاف والتعدد والانطلاق من نسبية الحقيقة.ثانيا: التفكير في مبادرات عملية في اتجاه إعادة ربط اليسار بقواعده الشعبية وفي اتجاه إعطاء الحركات الاجتماعية تعبيرها السياسي المتقدم والنوعي، والمساهمة في الرفع من القيود التي تجعل الحركات الاجتماعية ذات طابع دفاعي محدود.ثالثا: المساهمة في تدليل الصعاب التي تواجه العمل المشترك بين مكونات اليسار تتمثل في مبادرات سياسية متفاعلة مع "المستجدات الوطنية والجهوية والدولية ويشمل كافة الجبهات النضالية ضمن جدلية متجدد للسياسي والاجتماعي".طبيعة الفضاء والمهام المنتظرة منه:- هذا الفضاء لا يعوض عمل الأجهزة الحزبية لليسار كما أن الانتماء إليه شخصي وحر. إنه انتماء لفضاء مفتوح في وجه اليساريين بمختلف مواقعهم بما فيهم اليساريين غير المنظمين المقتنعين بالمبادئ المسطرة أعلاه.- هذا الفضاء نداء لكل اليساريين المقتنعين بأهمية العمل المشترك والوحدوي لليسار- هذا الفضاء وسيلة لتعميق الحوار وفتح أوراش للتفكير والبحث بهدف إعادة الحيوية لليسار.الوسائل:يعتمد هذا الفضاء في عمله على تنظيم الندوات والموائد المستديرة واللقاءات المفتوحة وكل الأشكال العملية الممكنة التي تساهم في ترجمة مبادئه وأهدافه. نشاط عمومي له، تنظيم مائدة مستديرة موسعة تحت عنوان: ماذا يعني اليسار اليوم؟ يوم 20/04/2008. وهي الندوة التي حضرتها وجوه متنوعة ومن أغلب مكونات اليسار ، وتميزت بحضور نسبة مهمة من الشباب ، المائدة حاولت أن تتلمس العديد من القضايا والإشكالات المرتبطة بتجربة اليسار المغربي ،و بالمعني الذي يمكن أن يأخذه اليسار اليوم في ظل التحولات الجارفة التي حدثت ، طرحت في هذه الندوة قضايا النضال الاجتماعي والمسألة النقابية وكيف يفعل اليسار في هذه الواجهة ، كما طرحت مآل تجربة اليسار المشارك في الحكومة ، وقضايا الإصلاح السياسي والدستوري ، كما طرحت المسائل المتعلقة بالنساء والشباب والحركة الطلابية والتلاميذية وكيف يمكن لليسار أن يعود لهذه الروافع المهمة في أي انتقال ديمقراطي حقيقي ، كما أكدت المائدة علي ضرورة برمجة لقاءا حول " التحولات السوسيوبوجية في المجتمع المغربي " ,لجنة المتابعة ، بمجرد انتهاء هذا المائدة بدأت في التحضير لهذا اللقاء ، الذي أرادته أن يكون نوعيا في القضايا الذي يطرحها ، أوفي شكله لكن حال بينها وبين هذه الرغبة من جهة غياب الإمكانات المادية ، ومن جهة ثانية انشغال بعض الرفاق بمهام تتعلق بتنظيماتهم ، ومع ذلك برمج الفضاء لقاء حول " التحولات السوسياسية لمغرب ما بعد السابع من شتنبر"هذا اللقاء يمكن القول أنه لم يكن ناجحا بما يكفي ، لكنه مع ذلك أثار العديد من القضايا والإشكالات المرتبطة بتحولات المجتمع المغربي ، وفي التقييم الأولي للجنة المتابعة لهذا اللقاء رأت أن تضع أمامكم توصية تقضي بمتابعة هذا المحور لما له من أهمية قصوى لفهم ما جري بالضبط من تحولات في المجتمع المغربي .ونقترح في هذا الإطار أن نعمل جميعا من أجل إنجاح سلسلة لقاءات خلال شهر رمضان بأكمله حول محور التحولات السوسيولوجية للمجتمع المغربي ، كما نقترح أن تتشكل لهذا الغرض لجنة يكون مجال اهتمامها الإعداد الجيد لثلاثة لقاءات علي الأقل تهم : - التحولات السوسياسية ، الشباب وكيف يتمثل اليوم العمل السياسي وخطاب الأحزاب ومنها الأحزاب اليسارية ، المجتمع المغربي إلي أين .2 تقييم أولي في تجربة الفضاء :الفضاء تأسس في ظل أوضاع ما بعد السابع من شتنبر، وبعد الندوة التي نظمت ضمن فعاليات الجامعة الشتوية لتيار فعل ديمقراطي ، وهي الندوة التي شاركت فيها أغلب مكونات اليسار المغربي ، إن السياق السياسي الذي تأسس فيه الفضاء أساسي ، إنه السياق السياسي الذي يؤشر علي دخول المغرب مرحلة سياسية تكاد تكون جديدة ، مرحلة سياسية بطبعها الغموض ، وتتميز وإلي حد كبير بانغلاق الحقل السياسي ، وبالمحاولات الجارية اليوم لإعادة هيكلة الحقل السياسي علي أسس جديدة .إن هذا الإطار يمنح للمناضلين اليساريين بمختلف مشاربهم ، منظمين وغير منظمين ، فضاء حر مفتوح محرر من أي ضغوط تنظيمية ، ومحرر من أي صراع حول مواقع ما ، فضاء للحوار وللبحث من أجل فهم جيد للمرحلة السياسية التي يمر منها المغرب ، ومن أجل المساهمة في إعطاء عنوان لهذه المرحلة السياسية .وفي هذا الإطار من المفيد أن يخرج الفضاء من طابع الارتجال في اقتراح أنشطته وبرامج عمله ، لقد اشتغلنا في السابق بنوع من العفوية ، وهو ما ينبغي أن نتجاوزه في الموسم القادم.إن الفضاء لا ينبغي أن يخضع نقاشاته لأي خطوط حمر ، وأن بتعاطي مع الأوضاع السياسية بنوع من" الموضوعية " ولما لا أن يتدخل في بعض السجلات التي تثيرها بعض الأحداث السياسية أو الاجتماعية من مثل أحداث سيدي افني ، والأحداث التي وقعت بمراكش وغيرها من الأحداث ، ويمكن أن نعدد العديد من المواقع الذي تحتاج أن ينظم حولها نقاش هادئ من مثل علاقة النضال السياسي بالنضال الاجتماعي وكيف يمارس اليسار في هذا الإطار ( العمل النقابي ، تنسيقية الأسعار ، العمل الحقوقي ...........) .ليس الخصم الواحد والأوحد هي السلطة ، إن الكثير من مظاهر التخلف ينتجها يوميا ويعيد إنتاجها جزء هام من المجتمع ، من مثل النظرة الدونية للمرأة ، من مثل عدم تمثل رابطة القانون والمواطنة في المجتمع بل وحثي في أحزابنا اليسارية ، لقد كفت أحزابنا علي الخوض في قضايا معينة خوفا من أن تفتقد أصوات هنا وهناك ، إن الفضاء بإمكانه وبكل حرية أن يخوض في العديد من هذه القضايا .لا يوجد في أحزابنا اليسارية فضاءات للحوار بل يمكن القول إن أحزابنا باتت تكره التفكير والمناقشة والوعي النقدي ، وحتى وإن قررت هذه الأخيرة فتح نقاش فغالبا ما يتحول لنقاش الصم ، الكل يتموقع في مكانه ، الكل يري في الأخر الشر كله ، لذلك تعيش أحزاب اليسار اليوم تكلسا واضحا ، وتعجز اليوم عن مواكبة التحولات التي تحدث بسرعة قوية . إن فضاء البيضاء للحوار اليساري وفضاءات أخري يجب أن نحرض علي تأسيسها تشكل وسيلة حاسمة لتحرير اليسار من دوغمائيته، ومن شعوبيته ومن انتظار يته وأيضا من أوهامه وما أكثرها .الخلاصة الأولية في تقييم نشاط هذا الفضاء، علي الفضاء أن يتحرر أكثر وأن ينظم عمله أكثر، وأن لا بخس ولو للحظة أهمية هذا الإنجاز .الأفاق : ينبغي للفضاء أن يبدأ موسمه بحملة علاقات عامة ، تؤذي إلي توسيع دائرة العلاقات لتنفتح علي كفاءات وباحثين في تخصصات متعددة ومتنوعة .ينبغي في الموسم القادم إعطاء أهمية خاصة للتعريف بهذه المبادرة علي أوسع نطاق ، وفي هذا الإطار نقترح ما يلي :أ – إنشاء جريدة إلكترونية تقدم للقراء كل فعاليات وأنشطة الفضاء وتكون فضاء إعلامي مفتوح في وجه كل مناضلي اليسار .ب – البحث عن مقر دائم للفضاء ، ونقترح أن يكون هذا المقر إحدى مقرات أحزاب اليسار.ج - ينبغي توسيع وتنويع أشكال الأنشطة من عشاء مناقشة إلي لقاءات مفتوحة ، إلي موائد مستديرة . وجهة نظر عناصر أولية في قراءة الوضع السياسي الراهن ، وأسئلة في بعض التحولات السوسياسية التي كشفت عنها انتخابات شتنبر 2007 .ينظم فضاء البيضاء للحوار اليساري لقاءا دراسيا حول التحولات السوسياسية لمغرب ما بعد السابع من شتنبر ، هذا اللقاء الأولي يهدف إلي فسح المجال للبحث السوسيولوجي لقراءة حقيقة التحولات التي وقعت في المجتمع ، وكذا محاولة إيجاد عنوان سياسي للمرحلة التي يمر منها المغرب .الورقة التالية محاولة أولية في تحليل بعض عناصر الوضع السياسي الراهن وبعض مستجدياته ، الورقة تحاول أن تثير أسئلة وذلك بهدف التفكير وإثارة المناقشة ، كما أنها تكتفي بسرد عناوين دون أن تدخل في التفاصيل .العناوين الكبرى في الوضع السياسي الراهن – استمرار مشكل الصحراء قائما مع فارق جوهري جديد اليوم ممثلا في مقترح الحكم الذاتي ، وهو المقترح الذي استطاع أن يقنع بعض الدول الكبرى ، إلا أنه لازال يعاني من ثغرات مؤثرة خاصة لدي المعنيين به مباشرة ، أي الساكنة الصحراوية وبعض العقلاء في البوليساريو ، من أهم هده الثغرات وجود . حالة من التوجس وعدم الاطمئنان لمشاريع الدولة المغربية ,. عدم وجود طرف ثالث مستقل عن هيمنة الدولة الجزائرية ، ومستقل عن الدولة المغرية ، طرف ثالث يتمتع بالمصداقية يكون حصيلة حوار جدي بين كل الأطراف المؤمنة بضرورة الحل السلمي التفاوضي . ومن الضروري التأكيد هتا أن قضية الصحراء ، كان من الممكن أن يلعب اليسار دورا مهما ، إلا أن التسليم للحكم في إدارة هذا الملف ، ضيع علي اليسار أي مساهمة له في هذا الإطار . إن الأسباب يطول شرحها لكن الجوهري في الموضوع أن الاختلال الحاصل اليوم جوهره التسليم للحكم إراديا بأن يباشر إدارة هذا الملف الشائك والمعقد .- العودة للأساليب القمعية القديمة ، وتحول مركز الثقل في الاحتجاج من المدن الكبيرة إلي المدن الصغيرة والقرى والهوامش ، مع كل ما يعنيه ذلك من خلاصات سياسية وغيرها .- وجود أكثر من مؤشر علي أن الدولة وفي انتظار أن تستكمل عناصر ترتيب الوضع والأطراف الأساسية فيه ، تهيئ لسيناريو يمكنها من مزيد من التحكم في المشهد السياسي . - إذا كان في السابق اليسار قد شكل قوة اعتراض وممانعة، وساهم بذلك في تجنيب البلاد الدخول في أوضاع غير محسومة، فإنه اليوم يعيش في ظل أوضاع تجعله منشغلا بحروب صغيرة أغلب فصولها ترتبط بحرب مواقع تنظيمية حتى وإن كانت تتم في الغالب الأعم بدون أفق سياسي . - يتحول "المد الأصولي" وخطر "الإرهاب" إلي مبرر لتأجيل الديمقراطية أو لتقييد الحرية ، وإلي مبرر للإبقاء علي اختيارات سياسية وتكتيكية تبناها بعض اليساريين ، فمثلما يراد عدم فتح ملفات الفساد بدعوي خطر الحرب الأهلية ، مثلما اليوم يراد تأجيل انتقال المغرب نحو الديمقراطية بحجة خطر الأصولية والمد الإسلاموي .في طبيعة المستجدات السياسية سنترك جانبا القضايا التي تثار عادة حين تحليل الوضع السياسي ، والمرتبطة بالذات الحزبية اليسارية المنطوية في تنظيمها الخاص ، هكذا بمعزل عن تفاعلات المشهد السياسي كما تجري حيث يبدو وكأن التنظيم يمكن أن يتطور خارج السيرورة السياسية للبلد ، وخارج التفاعلات التي تتم داخل المشهد السياسي المغربي تقدما وتراجعا 1 - سنحاول أن نعالج الوضع السياسي انطلاقا من زلزال شتنبر 2007 ، لماذا ؟- لقد شكلت انتخابات شتنبر 2007 زلزالا سياسيا بكل ما للكلمة من معني ، زلزال كشف وبالملموس وبشكل لغبار عليه، أن المسلسل السياسي الذي دخله المغرب منذ بداية التسعينات قد استنفد بالكامل ، وأن هذا المسلسل لم يؤد كما روج لذلك إلي تداول سلمي علي السلطة عبرألية الانتخابات ، بل علي العكس من ذلك انتهي المسلسل إلي العودة إلي مركزة اكبر للقرار السياسي في يد نفس الفاعل السياسي مجسدا في المؤسسة الملكية ، وإلي توسع نفوذ البيروقراطيين وإلي تراجع واضح للفاعلية السياسية ، وإلي الإعلان بشكل واضح وفي خطابات متعددة عن أن المغرب استكمل حلقة الإصلاح السياسي , وأن المطلوب اليوم هو الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ؟؟؟؟؟ّ . - تعيدنا انتخابات شتنبر إلي سؤال أكبر من السؤال المتعلق بنا كتنظيمات يسارية كل علي حدة ، أو حتى مجتمعين ، سؤال يشكل أولوية الأولويات ، إنه سؤال البلد إلي أين ؟ السؤال المرتبط بهذا الدوران في نفس الحلقة تقريبا ، وفي هذا الرجوع لنفس المربع تقريبا ( يعود المغرب لنفس التردد في الحسم في حيوية الديمقراطية كمدخل لا غني عنه للدخول في العصر - الديمقراطية كما هي متعارف عليها عالميا، وليست ديمقراطية " الخصوصية " كما يراد لهذا البلد دائما-إنه السؤال الذي يعيد تجديد نفسه ، وإن كان اليوم بأخذ أبعاد جديدة – و في قلب هذا السؤال الكبير سؤال المعرب إلي أين ؟ واليسار أتبث رغم خسارته أنه مكونا هاما من المكونات السياسية لهذا المغرب ،وبالتالي فهو معني بهذا السؤال الكبير . - تعيدنا انتخابات شتنبر لنفس التقاطب الذي حدث دائما في تجربة اليسار، حينما يقع التراجع ، وحينما يعجز هذا الأخير عن التقاط اللحظات السياسية الدقيقة في تاريخ الصراع السياسي ، تقاطب تحكمه إما نظرة عدمية لا تتصور السياسة إلا بمنطق القطيعة ؟؟؟ ، ورؤية تري أن موازين القوي لا تسمح بأحسن مما هو موجود ، وتلتقي هذه الرؤية ، وإن اختلفت في الشكل مع الرؤية التي تدعو إلي الصمود " التنظيمي والسياسي" في انتظار شروط أفضل ,- انتخابات شتنبر أكدت علي معطي يكاد يكون بنيويا في الساحة السياسية المغربية ، أن اليسار يكون قويا ومؤثرا وفاعلا وذا تأثير إذا كانت كل مكوناته قوية ،والعكس صحيح ، لذلك يشكل الحواروالنقذ والنقد الذاتي المتبادل، ومد جسور التواصل بين مكوناته المناضلة الوسيلة المثلي لإعادة بناء وحدته . - مباشرة بعد انتخابات شتنبر يخرج مستشاري الملك ليعلنا عن تأويل للفصل 24 ، يقطع مع كل التأويلات التي قدمت خلال المراحل التي نتج عنها " التناوب التوافقي " , يضاف إلي كل ذلك الطريقة التي تشكلت بها حكومة الفاسي ، والتي ضمت في صفوفها عدد أكبر من اللامنتميين وممن صبغوا بانتماءات أخر لحضه ، وظهر خلال هذه المرحلة أن حزب الاستقلال ماض وإلي أبعد الحدود في قبول ما يعرض عليه ، وبدون أي اعتراض حتى بدون الاتحاد الاشتراكي ,,,, – المستجدات السياسية في الوضع الحالي : 2 - جبهة للحداثة خلف الملك أهم مستجد هو المحاولات القوية لتركيز ما يعتبر جبهة للحداثة خلف الملك، وهذه الجبهة تلبس اليوم عدة لبوس ، هذه الجبهة ليس مطلوبا منها أكثر من التحلق حول مبادرات جوهرها ملء ما يعتبره أصحاب هذه المبادرات تكلس الأحزاب وعدم قدرتها علي التجاوب مع ما ينجز من مشاريع اقتصادية كبري - وهي المشاريع التي تغري الكثيرين و يرون أن ما يتحقق علي المستوي الاقتصادي يؤكد عدم الحاجة إلي إصلاحات سياسية ودستورية - جزء هام ممن يراد استمالتهم لهذه الجبهة هم اليساريون . تترامن الرغبة في حلق هذه الجبهة مع المحاولات الجارية لرسم خريطة سياسية علي المقاس أساسها ما يلي :تقسيم الخريطة السياسية إلي مشروعين : - مشروع" الإسلاميين " ومشروع " الحداثيون " وهذا المشروع الأخير يجري اليوم حملة 3 - العودة القوية للملف الاجتماعي / ضعف الحركة السياسية :يعود اليوم الملف الاجتماعي بكل ثقله ليفرض نفسه من جديد علي الجميع ، فمع توالي الزيادات المهولة في الأسعار ومع استمرار العاطلة جاثمة علي الآلاف من الشباب ومع توالي سنوات الجفاف واستمرار واقع التهميش بالنسبة لأغلب المدن والقرى المغربية ، سيكون الحاضر القوي فيما سيأتي هو بالضبط الملف الاجتماعي ، مع الإشارة هنا إلي ملاحظتين اثنتين الأولي هي : تزامن هذه العودة القوية للملف الاجتماعي مع التشتت التي تعرفه الحركة النقابية ، ومع وجود حالة من الارتباك في إدارة الصراع علي هذه الواجهة ، إضافة إلي أن الملف الاجتماعي يفيض ويتجاوز الحركة النقابية .