عزيزتي عبق الزهر : حاولت- قصارى جهدي – طوال هذه المدة أن أدفن عبق الذكريات التي تربطني بك- بعيدا- في سديم الضباب العميق ، أقنع نفسي بموت شمسك في سمائي ، وأفول القمر في سمري ،أرضى بقدري الأعمى في صمتي ووحدتي ووحشتي ،، أسير أجر ذيول خيبتي وانكسار القلب في نوحي ،عسى أقطع مسافات بيني وبين هذه الظلال، التي ترسم وجه الجمال في كل ما أراه من نبت وضوء وخلق وصورة ، كما لو يكون من صنع يديك الرقيقتين ، أتنفسه بعمق ، فيسكن في داخلي بعطر الورد ورائحة الأزل وخرير النهار المرصع بجواهر روحكّ،، لم أستطع إلى ذلك سبيلا ، لأن عبقك يورق كنهر في عمري ، وشمسك تشرق كل يوم في ذاكرتي ، كبحر يمد يديه للغرباء في وحشة الليل ، ويحضن التائهين في أطراف الهاوية .أنت هناك قبس على مشارف الحلم ، تعششين في خيالي فجرا يانعا ، يتلألأ في أنفاسي ، يتضوع بأريج النهر ومسك العندليب في روحي ،يلفني في الضوء وبياض الفراشات وزرقة المدى ، كزورق يطفو على صهاريج الورد والحلم والأمل والحياة ونجوم الأرض المصبوغة بآهاتك وأنين صمتك في صخور الليل. هاأنت تقاومين، تقاومين الأشباح، تصارعين طواحين الهواء، وتدقين مسامير الثلج على حائط البحر المرسوم في الذاكرة، كمن يريد أن يمسك بالريح،. أنت هنا، كما هناك، ورق على مسام جسدي ، يكبر في روحي أدواحا أدواحا ، كما سماء الروض والعنب والتلال الزرقاء الممدودة في رموش عينيك ، صاف كنعناع وقرنفل وعطر الليمون وسحر النهر الراكض في أحلامك الوردية ، ليتك تمنحينني هنيهة أغسلك بالورد ، أرمي عطر شوقي في روحك ، وأحضن فيك اندهاش الشمس في نبضاتي وارتعاش الروح أمام بهاء صفاء أناشيدك . أتدرين أنك تمسكين عصا البحر من وسط الخصر، لاأنت قادرة أن تنعمي بما يجود عليك القدر من زبد الماء في ربيع صنوبر العمر ، ولا أنت قادرة أن تتركي الخيل يراود زلة الحفر في تخوم القمر.تبعثين بلحن أزلي يرن في روحي كما عبقك يشدني إلى ريحك وشمسك وقمرك وأثوابك المغموسة في دمعي ، وتناجينني- في بعدك- بصوت الغدير بين فجاج الغيوم ، وهمس الورد بين نسائم الفجر ، كأنما لتعلني خلودك وعطرك في جدول جذري ، وتنحتين صورتك في نايي وقيثارة عمري .. لك حبي وكثير من الماء. شروط التعليقات الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن وجهات نظر أصحابها وليس عن رأي ksar24.com