عندما يقوم المواطن الشريف بواجباته تجاه المجتمع فإن مجرد مطالبته بحقوقه المسلوبة،انتهاك لحقوقه،ولو أن الحقوق تؤخذ ولا تعطى.فالحقوق تؤخذ في المجتمع الظالمة حكومته، بالقوة و بعد القيام بالواجبات،و تمنح في الحكومات العادلة دون قيد أو شرط، و ذلك لإيمان المجتمع العادل بأهمية الفرد في تماسك المجتمع وبناء الحضارة. و في حالة عدم القيام بالواجبات،فإنه من الواجب تطبيق القانون لجبر المواطن على القيام به وذلك لمصلحته أولا.لكن الإشكالية الكبرى تكمن في تحديد الحقوق والواجبات والقانون العادل في مجتمع ما!!. يلعب تاريخ منطقة ما، الدور الأساسي في بناء ثقافة المجتمع وبذلك بناء المفاهيم والقيم المجتمعية من حقوق و واجبات و قانون و أخلاق و عادات واعتقادات،كما تتأثر ثقافة مجتمع بثقافة مجتمع آخر،لكن تاريخ المجتمع يبقى المحدد الرئيسي في تحديد هويته.لكن هناك قواعد أساسية يجب احترامها في كل مجتمع وأهمها الحرية بكل ماتحمله الكلمة من معاني.فالحرية أساس التقدم والازدهار وخنقها خنق للمواهب الإنسانية التلقائية،ويؤدي ذلك إلى توقف البناء الحضاري والميل نحو الموت البطيء للحضارة.فنمو الحضارة وازدهارها،كدقات القلب،إن توقفت ماتت.ونادرا ما تتوقف الحضارة عن التقدم والازدهار ثم تعود من جديد للحركة والتغير نحو الأفضل ،بعد فترة طويلة من الزمن.وذلك يشبه التنفس،فلا يعيش الإنسان بعد فقده الأكسجين لبضع دقائق ولا يعود المجتمع للنمو بعد قمع حرية الناس حتى يألف الناس القمع ويصبح ثقافة راسخة و يورث من جيل لجيل. والمجتمع العربي والإسلامي كاد يفقد آخر كمية أكسجين في الرئتين والدماغ،وأفراد المجتمع مضطربة كما تضطرب أطراف الجسم عند فقده الأكسجين وإن تجاوز هذا المجتمع فترة من الزمن دون أن يتنفس، فلننتظر موته بهدوء ولنترقب ولادة مجتمع جديد من مجتمع ميت كما يخرج الله الحي من الميت.فلنترقب ولادة مجتمع جديد بعد حروب ونزاعات و خلافات وانتاجات فكرية، كما ولد المجتمع الأوربي،مجتمع بقيم مختلفة بثقافة جديدة واعية بمفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية،واعية برحمة الاختلاف الفكري والعقائدي،واعية بضرورة احترام الرأي الآخر وحل الخلافات،لا النزاعات،بالسلم والعلم والبرهان والعقل. وحتى نستطيع التنفس،لا بد لنا من تنظيف هواء فكرنا من الأفكار الملوثة وتنظيف مجتمعنا من الطغاة الظالمين وإعادة بناء ثقافتنا و تقبل بعضنا البعض. ولا يجب علينا أن نضطرب كما تضطرب أعضاء الجسم عند الاختناق فنكاد نقتل بعضنا البعض ،ولكن علينا التسلح بالعلم والمعرفة والأخلاق لفتح قنوات الأكسجين من حولنا وتصفية الأفكار المسربة من وسائل الإعلام القاتل،كما تصفي الرئة الهواء لتغذي الجسم بالأكسجين ولتطرح ثاني أكسيد الكربون.فلنطرح الجهل والقمع والعنف من ما نتنفس من أفكار،ولنتغذى على مبادئ العلم والأخلاق والسلم لنساهم في بناء الحضارة و هذا هو الواجب الذي وجب علينا القيام به قبل مطالبتنا لحقوقنا من الطغاة الظالمين.