الثاني : هو بالضبط ضعف الحركة السياسية واليسارية منها علي وجه التحديد ، فإضافة أن اليسار أهمل الملف الاجتماعي لسنوات ، إضافة أنه عجز أن يوجد المداخل الممكنة لمطالبه السياسية والدستورية - ومن بين هذه المداخل وأهمها المدخل الاجتماعي - كما أنه عجز أن يقدم للحركات الاجتماعية تعبيراتها السياسية الممكنة . 4 – المخاض الذي يعيشه الاتحاد الاشتراكي واليسار عموما :يعيش اليسار المغربي اليوم مجتمعا أزمة حقيقية ، اليسار اليوم لا يملك مبادرات سياسية تمكن من إعادة الدينامية للعملية السياسية ، وتمكنه من مواجهة الأوضاع الصعبة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الجماهير الشعبية خاصة في الهوامش والمدن الصغرى وأيضا في البوادي والقرى النائية .إن المخاض الذي يعيشه الاتحاد الاشتراكي والذي يعتبر نتيجة طبيعية لعاملين اثنين : - النتائج السياسية للانتخابات الأخيرة والتي أنهت مع مسلسل سياسي بكامله وأعادت المغرب لنفس السؤال السياسي "القديم" من يحكم ؟ والاتحاد اليوم في قلب وفي عمق ضرورة التعاطي السياسي مع هذه النتيجة ، لا فقط لأنه قاد ودافع بقوة عن هذا المسلسل ، ولكن لأن الاتحاد القوة الأساسية في اليسار ( في ضعفه ضعف اليسار مجتمعا ، وفي قوته قوة لليسار مجتمعا ) ، وبالتالي يعني كل اليساريين المخاض الذي يعيشه الاتحاد .- حاجة المغرب الموضوعية للاتحاد كقوة يسارية مناضلة ومبادرة ، وحاجة اليسار عموما للاتحاد كحزب في قلب الدينامية السياسية التي تحتاجها البلاد اليوم ، إن استمرار الاتحاد اليوم في الحكومة الحالية ضربة في الصميم لأي نهوض ديمقراطي ينهي مع أسباب هزيمة شتنبر 2007 .إن هذا يعني أن مصلحة البلد ومصلحة تطور نضاله الديمقراطي تفرض أن يؤدي مخاض الاتحاد ومخاض باقي قوي اليسار ، إلي حوار جدي مسؤول ، بين كافة فصائل قوي اليسار يستحضر الحاجة الموضوعية لانتقال حقيقي للبلد نحو الديمقراطية ، إن أساس هذا الحوار ينبغي أن يتأسس علي المنطلقات التالية :. تقيم شامل وموضوعي للمسلسل السياسي الذي دخله المغرب منذ بداية التسعينات ، بما له وما عليه .. بلورة برنامج حد أدني سياسي واقتصادي يتم التعاقد الكتابي عليه، ويكون منطلقا لعمل مشترك.. فتح أوراش تفكير جماعي تهم مجالات العمل الجماهيري النقابية والحقوقية والشبيبة والنساء والحركة الطلابية .....وذلك في أفق بلورة ميثاق عمل يساري مشترك يهم هذه المجالات .بلورة خطة عمل مشترك تهم واجهة "لمؤسسات المنتخبة " ، 5- المغرب وأسئلة الانتقال الديمقراطي :ما هو العنوان السياسي للمرحلة التي يمر منها المغرب ؟ كيف يمكن أن نفسر ما حدث علي الأقل منذ بداية التسعينات ؟ أين نموقع مختلف التطورات التي حدثت في مجال حقوق الإنسان وفي قضايا المرأة وفي مجالات أخري ؟ هل ما وقع مجرد تهيئ انتقال الملك من ملك إلي ملك ، وبالتالي ما عشناه إلي يومنا هذا ، هو في النهاية انتصار لما خطط له الملك الراحل ؟ .يواجه هذا النوع من التحليل بالأسئلة التالية :هل كانت الملكية في بداية التسعينات في موقع الاختيار بين نهج سلوك إشراك جزء من اليسار المغربي في الحكم ، وبين اختيارات أخري ؟ ألم يكن الوضع السياسي يضغط علي الملكية لإحداث تسوية ؟ ولماذا عجز اليسار المغربي أن تكون هذه التسوية لصالح انتقال ديمقراطي حقيقي للبلد ؟ لماذا قبل اليوسفي أن يقدم وبسخاء تنازلات هامة للجيش وللبورجوازية المالية ، وأن يخرج في أول تصريح ليعلن أنه لن يتعقب الساحرات في إشارة إلي المفسدين وناهبي المال العام ؟ الملكية كانت في وضع سياسي عناوينه :- لم تعد قضية الصحراء تشكل قاعدة إجماع .- لم يعد النظام يحتكر المجال الديني ، تقوت في المجتمع قوي تنازعه في شرعية التأويل الديني وتنازعه في أحقية امتلاك هذا الحقل .- لم يعد العامل الدولي والتوازنات الدولية في صالح الملكية ، ولم يعد مقبولا إضفاء أية شرعية علي ما يشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان سواء علي الصعيد السياسي أو علي الصعيد الاقتصادي .- لم تعد الملكية قادرة علي مجاراة منطق الريع إلي ما نهاية . - لم تعد موازين القوي لا بالمعني الستاتستكي التابث والجامد بل بالمعني الدينامي المتحول يسعف النظام أن يمضي في سياسته إلي ما نهاية .إذا كانت الأوضاع السياسية كما أوضحنا أعلاه هي التي صاحبت أغلب المشاريع السياسية ومختلف "الأوراش الحقوقية والثقافية " ، فلماذا إذا عجز اليسار أن يحولها إلي أوراش حقيقية لصالح الديمقراطية ولصالح انتقال حقيقي نحو الحداثة والديمقراطية ؟ إن هذا السؤال لا يعني اليوم اليسار الحكومي فقط – وإن كان هذا الأخير يتحمل المسؤولية الرئيسية في نتائج ما وقع إن من احدي الدلالات السياسية العميقة لانتخابات شتنبر 2007 ، أنها أكدت أن اليسار مجتمعا فشل في الانتخابات وإن لأسباب مختلفة .وهذه الأسباب تحتاج من اليسار مجتمعا أن يناقشها ويجري بشأنها المراجعة الممكنة، طبعا في ارتباط وثيق بسؤال التحول الديمقراطي في المغرب .تحولات سوسيولوجية عميقة مست المغربي لم تواكبها حركة اليسار المغربيمواقف الفئات الوسطي من مهام الديمقراطيةتثير اليوم أوضاع الفئات الوسطي العديد من القضايا والإشكالات حول طبيعة اختياراتها اليوم، خاصة بعد العزو ف الساحق لأغلبيتها عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة ، وما أثرته من أسئلة . إن الفئات الوسطي تشكل الفئة الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي والأكثر حضورا وحيوية في أغلب الانتقالات الديمقراطية الناجحة في مجموعة من الدول ، ولذلك سيكون من الخطأ أن لا يقع تدارس التحولات التي مست هذه الفئة ، في هذه المناسبة نريد فقط أن نطرح التساؤلات التالية :لماذا لم تشارك أغلب هذه الفئات في الانتخابات الأخيرة ، علما أن جزءا هاما من هذه الفئات كان يمنح أصواته لليسار وللاتحاد علي وجه التحديد ولبعض المكونات اليسارية الأخرى ، هل للأمر علاقة بطبيعة الاختيارات السياسية التي دافع عنها الاتحاد بقوة واستمر في الدفاع عنها حتى بعض الخلاصات السياسية التي وصل إليها اليوسفي بعد تجربة " التناوب التوافقي " الأولي ، والذي عرض لأهم عناصرها في إحدى دورات اللجنة المركزية للاتحاد ، وكذا في محاضرة ببروكسيل ؟ ، إذا كان الأمر كذلك لماذا لم يصوت ولو جزء من هذه الفئات لليسار الذي عارض هذه الاختيارات منذ بداياتها الأولي ؟ هل لأن هذا الأخير ، وكما يقال شارك في الانتخابات بمضمون المقاطعة ، أم لأن هذه الفئات تولي أهمية خاصة للجدوى من التصويت علي هذه القوي أوتلك ؟ أم أن حقيقة الأمر أن هذه الفئات هي اليوم ضحية وضع اقتصادي واجتماعي يجعلها في وضعية مابين أن تحافظ علي وضعيتها كما هي ، أو تنحدر للهامشية والبلترة ؟ أي أن الخوف من الانحدار الاقتصادي الضاغط يجعل جزءا هاما منها محافظا ، والجزء الأخر "انتهازي " و" متردد " ؟ هذا السؤال يكتسب مشروعية خاصة إذا ربطناه بالانهيارالأخلاقي المخيف لجزء هام من النخب السياسية أمام إغراءات المناصب ؟ أم أن أغلب هذه الفئات تنظر بعين الارتياح للمشاريع والاستثمارات الكبرى التي يقوم بها ملك البلاد ؟ وبالتالي تقيم العملية السياسية بالمغرب كما هي اليوم بعدم الجدوى والفاعلية ، ما دام الفاعل الأساسي والحاسم يوجد في مكان أخر غير صناديق الاقتراع ؟ اهتمامات جديدة في صفوف الشباب والنساء هل يستقيم اليوم الحديث عن اليسار بدون أن يكون لهذا الأخير امتدادا قويا في صفوف النساء والشباب ؟ بل هل يستقيم خطاب الحداثة والتقدم، بدون أن يكون عمق هذا الخطاب وامتداده مجسدا في عمق المستقبل / الشباب، وفي النصف الثاني للعالم / النساء ؟ ، انطلق اليسار شابا، بل للأمر دلالة خاصة حينما نتذكر قادة اليسار في فترات زمنية محددة لم يكن يتجاوز سنهم العشرين، لماذا فقد اليوم اليسار نفوذه داخل هذه الفئات ؟ لماذا عجز أن يواكب التحولات والاهتمامات الجديدة لهذه الفئات ؟ هل للأمر علاقة بالمد الأصولي وبالتراجع الذي تعانيه الفكرة اليسارية واليوطوبيا الملهمة والمحمسة ؟ أم أن الأمر له علاقة بالديمقراطية الداخلية وبقواعد التداول البطيئة أو المنعدمة علي المسؤوليات داخل أحزاب اليسار ، والتي تجعل الماسكين بالتنظيم يتحولون إلي ما يشبه حراس المعبد من القادمين الجدد ؟ أم أن الأمر له علاقة بالإعياء وتراجع الكفاحية الذي تعانيه نخب اليسار، دون أن تكون مستعدة لإفساح المجال للتجديد والتشبيب ؟ .لقد كان لليسار دورا بالغ في الدفع بقضايا النساء للواجهة ، وساهمت مناضلاته ومناضليه في إقحام الآلاف من النساء في معارك ملموسة وضد أكثر البني محافظة ونكوصي في المجتمع ، بل إن اليسار رفع شعارات ومطالب استطاع من خلالها أن يحدث نقاشا حيويا في المجتمع ، اليوم يعاني اليسار من تراجع مهول في صفوف النساء ، بل يمكن القول بأدنى تردد أن التراجع حدث أيضا في ثقافة الكثير من اليساريين لصالح رؤية مغرقة في الذكورية والأبوية مما جعل المئات من اليساريات يلجأن لأشكال أخري من النضال .النساء اليوم مهددات أكثر من غيرهم من طرف الأصولية والتزمت الديني ، ومهددات أكثر بواقع لازال يبقي علي تفاوت وحيف في الأجور وفي تقدير الكفاءات والمهارات ..كيف يعود اليسار اليوم لواجهة العمل النسائي ؟و هل بالإمكان أن تحدث هذه العودة بدون أن يعود اليسار للمجتمع ليتفاعل مع من يصنعن يوميا مساحات ملموسة للحداثة في مواجهة يومية ومفتوحة وحقيقية مع الأصولية ومع الفكر المتخلف ؟ وهل بالإمكان أن تحدث هذه العودة بدون أن يستوعب اليسار حقيقة التحول الذي حدثت في مجتمع ، نسبة هامة وكبيرة جدا من أسره تنفق وتعول من طرف نساء ؟ كيف يمكن لليسار أن يقنع نساء حداثيات خائفات من القادم إذا تمكن إسلاميوه من السيطرة علي مقاليد البلاد ، إن هم ظلوا مترددين غير حاسمين لصالح أي مجتمع سيحسمون ، لصالح المجتمع التقليدي المستكين النكوصي الحائر ؟ أم لصالح مجتمع ناهض من قلب القديم ، مجتمع ناهض محاصر باستبداد سياسي طال أكثر من اللازم ، محاصر بتزمت فكري ، وبمنظومة تعليمية مغلة في التخلف و اللاعقلانية ؟ محاصر بتأويل واحد للعالم وللدنيا وللدين.... علي اليسار أن يحدد بدون تردد لصالح أي مجتمع يناضل ، وفي هذا الإطار نود في هذه المناسبة أن نطرح الأسئلة التالية :هل المجتمع المغربي ينزع حقا نحو المحافظة والتقليد ؟ ألا ينطوي مثل هذا التحليل علي رؤية غير تاريخية ، تضرب بجرة قلم تطورات هامة وتفاعلات هامة مست قطاعات حاسمة واسترايجية في المجتمع وبناه ؟ ألا يؤدي هذا التحليل إلي الانزواء بعيدا عن جمهور قوي وعن قاعدة يسارية كامنة في المجتمع الناهض ؟ ألا تنشغل بعض نخب اليسار في تقديرها لطبيعة التحول في المجتمع فقط داخل جمهور الإسلاميين دون أن تلتفت لجمهور ولقاعدة ضاربة في المجتمع تصبو وتشرئب بوجدانها إلي مجتمع ودولة حداثية حقا وحقيقة ، بل يصل هذا التطلع حد الموت علي صخرة البوغاز أو الموت اختناقا في أحد الحاويات المتجهة نحو أوربا .إنها جزء من الأسئلة الحارقة التي تسائل يسارا في مفترق الطرق ، إما أن ينتفض علي أوضاعه ويجدد أدواته ، ويعيد للسياسة نبلها وفاعليتها وعنفوانها وحيويتها ، وإما سيجد نفسه في الهامش أو ضحية تواطئات بعضها ظاهر ، وبعضها خفي ، إنها جزء من أسئلة أحس أن هذا الفضاء قادر علي احتضانها ومناقشتها بهدوء .أحمد دابا البيضاء 21 يونيو2008 .......................................................................................................فضاء البيضاء للحوار اليساري.دعوة لكل اليساريات واليساريين للتناظر والحوار/حول الأوضاع السياسية والاجتماعية للبلاد . تأسس فضاء البيضاء للحوار اليساري في بداية شهر أبريل 2008 ، بعد سلسلة من اللقاءات التي عقدها مجموعة من اليساريات واليساريين ، وذلك استجابة للنداء الذي أطلقته مجموعة من الفعاليات وقوي من اليسار المغربي ، وذلك يومي 19 و20 من يناير 2008 ، في إطار الجامعة الشتوية الثانية لتيار " فعل ديمقراطي " بالحزب الاشتراكي الموحد .لقد دعي المساهمون في هذا اللقاء إلي :- تنظيم منتديات فسيحة للحوار بين كافة اليساريين وطنيا وجهويا ومحليا علي أساس محاور متفق عليها في سياق إشباع الحاجة الموضوعية إلي ممارسة التقييم والنقد الذاتي الجماعي . لقد صادق مجموعة من المناضلات والمناضلين اليساريين بالبيضاء علي " ورقة مبادئ أولية " ، وأسسوا فضاء اتفقوا علي تسميته " فضاء البيضاء للحوار اليساري " ، وذالك يوم 8 من شهر أبريل 2008 ، ويهدف هذا الفضاء إلي :- إطلاق مبادرات قوية تستهدف تنظيم فضاءات وملتقيات حرة للمناقشة والحوار علي قاعدة القبول بالاختلاف والتعدد والانطلاق من نسبية الحقيقة .- التفكير في مبادرات عملية في اتجاه إعطاء الحركات الاجتماعية تعبيرها السياسي المتقدم والنوعي ، والمساهمة في الرفع من القيود التي تجعل الحركات الاجتماعية ذات طابع دفاعي محدود .- المساهمة في تذليل الصعاب التي تواجه العمل المشترك بين مكونات اليسار تتمثل في مبادرات سياسية متفاعلة مع " المستجدات الوطنية والجهوية والدولية ويشتمل كافة الجبهات النضالية ضمن جدلية متجددة للسياسي والاجتماعي " .كما أكد المناضلات والمناضلين اليساريين المبادرين لتأسيس هذا الفضاء ، أن هذا الأخير لا يعوض الأجهزة الحزبية لليسار ، كما أن الانتماء إليه شخصي حر مفتوح في وجه كل اليساريات واليساريين بمختلف مواقعهم بما فيهم اليساريين غير المنظمين والمقتنعين بمبادئه .يشكل فضاء البيضاء للحوار اليساري إطارا مفتوحا وحرا يستجيب لحاجة موضوعية ، تتمثل في حاجة اليسار لفهم التحولات السريعة التي عرفها مجتمعنا ، وفي الحاجة إلي فهم المرحلة السياسية التي يمر منها المغرب ، ولإثارة النقاش في قضايا كفت قوي اليسار علي التطرق لها لحسابات خاصة .لقد نظم فضاء البيضاء للحوار اليساري عدة أنشطة ، أخرها تنظيم مناظرة مفتوحة لها علاقة بالراهن السياسي و أفاق العمل اليساري الموحد ، وهي مناظرة مفتوحة من جهة في وجه كل اليساريات واليساريين ، كما أنها مفتوحة في موضوعاتها ، وهي بالمناسبة تطلق نداءا لكل اليساريين للحوار والتناظر حول الأوضاع السياسية والاجتماعية وسبل معالجتها في إطار عمل يساري موحد . وجهة نظر عناصر أولية في قراءة الوضع السياسي الراهن ، وأسئلة في بعض التحولات السوسياسية التي كشفت عنها انتخابات شتنبر 2007 .ينظم فضاء البيضاء للحوار اليساري لقاءا دراسيا حول التحولات السوسياسية لمغرب ما بعد السابع من شتنبر ، هذا اللقاء الأولي يهدف إلي فسح المجال للبحث السوسيولوجي لقراءة حقيقة التحولات التي وقعت في المجتمع ، وكذا محاولة إيجاد عنوان سياسي للمرحلة التي يمر منها المغرب .الورقة التالية محاولة أولية في تحليل بعض عناصر الوضع السياسي الراهن وبعض مستجدياته ، الورقة تحاول أن تثير أسئلة وذلك بهدف التفكير وإثارة المناقشة ، كما أنها تكتفي بسرد عناوين دون أن تدخل في التفاصيل .العناوين الكبرى في الوضع السياسي الراهن – استمرار مشكل الصحراء قائما مع فارق جوهري جديد اليوم ممثلا في مقترح الحكم الذاتي ، وهو المقترح الذي استطاع أن يقنع بعض الدول الكبرى ، إلا أنه لازال يعاني من ثغرات مؤثرة خاصة لدي المعنيين به مباشرة ، أي الساكنة الصحراوية وبعض العقلاء في البوليساريو ، من أهم هده الثغرات وجود . حالة من التوجس وعدم الاطمئنان لمشاريع الدولة المغربية ,. عدم وجود طرف ثالث مستقل عن هيمنة الدولة الجزائرية ، ومستقل عن الدولة المغرية ، طرف ثالث يتمتع بالمصداقية يكون حصيلة حوار جدي بين كل الأطراف المؤمنة بضرورة الحل السلمي التفاوضي . ومن الضروري التأكيد هتا أن قضية الصحراء ، كان من الممكن أن يلعب اليسار دورا مهما ، إلا أن التسليم للحكم في إدارة هذا الملف ، ضيع علي اليسار أي مساهمة له في هذا الإطار . إن الأسباب يطول شرحها لكن الجوهري في الموضوع أن الاختلال الحاصل اليوم جوهره التسليم للحكم إراديا بأن يباشر إدارة هذا الملف الشائك والمعقد .- العودة للأساليب القمعية القديمة ، وتحول مركز الثقل في الاحتجاج من المدن الكبيرة إلي المدن الصغيرة والقرى والهوامش ، مع كل ما يعنيه ذلك من خلاصات سياسية وغيرها .- وجود أكثر من مؤشر علي أن الدولة وفي انتظار أن تستكمل عناصر ترتيب الوضع والأطراف الأساسية فيه ، تهيئ لسيناريو يمكنها من مزيد من التحكم في المشهد السياسي . - إذا كان في السابق اليسار قد شكل قوة اعتراض وممانعة، وساهم بذلك في تجنيب البلاد الدخول في أوضاع غير محسومة، فإنه اليوم يعيش في ظل أوضاع تجعله منشغلا بحروب صغيرة أغلب فصولها ترتبط بحرب مواقع تنظيمية حتى وإن كانت تتم في الغالب الأعم بدون أفق سياسي . - يتحول "المد الأصولي" وخطر "الإرهاب" إلي مبرر لتأجيل الديمقراطية أو لتقييد الحرية ، وإلي مبرر للإبقاء علي اختيارات سياسية وتكتيكية تبناها بعض اليساريين ، فمثلما يراد عدم فتح ملفات الفساد بدعوي خطر الحرب الأهلية ، مثلما اليوم يراد تأجيل انتقال المغرب نحو الديمقراطية بحجة خطر الأصولية والمد الإسلاموي .في طبيعة المستجدات السياسية سنترك جانبا القضايا التي تثار عادة حين تحليل الوضع السياسي ، والمرتبطة بالذات الحزبية اليسارية المنطوية في تنظيمها الخاص ، هكذا بمعزل عن تفاعلات المشهد السياسي كما تجري حيث يبدو وكأن التنظيم يمكن أن يتطور خارج السيرورة السياسية للبلد ، وخارج التفاعلات التي تتم داخل المشهد السياسي المغربي تقدما وتراجعا 1 - سنحاول أن نعالج الوضع السياسي انطلاقا من زلزال شتنبر 2007 ، لماذا ؟- لقد شكلت انتخابات شتنبر 2007 زلزالا سياسيا بكل ما للكلمة من معني ، زلزال كشف وبالملموس وبشكل لغبار عليه، أن المسلسل السياسي الذي دخله المغرب منذ بداية التسعينات قد استنفد بالكامل ، وأن هذا المسلسل لم يؤد كما روج لذلك إلي تداول سلمي علي السلطة عبرألية الانتخابات ، بل علي العكس من ذلك انتهي المسلسل إلي العودة إلي مركزة اكبر للقرار السياسي في يد نفس الفاعل السياسي مجسدا في المؤسسة الملكية ، وإلي توسع نفوذ البيروقراطيين وإلي تراجع واضح للفاعلية السياسية ، وإلي الإعلان بشكل واضح وفي خطابات متعددة عن أن المغرب استكمل حلقة الإصلاح السياسي , وأن المطلوب اليوم هو الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ؟؟؟؟؟ّ . - تعيدنا انتخابات شتنبر إلي سؤال أكبر من السؤال المتعلق بنا كتنظيمات يسارية كل علي حدة ، أو حتى مجتمعين ، سؤال يشكل أولوية الأولويات ، إنه سؤال البلد إلي أين ؟ السؤال المرتبط بهذا الدوران في نفس الحلقة تقريبا ، وفي هذا الرجوع لنفس المربع تقريبا ( يعود المغرب لنفس التردد في الحسم في حيوية الديمقراطية كمدخل لا غني عنه للدخول في العصر - الديمقراطية كما هي متعارف عليها عالميا، وليست ديمقراطية " الخصوصية " كما يراد لهذا البلد دائما-إنه السؤال الذي يعيد تجديد نفسه ، وإن كان اليوم بأخذ أبعاد جديدة – و في قلب هذا السؤال الكبير سؤال المعرب إلي أين ؟ واليسار أتبث رغم خسارته أنه مكونا هاما من المكونات السياسية لهذا المغرب ،وبالتالي فهو معني بهذا السؤال الكبير . - تعيدنا انتخابات شتنبر لنفس التقاطب الذي حدث دائما في تجربة اليسار، حينما يقع التراجع ، وحينما يعجز هذا الأخير عن التقاط اللحظات السياسية الدقيقة في تاريخ الصراع السياسي ، تقاطب تحكمه إما نظرة عدمية لا تتصور السياسة إلا بمنطق القطيعة ؟؟؟ ، ورؤية تري أن موازين القوي لا تسمح بأحسن مما هو موجود ، وتلتقي هذه الرؤية ، وإن اختلفت في الشكل مع الرؤية التي تدعو إلي الصمود " التنظيمي والسياسي" في انتظار شروط أفضل ,- انتخابات شتنبر أكدت علي معطي يكاد يكون بنيويا في الساحة السياسية المغربية ، أن اليسار يكون قويا ومؤثرا وفاعلا وذا تأثير إذا كانت كل مكوناته قوية ،والعكس صحيح ، لذلك يشكل الحواروالنقذ والنقد الذاتي المتبادل، ومد جسور التواصل بين مكوناته المناضلة الوسيلة المثلي لإعادة بناء وحدته . - مباشرة بعد انتخابات شتنبر يخرج مستشاري الملك ليعلنا عن تأويل للفصل 24 ، يقطع مع كل التأويلات التي قدمت خلال المراحل التي نتج عنها " التناوب التوافقي " , يضاف إلي كل ذلك الطريقة التي تشكلت بها حكومة الفاسي ، والتي ضمت في صفوفها عدد أكبر من اللامنتميين وممن صبغوا بانتماءات أخر لحضه ، وظهر خلال هذه المرحلة أن حزب الاستقلال ماض وإلي أبعد الحدود في قبول ما يعرض عليه ، وبدون أي اعتراض حتى بدون الاتحاد الاشتراكي ,,,, – المستجدات السياسية في الوضع الحالي : 2 - جبهة للحداثة خلف الملك أهم مستجد هو المحاولات القوية لتركيز ما يعتبر جبهة للحداثة خلف الملك، وهذه الجبهة تلبس اليوم عدة لبوس ، هذه الجبهة ليس مطلوبا منها أكثر من التحلق حول مبادرات جوهرها ملء ما يعتبره أصحاب هذه المبادرات تكلس الأحزاب وعدم قدرتها علي التجاوب مع ما ينجز من مشاريع اقتصادية كبري - وهي المشاريع التي تغري الكثيرين و يرون أن ما يتحقق علي المستوي الاقتصادي يؤكد عدم الحاجة إلي إصلاحات سياسية ودستورية - جزء هام ممن يراد استمالتهم لهذه الجبهة هم اليساريون . تترامن الرغبة في حلق هذه الجبهة مع المحاولات الجارية لرسم خريطة سياسية علي المقاس أساسها ما يلي :تقسيم الخريطة السياسية إلي مشروعين : - مشروع" الإسلاميين " ومشروع " الحداثيون " وهذا المشروع الأخير يجري اليوم حملة 3 - العودة القوية للملف الاجتماعي / ضعف الحركة السياسية :يعود اليوم الملف الاجتماعي بكل ثقله ليفرض نفسه من جديد علي الجميع ، فمع توالي الزيادات المهولة في الأسعار ومع استمرار العاطلة جاثمة علي الآلاف من الشباب ومع توالي سنوات الجفاف واستمرار واقع التهميش بالنسبة لأغلب المدن والقرى المغربية ، سيكون الحاضر القوي فيما سيأتي هو بالضبط الملف الاجتماعي ، مع الإشارة هنا إلي ملاحظتين اثنتين الأولي هي : تزامن هذه العودة القوية للملف الاجتماعي مع التشتت التي تعرفه الحركة النقابية ، ومع وجود حالة من الارتباك في إدارة الصراع علي هذه الواجهة ، إضافة إلي أن الملف الاجتماعي يفيض ويتجاوز الحركة النقابية .الثاني : هو بالضبط ضعف الحركة السياسية واليسارية منها علي وجه التحديد ، فإضافة أن اليسار أهمل الملف الاجتماعي لسنوات ، إضافة أنه عجز أن يوجد المداخل الممكنة لمطالبه السياسية والدستورية - ومن بين هذه المداخل وأهمها المدخل الاجتماعي - كما أنه عجز أن يقدم للحركات الاجتماعية تعبيراتها السياسية الممكنة . 4 – المخاض الذي يعيشه الاتحاد الاشتراكي واليسار عموما :يعيش اليسار المغربي اليوم مجتمعا أزمة حقيقية ، اليسار اليوم لا يملك مبادرات سياسية تمكن من إعادة الدينامية للعملية السياسية ، وتمكنه من مواجهة الأوضاع الصعبة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الجماهير الشعبية خاصة في الهوامش والمدن الصغرى وأيضا في البوادي والقرى النائية .إن المخاض الذي يعيشه الاتحاد الاشتراكي والذي يعتبر نتيجة طبيعية لعاملين اثنين : - النتائج السياسية للانتخابات الأخيرة والتي أنهت مع مسلسل سياسي بكامله وأعادت المغرب لنفس السؤال السياسي "القديم" من يحكم ؟ والاتحاد اليوم في قلب وفي عمق ضرورة التعاطي السياسي مع هذه النتيجة ، لا فقط لأنه قاد ودافع بقوة عن هذا المسلسل ، ولكن لأن الاتحاد القوة الأساسية في اليسار ( في ضعفه ضعف اليسار مجتمعا ، وفي قوته قوة لليسار مجتمعا ) ، وبالتالي يعني كل اليساريين المخاض الذي يعيشه الاتحاد .- حاجة المغرب الموضوعية للاتحاد كقوة يسارية مناضلة ومبادرة ، وحاجة اليسار عموما للاتحاد كحزب في قلب الدينامية السياسية التي تحتاجها البلاد اليوم ، إن استمرار الاتحاد اليوم في الحكومة الحالية ضربة في الصميم لأي نهوض ديمقراطي ينهي مع أسباب هزيمة شتنبر 2007 .إن هذا يعني أن مصلحة البلد ومصلحة تطور نضاله الديمقراطي تفرض أن يؤدي مخاض الاتحاد ومخاض باقي قوي اليسار ، إلي حوار جدي مسؤول ، بين كافة فصائل قوي اليسار يستحضر الحاجة الموضوعية لانتقال حقيقي للبلد نحو الديمقراطية ، إن أساس هذا الحوار ينبغي أن يتأسس علي المنطلقات التالية :. تقيم شامل وموضوعي للمسلسل السياسي الذي دخله المغرب منذ بداية التسعينات ، بما له وما عليه .. بلورة برنامج حد أدني سياسي واقتصادي يتم التعاقد الكتابي عليه، ويكون منطلقا لعمل مشترك.. فتح أوراش تفكير جماعي تهم مجالات العمل الجماهيري النقابية والحقوقية والشبيبة والنساء والحركة الطلابية .....وذلك في أفق بلورة ميثاق عمل يساري مشترك يهم هذه المجالات .بلورة خطة عمل مشترك تهم واجهة "لمؤسسات المنتخبة " ، 5- المغرب وأسئلة الانتقال الديمقراطي :ما هو العنوان السياسي للمرحلة التي يمر منها المغرب ؟ كيف يمكن أن نفسر ما حدث علي الأقل منذ بداية التسعينات ؟ أين نموقع مختلف التطورات التي حدثت في مجال حقوق الإنسان وفي قضايا المرأة وفي مجالات أخري ؟ هل ما وقع مجرد تهيئ انتقال الملك من ملك إلي ملك ، وبالتالي ما عشناه إلي يومنا هذا ، هو في النهاية انتصار لما خطط له الملك الراحل ؟ .يواجه هذا النوع من التحليل بالأسئلة التالية :هل كانت الملكية في بداية التسعينات في موقع الاختيار بين نهج سلوك إشراك جزء من اليسار المغربي في الحكم ، وبين اختيارات أخري ؟ ألم يكن الوضع السياسي يضغط علي الملكية لإحداث تسوية ؟ ولماذا عجز اليسار المغربي أن تكون هذه التسوية لصالح انتقال ديمقراطي حقيقي للبلد ؟ لماذا قبل اليوسفي أن يقدم وبسخاء تنازلات هامة للجيش وللبورجوازية المالية ، وأن يخرج في أول تصريح ليعلن أنه لن يتعقب الساحرات في إشارة إلي المفسدين وناهبي المال العام ؟ الملكية كانت في وضع سياسي عناوينه :- لم تعد قضية الصحراء تشكل قاعدة إجماع .- لم يعد النظام يحتكر المجال الديني ، تقوت في المجتمع قوي تنازعه في شرعية التأويل الديني وتنازعه في أحقية امتلاك هذا الحقل .- لم يعد العامل الدولي والتوازنات الدولية في صالح الملكية ، ولم يعد مقبولا إضفاء أية شرعية علي ما يشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان سواء علي الصعيد السياسي أو علي الصعيد الاقتصادي .- لم تعد الملكية قادرة علي مجاراة منطق الريع إلي ما نهاية . - لم تعد موازين القوي لا بالمعني الستاتستكي التابث والجامد بل بالمعني الدينامي المتحول يسعف النظام أن يمضي في سياسته إلي ما نهاية .إذا كانت الأوضاع السياسية كما أوضحنا أعلاه هي التي صاحبت أغلب المشاريع السياسية ومختلف "الأوراش الحقوقية والثقافية " ، فلماذا إذا عجز اليسار أن يحولها إلي أوراش حقيقية لصالح الديمقراطية ولصالح انتقال حقيقي نحو الحداثة والديمقراطية ؟ إن هذا السؤال لا يعني اليوم اليسار الحكومي فقط – وإن كان هذا الأخير يتحمل المسؤولية الرئيسية في نتائج ما وقع إن من احدي الدلالات السياسية العميقة لانتخابات شتنبر 2007 ، أنها أكدت أن اليسار مجتمعا فشل في الانتخابات وإن لأسباب مختلفة .وهذه الأسباب تحتاج من اليسار مجتمعا أن يناقشها ويجري بشأنها المراجعة الممكنة، طبعا في ارتباط وثيق بسؤال التحول الديمقراطي في المغرب .تحولات سوسيولوجية عميقة مست المغربي لم تواكبها حركة اليسار المغربيمواقف الفئات الوسطي من مهام الديمقراطيةتثير اليوم أوضاع الفئات الوسطي العديد من القضايا والإشكالات حول طبيعة اختياراتها اليوم، خاصة بعد العزو ف الساحق لأغلبيتها عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة ، وما أثرته من أسئلة . إن الفئات الوسطي تشكل الفئة الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي والأكثر حضورا وحيوية في أغلب الانتقالات الديمقراطية الناجحة في مجموعة من الدول ، ولذلك سيكون من الخطأ أن لا يقع تدارس التحولات التي مست هذه الفئة ، في هذه المناسبة نريد فقط أن نطرح التساؤلات التالية :لماذا لم تشارك أغلب هذه الفئات في الانتخابات الأخيرة ، علما أن جزءا هاما من هذه الفئات كان يمنح أصواته لليسار وللاتحاد علي وجه التحديد ولبعض المكونات اليسارية الأخرى ، هل للأمر علاقة بطبيعة الاختيارات السياسية التي دافع عنها الاتحاد بقوة واستمر في الدفاع عنها حتى بعض الخلاصات السياسية التي وصل إليها اليوسفي بعد تجربة " التناوب التوافقي " الأولي ، والذي عرض لأهم عناصرها في إحدى دورات اللجنة المركزية للاتحاد ، وكذا في محاضرة ببروكسيل ؟ ، إذا كان الأمر كذلك لماذا لم يصوت ولو جزء من هذه الفئات لليسار الذي عارض هذه الاختيارات منذ بداياتها الأولي ؟ هل لأن هذا الأخير ، وكما يقال شارك في الانتخابات بمضمون المقاطعة ، أم لأن هذه الفئات تولي أهمية خاصة للجدوى من التصويت علي هذه القوي أوتلك ؟ أم أن حقيقة الأمر أن هذه الفئات هي اليوم ضحية وضع اقتصادي واجتماعي يجعلها في وضعية مابين أن تحافظ علي وضعيتها كما هي ، أو تنحدر للهامشية والبلترة ؟ أي أن الخوف من الانحدار الاقتصادي الضاغط يجعل جزءا هاما منها محافظا ، والجزء الأخر "انتهازي " و" متردد " ؟ هذا السؤال يكتسب مشروعية خاصة إذا ربطناه بالانهيارالأخلاقي المخيف لجزء هام من النخب السياسية أمام إغراءات المناصب ؟ أم أن أغلب هذه الفئات تنظر بعين الارتياح للمشاريع والاستثمارات الكبرى التي يقوم بها ملك البلاد ؟ وبالتالي تقيم العملية السياسية بالمغرب كما هي اليوم بعدم الجدوى والفاعلية ، ما دام الفاعل الأساسي والحاسم يوجد في مكان أخر غير صناديق الاقتراع ؟ اهتمامات جديدة في صفوف الشباب والنساء هل يستقيم اليوم الحديث عن اليسار بدون أن يكون لهذا الأخير امتدادا قويا في صفوف النساء والشباب ؟ بل هل يستقيم خطاب الحداثة والتقدم، بدون أن يكون عمق هذا الخطاب وامتداده مجسدا في عمق المستقبل / الشباب، وفي النصف الثاني للعالم / النساء ؟ ، انطلق اليسار شابا، بل للأمر دلالة خاصة حينما نتذكر قادة اليسار في فترات زمنية محددة لم يكن يتجاوز سنهم العشرين، لماذا فقد اليوم اليسار نفوذه داخل هذه الفئات ؟ لماذا عجز أن يواكب التحولات والاهتمامات الجديدة لهذه الفئات ؟ هل للأمر علاقة بالمد الأصولي وبالتراجع الذي تعانيه الفكرة اليسارية واليوطوبيا الملهمة والمحمسة ؟ أم أن الأمر له علاقة بالديمقراطية الداخلية وبقواعد التداول البطيئة أو المنعدمة علي المسؤوليات داخل أحزاب اليسار ، والتي تجعل الماسكين بالتنظيم يتحولون إلي ما يشبه حراس المعبد من القادمين الجدد ؟ أم أن الأمر له علاقة بالإعياء وتراجع الكفاحية الذي تعانيه نخب اليسار، دون أن تكون مستعدة لإفساح المجال للتجديد والتشبيب ؟ .لقد كان لليسار دورا بالغ في الدفع بقضايا النساء للواجهة ، وساهمت مناضلاته ومناضليه في إقحام الآلاف من النساء في معارك ملموسة وضد أكثر البني محافظة ونكوصي في المجتمع ، بل إن اليسار رفع شعارات ومطالب استطاع من خلالها أن يحدث نقاشا حيويا في المجتمع ، اليوم يعاني اليسار من تراجع مهول في صفوف النساء ، بل يمكن القول بأدنى تردد أن التراجع حدث أيضا في ثقافة الكثير من اليساريين لصالح رؤية مغرقة في الذكورية والأبوية مما جعل المئات من اليساريات يلجأن لأشكال أخري من النضال .النساء اليوم مهددات أكثر من غيرهم من طرف الأصولية والتزمت الديني ، ومهددات أكثر بواقع لازال يبقي علي تفاوت وحيف في الأجور وفي تقدير الكفاءات والمهارات ..كيف يعود اليسار اليوم لواجهة العمل النسائي ؟و هل بالإمكان أن تحدث هذه العودة بدون أن يعود اليسار للمجتمع ليتفاعل مع من يصنعن يوميا مساحات ملموسة للحداثة في مواجهة يومية ومفتوحة وحقيقية مع الأصولية ومع الفكر المتخلف ؟ وهل بالإمكان أن تحدث هذه العودة بدون أن يستوعب اليسار حقيقة التحول الذي حدثت في مجتمع ، نسبة هامة وكبيرة جدا من أسره تنفق وتعول من طرف نساء ؟ كيف يمكن لليسار أن يقنع نساء حداثيات خائفات من القادم إذا تمكن إسلاميوه من السيطرة علي مقاليد البلاد ، إن هم ظلوا مترددين غير حاسمين لصالح أي مجتمع سيحسمون ، لصالح المجتمع التقليدي المستكين النكوصي الحائر ؟ أم لصالح مجتمع ناهض من قلب القديم ، مجتمع ناهض محاصر باستبداد سياسي طال أكثر من اللازم ، محاصر بتزمت فكري ، وبمنظومة تعليمية مغلة في التخلف و اللاعقلانية ؟ محاصر بتأويل واحد للعالم وللدنيا وللدين.... علي اليسار أن يحدد بدون تردد لصالح أي مجتمع يناضل ، وفي هذا الإطار نود في هذه المناسبة أن نطرح الأسئلة التالية :هل المجتمع المغربي ينزع حقا نحو المحافظة والتقليد ؟ ألا ينطوي مثل هذا التحليل علي رؤية غير تاريخية ، تضرب بجرة قلم تطورات هامة وتفاعلات هامة مست قطاعات حاسمة واسترايجية في المجتمع وبناه ؟ ألا يؤدي هذا التحليل إلي الانزواء بعيدا عن جمهور قوي وعن قاعدة يسارية كامنة في المجتمع الناهض ؟ ألا تنشغل بعض نخب اليسار في تقديرها لطبيعة التحول في المجتمع فقط داخل جمهور الإسلاميين دون أن تلتفت لجمهور ولقاعدة ضاربة في المجتمع تصبو وتشرئب بوجدانها إلي مجتمع ودولة حداثية حقا وحقيقة ، بل يصل هذا التطلع حد الموت علي صخرة البوغاز أو الموت اختناقا في أحد الحاويات المتجهة نحو أوربا .إنها جزء من الأسئلة الحارقة التي تسائل يسارا في مفترق الطرق ، إما أن ينتفض علي أوضاعه ويجدد أدواته ، ويعيد للسياسة نبلها وفاعليتها وعنفوانها وحيويتها ، وإما سيجد نفسه في الهامش أو ضحية تواطئات بعضها ظاهر ، وبعضها خفي ، إنها جزء من أسئلة أحس أن هذا الفضاء قادر علي احتضانها ومناقشتها بهدوء .أحمد دابا ........................... البيضاء 21 يونيو2008فضاء البيضاء للحوار اليساري .تقديمفي إطار فعاليات و أنشطة الفضاء نظم هذا الأخير مناظرة مفتوحة حول " آية أفاق للعمل اليساري الموحد " ، شارك فيها كل من :كمال الحبيب ، مصطفي ابراهمة ، عبد الهادي خيرات ، م أحمد العراقي ، مصطفي بوعزيز ، وأدار أشغالها الصحفيين عبد الرحيم تفنوت ، وحميد اجماهري ، وتقدم الفضاء بأرضية للنقاش .الفضاء وفي إطار تعميم النقاش حول أوضاع البلاد وضمنه اليسار المغربي يعيد نشر أشغال هذه المناظرة المفتوحة ، متمنيا أن تكون مواد هذا النقاش وسيلة للحوار والمناظرة بين اليساريات واليساريين . مصطفي ابراهمة مساهمتي في هذه المناظرة التي ينظمها فضاء البيضاء للحوار اليساري أريد أن أطرح مضامينها لنناقشها بكل هدوء .إن اليسار اليوم يعيش أزمة هوية ، من هو وما هو اليسار اليوم ؟ ، إن النضال الديمقراطي يعيش أزمة قيادة ، من يقود النضال الديمقراطي ؟ وهل النضال الديمقراطي لا زال مطروح علي اليسار المغربي ؟كما سأسائل الأسئلة التي طرحها الفضاء ، ما دلالة التعدد الحاصل اليوم في الجسم اليساري ؟ وهل لهذا التعدد علاقة بالاختلافات الحاصلة في تقدير المرحلة السياسية الراهنة ؟ أعتقد أن التشرذم الحاصل اليوم ، له علاقة بما هو تاريخي ، له علاقة بالحزب الشيوعي والانشقاقات التي حصلت ، وله علاقة بميلاد اليسار الجديد الذي انتقد إصلاحية هؤلاء وطرح البديل الثوري ، ثم له علاقة بالانشقاقات التي عرفها الاتحاد الاشتراكي انشقاق حزب الطليعة منتقدا الخط الانتخابي ثم الحزب الاشتراكي ، ثم التنظيمات اليسارية الناشئة من الجسم اليساري .هناك أيضا أسباب إيديولوجية ، لقد انتسبت الحركة اليسارية للشيوعية والاشتراكية ، وهناك اليوم من هو لا مع هذه ولا مع تلك ليتبني الديمقراطية الاجتماعية ، هناك أيضا أسباب طبقية غيرت من المواقع الاجتماعية السابقة وتحول نتيجة ذلك العديد من أطر اليسار من أطر ذات رأسمال رمزي إلي أطر ذات رأسمال مالي وإلي مجال المقاولات ، ثم هناك سبب سياسي أغلب الانشقاقات ارتبطت بما هو سياسي وبالضبط جانب الخلاف بني علي المسافة القائمة بين الحزب وبين السلطة ، وكذا التفاوتات التي تحصل في تقديرات المرحلة السياسية .لقد برز اليسار الجديد لينتقد إصلاحية الاتحاد والتحرر والاشتراكية وليطرح البديل الثوري ، ومختلف الأحداث اللاحقة المتحكم فيها كان هو المسافة الموجودة بين الحزب والسلطة ,اليوم في تقديري نحن أمام ذاكرتين : ذاكرة تتشكل من الاتحاد ومن حزب التقدم والاشتراكية وجبهة القوي الاشتراكية والحزب العمالي وبعض الاشتراكيين بين هؤلاء وأولئك والجامع بينها أنها باركت ما سمي بالتناوب التوافقي وانخرطت فيه وهي مستعدة اليوم للاستمرار في المشاركة في العمل الحكومي رغم التجربة التي نعرف اليوم جميعا نتائجها ، وهي تعتبر أن المرحلة هي مرحلة انتقال ديمقراطي .ذاكرة ثانية وتتشكل من اليسار الديمقراطي ويضم تجمع اليسار الديمقراطي ، وهو اليسار الذي يربط بين أوضاعه واستمرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتدهورة للشعب المغربي ، كنتيجة مباشرة لسياسة التناوب التوافقي التي دخلتها القوي الديمقراطية وفق عقد ادعان ، وبتوافق كان مشروط بشروط المخزن ، وبالرغم من بعض المكاسب التي لا يمكن إنكارها فإن الحصيلة العامة كانت لصالح المخزن .ما هي الدلالات السياسية لانتخابات السابع من شتنبر ؟ أولا يجب الإشارة أن السابع من شتنبر هي عنوانا لصناعة الخلط ولزراعة الوهم ، لأن الذي جري في هذه الانتخابات هو أن 80 في المائة من المغاربة أكدوا أن هذه الانتخابات لا تشكل بالنسبة لهم رهانا ، وأن لا خير يرجي منها إذ في المغرب الحكومة لا تحكم ، والبرلمان لا يشرع ، والقضاء ليس سلطة دستورية ، والأحزاب ليس وسيلة للوصول للسلطة بل هي فقط لتأطيرالمواطنين ، وبالتالي الذي يحكم لا ينتخب ولبذي ينتخب لا يحكم ، مما يجعل اللعبة الديمقراطية متحكم فيها .إن النتيجة المباشرة لكل ذلك تظهر في تشابه البرامج الانتخابية للأحزاب ، وتظهر في ترشيح الأحزاب للأعيان وليس المناضلين ، النظام استطاع أن يغرق الحقل السياسي بالعديد من الأحزاب بحيث لم يعد في حاجة إلي التزوير كما في السابق ، إن ما يهمه اليوم ليس النتيجة وإنما المشاركة ,أريد أن أؤكد أيضا أن المرحلة السياسية الراهنة لا زالت تفرض النضال الديمقراطي مع الإشارة هنا أن القوي التي قادت هذا النضال في السابق قد فشلت ، وأن المطروح اليوم هو من سيقود هذا النضال وهو السؤال المطروح علي اليسار المغربي .السؤال الثالث : هل يمكن لليسار في ظل الأوضاع السياسية الراهنة أن ينتقل لتنظيم مناظرة عامة للحوار اليساري ؟ أولا ما هي الأوضاع القائمة ؟ في نظري إن النظام يعيش أزمة سياسية عميقة ذلك أن المسلسل السياسي كما جري قد استنفد كل إمكاناته للتطور ، وأن النظام من الصعب عليه أن يحكم بنفس الطريقة ، باستثناء خرجات من نوع التخريجات الجارية حاليا بهدف تأسيس حزب الدولة ، والتي لن يكتب لها النجاح .فشل القوي الديمقراطية التي اندمجت في سياسة النظام ، ومشاركتها في حكومة طبقت برامج الحكم وليس برامجها ، الجانب الأخر في الأزمة هو غياب بديل لقيادة النضال الديمقراطي ممثلا في قيادة الطبقة العاملة وقوي يسارية من غير اليسار التقليدي ، إن النتيجة السياسية المباشرة لأزمة من هذا النوع أنها تقدم شيئين اثنين إما : انقلاب عسكري وهو ما ليس قائما في المغرب بحكم أن الحقل العسكري مؤطر ، لكن علينا أن نلاحظ المستجد القائم والمتمثل في انتفاضة المدن الهامشية والهامش عموما ,ما هو المطلوب اليوم ؟ استراتيجيا المطلوب من اليساريين والاشتراكيين هو العمل علي بناء الأداة السياسية وبناء التحالف الطبقي ، مرحليا اللحظة تتطلب بناء قطب سياسي اجتماعي يلتف حول برنامج ، سياسيا مواجهة المافيا المخزنية والقيام بإصلاحات سياسية ودستورية من أجل نظام برلماني ، اجتماعيا حماية المرفق العمومي والدفاع عن المدرسة العمومية ، حقوقيا عدم الإفلات من العقاب ، اقتصاديا محاربة اقتصاد الريع وحماية المكاسب الاجتماعية ، وهو البرنامج الذي بإمكانه أن يلف حوله القوي الديمقراطية واليسارية بعد أن تكون بعض هذه القوي قد قطعت مع تجربة المشاركة في الحكومة في ظل هذه الأوضاع . عبد الهادي خيرات هناك حاجة لتحديد بعض المفاهيم لأنه في كثير من الأحيان إما عند اليسار أو عند جزء منه ، لا فرق بين الصديق وبين الحليف وبين العدو ، إذ كثيرا ما يوضع البيض في سلة واحدة .الجانب الثاني الذي أريد أن أثيره في هذه المناسبة ، هو أنه في كثير من الأحيان ، اليسار لا تكون مواقفه مبنية علي تحليل وفهم للواقع المعقد بل في الغالب الأحيان تبني علي مواقف الأخر . الجانب الثالث وتتعلق بأزمة المجتمع وعلي مختلف المستويات من الأسرة إلي المؤسسات ...حيث ليس هناك مجال لم تشمله هذه الأزمة ، وهي ناتجة عن تحول المجتمع من مجتمع تقليدي إلي مجتمع شبه عصري أو شبه حديث ، وذلك بناءا علي تحولات مجتمعية داخلية ، وبناءا أيضا علي تحولات كونية بعضها مرتبط بالتطورات التكنولوجية الهائلة وبعضها مرتبط بتأثيرات العولمة وغيرها من العوامل .إن هذه التحولات التي تمر في ظل فترة انتقالية ، تجعل البعض يؤدي فاتورتها ، والبعض الأخر يستفيد من هذه التحولات ، إن اليسار – ومع كامل – لا يتوفر علي دراسة وتشخيص لواقع هذه التحولات ، حيث البعض يحاول أن يجاري هذه التحولات ويحاول أن يوجد له موقع قدم ضمنها ، في حين البعض الأخر يعتبر مجاراة هذه التحولات تنكرا للماضي ولما سبق الجانب الأخر ويتعلق بتطرف البعض ، وهو في جانب منه نتيجة من نتائج هذا التحول نفسه .من خلال هذه الجوانب سأحاول أن أتطرق لبعض القضايا ومنها : - جانب متعلقا بالديمقراطية.- جانب متعلقا بالإصلاحات السياسية والدستورية .- جانب متعلقا بالوحدة الترابية.إن الديمقراطية تأخذ عندنا عدة أبعاد ، فالبعض منا يري أنها تحتاج لبعض التدرج ، البعض الأخر منا يعتبرها تابعة لأبعاد أهم وهو في ذلك لا زال سجين أطروحات الماضي المرتبطة بتجارب ما كان يعرف سابقا بالمعسكر الاشتراكي ، والتي كانت تعتبر الديمقراطية ثاوية في الأبعاد الأخرى ، ولم يتم النظر إلي الديمقراطية كصيغة حضارية تكونت في الغرب ، إن الانهيارات التي حدثت فيما سمي سابقا بالمعسكر الاشتراكي أعادت للديمقراطية حيويتها ، وهي تفرض علي اليسار اليوم نقاشا جديا .الإصلاحات السياسية والدستورية وفي ارتباطها بقضية الديمقراطية وما تطرحه من قضايا وما تفرزه من خلافات ، لا زال البعض يتحدث عن دستور ديمقراطي ، مفهوم هنا من حيث الشكل بإسناد مهمة وضعه للمجلس التأسيسي ، لنعود بذلك للنقاش الذي سبق أن طرحه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . إن اليسار اليوم مطروح عليه أن يعيد فتح النقاش حول ما نريده كإصلاحات سياسية ودستورية لا من زاوية البحث عن الحقيقة ، ولكن من زاوية الفاعلية السياسية ، أي من زاوية أن اليسار فاعل سياسي يتعاطي مع الواقع الملموس وبمختلف تعقيداته .الوحدة الترابية في هذا الجانب يتفق كل الفاعلين السياسيين في الكون كله ، أنه وقبل أن نبني نظام ما أو نناقش شكله لا بد أن ننطلق من وطن له مقومات وموجود في جغرافية وله حدود ,أريد أن أثير كذلك قضية مهمة لها علاقة باليسار، إن اليسار كان يعيش في السابق نوعا من المد أعتقد أن الأمر كان طبيعيا ، ذلك أن المجتمع تعاطف مع اليسار كضحية من جهة لأنه كان مقموعا ، ومن جهة ثانية لأنه كانت له الشجاعة ليعبر عن مواقف ، إن كسب هذا التعاطف اليوم غير ممكن بدون القدرة علي الإتيان بمكاسب ملموسة للمواطنين وبدون ما عبر عنه بوعزيز بثقافة القرب ، لذلك السياسة اليوم تحولت ولم تعد هي القدرة علي المناورة ، بل هي القدرة علي التعاطي مع هذا الواقع العنيد .جانب أخر ويتعلق بالتحولات التي مست العديد من المواقع ، ومنها الحركة النقابية ، اعتقادي اليوم أنه يجب أن نكون مع الصراعات الاجتماعية بغض النظر عن اللون النقابي ، إن الواقع اليوم يقول أنه لا وجود لحركات نقابية قوية إن ما يحدث اليوم من نضال اجتماعي تخوضه إطارات أخري من مثل تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار ...إن اليسار مطروح عليه اليوم أن يفتح نقاشا هادئ وعميق حول الحركة النقابية ، نقاش بدون مزيدات ، لأنه في كثير من الأحيان هذه المزيدات كانت سببا في أن يضيع اليسار العديد من المواقع كالحركة الطلابية ، والنضال النقابي العمالي ... مطروح علينا اليوم أن نعيد بناء القطاعات ، والابتعاد في هذا الشأن عن المزيدات السابقة ، لقد كان في السابق مطروح علينا أن نواجه الرأسمال وأن نعادي الباطرونا ، اليوم مطروح علينا كيف نستقطب المستثمرين ونقوي من الاستثمار لإنعاش الشغل ، إن اليسار بكامل الصراحة يجد نفسه في مواجهة أشياء جديدة وأسئلة جديدة فرضتها التحولات وفرضتها العولمة ، إن الواقع يفرض علينا كيسار أن نفتح نقاش جدي وهادئ حول ما نتفق عليه وما نختلف عليه ، علينا أن نستمع لبعضنا البعض لأنه في كثير من الأحيان المزيدات وعدم الإنصات المتبادل ضيعت علينا الكثير ، إن الواقع الحالي يؤدي باليسار إلي التهميش وسيزداد اليسار هامشية إن لم يلتقط هذه الفرصة ليوسع من دائرة الحوار ، لليسار امتدادات مهمة أكثر بكثير ممن هم اليوم منخرطين بشكل مباشر في صفوفه وهي تشكل قطبا مهما إلا أنها اليوم تعيش تأكلا حقيقيا ، إذ لم نوقف فيما بيننا التنابذ بالألقاب لا أمل أن نتطور . مداخلة كمال لحبيبما الذي يعيق تطور اليسار في المغرب وتوسيع قاعدته الاجتماعية بالرغم من أنه الوحيد الكفيل بإعطاء أجوبة للأزمة السياسية والاجتماعية التي تمر منها البلاد؟ ماهي العوائق أمام توحيد اليسار بالرغم من كل المحاولات والنداءات في اتجاه مجمع الشتات؟يمكن تلخيص هذه العوائق في ثلاث نقط:1 المستوى الفكري أو ما يطلق عليه بالهوية: الملاحظ هو أن اليسار لم يعد ينتج أفكارا وبدائل انطلاقا من التراث الكفاحي للشعوب، أفكار تأخذ بعين الاعتبار التطورات التي شاهدها العالم بعد اندحار حائط برلين. ان اليسار إما انه اكتفى بإعادة كتابة الايديولوجية الماركسية وإعادة نشرها (كما وقع للقائمين على جريدة اليسار الموحد الذين نشروا البيان الشيوعي للرد على أطروحات سياسية داخل الحزب) وهذا أهون الشر في الحقيقة لأن ضعف الفكر والايديولوجية والبحث، فتح المجال واسعا لاختراق الاحزاب اليسارية بالفكر الليبرالي والفكر الديني والكل تحت غطاء شعارات شعبوية غير منسجمة مع الاختيارات السياسية المعلنة.إن هذا الغموض الفكري طبعا أدى الى تحاليل لا تمت الى الواقع بصلة وأنتج خطأ سياسيا واستراتيجية متضاربة وغير منسجمة: بالرغم من كون اليسار خرج من السرية وقبل العمل في ظل المشروعية الحالية، وبالتالي قبول الاحتكام الى القوانين الجاري بها العمل، وبالرغم من أنه دخل اللعبة الانتخابية وبحماس، فإنه لم يقطع مع خيارات أخرى وهذا لا يعني التقليل من أهمية الاستراتيجية الانتفاضية أو استراتيجية الكفاح المسلح وإنما يؤاخذ على اليسار وبالخصوص ما يطلق عليه باليسار الجذري هو عدم الانسجام السياسي: إن اختيار خط سياسي يستدعي الانسجام في هذا الخط: إن الانتقادات والشعارات التي يرفعها اليسار الجذري اليوم تستدعي منطقيا الاستعداد لخوض العنف الثوري وحرب العصابات والحرب الطويلة الامد. إن اليسار الجذري بالرغم من خيار العمل في إطار الشرعية الحالية (المشاركة في الانتخابات، بناء أوهام على التجذر الشعبي لليسار، الوجود في البرلمان، إيهام الرأي العام بأن اليسار سيفاجأ بنتائجه في الانتخابات، وجود اليسار في مؤسسات تنعت بأنها غير شرعية وغير دستورية).بالرغم من هذا كله ان اليسار لم يحدد بشكل واضح علاقته مع الدولة ومؤسساتها. إذا كان الاتحاد الاشتراكي قد انخرط في صيرورة الانتقال التوافقي، فإنه أخطأ في حق الشعب المغربي إذ كان بوسعه ان يفرض انتقالا ديمقراطيا حقيقيا يؤسس لدولة الحق والقانون ولديمقراطية تعتمد دستورا يفصل بين السلط.أما اليسار الجذري، فإنه انزلق في فخ الصراعات الداخلية دون تحقيق أمرين: التوحيد على أسس تنظيمية جديدة والتوحيد على أساس خط سياسي واضح وأضاع الفرصة للتجذر في صفوف الجماهير وتقوية قاعدته.وطبعا اليسار يعيد مسؤولية فشله الى الدولة علما بان الحاكمين في المؤسسات لا يمكن ان يتخلوا عن مصالحهم وسلطتهم إلا على أساس ميزان قوى يفرض عليهم التنازل على حصص من سلطتهم، ناهيك عن ان العولمة تضع الدول الضعيفة تحت مراقبة وتوجيهات المؤسسات الدولية.التحالفات: طبعا بناء على الضعف الاول والثاني إن تدبير التحالفات عامل يساعد على تغيير ميزان القوى.إن المقاربة السياسية للعلاقة مع الدولة أدت الى إضعاف اليسار. إن بناء استراتيجية على أساس الخط الفاصل بين اليسار الحكومي واليسار غير الحكومي أدى الى تمزيق اليسار أكثر من تقويته، إذ تحالف اليسار الديمقراطي لم ينتج أي شيء يذكر في اتجاه تطور المسلسل الديمقراطي في البلاد. كما ان التحالف الثلاثي لم يعط أية نتيجة انتخابية تذكر، ناهيك عن نقط الضعف التي شابته باعتماد مرشحين تحوم حولهم عدة انتقادات.كما ان الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية لم يراعيا مصلحة البلاد ومصلحة الخيار اليساري وبقيا في موقفهما المتعالي والمهيمن دون استيعاب ان التحالف اليوم لا يمكن ان يكون لا مع اليمين الليبرالي ولا مع اليمين الديني.ضمنيا نرى أن البديل اليوم ينبني على هذه النقط الثلاث: تعميق وتوضيح الفكر والهوية اليسارية علما بأن مرحلة الأوثان قد اندحرت: أوثان الزعامة، أوثان التنظيم المنغلق ولو تحت غطاء المركزية الديمقراطية، أوثان الفكر الواحد الحامل للحقيقة، وأوثان مفهوم الطليعة.إن على اليسار استخلاص الدروس من تجربة أمريكا اللاتينية، وبالخصوص تجربة البرازيل والتجربة الغنية للحركات الاجتماعية التي أوصلت لولا الى السلطة. توضيح الخط السياسي بما ينسجم مع المرحلة السياسية التي تبقى مهامها هي تحقيق الديمقراطية وإرساء دولة الحق والقانون، أي دولة تحمي حقوق المستضعفين. دولة يحتكم الناس فيها الى عدالة مستقلة ونزيهة، دولة تضمن العيش للجميع في الكرامة إعادة النظر في التحالفات وإعادة النظر في الثقافة الموروثة في مفهوم الطليعة وملك الحقيقة. مداخلة مصطفي بوعزيزاخترت في تدخلي أن يكون تدخلا نقديا، ورغبتي أن لا أتدخل لصالح أحد ولكن أنتصر فقط للفكر النقدي. فنحن بحاجة في هذا الوسط اليساري إلى تعميم النقاش.مداخلتي ستتوزع بين شقين: الأول سيتم فيه التركيز على رؤو س أقلام حول مفاهيم وملاحظات لها علاقة بالوضع الراهن، والثاني لإعطاء مقترحات لتجاوز ما هو قائم.1/ السمة الأولى التي أشير إليها في هذه الورقة: هامشية اليسار في الحقل السياسي المغربي كنتيجة لهامشيته في الحقل الثقافي. فإذا كانت هناك ثقافة يمكن أن نسميها يسارية فهي ثقافة هامشية في المجتمع. إن الثقافة الحاضرة والمهيمنة هي ثقافة محافظة، أما الثقافة اليسارية كجزء من الثقافة الحداثية الديمقراطية، هي ثقافة هامشية. وهذه الهامشية في ثقافتنا كيسار، ونحن نمارس السياسة، تؤدي إلى أننا نضيع البوصلة ونخرج من مركز الحقل السياسي ونسير نحو هامشه.و من أجل عودة اليسار إلى مركز الحقل السياسي، ذلك يتوقف أو يتطلب أن نعيده إلى مركز الحقل الثقافي. هذه خلاصة أولى.السمة الثانية،2/ تباطؤ الفعل الاجتماعيمن هذه الناحية يمكن أن نكتب عن الحركات الاجتماعية وعن عددها، ولكن ذلك لا يعبر عن النهوض، وإنما يعبر عن التدهور. وهذا التدهور أو التقهقر، إنما يعبر عن تطاحن اجتماعي، وهو ناتج عن بطء فك ارتباط الحقل الاجتماعي بالحقل السياسي. وأننا سنضيع مدة طويلة، حتى تتحرر المسألة الاجتماعية نسبيا بطيبعة الحال، من هيمنة السياسي. لأن هذا التحرر هو معطى من معطيات الحداثة.فما يميز المجتمعات الحداثية، هو فك الارتباط النسبي بين الحقول. أما التداخل العضوي، وهيمنة الحقل السياسي على كل الحقول الأخرى، فهو سمة للمجتمعات المحافظة، وهو يؤدي إلى تبعثر الفعل الاجتماعي.وهذا الوضع خلق لنا ما أسميه قلق في العمل الاجتماعي. وهذا القلق يعطينا التسابق والجدل ما بين المركزيات النقابية من جهة، وما بين التنسيقيات المختلفة التي تحاول أن تملأ الفراغ. وهذا يتم بطبيعة الحال في إطار نظام اجتماعي يمتاز بعلاقات زبونية أو بسيادة الزبونية.3/السمة الثالثة، اتجاه الحقل السياسي نحو الإنغلاق، مع اتجاه الحقل الاجتماعي نحو توسيع فضاءات الاحتجاج في ظل هيمنة للزبونية، واتجاه الحقل الإقتصادي نحو مركزية المضاربة العقارية والمالية، والهشاشة أمام صدمات نظام الاقتصاد العالمي.ويجب أن لا تقع الغشاوة على أعيننا فيما يسمى بالأوراش الكبرى، التي قد يكون لها أثر ظرفي، ولكن في آخر المطاف ماذا نحصد منها ، وكم هي وخيمة نتائجها على الفوارق الطبقية؟4/السمة الرابعة انغلاق مكونات اليسار على نفسها عموما، وانسياقها وراء ديناميات سابقة مكبلة لإبداعها ولإشعاعها. والسبب في ذلك أن المبادرة والنهوض والصعود في بداية التسعينيات، كانت نتيجة لتلاقي حركتين: الحركة المطلبية من طرف المركزيات النقابية، والحركة الإصلاحية المطالبة بالإصلاح السياسي والمطالبة بالانتقال إلى الحداثة وإلى نظام ديمقراطي. التقاء هاتين الحركتين أعطت دينامية في المجتمع. لكن ابتداء من أواسط التسعينات، وبالخصوص منذ ما يسمى بتجربة التناوب ، بدأ فك الارتباط ما بين هاتين الحركتين، خصوصا بعد نكوص الحركة الإصلاحية التي عمليا فقدت بوصلتها.هذا هو ما يميز الوضع الراهن لليسار.الشق الثاني من المداخلة أقدم فيه مقترحاتالكل يتذكر شعارنا السابق كيساريين وثوريين: " سوا اليوم سوا غدا الثورة ولا بد"هذا الشعار يعبر عن حتمية في تفكيرنا، وهو ما يعتبر إحدى المثبطات لفكرنا النقدي. فقد يكون الإصلاح، وقد تكون الثورة، وقد يكون الانتقال الديمقراطي، وقد لا يكون. فالأساس هو مرتبط بالفعل، بمدى إعطاء معنى معين للعمل الجماعي، بمدى التقاء الأفكار بحركة اجتماعية حاملة لهذه الأفكار.انطلاقا من هذه الاحتمالات والانشغالات، انتقلت كمناضل يساري كان يدافع عن الحتمية، من هذا الزمن الحتمي إلى الزمن الاحتمالي.هناك احتمالات، وأراهن على احتمال من بينها، وأعطي أو أوفر شروط للإحتمال الأحسن. وربما من الناحية الإحصائية، قد لا يكون هذا الاحتمال يتوفر على أكثر من 10 أو 15في المائة، من الحظوظ، لكنه مع ذلك قد ينجح، إذا ما نحن وفرنا له الشروط المناسبة.من هذه الشروط: 1/ المقترح الأول: أن نؤسس داخل اليسار، قناعة بتحالف استراتيجي على قاعدة مشروع مجتمعي واضح المعالم. وألخصه في مجتمع العلم والمواطنة. علما أننا بعيدين عن هذا المشروع سواء في برامجنا أوفي تصريحاتنا أوقناعاتنا الفكرية.ولا أتخيل أن يكون هناك وجود لليسار في المغرب، من دون أن يكون حاملا لهذا المشروع. لذلك فإن هذا التحالف الاستراتيجي، يتطلب أن نتجاوز خلافاتنا التنظيمية، أن نسمو عن تموقعاتنا السياسية الظرفية. قد يشارك فريق ولا يشارك فريق آخر في الحكومة، وقد يشارك فريق ولا يشارك فريق آخر في البرلمان. ولكن تحالفنا الاستراتيجي هو أن يكون قائما ومجسدا في الميدان. 2/ المقترح الثاني: أين يمكن أن نجسد هذا التحالف ميدانيا؟ يجب العمل على إعطاء معنى للحركة الاحتجاجية واسترجاع المبادرة في الحقل الاجتماعي بإيجاد صيغة عملية منتجة لتكوين التنسيقيات وللتنسيق فعليا بين المركزيات النقابية. وقد يكون هذا التنسيق سهل في الصياغة، لكنه بالتأكيد صعب في إعطاء برنامج عملي وأصعب في تنفيذه في الميدان. وهو ما يتطلب منا بذل جهد لتجاوز كل الجراحات السابقة، وكل الأحكام القيمية الراهنة، وكذلك كل المثاليات المختلفة.يجب المراهنة على ما يجمع، على ما يوحد، على ما يعطي معنى، وليس على الفئوية الضيقة أو النتيجة المباشرة. 3/ المقترح الثالثالاجتهاد لإرساء صيغة جديدة للفعل في الانتخابات المحلية المقبلة. وكأول امتحان في هذه المناسبة، أقدم مقترحا بسيطا: اختيار 10 نقط في المغرب كله، في البادية أو المدينة لتجريب الترشيح المشترك فيها. ، وأن نوجه كل جهودنا كيساريين، للعمل على الإطاحة برؤوس الفساد المعروفة يهذه النقط . و قد نعتمد في ذلك مسطرة بسيطة، وهي الاعتماد على الكفاءة وعلى الشفافية في اختيار المرشح المناسب، وتجاوز الجغرافيا الحزبية. ونعين لذلك الغرض لجنة للحكماء في كل نقطة. إن القيام بهذه التجربة الجديدة في 10 نقط فقط، هو تحدي وامتحان للذات. وإذا حققنا نتائج على هذا المستوى، سنكون قد تجاوزنا عدد من المعيقات الذاتية بالخصوص.4/ المقترح الرابعإعداد طويل النفس، لخوض المعركة الثقافية ضد المحافظة بكل أشكالها، والعودة إلى مركز الحقل الثقافي المغربي.هذا عمل على المدى الطويل، و يتطلب تكثيف اللقاءات من هذا النوع. مع العلم أننا بقينا في هذا اللقاء، عند عطشنا لأننا علينا أن نتكلم بشكل مكثف وسريع، وربما سننفعل مع بعضنا ولن نعطي نتائج مفيدة. لذلك أقترح على الفضاء القيام يتنظيم ثنائيات، حيث المهم فيها هو المقابلات، لأن نقف عند ما يفرقنا وما يجمعنا. وبالتأكيد أن ما يفرقنا فيه الكثير من سوء التفاهم. ويجب توفير الوقت لنتطارح فيه، ورفع الغموض والالتباس. فالإلتباس في تجربتنا اليسارية سلبي، حيث كل ما ظهر الالتباس بيننا نسير إلى نمط من التعارض وإلى التقوقع. ولذلك فرفع الالتباس هو المرحلة الأولى للتفاهم.يجب توسيع مرحلة رفع الالتباس، وترك الجنين يتبلور حتى يولد بشكل سليم. كما يتطلب منا أن نقوم بتعميم ما نقوم به، وأن نستفيد من الصورة والإعلام. أن نفتح هذه الواجهة الإعلامية بشكل مشترك: مواقع الكترونية ومكتوبة مشتركة، ولماذا لا موقع إعلامي مشترك كإذاعة أو تلفزة، إذا توفرت الشروط لذلك. مع احترامنا بطبيعة الحال للتعددية والاختلاف.وبطبيعة الحال، أن ننتج في إطار هذا العمل الثقافي، خطابا سياسيا يساريا واضحا ومتميزا. قد نسير نحو عمل عميق من أجل صياغة دستور حداثي بالمغرب، يمر عبر محطات مختلفة، من ضمنها محاولات تطويرية في البداية،ثم صياغة تركيبية محكمة ثم حملة معرفية وتحسيسية ....هذه مجموعة من المقترحات وضعتها خارج الظرفية الراهنة، باستثناء المقترح المتعلق بالانتخابات المقبلة المتعلق فقط بإعطاء مثال عملي. بإمكاننا إذا توحدنا وإذا اجتهدنا في ذواتنا، أن نتجاوز معيقاتنا، فمقارعة اليقين باليقين لا تعطي غير الانحطاط.أما إذا بقينا على حالنا، فإنني أنصح نفسي أن أذهب لأكتب مذكراتي. مداخلة منير بن صالح .. اليسار المغربي إلى أين؟ يقتضي طرح النقاش حول اليسار بالمغرب و مستقبله بعضا من التحرر من هاجس المناضل اليساري من اجل التساؤل حول الموضوع بعيدا عن الضغوطات الذاتية. و لعل أول سؤال قد يتبادر الى الذهن هو "ما هو اليسار اليوم"؟استهل هذا النص إذن بتساؤلات موضوعية تلخص منطلقات النقاش حول الإشكالية/العنوان :هو اليسار المغربي, ما طبيعة نشأته و ما هو واقعه اليوم؟ما هو الواقع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي المغربي اليوم؟ما هي الحاجة الموضوعية إلى الفكر اليساري بالمغرب؟ و ما هو المشروع المجتمعي اليساري؟أية أفاق لليسار المغربي : الزوال, التشرذم, التعدد, الوحدة؟إن التفكير في موضوع "اليسار المغربي إلى أين" بصورة عقلانية و محايدة يرتكز بالضرورة على تبني نسق تحليلي يربط بين الواقع المجتمعي و السياسي المغربي و التطور التاريخي للحركة اليسارية في الجدلية التي أفرزتها الصيرورة الفكرية. كما إن هذا النسق يجب إن يستحضر و بقوة الأشياء, التحولات السوسيولوجية و السياسية المتسارعة التي طرأت على مغرب الألفية الثالثة كخلفية للنقاش."إننا لا ننطلق هنا مما يقوله الناس أو يتخيلونه أو يمثلونه, كما إننا لا ننطلق مما يكونون عليه في كلام الآخرين و فكرهم و خيالهم و تمثلهم, كي نصل بعد ذلك الى البشر الذين هم من لحم و دم, كلا. إننا ننطلق من الناس في فعاليتهم الحقيقية كما إننا نتمثل تطور الانعكاسات و الأصداء الإيديولوجية لمجرى حياتهم الواقعية انطلاقا من مجرى الحياة ذاك" يقول كارل ماركس. (1)و بتبني هذه الفكرة الموضوعية في التحليل, أحاول التجرد من كل أفكار مسبقة و جاهزة حول مفهوم اليسار و تجنب اختزاله في التمثل المجتمعي و السياسي.1 – ما هو اليسار المغربي و ما طبيعة نشأته و ما هو واقعه اليوم؟لعله نقاش فكري عميق و صعب كل محاولة للتعريف باليسار عموما. و لعلني أجد في شق من التعريف الذي أساقه محمد الحنفي (2) بعضا من الواقعية : "اليسار ... يسعى إلى تغيير الواقع تغييرا جذريا, حتى يصير في خدمة الكادحين, ... انه يسعى إلى تحقيق الحرية و الديمقراطية و الاشتراكية, باعتبارها أهدافا ترتبط فيما بينها ارتباطا جدليا". هذا الشق البراغماتي من التعريف الذي ساقه الكاتب يعفينا, و لو مرحليا, من الرجوع إلى التأصيل الابستمولوجي المرتبط بسياق دستور فرنسا 1789 او من التعمق الفلسفي في نظريات ماركس و تروتسكي و سان سيمون, بغية التعريف باليسار المغربي و التأصيل له. بدا الفكر اليساري المغربي مع حركة التحرر الوطني و بارتباط مع واقع مغربي صرف. و مع الاستقلال, غابت الحاجة الذاتية و الموضوعية لوحدة الصف الوطني. كما ان الوضع و التطورات و التصورات حول مسالة الدستور و تحديد الاختصاصات داخل الدولة الحديثة و موضوع الديموقراطية و إشكالات التنمية حافزا أساسيا لبروز تيار يساري مغربي. هذا التيار سيخوض معارك و نضالا ساهمت في خلق ميزان القوى و خلخلة بعض من البنيات التقليدانية في المجتمع و الدولة. و ظل هذا اليسار يقاوم و يصارع من اجل تحقيق القيم التي كان يدافع عنها, عملا بمقولة كي بيدوس, الممثل الفرنسي, الجزائري الاصل, و اليساري الأفكار : "انه في نظرة أناس اليمين يتبين لنا اننا من اليسار".و في ظل الصراع المرير مع اليمين المحافظ ( المخزني و الديني ) سيزداد زخم الأفكار و الأطروحات اليسارية, كما ستتناسل الرؤى و المواقف لتهوي باليسار في اختيار تعددية فكرية و سياسية و تنظيمية, ستؤدي إلى إضعاف إشعاعه. إلا إن الإنهاك الذي أصاب الجسم و الفكر اليساري, بفعل عوامل متعددة : بطش آلة القمع, سقوط حائط برلين, تنامي القوى الامبريالية و الظلامية, تسويق العولمة و الليبرالية المتوحشة كبديل "لموت الايدولوجيا", سيدفع اليسار مع نهاية الثمانينات الى ورطة سؤال : إلى أين؟لم يستطع اليسار في هذه المرحلة من إنتاج آليات جديدة لتحليل الواقع المجتمعي. لقد ظلت بنية التحليل التقليدية القائمة على أساس فصل المجتمع إلى ثلاث طبقات متصارعة : طبقة كادحة و طبقة متوسطة و طبقة برجوازية حاكمة, هي المحدد الوحيد للرؤيا السياسية للمجتمع. و ظل رهان اليسار على الطبقة المتوسطة ( المثقفون خصوصا ) من اجل تعبئة الجماهير الشعبية ( الطبقة الكادحة ) لإحداث التغيير هو الوسيلة المتبعة. و بارتهان اليسار إلى هذه النظرة الكلاسيكية سيكون للدولة الاستباق في طرح الانتقال إلى الديمقراطية, و لو بضغط خارجي أو حاجة موضوعية لضمان استمرار شكل الدولة أو لاستغلال الرصيد الشعبي لليسار. و إمام التيه الفكري و العقم الإيديولوجي و انحصار دور المثقف اليساري, سيلتقط اليسار "شعار الانتقال الديمقراطي, دون أي تدقيق لمضمونه و آلياته, و هو ما عمق من ضبابية و التباس التوجهات السياسية و الفكرية لليسار" يقول حسن طارق. (3)ان هذا الخطاب الجديد الذي تبنته الدولة, خطاب الانتقال الديمقراطي, سوف يصنف اليسار, كرد فعل على منظور الدولة, إلى ثلاث مجموعات :اليسار الراديكالي : يعتبر بنيات الدولة غير ديمقراطية و بالتالي لا يعتبر نفسه معني بهذا المخاض.اليسار الحكومي: تبنى خطاب الدولة و اختار التوافق المرحلي حول "الانتقال الديمقراطي".اليسار الغير الحكومي : رهن مشاركته في مفهوم "الانتقال الديمقراطي" بتوفير ضمانات مؤسساتية.و عموما, لم يكن هذا التباين سوى رد فعل لمشروع الدولة, و لم ينتج اليسار أفكارا أخرى. و ساهم هذا الانحصار اليساري في عزوف المجتمع عن السجال السياسي, نظرا لغياب خطاب يعبر عن همومه. و لنا ان نتساءل مع احمد دابا عن هذا الوضع الجديد عندما يناقش الطبقات المتوسطة : " لماذا لم تشارك أغلب هذه الفئات في الانتخابات الأخيرة ، علما أن جزءا هاما من هذه الفئات كان يمنح أصواته لليسار وللاتحاد علي وجه التحديد ولبعض المكونات اليسارية الأخرى ، هل للأمر علاقة بطبيعة الاختيارات السياسية التي دافع عنها الاتحاد بقوة واستمر في الدفاع عنها حتى بعض الخلاصات السياسية التي وصل إليها اليوسفي بعد تجربة " التناوب التوافقي " الأول ، والذي عرض لأهم عناصرها في إحدى دورات اللجنة المركزية للاتحاد ، وكذا في محاضرة ببروكسيل ؟ ، إذا كان الأمر كذلك لماذا لم يصوت ولو جزء من هذه الفئات لليسار الذي عارض هذه الاختيارات منذ بداياتها الأولي ؟ هل لأن هذا الأخير ، وكما يقال شارك في الانتخابات بمضمون المقاطعة ، أم لأن هذه الفئات تولي أهمية خاصة للجدوى من التصويت علي هذه القوي أو تلك ؟ أم أن حقيقة الأمر أن هذه الفئات هي اليوم ضحية وضع اقتصادي واجتماعي يجعلها في وضعية ما بين أن تحافظ علي وضعيتها كما هي ، أو تنحدر للهامشية والبلترة ؟ أي أن الخوف من الانحدار الاقتصادي الضاغط يجعل جزءا هاما منها محافظا ، والجزء الأخر "انتهازي " و" متردد " ؟ هذا السؤال يكتسب مشروعية خاصة إذا ربطناه بالانهيار الأخلاقي المخيف لجزء هام من النخب السياسية أمام إغراءات المناصب ؟ أم أن أغلب هذه الفئات تنظر بعين الارتياح للمشاريع والاستثمارات الكبرى التي يقوم بها ملك البلاد ؟ وبالتالي تقيم العملية السياسية بالمغرب كما هي اليوم بعدم الجدوى والفاعلية ، ما دام الفاعل الأساسي والحاسم يوجد في مكان أخر غير صناديق الاقتراع ؟". (4)هذه التساؤلات و غيرها تحيلنا إلى الشق الثاني من هذا النص.2 – ما هو الواقع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي المغربي اليوم؟"إن بزوغ الحرية في مجتمعات لا تزال في طور الاستئناس بالديمقراطية, و لو في شكلها الأولي, يجعل الأفراد يسعون إلى الدفاع على مصالحهم الأنانية و الشخصية على حساب التمتع الجماعي بهذه الحرية". (5)الجانب الاجتماعي و الاقتصادي.عرف المغرب الحديث تحولات جذرية على مستوى البنيات الاجتماعية و الاقتصادية. فبعد ما عرفه بلدنا من خلخلة لعدة ممارسات و مفاهيم مع الحماية الفرنسية, تحولت البنيات المجتمعية لمغرب الاستقلال المبنية على القبيلة و العشيرة إلى تجمعات نووية دون القطيعة مع ما سبق. و تحولت البنيات التقليدية القروية إلى تركيبات حضرية دون التشبع بالممارسات المدنية. كما ساهم ظهور طبقة جديدة من المثقفين ذوي الميولات اليسارية في الستينات و السبعينات إلى اتساع المطالبة المجتمعية بالحريات و التحرر. إلا إن المد الأصولي, الذي ساهمت الدولة بعدة أشكال في تشجيعه, سيؤدي بالمجتمع الى تبني نظم الفكر المحافظ منذ أواخر الثمانينات كانطواء هوياتي على الذات هروبا من الفراغ الفكري و الضغط الاقتصادي. عرفت هذه الفترة خضوع المغرب لبرنامج التقويم الهيكلي و ما أنتجه من تفقير للأمة و انحصار و هشاشة الطبقة المتوسطة, و هو ما تزامن مع توالي سنوات الجفاف.و سيعرف المغرب مع بداية الألفية الثالثة نوعا من الانتعاش الاقتصادي نتيجة لجو من الاستقرار السياسي الذي أفرزته مرحلة التوافق السياسي بين المؤسسة الملكية و الكتلة الديمقراطية. إلا أن هذا الازدهار الاقتصادي لن ينعكس على جميع طبقات المجتمع. بل كرس مزيدا من الفوارق الطبقية و افرز برجوازية جديدة استفادت من ريع المرحلة الجديدة : المضاربة في البورصة, الإعفاء الضريبي على الفلاحة, المضاربة العقارية, ... فيما ارتفعت في المقابل هشاشة الطبقات السفلى من المجتمع.و عرفت الساحة مجموعة من أشكال الاحتجاجات : أحداث صفرو, أحداث سيدي افني, تنسيقيات مناهضة الغلاء, الدكاترة المعطلون, ... غير أن هذه الأشكال الاحتجاجية و إن صنعت الحدث في حينه, إلا أنها لا زالت لم ترقى للتعبير عن حركية حقيقية وسط المجتمع, نظرا لانعدام الخطاب السياسي المؤطر و انشغال اليسار إما بالمشاكل الذاتية و إما بالنقاش حول مضمون التوافق السياسي.و رافق مسلسل لبرلة المجتمع و اتساع هامش الحريات و انتشار الوسائل الجديدة للاتصال (الصحون الهوائيات, الهواتف النقالة, الإنترنت, ... ) إلى ظهور جيل جديد من الشباب المغربي ذي ارتباطات ثقافية و إعلامية عالمية. إن هذه العولمة الإعلامية لم تسثني حتى القرى و المداشر النائية. و خلقت هذه الموجة الجديدة, و ما أتاحته من سرعة للحصول على المعلومة بعيدا عن أية رقابة, تقاطبات فكرية و ثقافية واضحة في أوساط الشباب المغربي. و هكذا, و بمقابل شباب اختاروا الانغلاق الهوياتي على الذات أمام "حكرة" داخل و خارج بلدهم, اختار جزء مهم منهم التشبع بالقيم الإنسانية السامية.الجانب السياسي.يتسم الوضع السياسي المغربي العام بكثير من الضبابية. بل و يعيش المغرب ازمة سياسية خانقة من اهم تجلياتها : العزوف المهول عن الانتخابات, حكومة اقلية و تشكيل حكومي ترقيعي و غير مبني على اي تصور, أزمة ثقة, خلط عام في الاختصاصات, انفراد المؤسسة الملكية بكل المبادرات و تقزيم المؤسسات الأخرى, ...إن بوادر أزمة سياسية خانقة هي جالية للعموم. و مشروع المخزن الجديد الذي يوظف المؤسسة الملكية في التنافس السياسي, في مواجهة من يوظفون الدين, ما هو هروب إلى الأمام من طرف جزء من مهندسي المخزن الجديد. فكيف يعقل أن يتم إقحام ثوابت الوطن في اللعبة الانتخابية ( الدين الإسلامي و المؤسسة الملكية ) إن لم يكن الوضع يشي بأزمة حادة؟ و عموما يعرف الوضع السياسي المغربي الراهن حالة تعكس انكسار أمل الانتقال إلى الديمقراطية. أحزاب الكتلة تعيش حالة من التشرذم الداخلي الحاد بفعل التيه السياسي في اختياراتها و عدم رضي قواعدها. فحتى حزب الاستقلال, صاحب الوزارة الأولى و المرتبة الأولى في التشريعات تعيش قواعده حالة من القلق تجاه تحمل حزبهم للانتقادات و تبعات المرحلة الراهنة. بينما فقد أحزاب اليمين القديم دعم الإدارة لتصير مثل الأحزاب الطبيعية التي يجب عليها أن تقاوم و تنتج لتستمر. و حتى العدالة و التنمية, الحزب الإسلامي الرئيسي المشارك في الانتخابات, لم يستفق بعد من سراب اكتساح الصناديق و ربما استنتج مناضلوه أن المرجعية الإسلامية لا تكفي لوحدها. أما اليسار الغير الحكومي فلازال لم يستطع أن يخرج من نظيراته للوصول إلى واقعية انتخابية. بل حتى "حزب الدولة" الناشئ على جرار الرحامنة فلا يبدو انه يقنع حتى "مناضليه"." ...التناوب مصطلح من مبتكرات جلالة الملك المرحوم، كان يعني في ذهن جلالته وفي ذهننا جميعا، الانتقال إلى الديمقراطية المؤسساتية الصحيحة. والوسيلة إلى ذلك كانت دوما في ذهن جلالة الملك وأذهاننا هي ما نعطيه جميعا لمفهوم آخر ملازم لفكرة التناوب، أقصد مفهوم "التراضي " وإذا كان لمتتبع لتطور الأمور في المغرب أن يؤرخ لمسيرة الديمقراطية فيه، فلا شك أنه سيجد في مفهوم التراضي وسيلة للتعبير عن الخطوات التي سبقت قيام حكومة التناوب. وهي خطوات طالت فعلا، ولكن في جملتها كانت مسرحا لعميلة تهيئة التربة للانتقال إلى الديمقراطية المؤسساتية، في جو من التراضي والتوافق والتجنيد لبناء مغرب الغد" (6). هذا ما قاله الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي عن التناوب, فهل التراضي ما يزال قائما؟و أمام هذا الوضع المحبط لأحزاب أناط بها دستور 1996 مهمة تأطير الشعب لا غير, يتسع بشكل مهول دور و اختصاصات المؤسسة الملكية التي نجدها حاضرة بقوة في كل الملفات. بل إن آخر أمل في استقلالية أية سلطة عنها اغتاله تصريح الأستاذ عباس الفاسي عقب تنصيبه وزيرا أولا : "إن برنامجي و برنامج هذه الحكومة هو تطبيق للخطب الملكية".3 - ما هي الحاجة الموضوعية إلى الفكر اليساري بالمغرب؟ و ما هو المشروع المجتمعي اليساري؟أية آفاق لليسار المغربي : الزوال, التشرذم, التعدد, الوحدة؟انه يحق لنا أن نتساءل بكثير من الموضوعية عن مستقبل اليسار و عن مشروعه المجتمعي. و لنا في أمثلة تركيا و تونس و مصر نماذج حية و قريبة منا لزوال اليسار كمعطى سياسي. ينحصر السجال السياسي داخل هذه البلدان بين يمين محافظ ليبرالي و الإسلاميين, بينما لا يعدو اليسار أن يكون ناديا فكريا. فهل نريد ليسارنا أن يكون مجرد مقاهي فلسفية؟ السنا نعزز هذا الطرح بابتعادنا عن الجماهير لسبب أو لآخر؟ ألم ينشا اليسار المغربي في تربة محلية و يعبر عن هموم الشعب "هنا و الآن"؟ولعل سؤال المشروع المجتمعي اليساري بالمغرب يتحد كل مشروعيته من ضبابية الاختيارات السياسية و الفكرية لليسار و قلة وضوحها. و بالمقابل يصح لنا أن نتساءل كذلك مع الأستاذ العروي حول قابلية المغاربة للإصلاح :"... وتراني أحلم، مثلما يحلم كل مثقف حداثي، بمغرب حر، منسجم مع نفسه، متعلم، وديمقراطي، ومنفتح ومنتج وخلاق ... ويغلب علي الاعتقاد، بتعذر أن يتحقق، كل ما أقول في مدة جيلين أو ثلاثة أجيال، وتراني أتساءل أحيانا، هل ترغب غالبية المغاربة حقا، في التغيير، أم تخشى أن تتكبد في سبيله التضحيات، وتبذل المجهودات الجسام، وتلاقي الاضطرابات الاجتماعية، فأتوب إلى صوابي، فبأي حق، أضيع على المغاربة أي فرصة مهما كانت عابرة، ينعمون فيها بالهدوء، انتصارا لما أراه، في قرارة نفسي، محتما، ليس عنه مهرب" (7). أو أن نتساءل ها هنا عن صعوبة التغيير انطلاقا من تجربة الأستاذ اليوسفي في "التناوب التوافقي" :"غير أن هذه العوامل التي تبعث على الاطمئنان يجب أن لا تحجب عنا ما يعتمل في أحشاء مجتمعنا من قلق لا يكف عن التنامي، ومرد ذلك يرجع بالتأكيد إلى صعوبة الإصلاح في بلادنا، فكلما اقتربنا من تحقق وشيك، إلا وظهر عدد من العوائق منها ما هو مادي صرف ومنها ما هو سياسي، ومنها ما هو ثقافي. لذلك نجد أنفسنا اليوم أمام سؤال يقض مضاجع المجتمع السياسي والمدني على السواء.هل سنعبر هذا الممر الذي يفصلنا عن مغرب نتطلع إليه منذ عقود أم سنظل أساري هذا التحول الصعب؟..." (8)و على العموم, و لتجاوز أزمته, على اليسار المغربي أن يعيد النظر في علاقاته مع المجتمع و الدولة و استعادة المبادرة. ففي تقديري الشخصي أزمة اليسار المغربي, و التي يعيشها أيضا نيابة عن المجتمع و الدولة, تتلخص فيما يلي :أزمة تصور تنظيمي.أزمة تصور مجتمعي.أزمة خطاب.أزمة إنتاج القيم و آلياته.و ادرج هنا بعض مداخل فهم و تجاوز الأزمة :على المستوى الذاتي :إن وحدة الصف اليساري لا تمر لزوما بوحدة تنظيمية, يطغى الانضباط فيها على الإنتاج الفكري المبني على الاختلاف. إن الوحدة المنشودة هي و حدة الأفق و الرؤيا السياسية. و هذا الهدف هو لا محالة مرتبط بقدرة تنظيمات اليسار على الحوار البيداغوجي فيما بينها و مدى تأطيرها لقواعدها و نهج ديمقراطية داخلية حقه.ثم إن على تنظيمات اليسار إن تؤسس لانفتاح مسؤول على المجتمع و مؤسساته المدنية ( جمعيات, وداديات, نقابات, ...) ينبني على حوار جاد و تبادل للتجارب و الرؤى. كما انه أصبح لزاما على يسارنا أن يخلق الجسور مع العالم الأكاديمي علي اعتبار أن هذا الأخير يمتلك الملكة و الأدوات لإغناء الزخم الإيديولوجي و الفكري لليسار على جميع الأصعدة.على المستوى الموضوعي :على الصعيد الإنساني و الدولي, يجب على اليسار أن نعي أهمية انخراطنا " في نضالات القوى الديمقراطية واليسارية المدافعة عن العدالة والإنصاف والبيئة والسلام العالمي، وأن يساهم بنشاط في شبكات المجتمع المدني الدولي العاملة في هذا الاتجاه سواء على الصعيد العالمي، أو على الصعيد الجهوي والمحلي، بما يجعل من جبهة النضال على الصعيد الكوني إحدى جبهات نضاله الأساسية."(9). و استحضارا لهذا البعد, على اليسار أن يصوغ برامجه و خطاباته, بشكل واضح و لغة شفافة و مفهومة و واقعية, لتتناسب و حاجة الطبقات الدنيا من المجتمع المغربي إلى العيش الكريم. اليسار ملزم بتأطير العمل النقابي كواجهة اجتماعية أساسية, ليس فقط من اجل الدفاع المباشر عن المأجورين و لكن لما يمكن لهذه الواجهة إن تساهم به في أفق تأهيل الاقتصاد الوطني و الرفع من إنتاجيته.يدافع اليسار عن قيم إنسانية نبيلة : العدالة الاجتماعية و الديمقراطية والحداثة كمفاهيم مرتبطة و غير قابلة للفصل أو المساومة (10). و بالتالي يلتزم هذا اليسار على إشعاع هذه القيم وسط المجتمع و على جميع الأصعدة النضالية : القضية النسائية, ملفات الشغيلة, المطالب السياسية و المؤسساتية, ...و أخيرا اعتقد أن اليسار عليه أن يتصالح مع الشباب, رمز المستقبل. يعرف المغرب اليوم ما يصطلح عليه التوازن في الهرم السكاني. إنها فترة تعرف أغلبية شبابية في المجتمع مع ضعف على مستوى الولادات. و تدفق الشباب هذا يستلزم مجهودات جبارة من اجل توفير التعليم و الشغل أساسا. إلا أن هذا المعطى يجب أن يعتبر كفرصة تاريخية بغية الدفع بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة, و التي ازدهرت أساسا في نفس هذه الوضعية. إن رهان اليسار على الشباب, و اعتبارا للمعطى الأنف, يجب أن يركز, موازاة مع ذلك, على القيم. تلكم القيم التي سيحملها هذا الشباب هي قيم المغرب غدا. منير بن صالح.( هذا النص هو مساهمة في المناظرة المنظمة من طرف فضاء الدارالبيضاء للحوار اليساري حول موضوع : "أي أفق لليسار بالمغرب").هوامش: (1) : د. محمد سبيلا و د. عبد السلام بنعبد العالي, "الفلسفة الحديثة", أفريقيا الشرق 2001, ص 131 و 132(2) : محمد الحنفي," المرحلة الراهنة, و مهمات قوى اليسار, و الديموقراطية", جريدة الاتحاد الاشتراكي 14.02.08, ص 8(3) : حسن طارق, "من يسار الدولة الى يسار المجتمع", جريدة الاتحاد الاشتراكي, 30 و 31.01.08(4) : احمد دابا, "في قراءة الوضع السياسي الراهن", مداخلة في لقاء فضاء الدارالبيضاء للحوار اليساري حول موضوع "التحولات السوسيولوجية بالمغرب".(5) : محمد كلاوي, "المغرب السياسي في بداية الالفية الثالثة (1990 – 2006 )", مطبعة النجاح الجديدة 2007, ص 103(6) : عرض قدمه الوزير الأول السابق الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في الدورة الربيعية لأكاديمية المملكة المغربية، بتاريخ 26 أبريل 2000 جريدة الاتحاد الاشتراكي تحت عدد 6103 (7) : من استجواب أجرته جريدة "لومتان" نشر بالصحراء المغربية مع الأستاذ عبد الله العروي – 12 مارس – عدد 5896(8) : من كلمة الأستاذ عبد الرحمان يوسفي في افتتاح المؤتمر 15 لاتحاد كتاب المغرب، عن جريدة الاتحاد الاشتراكي 11 نونبر 2001 العدد:6667(9) : مشروع المقرر حول الهوية المعروض على المؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي.(11) : منير بن صالح, "أن تكون اشتراكيا في 2008", جريدة ليبراسيون, 03.04.200805:49 Publié dans Politique - socialisme | Lien permanent | Commentaires (6) | Trackbacks (0) | Envoyer cette note | Tags : gauche, maroc, socialisme, politique Toutes les notes مداخلة مولاي أحمد العراقي كما هو الشأن اليوم يستمر اليسار في التساؤل عن أفاق عمله ، إنه الذي يستوجب منطقيا توضيح موضوع الانشغالات بعلاقة مع الأهداف المتوخاة.في هذا السياق ،لا حاجة مبدئيا للحديث عن المقاصد والمقومات التي يمكن تلخيصها في التزام اليسار بالقيم العالمية المثلي من أجل المساهمة من مدخل اجتماعي في التنمية . فحتي وإن كانت المستجدات الوطنية والكونية تستدعي تحيين المشروع ، فإن إنجاز المهام يحظي بما يكفي من الضوابط الفكرية – علي الأقل – بالمقابل لا مفر لليسار المغربي من ترشيد استراتيجيات عمله التي تندرج حتي سنة 2008 في مقاربتين مرتبطتين بالعلاقة مع الحكم .المقاربة الأولي تتبناها المجموعتين التي أقرت ، خاصة منذ أواسط سبعينيات القرن الماضي بالتشارك مع الحكم من أجل بناء سرح للديمقراطية ، تتشبث هده المجموعة باختيارها بصفة متفاوتة قبلت بالتراضي والتوافق من أجل إنجاز الإصلاحات المؤسساتية تزعمت حكومة تناوب ، بقيت في الحكم حتى بعد تعيين وزير أول من خارج المنظمات السياسية سنة 2002 .المقاربة الثانية تتبناها المجموعة التي عارضت منذ البداية أو بعد أجراءة القرار الفارط ، رغم بعد محاولات التوحيد ، تبقي مواقف هذه المجموعة متشتتة وأحيانا متباينة بشأن نفس الموضوع ، أي العلاقة مع الحكم .وهكذا يتضح أن ورش أفاق عمل اليسار المغربي يشتمل علي استخلاص العبر من التجربة الماضية في تحيين مشروعه واستراتيجياته ، ولابد في هذا السياق من توصيف واقع الحال بصفة مندمجة .فمما لا شك فيه أن استحقاقات شتنبر 2007 تمثل حدثا بارزا في تشخيص الأوضاع ، فقد عبر الشعب المغربي عن سخطه علي المؤسسات شكلية ، بالامتناع عن التصويت بنسب عالية ، حاول البعض ويحاول أن يحمل مسؤولية اللامبالاة للمنظمات السياسية وخاصة منها منظمات اليسار . لكن ذنب هذا الأخير يتلخص إما في استمراره في البحث عن التغيير من داخل الأجهزة تفتقد اختصاصاتها ، وإما في انتقادات غير مؤثرة . أما من حيث جدوى رد الفعل الشعبي ، فلقد خلصت الأمور إلي جعل الهيئات التشريعية والتنفيذية في موقف ضعف لم يسبق له مثيل في نفس الوقت اكتسبت أجهزة الحكم الحقيقية مقومات استمرارها .لقد تجدد بعبارات أخري الوضع السياسي المغربي من دون أن يتغير بالموازاة مع ذلك يمر الوطن من مرحلة تتسم باتساع الفوارق المجالية والاجتماعية المؤسسة للمزيد من الإقصاء من جهة وللمزيد من إتلاف الثروات الوطنية بالحواضر والفري من جهة أخري . ينضاف للسلبيات تأثير التغيرات المناخية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية علي فئات متزايدة . يحصل كل ما ذكر بفعل سياسة تميزية مجالية واجتماعية قاومها اليسار إبان الحماية وبعدها ، إنها السياسة التي يدعمها حاضرا الاستسلام باسم الواقعية لإملاءات قوي عابرة للجنسيات .هكذا ومن دون أي تردد يحق التأكيد علي أن حاجة الوطن لليسار حقيقية ، يبقي فقط استكشاف التكنولوجيات الكفيلة بخلق شروط مشروع وطني تنموية مشترك واقعي وقابل للتنفيذ وهو مبدئيا مشروع اليسار .ليس هناك أمام هذا الأخير في الحاضر بديل عن لا التحالف المرحلي بل التوحيد الاستراتيجي من أجل التأثير علي الأحداث إنه الورش الذي يشمل علي أربعة رؤوس أقلام رئيسية :التصالح مع الشعب عبر التعريف بالمقاصد والهوية أولا ، التجانس مع المقومات واعتماد الشفافية في ربط العلاقات مع الأطراف الأخرى ثانيا منح الأولوية لإصلاحات دستورية تؤسس لمحاسبة المؤسسات حسب اختصاصاتها ثالثا التعاطي مع المستجدات والاستحقاقات الظرفية بالواقعية الضرورية ضمن الاختيارات المذهبية رابعا .علي اليسار المغربي بعبارة واحدة أن يتجنب السقوط في فخ " الحركة التأخرية " . عليه أكثر من أي وقت مضي أن يصنع فعله ، عليه مباشرة استبدال المؤخدات المتبادلة بمخطط عمل يأخذ بعين الاعتبار في جدولته وفي مضامينه وفي توزيع أدواره سبل رفع التحديات المطروحة ، شريطة ترشيد الاستراتيجية يحق بكامل الموضوعية في الخلاصة التأكيد علي أن أفاق اليسار المغربي مشرقة , ..................................................................فضاء البيضاء للحوار اليساري نداء بمناسبة ذكري استشهاد المهدي بن بركة للمناقشة الهادئة والحرة في انشغالات اليسار اليوم .ينظم فضاء البيضاء للحوار اليساري مائدة مستديرة حول " المهدي بن بركة وانشغالات اليسار المغربي اليوم " وذلك بمساهمة مجموعة من الباحثين والمناضلين اليساريين ، منهم .- حسن طارق ، مصطفي مفتاح ، سيمون ليفي ، عمر الزيدي ، صبير الحسن ، محمد الحبيب الطالب ، المشتري بلعباس ، المعطي منجيب ، اليزيد البركة ، عياد محمد ، الوافي محمد ............المائدة المستديرة ستنظم بخزانة قاعة محمد زفزاف بالمعاريف بالدارالبيضاء يوم الأحد 2 نوفمبر 2008 علي الساعة الثالثة بعد الزوال ، فضاء البيضاء يضع أمامكم أرضية للنقاش ، ومساهمة للرفيق محمد الوافي في الموضوع ، وسيعمل علي تعميم الأوراق والمساهمات حال التوصل بها .فضاء البيضاء للحوار اليساري .المهدي بن بركة و انشغالات اليسار المغربي اليوم ؟تمر اليوم 48 سنة علي اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة ، أحد القادة التاريخين لليسار المغربي ، وأحد وجوهه البارزة ، وفضاء البيضاء للحوار اليساري وفي إطار مجهوداته الرامية إلي سبر أغوار الواقع السياسي الراهن ، وفهم طبيعة المرحلة السياسية التي يمر منها المغرب ، وفي إطار استكمال أوراش المناقشة التي فتحها منذ تأسيسه إلي اليوم ، يعتبر هذه المناسبة سانحة ، أن يستكمل مناقشته اليوم في الراهن السياسي وموقع اليسار ضمنه ، من خلال ربط إجابات وتفكير المهدي واجتهاداته بما لا زال قائما كقضايا وإشكالات .- إشكالية بناء الدولة الحديثة ، دولة الحق والقانون ، وفي صلبها قضايا السلطة وإصلاح النظام السياسي ، كأساس وأولوية لنجاح رهان التنمية والعدالة الاجتماعية .- إشكالية التنظيم أو بلغة المهدي الأداة وعلاقتها بالإطارات الجماهيرية .- إشكالية الاختيارات الإيديولوجية أو الوضوح الإيديولوجي بلغة المهدي ، أو مسألة الهوية .."...ويظهر لي أننا في الماضي قد انزلقنا نحو ثلاثة أخطاء رئيسية سوف تكون قاتلة لا محالة، ان لم نتداركها في الظروف الراهنة.الخطأ الأول: يرجع إلى سوء تقديرنا لأنصاف الحلول التي كنا مضطرين للأخذ بها.الخطأ الثاني: يتعلق بالإطار المغلق الذي مرت فيه بعض معاركنا، بمعزل من مشاركة الجماهير الشعبية.الخطأ الثالث: نشأ عن عدم الوضوح في مواقفنا الإيديولوجية وعن عدم تحديدنا لهوية حركتنا " وثيقة الاختيار الثوري .هذه الأخطاء التي طرحها المهدي وهو يصوغ إلي جانب آخرين وثيقة الاختيار الثوري الشهيرة ، هل تحفز يسار اليوم أن يعلن عن أخطائه قبل/ وبهدف تجاوزها ؟ ..................................................................................على ضوء قراءة وثيقة "الاختيار الثوري" :ما لا يجب استمراره في اليسار المغربيفي الذكرى الثلاثون لاختطاف المناضل المهدي بن بركة ساهمت جريدة "اليسار الديمقراطي" ضمن منشوراتها بإعادة نشر وثيقة "الاختيار الثوري" للعموم كمبادرة لإحياء هذه الذكرى، والمغرب آنذاك في منتصف التسعينات من القرن الماضي تميز بحركية نضالية كان من سماتها تمكن القوى الديمقراطية من تحقيق بعض المكتسبات من بينها على سبيل الذكر لا الحصر إطلاق سراح أغلبية المعتقلين السياسيين على إثر العفو العام، وإلغاء ظهير "كل ما من شأنه" وتميزن تلك المرحلة كذلك بأزمة المؤسسات، التي طرحت الضرورة الملحة للقيام بالإصلاحات السياسية والدستورية.وكان الغرض من ذلك الإصدار هو إغناء النقاش الذي عرفته مختلف التنظيمات السياسية وقوى اليسار على وجه الخصوص أمام المنعطف الذي ستؤول إليه الأوضاع، لكننا لم نلمس أي نقاش يذهب إلى عمق الإشكالات بالاستفادة من تجارب الماضي، وجدير بالإشارة أن عبد الرحمان اليوسفي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي قد شكر آنذاك، جريدة "اليسار الديمقراطي" على تلك الالتفاتة التي قامت بها.لقد كان مآل تلك الحركية النضالية تصويت أغلب القوى الديمقراطية على دستور 96 ومشاركتها في ما سمي بحكومة "التناوب التوافقي" والحصيلة بعد قرابة عشر سنوات، هو عزوف المواطنين عن الانتخابات كما تجلى ذلك بشكل ساطع في انتخابات سبتمبر 2007، وفقدانهم الثقة في المؤسسات المنتخبة كإحدى تجليات إشكالية النظام السياسي الذي لا يتماشى ومتطلبات الألفية الثالثة. والأزمة العامة التي تعيشها مختلف مكونات اليسار المغربي وتسائله حول حاضره ومستقبله.وبإحياء فضاء البيضاء للحوار اليساري لذكرى اختطاف المهدي بن بركة هذه السنة، بإعمال الفكر النقدي في ضل هذه الأوضاع سيساهم لا محالة في تأصيل هذا الفكر النقدي في ممارستنا السياسية للارتقاء بها لمستوى التعاطي مع الأسئلة الكبرى التي تفرض بإلحاح أجوبة عنها لتجاوز هذه الأزمة من هذه الزاوية ستتم المساهمة في هذه المائدة المستديرة بقراءة نقدية لوثيقة "الاختيار الثوري" في الجانب المتعلق بالحزب السياسي.قبل كل شيء يمكن القول على أن هذه الوثيقة قد حظيت باهتمام بالغ أكثر من التقرير المذهبي الذي صادق عليه المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 62، نظرا لصياغتها المتوترة والقلق الفكري الذي يتخللها، والأسئلة التي تطرحها وتحتاج إلى أجوبة، على عكس اللغة الباردة للتقرير المذهبي رغم منهجيته.إن الأهمية التي نوليها لهذه القراءة تكمن في النظر إلى مدى تخلص سيرورة الحركة الاتحادية من الأخطاء التي لازمتها منذ نشأتها إلى اليوم على مستوى التصور الحزبي في الممارسة وفي علاقاته الداخلية وعلاقاته مع المحيط، والذي كان من بين أسباب الانقسامية التي طبعت مسيرتها (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الاتحاد الاشتراكي، حزب الطليعة، المؤتمر الوطني الاتحادي، الوفاء للديمقراطية، الحزب الاشتراكي، الحزب العمالي). وهذه الأهمية تأتي كذلك بالنظر للمكانة التي تحتلها الحركة الاتحادية في فضاء اليسار بالمغرب سلبا وإيجابا.•الحزب وغياب الوضوح الإيديولوجيإذا انطلقنا من التعريف الذي يعطيه بن بركة : "إن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بوصفه حزبا ثوريا، سوف يعطي لهذه الصفة مدلولاتها ابتداء من هذا المؤتمر، وقد كان ولا شك قد حدد أهدافه منذ نشوئه سنة 59. إذ انبثق من حركة المقاومة المسلحة وجيش التحرير، وقام على الجماهير الكادحة في المدن والقرى، وعلى الشبيبة العاملة والطلابية، وأخذ على نفسه أن يواصل نضال الحركة التحررية في المغرب لكي يعطي الاستقلال مدلوله الحقيقي" وربطناه بالخطأ الثالث القاتل الذي "نشأ عن عدم الوضوح في مواقفنا الإيديولوجية وعن عدم تحديدنا لهوية حزبنا".نستنتج من هذه المعطيات في عملية نشأة الحزب 3 مستويات :- إن عملية تشكل الحزب في ذلك الوقت قد تمت دون الحسم في الاختيارات الإيديولوجية التي تخترق الحزب في تلك المرحلة : البعثية، الناصرية، الاشتراكية بالمدلول "الماركسي".- هذا الخليط الإيديولوجي فضلا عن تركيبته البشرية أدى إلى تشكل العلائق الداخلية للحزب وهيآته على أسس فئوية : الجناح السياسي، الجناح النقابي، جناح المقاومة.- كتحصيل حاصل لهذا التركيب والغموض سقط الحزب في الازدواجية التنظيمية.إن هذا الواقع الذي شل الحزب سيعرف محاولة الجواب عليه بمبادرة من الشهيد عمر بنجلون في "المذكرة التنظيمية" سنة 65، وعلى المستوى الإيديولوجي بداية في مقال حول القضية الفلسطينية سنة 69 من خلال نقده لظاهرة الضباط الأحرار، الإخوان المسلمون، الناصرية والبعثية، وموقفه النقدي من ممارسات الشيوعيين العرب. وسيتوج هذا المسار في التقرير الإيديولوجي سنة 75 الذي تم اعتباره مساهمة أولية تستدعي التطوير والإغناء وبقي الأمر في حدود هذه الدعوى. ولابد من الإشارة إلى أن أجواء ما بعد حرب 67 ومخلفاتها السياسية والفكرية والنفسية، وبروز الحركة الماركسية-اللينينية المغربية، كانت من بين العوامل التي أدكت السجال الإيديولوجي في تلك الفترة.•الحزب وإلحاق المنظمات الجماهيريةلقد تأسست العلاقة بين الحزب والمنظمات الجماهيرية (الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) على المنطق الإلحاقي. وهذا ما يفسر اتباع منطق المحاصصة في التمثيلية على مستوى أجهزة الحزب والنقابة على حد سواء، وكل انشقاق سياسي يؤدي بالاستتباع إلى انشقاق على مستوى المنظمات الجماهيرية، وهو نفس المآل الذي تعرفه الكنفدرالية الديمقراطية للشغل.وفي هذا الصدد فقد أصدر الراحل عبد الله ابراهيم في الستينات كراسا حول النقابة والحزب يعتبر فيه أنه من الأغلاط الخطيرة التي يمكن أن يقع فيها حزب سياسي هو اعتباره أن النقابات مجرد ذيل للحزب. فمشكلة العلائق بين الحزب والنقابة ترجع أساسا إلى مشكلة المنهج والأساليب التي يجب استعمالها للوصول إلى ربط الصلة بالجماهير ربطا محكما. وكسب تأييدها للحزب. ولكن أوخم تلك الطرق والأساليب على الإطلاق هي تحزيب النقابة على غرار دولنتها (ربطها بالدولة) أي تدمير كيانها كتجمهر مهني مستقل (الذي لا يعني الحياد) وتشتيت وحدتها بجعلها ذيلا تابعا لحزب بعينه، عوض أن يقتنع النقابيون كبقية الجماهير الشعبية بمبادئ الحزب ومخططاته، على مستوياتهم الشخصية كمواطنين تحت تأثير إشعاع الحزب ولنفوذه المعنوي في المجتمع بوجه عام. والملاحظ أن هذه الخاصية الإلحاقية، تتقاسمها مختلف التنظيمات السياسية اليسارية، إذا استثنينا نسبيا الحزب الشيوعي المغربي/حزب التقدم والاشتراكية، والأطروحات المجددة في حركة اليسار الجديد، ومن تجليات هذا المنحى الإلحاقي اليوم، هو فسيفساء الحقل النقابي، وتفكك الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.•إشكالية السلطة السياسية :أولى الأسئلة التي نصطدم بها في هذا المجال، هو وضع المسألة الدستورية على الرف، إما بنسج"تعاقدات رمزية" مع القصر (حكومة عبد الله ابراهيم) أو بالتفكير في "احتمال الوصول إلى تسوية مع القصر لحماية البلاد من مزيد من الانزلاق نحو الإفلاس والتفسخ كما قرر المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بإعطاء الصلاحيات لأجهزة الاتحاد المختصة..."لقد وضعنا هذا التساؤل انطلاقا من ملامسة أن المسألة الدستورية يتم إخضاعها لمنطق التكتيكات غير المبررة، ويرجع ذلك إلى اختزال الصراع السياسي في ثنائية القصر/الحركة الوطنية، وهذه الأخيرة تختزل في حزب الاستقلال/الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وتغييب حزب الشورى والاستقلال والحزب الشيوعي المغربي. وهذا يدل عن انعدام الإقرار بالتعدد والاختلاف.ألا يمكن اعتبار أن نفس المنطق قد تحكم في التصويت الإيجابي على دستور 96، بدعوى أنه تصويت سياسي وليس تصويتا دستوريا، ونفس مبررات المشاركة في حكومة "التناوب التوافقي".إن نفس ذات المنطق الاختزالي هو الذي يتحكم في مسلكية أغلب القوى الديمقراطية، في حين أن إشكالية السلطة السياسية إشكالية مجتمعية تتطلب بالضرورة نقاشا مجتمعيا كوسيلة تأسيسية يشارك من خلالها الشعب في تقرير مصيره السياسي على قاعدة الوضوح في طرح قضية فصل السلط، ومن ضمنها تحديد صلاحيات الملك.إن رفع درجة الانخراط الجماهيري في هذا النقاش هو الذي يؤدي إلى مساهمة المواطنين في الشأن السياسي على قاعدة تداول السلطة، باعتبار أن أساس وروح المشروع الديمقراطي هو إخراج السياسة من مسالكها الضيقة ودوائرها المغلقة، لأن جوهر أي حياة سياسية وموضوعها الأساس هو ملايين الجماهير، وليس فقط النخبة وسياسييها وأطرها "العالمة".•في الممارسة السياسية :يعتبر الحزب أداة الممارسة السياسية، ومن خلاله تتم عملية التداول على السلطة بحيازته أغلبية أصوات المواطنين في الانتخابات طبقا لبرنامجه السياسي. ولقد بينت التجربة منذ الاستقلال إلى الآن على عدم الحسم في إشكالية السلطة السياسية التي تبقى في جوهرها في يد الملك، على أن طبيعة مشاركة الأحزاب في ممارسة الشأن العام يبقى محصورا في التناوب على الحكومة وهذا لا يعني التداول على السلطة.من زاوية أخرى فإن أحزاب اليسار بفعل انغلاق الحقل السياسي منذ الاستقلال إلى حدود منتصف التسعينات قد ظلت تمارس العمل السياسي لا من خلال علاقاتها المباشرة مع المواطنين بل عبر توظيف وإلحاق المنظمات الجماهيرية في الصراع مع السلطة الاستبدادية. والحصيلة هي فقدان الأحزاب والنقابات (العمالية والطلابية) لجماهيريتها على حد سواء، وتضخم إطاراتها.•عود على بدءإن هذه الجلسة الحوارية حول المهدي بن بركة، هي من وجهة ما، حوار حول الحاضر الذي من خلاله سنبحث على بلورة المفاهيم التي ستمكننا من تفسير والتفكير في السيرورة الاجتماعية الواقعية، والحركة الجماهيرية التي يحتل فيها اليسار بمختلف تشكيلاته موقعا أساسيا.ومن خلال ما تمت ملامسته بنوع من التركيز، يمكن القول أنه بالرغم من مرور أزيد من نصف قرن على الاستقلال فإن النظام السياسي ببلادنا لا زال يفتقد لأولويات قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان، أي دستور ديمقراطي ينظم قواعد تداول السلطة.أما بالنسبة لقوى اليسار، فإن آلية التفكير والممارسة ما زالت تحت تأثير مرجعيات ما قبل سقوط جدار برلين وثقافة الحركة الوطنية، وخطر انزلاقها للمصالحة مع التقليدانية ناهيك عن عدم استيعاب المعطيات الجديدة التي تهيمن اليوم على الوضع الدولي والمحلي.ومن هنا يمكن التشديد على أن اليسار المغربي يقف اليوم من سؤال إعادة التأسيس على كافة المستويات الإيديولوجية والسياسية والبرنامجية والتنظيمية، ونفس السؤال ينطبق على المنظمات الجماهيرية (النقابات، المجتمع المدني...) وعلاقاته بها. وعلى ضوء كل ذلك يتحدد مستقبله.محمد الوافي أخطاء اليسار اليوم هل يمكن اليوم في الذكري 48 المؤلمة ، ذكري اغتيال المهدي بن بركة ، أحد القادة التاريخين لليسار المغربي ، أن نجعل المناسبة فرصة سانحة لإعادة نقاش أوضاع اليسار المغربي اليوم ؟ وهل بالإمكان مثلما فعل الشهيد في وثيقة الاختيار الثوري ، أن نعدد الأخطاء الكبرى في تجربة اليسار علي الأقل منذ بداية التسعينات إلى اليوم ؟ هل بالإمكان اليوم بعد الذي وقع ، وبعد التجربة الصادمة لانتخابات السابع من شتنبر أن نمتلك فضيلة النقد الذاتي مثلما مارسها المهدي بن بركة ، ونفتح النقاش الصريح والعلني حول تجربة اليسار المغربي ، حول أخطائه وتعثراته ؟ وحول هذا الانشغال المغالي فيه في ما يعتبره هذا اليسار شؤون بيته " الداخلي " ، حيث تجري اليوم أغلب المعارك وأشدها ضراوة وحيث تشحذ أشد الأسلحة فتاكة في مواجهة مفتوحة بين اليساريين بعضهم البعض ؟ . أول الأخطاء التي يرتكبها اليسار في الوضع السياسي الراهن ، أنه يتفادى أو يهرب من الأسئلة السياسية الحقيقية التي وضعتها عليه انتخابات السابع من شتنبر . يتفادى ويتهرب – إن صح التعبير – من مواجهة أخطائه، ومن مواجهة الأسباب الحقيقية لضياع فرصة أخرى كانت مواتية للمغرب ليدخل مرحلة الديمقراطية كما هي متعارف عليها عالميا . يجد اليسار اليوم نفسه في مواجهة مباشرة مع نتائج : - سوء تقديره للمرحلة السياسية التي دخلها المغرب منذ بداية التسعينات، مع كل ما ترتب عن ذلك من أخطاء في الأداء السياسي والجماهيري العام. صحيح أن درجة المسؤولية في التقدير العام لهذه المرحلة تختلف بين يسار شارك واستمر في المشاركة في حكومة بدون أن يتوفر لها سندها السياسي والمؤسساتي والصلاحيات الكافية، ويسار عارض هذا التوجه وظل مدافعا على أهمية وحيوية الإصلاح السياسي والدستوري كمنطلق وأساس لضمان نجاح انتقال ديمقراطي حقيقي وجاد. لكن ذلك لم يمنع هذا اليسار من السقوط هو الأخر في سوء تقدير المرحلة، وتردده غير المبرر في التقاط أهمية الوحدة بين مكوناته في وقتها، هذا عدا ارتكابه جملة من الأخطاء خاصة لجهة إسناد أهدافه السياسية بخطة سياسية و بشعارات وتوسطات وتكتيكات تتجاوب مع طبيعة تلك الأهداف,- عدم قدرة اليسار بشقيه الحكومي والمعارض من إبقاء خيوط التواصل قائمة بينهما حتى وهما مختلفان، وعدم قدرته اليوم على إجراء تقييم شامل وموضوعي للمرحلة السياسية التي انتهت أو هي في طريقها للنهاية، مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج سياسية وجماهيرية بالغة الأهمية.- عدم إخضاع اليسار المغربي وسائل عمله وطرق اشتغاله للمراجعة، وبداية انفراط وتلاشي فعل كل أدوات الكفاح الشعبي والمدني والتي كان لليسار فيها حضورا لافتا ، ومثلما تراجع اليسار في القطاع الطلابي والشباب والنساء ، مثلما يتراجع اليوم في قطاعات النضال العمالي ، وفي أوساط الطبقة المتوسطة .- ضمور أي فعل ثقافي وفكري وإيديولوجي لليسار، إن إهمال هذه الواجهة سهل علي المحافظين احتلال العديد من المواقع حتى داخل اليسار نفسه. والنتيجة المباشرة لكل ذلك هذا الانحصار والهامشية التي يجد اليسار نفسه فيها، وهذا العجز عن إعادة تحديد هويته السياسية والفكرية والإيديولوجية والاجتماعية، ليكون جزءا هاما وفاعلا في المشهد السياسي بدل أن يكون منفعلا وضحية ردود أفعال ليس إلا.منذ انتخابات السابع من شنبر وقف اليساريون أمام هول صدمة كانت عنيفة وصادمة وعلى أكثر من مستوى، لم يسلم منها لا المنتمي لحزب يساري " كبير" ولا المنتمي لحزب يساري " صغير" ، ولم يعد مفيدا فيها كثيرا أن يزايد أحدا على أحد ، أو أن يتم تقمص مواقع المؤرخين للتاريخ بدل الموقع السياسي الذي يبرر وجود اليسار، أي : موقع الفاعلين السياسيين المهووسين بالسبل الكفيلة بانتقال حقا وحقيقة بلدهم نحو الديمقراطية والحداثة وما من سبيل لبلوغ هذا الهدف غير الحوار، والتواضع المتبادل بين كل مكونات اليسار من أجل أولا فهم ما جرى ويجري في أفق : إعادة بناء الخط السياسي لليسار، خط سياسي يأخذ بعين الاعتبار كل التحولات التي حدثت، وكل المستجدات النوعية التي استجدت. أحمد دابا